المجتمع

2014.05.14

لم يكن هناك طبيب أشهر بكل تأكيد في المجتمع الوري من هيو جون (من 1539 إلى 1615).

وأكبر أعماله "دون كوي بوجام" لا يعد فقط أهم نص طبي يمثل الطب الكوري ، ولكنه أيضا يعد فخرا للدولة كلها.

وعندما يتم نشر الكتب المتعلقة بالصحة ، يتم الإعلان عن شركات المنتجات الدوائية ، أو عندما يتم عرض برامج تليفزيونية عن الصحة ، فإنه من الشائع أن يتم اقتباس عبارات متصلة بذلك من "دون كوي بوجام".

ومثل هذه الاتجاهات توضح مدى أهمية هذا الكتاب في كوريا.

إلا أن ثقة الشعب الكوري في هيو جون لن تتأسس من خلال يوم وليلة ، ولكنها ظهرت كنتيجة لجسر التعاطف الذي أنشيء بين الشعب الكوري عن أهمية الطب والعلاج.

وقد زادت كمية التعاطف بشكل كبير بعد نشر دون كوي بوجام ، وهو تعاطف ما زال مستمرا في الوقت الحاضر.

Dongui_Bogam_Series_Photo_02.jpg


ومن الضروري فهم الأفكار الطبية لهيو جون ومحتويات دون كوي بوجام من أجل فهم الطب الكوري.

ولدون كوي بوجام التي وضعها هيو جون أهمية كبيرة ليس فقط لأنها نظمت الطب منذ ظهور الطب في شرق آسيا وحتى منتصف عصر جوسون في كوريا ، ولكن أيضا لأنها أصبحت النص الأصلي للطب الكوري منذ ذلك الحين.

وبعبارات أخرى ، فقد كان فهم الأفكار الطبية لهيو حون متصلا بشمولية الطب الكوري ، الذي يعد بدوره وسيلة لفهم أساس الطب في شرق آسيا.

وقدم هون دفعة قوية للعالم الطبي في ذلك الوقت عبر إجراء عملية غسيل دماغ للأفكار الطبية وتحويله إلى نظام يدور حول قضايا الطبيعة والكائن البشري والجسم والمرض والحياة والموت ، وغير ذلك.

وقد نجح هون في تنظيم العديد من النظريات الطبية المتنوعة والكثير من أفكار الأطباء من فترة الدول المتحاربة (من 403 قبل الميلاد إلى 221) وتقديمها إلى مملكة مينج (من 1368 إلى 1644).

وقد أحدثت طرقه العلاجية رد فعل إيجابية في العالم الطبي الذي يبحث عن نصوص طبية لتغطية التكنولوجيات الطبية الواضحة والناجحة.

ولا يضع الكتاب فقط قائمة بالعلاجات وفقا لتشخيصه للأمراض ، ولكن جوهر هذه العلاجات الطبية ، فضلا عن التوجه نحو وصف أكبر للوسائل العلاجية في ذلك الوقت ، وهو ما كان يريده العالم الطبي في ذلك الوقت ، هو كل الأمراض والظواهر التي تتعلق بالإنسان.

وبهكذا ، فإن وسيلة فهم الأمراض والتعامل معها تبدأ من الدقيقة التي تتم فيها مراقبة كل جسم بشري بنفسه.

وتتألف دون كوي بوجام من خمسة أقسام واسعة : العناصر الجسدية الداخلية ، العناصر الجسدية الخارجية ، الاختلالات والاضطرابات المتنوعة" ، والأعشاب والوخز بالإبر والحجامة.
 
والأقسام الخمسة لا يتم تقديمها بشكل مستقل ، ولكن بصورة مشتركة.

ومعظم الكتب الطبية السابقة اتخذت شكل التركيز على اسم المرض وتغطية كل المواد بشكل مستقل ، بينما تبنت دون كوي بوجام صيغة مختلفة بالكامل ، فالنظرة فيها عامة وشاملة وليست ضيقة ودقيقة للجسم البشري بناء على فكرة أن البشر يعيشون في الطبيعة ويؤثرون ويتأثرون بها من خلال عملية الميلاد والنمو.

وإضافة إلى ذلك ، يركز الكتاب على الاستفادة القصوى في المواقف الطبية المختلفة ، وتم توافر ذلك من خلال الاعتراف المرن الذي يمكن عملية التفكير في الأمراض بطريقة متعددة الأبعاد.

وعلى الرغم مما قد يبدو عليه الأمر من أن المحتويات منظمة بشكل مستقل بدون أي علاقات متداخلة ، فإن المحتويات في واقع الأمر متداخلة مع بعضها البعض.

ويبدأ فصل "العناصر الجسمانية الداخلية" بجزء يطلق عليه اسم "الجسم" عبر مناقشة قيمة الطبيعة الإنسانية.

وحتى في حالة إذا ما بدت المحتويات قديمة بعض الشيء ، فإن الكتاب يبدأ من جذور القيمة الشرق آسيوية حول الطبيعة البشرية في ذلك الوقت ، وبهذا فإنها تناقش سلسلة من العمليات المتعلقة بكيفية تفكير الإنسان وتنفسه وتحركه وتفاعله.

وإضافة إلى ذلك ، فإنها تشرح أن الأمراض الإنسانية تحدث في كل خطوة من خطوات هذه العملية ، باعتبار أن كل الفصول تتضمن الأمراض التي يمكن أن تحدث بسهولة خلال كل مرحلة والأفكار المفيدة والعقاقير التي تناسب كل موقف متغير.

وفصل "العناصر الجسدية الخارجية" تصف الناحية الفسيولوجية والأمراض المبنية على الملامح البشرية الخارجية مثل الرأس والوجه والعينين والأنف وأيضا العلاجات المناسبة والتقنيات العلاجية لكل منها.

أما الفصل التالي "الاختلالات المتنوعة" فهو القيم الذي يتضمن طريقة العلاج التي يمكن فقط أن نجدها في أساس الفهم العميق لقسمين سابقين حول الملامح البشرية الداخلية والخارجية ، وكذلك في فصلي "الأعشاب" و"الوخز بالإبر".

وفصل "الأعشاب" الذي يناقش العقاقير ، وفصل الوخز بالإبر والحجامة الذي يناقش تقنيات الوخز بالإبر والحجامة تضيف التفسير الشامل للعقاقير والوخز بالإبر والحجامة المذكورة سابقا في قسمي "عناصر الجسم الداخلي" و"عناصر الجسم الخارجية" ، والفصول مرتبكة بطريقة مناسبة.

والطابع الفريد لمثل هذا النظام والتفكير الطبي المقصود أن يشمل الكائنات البشرية في تواصلها المقدس مع الطبيعة ، يعد من العوامل الأصلية لطب هيو جون.

وفي الوقت الذي يوجد فيه جدول المحتويات الشامل في الفهم العام للإنسان ، فإن محتوى كل مادة داخل الهيكل التصنيفي متصل مباشرة بعلاجات خاصة.

وبعبارات أخرى ، فإن الكتاب يصنف الأمراض وفقا لأسمائها ويشرح النظريات الطبية الضرورية للفهم وذلك من أجل علاج مرض معين ، كما يتضمن وسائل التشخيص بالوصف والذبذبة ووصف العقار الواحد وبوسائل الوخز بالإبر والحجامة ، وأخيرا بوسائل الحفاظ على الصحة.

وبالنظر إلى تفاصيل الكتاب ، يمكننا أن نربط بين قسم "عناصر الجسم الخارجية" المؤلف من أربعة أجزاء بما فيها علم النقس باعتبار أنه يغطي بشكل رئيسي الملامح الداخلية للجسم البشري.

وفي الجزء الأول ، الذي يحمل عناوين "الجسم" و"الجوهر" و"كي" و"الروح" ، يوجد شرح لأفعال الجوهر و"كي" والروح" وهي الوحدات الرئيسية الثلاث لعلم النفس البشري في الثاوية ، وبعد ذلك يضيف وسائل العلاج المتصلة بذلك ، وتعد هذه إحدى نقاط الاختلاف بين دون كوي بوجام وغيرها من النصوص الطبية الأخرى.

وبعبارات أخرى ، فإنه من المميز للغاية أن يتم قبول الأفكار المستخدمة في التاوية من الناحية الطبية.

والجزء الثاني يقدم الظروف البشرية الداخلية كما ترى من خلال الرأس مثل "الدم" و"الدماء" و"الأحلام" و"الصوت" و"الكلام" و"التدفقات والمرح" و"وسائل الاحتجاز".

وبهذا نستطيع توقع الحالة الداخلية للأجسام البشرية بناء على علامات طبية مثل "الدم" من خلال ملامح النزيف ، والأحلام من خلال تفسير محتويات الأحلام ، والصوت والكلام من خلال الإيقاعات وغير ذلك من الملامح الصوتية ، والتدفقات والمرح ووسائل الاحتجاز من خلال أشكال وأماكن الأسرار.

وبعد القسم الأول عن "العناصر الداخلية للجسم" ، يتألف القسم الثاني "العناصر الخارجية للجسم" أيضا من أربعة أجزاء ، ويغطي الجوانب الجسمانية المتعلقة بالعناصر الخارجية المؤثرة على الجسم البشري.

ومن خلال الجزئين الأول والثاني ، توجد منطقتان من أعلى الرأس إلى الظهر مثل "الرأس" و"الوجه" ، والعينان" ، و"الأذن" ، و"الأنف" ، والفم واللسان" ، و"الأسنان" ، و"الحنجرة" ، و"الرقبة" و"الظهر".

ومن خلال الجزئين الثالث والرابع ، يسير الترتيب إلى أسفل مع الجسم البشري من "الصدر" و"الثديين" و"المعدة" ، إلى "السرة" ، و"الوسط والخلفية المنخفضة" ، و"الطرفين" ، ويتم فحص الأنسجة البشرية من الخارج إلى الداخل من "الجلد" و"الأنسجة" و"الأوتار" ، إلى العظام ، وبالتالي ، تتم مناقشة الأعراض والعلاجات بالترتيب التالي : من الأيدي إلى الأقدام ، ومن الشعر إلى الأعضاء التناسلية وفتحة الشرج.

وبعد قسم "العناصر الخارجية للجسم" ، يوجد قسم ثالث عن "الاختلالات المتنوعة" وهو مؤلف من 11 جزءا.

ونظرا لأن دون كوي بوجام تعتبر أنه من المستحيل تشخيص الأمراض بشكل مناسب بدون المعرفة الدقيقة للأمراض ، فإنها تناقش بشكل منتظم المبدأ الأشمل للتشخيص والعلاج في الجزء الأول من كل قسم.

ومن خلال الأجزاء الثاني والثالث والرابع ، يتم التركيز على أسباب الأمراض عبر وصف المؤثرات الستة الخارجية مثل "الريح" و"البرد" و"حر الصيف" و"الرطوبة" "والجفاف" و"الحرائق" والأمراض الداخلية المنشأ مثل "التلف الداخلي" والعجز" ، وبعد ذلك ، ومن خلال الأجزاء الخامس والسادس والسابع والثامن ، يتم توضيح وشرح الأمراض الشائعة في ذلك الوقت ، وهذه الأمراض تتضمن التشنج المعوي والتقيؤ والسعال والتراكمات والإيديما واليرقان والملاريا والأمراض الوبائية والهوس والخراجات والغليان، وغيرها.

والجزء التاسع يناقش بشكل أساسي المعرفة الطبية المطلوبة في الحياة اليومية مثل "الجراح الشائعة" ، و"القضاء على السموم" ، و"الطواريء" ، و"أمراض الحالات غير المعروفة" ، و"الوصفات المتنوعة" ، بينما الجزء العاشر والجزء الحادي عشر فيغطيان بشكل متعمق كلا من "علم الجينات" و"طب الأطفال" ، على التوالي.

وبعد قسم "الاختلالات الوظيفية المتنوعة" ، يوجد القسم الرابع الخاص بـ"الأعشاب" ، والذي يتألف من ثلاثة أجزاء ، بينما الجزء الخامس والأخير حول "العلاج بالإبر والحجامة" فيتألف من جزء واحد.

وهذان القسمان يغطيان الجوانب الطبية المتعلقة بالعلاج والإجراءات العلاجية على التوالي.

وباختصار ، فإن ترتيب الأقسام الخمسة يسير على النحو التالي : فأولا ، يغطي الكتاب الملامح الداخلية للجسم البشري في "عناصر الجسم الداخلية" ، ويتناول الملامح الخارجية في الجزء الذي يحمل عنوان "عناصر الجسم الخارجية" ، وبهذا يناقشان بشكل منتظم الجسم الداخلي من الجسم البشري والأبعاد الخارجية له.

وبعد القسمين الأول والثاني ، يوجد قسم "الاختلالات الوظيفية المتنوعة" الذي يشرح بهذا التتابع الاختلالات الوظيفية المتنوعة التي تحدث بسبب حالات الاضطراب بين الأجزاء الداخلية والخارجية للجسم البشري.

ووسائل علاج مثل هذه الاختلالات تتم تغطيتها بعد ذلك في القسمين المتبقيين عن "الأعشاب" و"العلاج بالإبر والحجامة".

وعلى العكس ، فإن دون كوي بوجام ينقل رسالة من خلال محتوياته تقول إنه يتعين على الأطباء فهم الملامح الداخلية والخارجية للجسم البشري ، وعندما يحدث المرض ، يجب عليهم أن يعالجوها فقط بعد فهم السبب والأعراض.


* هذه السلسلة من المقالات عن دون كوي بوجام تنشر بالتعاون مع المعهد الكوري للطب الشرقي