(الأطفال يلعبون بفقاعات الصابون سوياً في الحديقة في أجواء من الفرح والسعادة. (الصورة من فري بيك
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية زينب نيازي حسن
رغم أنني لا أعيش في كوريا، ولكنني دائما مفتونة بطريقة احتفالهم بالمناسبات العائلية، خاصة يوم الطفل في 5 مايو كما إنني أتابع الصور ومقاطع الفيديو التي يشاركها الكوريون على وسائل التواصل، وكل مرة أشعر وكأنني هناك وسط تلك الاحتفالات، ابتسم معهم وأستمتع بتفاصيل هذا اليوم وأشاركهم البهجة.
وأكثر ما يلفت انتباهي هو كمية الحب والاهتمام التي يحظى بها الأطفال في هذا اليوم. تبدأ الاحتفالات عادة بتجمعات عائلية حيث يخرج أفراد الأسرة في نزهات في الحدائق العامة أو إلى الأماكن السياحية. العديد من العائلات تختار زيارة المتاحف والمراكز الثقافية التي تفتح أبوابها مجانا للأطفال في هذا اليوم، بالإضافة إلى العروض العسكرية التي تنظمها الدولة، مما يشجع على تنمية حب المعرفة لديهم منذ سن مبكرة. كما تملأ الحدائق والشوارع بألعاب للأطفال، ويشهد العديد من الأماكن تنظيم فعاليات ترفيهية مثل عروض السيرك والعروض المسرحية المخصصة للأطفال، وهو ما يُضفي أجواء من المرح والضحك في كل مكان.
الأطفال يشاهدون عرضًا لحرس الشرف التابع لوزارة الدفاع في تشونغ وا داي، سول بمناسبة يوم الطفل. (الصورة من حساب كوريا نت على فليكر)
يعود أصل يوم الطفل في كوريا إلى أوائل القرن العشرين، عندما بدأ الناشط الكوري 'بانغ جونغ هوان' بالدعوة إلى تخصيص يوم لتكريم الطفولة والاهتمام بحقوق الأطفال، وذلك في عام 1923. كان يرى أن الأطفال ليسوا صغارًا عديمي الشأن كما كان يُعتقد في ذلك الوقت، بل هم أفراد يجب احترامهم وتنمية قدراتهم ليكونوا ذو أثر فعال في المجتمع. وفي عام 1975، تم إعلان يوم 5 مايو رسميا 'يوم الطفل' وجعله عطلة وطنية في كوريا، ليكون فرصة لتقدير الأطفال وتشجيع المجتمع على بناء بيئة أفضل لهم.
من أبرز مظاهر الاحتفال أيضا هو ارتداء الأطفال للملابس التقليدية الكورية، مثل الهانبوك، الذي يعكس التراث الكوري. بعض الأطفال يرتدون أيضا زي شخصياتهم الكرتونية المفضلة، مما يجعل اليوم ممتعا ومميزا بالنسبة لهم.
طفلة كورية صغيرة ترتدي الهانبوك التقليدي الوردي وتقف في حقل عشبي، مبتسمة بسعادة احتفالاً بيوم الطفل. (الصورة من فري بيك)
بالإضافة إلى ذلك، يتم تنظيم ورش عمل للأطفال، مثل ورش صنع الطائرات الورقية التي يعشقها الأطفال وغيرها من ورش العمل المختلفة، كما يحدث في بعض المدن الكورية. هذه الأنشطة لا تقتصر على كونها ترفيهية فقط، بل تعزز أيضا القيم الثقافية والتاريخية والتعاون والعمل اليدوي لدى الأطفال.
صورة من خلال الورش التي تقام للاطفال بمناسبة يوم الطفل. (الصورة من حساب كوريا نت على فليكر)
أحد أصدقائي الكوريين شاركني صورة لابنه وهو يصنع طائرة ورقية في ورشة مدرسية نظمتها مدينتهم. وقال لي: “نحن لا نحتفل بالأطفال فقط، بل نُذكّر أنفسنا أن نحافظ على براءتهم وسعادتهم، ونوفر لهم مساحة وبيئة آمنة للعيش في فرح.”
رغم أن الاحتفال بهذا اليوم في مصر (والذي يوافق 20 نوفمبر) لا يشهد الزخم نفسه، إلا أنه يظل رمز مهم للتذكير بحقوق الأطفال. في كوريا، يُعتبر هذا اليوم مناسبةً وطنيةً بامتياز، حيث يتشارك الجميع في الفرحة، ويُحتفَل بالأطفال بطرق مبتكرة وجميلة؛ الأطفال هناك يُشبعون قلبك بالبهجة، مما يترك انطباعًا لا يُنسى. أمَّا في مصر، ورغم قلة الفعاليات الاحتفالية، إلَّا أنَّ هذا اليوم يحمل في طيَّاتهِ رسالةً عظيمة تتعلَّق بالاهتمام بحقوق الأطفال ومستقبلهم.
كمصرية مهتمة بالثقافة الكورية، تمنَّيت لو كان هناك يوم مماثل نحتفي فيه بطفولتنا، أو نعيد من خلاله ذاكرة أيامنا الأولى.
ومن خلال هذا المقال، أردت فقط أن أشارك هذه الرُّوح الجميلة، وأن أقول: الاحتفال بالطفولة لا يتطلَّب مكانًا معينًا او ميعاد محدد، بل يتطلب قلبًا يرى الجمال في كل لحظة بسيطة.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.