بقلم مراسلتي كوريا نت الفخريتين المصريتين سلوى الزيني وإسراء الزيني
الصور = إدارة معرض الأبد هو الأن (تم الحصول على تصريح بإستخدامها)
يطل علينا معرض "الأبد هو الآن" في نسخته الرابعة بمنطقة أهرامات الجيزة التاريخية، ويقدم المعرض هذا العام نسخة استثنائية فريدة من الإبداع الفني، حيث يشارك ١٢ فنانًا عالميًا في هذا المعرض العالمي. ولأول مرة في تاريخ المعرض يستمتع زواره بالمشاركة الكورية الفريدة للفنان “إك-جونغ كانغ” بعمل “المعابد الأربعة”. وقد عبر العديد من زوار المعرض عن إعجابهم وحبهم للمعابد الأربعة على وجه الخصوص، حيث تداول العديد منهم صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووصل عدد زوار النسخ الماضية إلى أكثر من 800 ألف زائر. وفي كل عام تتم دعوتنا من قبل إدارة المعرض لحضور حفل الافتتاح واستكشاف المعرض. وكان هذا العام مميزًا بمشاهدة الحروف الكورية والعربية والهيروغليفية تزين المعابد الأربعة. وفي لقاء جمعنا بالفنان الكوري “إك-جونغ كانغ”عبر البريد الإلكتروني من الفترة بين ٢٢ من أكتوبر وحتى ١٣ من نوفمبر الجاري، حدثنا الفنان الكوري عن المزيد من كواليس مشاركته في معرض “الأبد هو الآن”.
كيف تصف تجربتك في عرض فنك أمام الأهرامات؟ وما هي الدلالة التي يحملها لك هذا الموقع التاريخي؟
يراودني الآن وصفان لهذا الشعور؛ أشعر بالتواضع وكأنني نقطة صغيرة أمام عظمة الأهرامات. بالنسبة لي ليس مجرد شرف بل هي تجربة روحانية بعمق.
ما الذي تأمل أن يشعر به الجمهور المصري عندما يرى أعمالك خاصة مع استخدام الكتابة الكورية في تصميماتك؟
تم إنشاء الهانغول "الأبجدية الكورية" من قبل الملك سيجونغ في القرن الخامس عشر لكنها مستوحاة من فلسفة كورية قديمة تدعى" تشون بو كيونغ" والتي يعود تاريخها لأكثر من 4000 سنة. هذه الفلسفة تُجسد ثلاثة أجزاء من الكون: مثلث يمثل الإنسانية ودائرة تمثل السماء ومستطيل يمثل الأرض. بعبارة أخرى تربط الهانغول الأفكار القديمة بفلسفة خالدة. ما يثير اهتمامي في الهانغول هو أنها ليست مجرد أبجدية بل تعكس أيضًا توازن الين واليانغ. من خلال دمج الحروف الساكنة والمتحركة لتكوين الأصوات تعكس الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض طوال الحياة.
تستخدم أعمالك الفنية في هذه المعرض الكتابات الكورية والعربية والهيروغليفية. ما الرسالة التي تحاول توصيلها من خلال هذا النهج متعدد اللغات؟
المعابد الأربعة هي مبانٍ بأحجام مختلفة كل منها يحمل أربع لغات مختلفة على الخارج. من الداخل توجد 5,016 رسمة صنعها أشخاص بما في ذلك أطفال من مصر ولاجئون من كوريا الشمالية خلال وبعد حرب كوريا (1950-1953). أرى الهرم كرمز للماضي والرسومات كرموز للمستقبل واللغات على المباني كرموز للحاضر. الشكل المثلث للهرم يمثل الإنسانية بينما الشكل المستطيل للمعابد الأربعة يمثل الأرض. الشمس والقمر فوق الهرم يرمزان للسماء وعندما يكون القمر بدراً يصبح الاتصال بين هذه العناصر الثلاثة أقوى وأكثر تأثيرًا.
أظهر الزوار المصريون بمن فيهم الطلاب والعائلات اهتماماً كبيراً بأعمالك. ما هي ردود الأفعال أو التعليقات التي تلقيتها من الجمهور المصري وهل فاجأك أي منها؟
لقد فوجئت بردود الأفعال المدهشة من الجمهور المصري. كانت هذه زيارتي الثانية لمصر بعد أن قدمت ورشة عمل عن الهانغول في جامعة عين شمس في القاهرة العام الماضي. صدمتني قدرة العديد من الطلاب على التحدث باللغة الكورية بطلاقة وحب المصريين الكبير للثقافة الكورية. كان أحد أهدافي حينها هو تعزيز التبادل الثقافي بشكل أعمق يتجاوز المسلسلات التلفزيونية والموسيقى فقط. أعتقد أن آرت دي إيجيبت قد جلبت أحد أول معارض الفن البصري الكوري إلى مصر من خلال أعمالي وآمل بصدق أن يكون هناك المزيد في المستقبل.
زار السفير الكوري في مصر معرضك مؤخراً وأشاد بأعمالك. ماذا يعني لك هذا النوع من التقدير؟ وهل تعتقد أنه يسهم في بناء روابط ثقافية أقوى بين كوريا ومصر؟
سيكون العام المقبل الذكرى الثلاثين للعلاقات الدبلوماسية بين مصر وكوريا. وبفضل الإعلام الدولي أصبح معرض ‘الأبد هو الآن 04’ معروفاً في كوريا. آمل أن نتمكن من مواصلة تعزيز صداقتنا من خلال الفن والثقافة إلى جانب روابطنا الاقتصادية والسياسية. كفنان سأكون فخوراً بأن أكون جزءاً من هذا الاحتفال المميز.
كلا من كوريا ومصر تمتلكان ثقافات عريقة وتاريخاً غنياً. هل تشعر أن أعمالك تساعد في بناء جسر بين هاتين الثقافتين؟ كيف يمكن للفن أن يقرب الناس من خلفيات مختلفة؟
كل من المصريين والكوريين يشعرون بالفخر العميق تجاه التاريخ والثقافة التي نتشاركها. الآن، لدينا فرصة للنظر معاً إلى الأمام نحو الأربعة آلاف سنة القادمة. أعتقد أننا جميعاً نسير بتوازن دقيق متمسكين بكل من الماضي والمستقبل محاولين الحفاظ على توازننا. لقد حافظنا على تاريخنا لمدة 4000 عام ولكن حان الوقت الآن للتركيز على ما سيأتي. حان الوقت لاحتضان المستقبل وبدء فصل جديد معاً.
إن إنشاء فن في مساحة صحراوية مفتوحة بالقرب من الأهرامات يختلف كثيراً عن عرضه في معرض فني. كيف أثرت بيئة هضبة الجيزة على اختياراتك الفنية لمشروع "المعابد الأربعة"؟
أدركت أهمية احترام قوة الطبيعة. البناء في الصحراء أمر صعب بسبب الرياح القوية وأشعة الشمس الحادة. بدلاً من محاولة مقاومة هذه التحديات قررت العمل بالتناغم معها. كان هدفي تحويل الصحراء إلى مكان يمكن للناس من خلاله تجربة الفن بطريقة جديدة. إحدى الأفكار التي طرحتها هي السماح للرسومات الفردية بالتأرجح مع الرياح، لتلتقط ضوء الشمس أثناء حركتها. كما أردت إنشاء مساحة تشبه الواحة مكان يمكن للناس التجمع فيه والحصول على ملاذ من قسوة البيئة المحيطة.
هل هناك شيء محدد تود قوله للزوار المصريين الذين تأثروا بأعمالك؟ ما الذي تأمل أن يتذكروه بعد مشاهدة "المعابد الأربعة"؟
لطالما فكرت في الحياة كرحلة على متن قطار. نصعد وننزل في محطات مختلفة، نلتقي بأشخاص جدد ونودع آخرين لأن لكل منا تذكرة خاصة به. محطتنا الأخيرة، المعابد الأربعة جمعتنا بأشخاص رائعين يشاركوننا حلم السلام والوئام. شيء واحد أنا واثق منه في هذه الرحلة وهو أننا جميعاً مترابطون مثل مسارات القطار التي تدفعنا للأمام آمل أن تتقاطع مساراتنا مرة أخرى يومًا ما إذا كان الأمر مقدرًا. في النهاية تبدو الحياة وكأنها نوع من السحر.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.