مراسل فخري

2025.01.22

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
فعالية الأدب الكوري بالقاهرة. (الصورة من المركز الثقافي الكوري بالقاهرة)

فعالية الأدب الكوري بالقاهرة. (الصورة من المركز الثقافي الكوري بالقاهرة)



بقلم مراسلتي كوريا نت الفخريتين المصريتين سلوى الزيني وإسراء الزيني

في عالم مليء بالتنوع الثقافي واللغوي والفني يبقى الأدب نافذة ساحرة تُطل بنا على عوالم مختلفة وتتيح لنا استكشاف القيم والمشاعر والعادات والتاريخ الذي ينسجه كل شعب. ومن بين هذه النوافذ المميزة يبرز الأدب الكوري كأحد أعمدة الثقافة الآسيوية التي تمزج بين الأصالة والحداثة وبين التقاليد العريقة والواقع المعاصر. الأدب الكوري ليس مجرد كلمات على صفحات بل هو رحلة تستكشف عمق الروح البشرية وتتناول قضايا إنسانية بأسلوب يتسم بالبساطة والعمق في آنٍ واحد.

في هذا المقال سنأخذكم في رحلة لاستكشاف أبرز ملامح الأدب الكوري من خلال فعالية أدبية استثنائية نظمها المركز الثقافي الكوري والتي قدمت للجمهور المصري لمحة عن ثراء هذا التراث الأدبي وأثره العابر للحدود.

في أجواء تنبض بسحر الأدب وشغفه، أُقيمت فعالية "الأدب الكوري" يوم 22 ديسمبر 2024 في قاعة رمسيس بفندق ترايمف بلازا بالعاصمة المصرية القاهرة. الفعالية لم تكن مجرد حدث ثقافي عادي بل كانت احتفالًا بالأدب الكوري كأداة تواصل عالمية قادرة على بناء جسور بين الشعوب.

الأدب الكوري الذي يعكس تاريخًا ثريًا وتجارب إنسانية مؤثرة بات يحظى باهتمام متزايد في العالم العربي. ومن خلال فعاليات مثل "الأدب الكوري" يتجسد هذا التواصل الثقافي بين كوريا ومصر ليصبح الأدب جسرًا يربط بين القلوب والعقول ووسيلة لفهم الآخر واكتشاف جمالياته.

كان التسجيل لحضور الفعالية متاحًا في بداية شهر ديسمبر، فسارعنا بالتسجيل لاغتنام هذه الفرصة الذهبية للتعرف عن قرب على الأدب الكوري. وعندما وصلنا إلى القاعة لحضور الفعالية قام أحد مسؤولي المركز بإلقاء كلمة الإفتتاح بالنيابة عن مدير المركز الثقافي الكوري السيد "أوه سونغ هو" الذي لم يتمكن من حضور الفعالية والذي اعرب عن سعادته بالحضور الكبير والتفاعل مع الأدب الكوري. حيث أكد على أهمية هذه الفعاليات في تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعبين المصري والكوري مشيرًا إلى أن الأدب يُعد أداة قوية لخلق جسور تواصل تمتد عبر القارات والثقافات.

كلمة الدكتور

كلمة الدكتور "محمود عبد الغفار" أستاذ الأدب المقارن - كلية الآداب - جامعة القاهرة ومترجم رواية "النباتية" للكاتبة "هان كانغ". (الصورة من المركز الثقافي الكوري بالقاهرة)


وافتُتحت الفعالية بمحاضرة قدمها الدكتور "محمود عبد الغفار" أستاذ الأدب المقارن - كلية الآداب - جامعة القاهرة ومترجم رواية "النباتية" للكاتبة "هان كانغ" الحاصلة على جائزة نوبل للآداب. تناولت المحاضرة تأثير الأدب الكوري على القارئ العربي مسلطة الضوء على كيف يعكس هذا الأدب تاريخ كوريا وقيمها الإنسانية، وما يحمله من رسائل تعبر عن روح المجتمع الكوري. وقد دعا الدكتور عبد الغفار الجمهور المصري لاستكشاف هذا الأدب الغني الذي يعد مرآة لتاريخ كوريا وثقافتها.

وأضاف الدكتور عبدالغفار أن الأدب الكوري يعكس تطور المجتمع الكوري عبر العصور، مرتكزًا على قيم إنسانية عميقة متأصلة في ثقافة الشعب. يُبرز روح الجماعة واحترام الأسرة، حيث تعد العلاقات العائلية محور الترابط الاجتماعي ويتجلى ذلك في قصص تتناول التضحية والإيثار من أجل الآخرين. كما يتميز الأدب الكوري بارتباطه الوثيق بالطبيعة، التي تُصور بأسلوب شاعري يعكس احترام الكوريين للعالم الطبيعي. ويمتزج هذا الطابع الروحي مع التركيز على الإنسان وتجارب حياته اليومية مما يمنح الأدب الكوري قربًا من قراء مختلف الثقافات.

من جهة أخرى أوضح الدكتور عبد الغفار كيف لعب التاريخ دورًا محوريًا في تشكيل الأدب الكوري، حيث وثّق الأدباء الأحداث الكبرى مثل الاحتلال الياباني والحروب التي مر بها الشعب الكوري. لم تقتصر هذه الأعمال على تسجيل المعاناة، بل حملت أيضًا رسائل أمل وصمود. ومع تطور الزمن أصبح الأدب الكوري يعالج قضايا معاصرة مثل العولمة ولتكنولوجيا وتمكين المرأة دون أن يتخلى عن جذوره. هذا التنوع ساعد الأدب الكوري في الوصول إلى جمهور عالمي خاصة مع توفر ترجمات بلغات متعددة ما عزز مكانته دوليًا. اختتمت المحاضرة بالإشارة إلى أن الأدب الكوري يقدم تجربة فريدة تمزج بين الماضي والحاضر، التقليدي والحديث ليشكل نافذة فريدة لفهم روح كوريا وثقافتها وتاريخها العريق.

وفي القسم الثاني من الفعالية كان الجمهور على موعد مع عرض فيلم "الضباب" إنتاج عام 1967 وهو أحد كلاسيكيات السينما الكورية. العرض لم يكن مجرد تجربة مشاهدة بل تحول إلى منصة للنقاش الثقافي حيث تمت مقارنة مواضيع الفيلم بالسينما المصرية الكلاسيكية. أظهر النقاش كيف أن الفنون رغم اختلاف الثقافات تتقاطع في تناول القضايا الإنسانية.

استمتاع الحضور بعرض فيلم

استمتاع الحضور بعرض فيلم "الضباب". (الصورة من المركز الثقافي الكوري بالقاهرة)


ويقدم فيلم "الضباب" من إخراج "كيم سو يونغ" قصة تُظهر التناقض بين الحياة التقليدية والحياة الحديثة في كوريا الستينيات. الفيلم يحكي قصة "يون جي جون" رجل أعمال ناجح لكنه يشعر بالضياع الداخلي فيعود إلى مسقط رأسه في "موجين" بعد سنوات من العيش في سيؤول. هناك يلتقي بمعلمة الموسيقى "ها إن سوك" لتبدأ علاقة حب تسلط الضوء على الصراع الداخلي الذي يعيشه بين طموحاته المادية ورغبته في السعادة الحقيقية.

قصة الفيلم تعكس تساؤلات عميقة حول التنقل بين الطبقات الاجتماعية و البحث عن المعنى والضياع الشخصي الذي قد يعانيه الإنسان رغم النجاح المادي. من خلال تصوير بالأبيض والأسود أضاف المخرج بُعدًا دراميًا يعزز شعور الانعزال والتناقضات النفسية التي يعيشها البطل. هذا العمل السينمائي الذي نال إعجاب النقاد والجمهور في ذلك الوقت أثار نقاشات حول التشابه بين القضايا الاجتماعية التي تناولها الفيلم الكوري وقضايا مشابهة في السينما المصرية الكلاسيكية ما أظهر التقاطع بين الثقافات المختلفة في تصوير الإنسان وقضاياه العاطفية والوجودية.

الفيلم يُعتبر اليوم من الكلاسيكيات السينمائية ليس فقط لتناوله موضوعات إنسانية واجتماعية عميقة ولكن أيضًا لما حمله من رمزية بصرية وجمالية في إخراجه مما جعله محور اهتمام النقاش الثقافي الذي تبع العرض.

المشاركات الثلاثة بختام الفاعلية. (الصورة من إسراء الزيني وسلوى الزيني)

المشاركات الثلاثة بختام الفاعلية. (الصورة من إسراء الزيني وسلوى الزيني)


اختُتمت الفعالية بعروض تقديمية قدمتها ثلاث مصريات: ميرنا سيد ونور أمين وألاء فضل. استعرضت كل منهن تجربتها الشخصية مع الأدب الكوري. فتحدثت ميرنا عن التأثير العميق لرواية "الأبيض" وما تحمله من موضوعات إنسانية عميقة. أما نور فعبّرت عن شغفها برواية "باتشينكو" وكيف ألهمتها لفهم المجتمع الكوري. وشاركت آلاء تجربتها مع رواية "اللوز" مؤكدة على قدرة الأدب الكوري على معالجة قضايا إنسانية بطرق فريدة.

معرض مصغر ضم أعمالًا أدبية كورية مترجمة إلى العربية. (الصورة من إسراء الزيني وسلوى الزيني)

معرض مصغر ضم أعمالًا أدبية كورية مترجمة إلى العربية. (الصورة من إسراء الزيني وسلوى الزيني)


خلال الفعالية أُقيم معرض مصغر ضم أعمالًا أدبية كورية مترجمة إلى العربية. أتاحت هذه الكتب للحضور فرصة الاطلاع على روائع الأدب الكوري والتفاعل مع عالم يحمل قصصًا وأفكارًا تعبر عن هموم الإنسان في كل مكان.

وفي نهاية الفعالية تبادلنا أطراف الحديث مع جميع المشاركين وقمنا بالتقاط صورة تذكارية سوياً. كما قام المركز بإعطائنا هدايا في نهاية اليوم.

غادرنا الفعالية محمّلين بشغف لاكتشاف المزيد من الأدب الكوري. كان يومًا يحمل بين طياته رسالة ملهمة: أن القصص الإنسانية، رغم اختلاف اللغات والثقافات، تظل قادرة على توحيد القلوب وبناء جسور من التفاهم والإلهام.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.