تظهر في الصورة لحظة تركيزي أثناء كتابة أسماء المدن الكورية على الخريطة، متبوعة بلقطة أخرى وأنا أُلصق أبرز المواقع التاريخية التي تعكس عمق التراث الكوري، ثم أُزين الخريطة برموز مستوحاة من العلم الكوري، في لمسة توحي بالانتماء والفخر بهذا البلد العريق. (الصورة من رنيم ابوعياش)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الأردنية رنيم ابوعياش
في بدايه شهر مارس من عام 2025، فُتحت لنا نافذة صغيرة على كوريا، حملتنا في رحلة ممتلئة بالألوان والتقاليد والعراقة، من خلال فعالية ثقافية نظّمها معهد الملك سيجونغ في الأردن ، الذي لا يكتفي بتعليم اللغة الكورية فحسب، بل يفتح أمامنا أبواب الثقافة الكورية بكل تفاصيلها.
بدأنا من العاصمة سيئول، مدينة لا تنام، حديثة ومتطورة، لكنها في نفس الوقت تحتضن بين أبراجها الزجاجية قصورًا ملكية وأسواقًا تقليدية تنبض بالحياة. ومن هناك انطلقنا إلى بوسان، المدينة الساحلية التي تعانق البحر، تشتهر بشواطئها الذهبية وسوق السمك الشهير، وفيها روح حيوية لا تهدأ خاصة في مهرجاناتها السينمائية. مررنا بإنتشون، التي تميزت ببوابتها إلى العالم من خلال مطارها الدولي، لكن ما شدّنا أكثر هو حيّها الصيني وتاريخها المتنوع.
استكشافنا لم يتوقف هنا. تعرفنا على جيجو، الجزيرة الحالمة بطبيعتها البركانية وأزهار الكاميليا، التي تهمس بأسرار الحب والسكون. زرنا كانغووندو التي تتزين بالثلوج شتاءً وتحتضن الغابات والجبال، وغيونغجو، المدينة التي تنام على إرث مملكة شيلا، حيث المعابد والقبور الملكية تقف كشاهد على حضارة لا تموت.
قمنا بتلوين أزهار الكاميليا. (الصورة من رنيم ابوعياش)
كل منطقة في كوريا بدت كأنها قطعة فسيفساء تكمل الصورة الكاملة للبلد. لم تكن التجربة مجرد أسماء على خريطة، بل كانت تذوقًا للثقافة، من اللباس التقليدي الهانبوك، إلى المأكولات المتنوعة التي تختلف نكهاتها من منطقة لأخرى، وحتى الطقوس والعادات التي تُمارس في كل مقاطعة بطريقتها الخاصة.
الفعالية كانت تفاعلية لأبعد حد. تسلّم كل طالب مجموعة أوراق وكراتين ملوّنة، جهّزنا من خلالها دفترًا خاصًا بكل منطقة. رسمنا الخرائط، كتبنا أسماء المدن، جمعنا الصور، وتعمقنا في البحث عن تقاليد كل مكان. صنعنا من الورق موسوعة صغيرة لكنها مليئة بالمعاني.
النتيجة النهائية للدفتر الذي صنعناه. (الصورة من رنيم ابوعياش)
وكان للعلم الكوري نصيب كبير من اهتمامنا. قمنا بتلوينه يدويًا، وعرفنا أن كل لون فيه يحمل رمزًا: الأبيض للنقاء، الأحمر والأزرق للانسجام بين القوى المتضادة، والأسود للخطوط الأربعة التي تمثل مفاهيم فلسفية مثل السماء والأرض والنار والماء. وحتى زهرة الموغونغوا، التي لطالما رأيناها في الصور، عرفنا أنها زهرة الخلود والصبر، رمز وطني يفوح برائحة الانتماء.
كانت فعالية شباط أكثر من مجرد نشاط مدرسي، كانت لقاءً حقيقيًا مع روح كوريا، وعشقًا نما بين الصفحات، الألوان، والقصص التي تركت في قلوبنا أثرًا لا يُنسى.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.