بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية غادة محمد
صدر الفيلم الكوري ’وندرلاند‘ (بلاد العجائب) في دور السينما يوم 5 يونيو 2024، وفي 26 يوليو 2024 على نتفليكس. يأخذ الفيلم المشاهدين في رحلة إبداعية داخل العالم الافتراضي، حيث يجتمع العائلة والأحباء في حياة رقمية. الفيلم من إخراج كيم تاي-يونغ، ويضم طاقمًا محبوباً مثل سوزي، بارك بو-غوم، وتانغ وي، التي يضيف أداءها لشخصية باي لي عمقًا وتعقيدًا للسرد والقصة.
نظرًا لأن مشاهد تانغ وي بدت أكثر حيوية مقارنة بأدوارها السابقة، فقد كنت مهتمة باختيار التقنيات التي أضافت بعدًا إضافيًا إلى الواقع الافتراضي لشخصيتها. لهذا كان لي الشرف بعمل حوار مع بارك هونغ-يول، مدير التصوير المسؤول عن واحدة من الشخصيات الأكثر جاذبية في فيلم ’وندرلاند‘. نناقش ممارسته الفنية، وتحديات التصوير في عدة مواقع، وكيف رأى عالم باي لي خارج إطار تصويره. فيما يلي مقتطفات من مقابلة عبر البريد الإلكتروني أجريت بين 28 يوليو و6 سبتمبر.
من فضلك عرف نفسك لقراء كوريا نت.
أنا بارك هونغ-يول، مدير تصوير. تخصصت في الفيزياء في الجامعة ودرست التصوير السينمائي في أكاديمية الأفلام الكورية والجامعة الوطنية الكورية للفنون. في الماضي، كان نظام التصوير السينمائي في كوريا يعتمد على نموذج التلمذة، حيث يتقدم المرء من خلال مختلف وظائف التصوير في مواقع التصوير ليصبح في النهاية مديرًا للتصوير. لقد عايشت نظام التلمذة الكوري ومدرسة السينما لأصبح مدير تصوير.
عملت كمدير تصوير في العديد من الأفلام التي أخرجها هونغ سانغ-سو، بما في ذلك ’هاهاها‘ و’على الشاطئ ليلاً وحيداً‘، كما عملت أيضًا في الفيلم القصير ’نبض قلب‘ للمخرج لي تشانغ-دونغ. أعمل حاليًا كمدير تصوير في مجالات مختلفة، بما في ذلك الأفلام الوثائقية والفن المعاصر، كما أنتج وأخرج أفلامًا وثائقية مستقلة كمخرج أفلام وثائقية.
ما الذي ألهمك للسعي في المسار الوظيفي للتصوير السينمائي؟
أعتقد أن الأفلام لديها القدرة على جعل العالم مكانًا أكثر جمالا وسعادة.لهذا السبب اخترت هذا المسار الوظيفي. بدأت بصنع أفلام وثائقية مستقلة وفي وقت لاحق، مع الرغبة في تحسين تصوير الأفلام الوثائقية الخاصة بي، قررت تعلم تصوير الأفلام الروائية. بعد دراسة التصوير السينمائي في مواقع التصوير وفي مدرسة السينما، بدأت العمل كمدير تصوير للأفلام التجارية. حتى الآن، أواصل التصوير على أمل أن تساهم الصور التي ألتقطها في تغيير العالم.
ما هو مصدر إلهامك الذي يؤثر على أسلوبك أو رؤيتك الفنية وكيف أثروا على أعمالك؟
أنا أتأثر بجميع الأفلام بشكل عام وأحاول مشاهدة أكبر عدد ممكن من الأفلام، سواء كانت إصدارات جديدة أو كلاسيكية. لقد تأثرت بشكل كبير بأفلام وأفكار المخرج الروسي دزيجا فيرتوف.وقبل كل شيء، ما يساعدني أكثر هو الفلسفة. أعتقد أن الصور ليست مجرد وسيلة للتعبير عن ما هو مرئي، بل أيضًا لالتقاط ما هو غير مرئي. لهذا السبب أدرس الفلسفة بانتظام لتحسين التصوير السينمائي الخاص بي.أحد الفلاسفة الذين يلهمون عملي بشكل خاص هو جيل دليوز. في الآونة الأخيرة، كنت أقرأ أيضًا كتبًا للفيلسوف يوك هوي وأجد الكثير من الإلهام.
كيف انضممت إلى فيلم ’وندرلاند‘؟
لقد كنت مسؤولًا عن تصوير مشاهد تانغ وي لفيلم ’وندرلاند‘. في عام 2021، أثناء تصوير الفيلم الوثائقي لنتفليكس ’الجحيم الإلكتروني: كشف رعب الإنترنت‘، تواصل معي المخرج كيم تاي-يونغ. كانت المشاهد التي تتضمن شخصية باي لي، التي تلعبها تانغ وي، صعبة من الناحية الفنية، وكان علينا التصوير أثناء الاتصال بين كوريا والأردن.نظرًا لوباء كوفيد-19 في ذلك الوقت، كانت هناك صعوبات عديدة في التصوير، وكانت الجوانب الفنية معقدة للغاية.أراد المخرج كيم تاي-يونغ العمل عن كثب مع مدير التصوير لحل القضايا الفنية المعقدة وإكمال المشاهد الصعبة بنجاح.طُلب مني تولي هذه المهمة وبالتالي انضممت إلى مشروع فيلم ’وندرلاند‘.
هل يمكنك وصف الأسلوب البصري الذي كنت تهدف إلى تحقيقه لتصوير الفيلم الخيال العلمي ’وندرلاند‘ وكيف ساهم في النص والقصة؟ هل هناك خيارات محددة من حيث تقنيات الكاميرا التي قمت بها لالتقاط مشاعر محددة في بعض المشاهد؟
الكاميرا تلتقط أشياء لا تستطيع العين البشرية رؤيتها. عندما نعتقد أن شيئًا ما مألوف، نتوقف عن محاولة اكتشافه. في ’وندرلاند‘، استخدمنا كاميرا أري أليكسا ميني كاملة الإطار. عند تصوير باي لي، استخدمنا عدسات ذات أطوال بؤرية 14 مم و20 مم، والتي لا تُستخدم عادةً. يمكّننا الجمع بين كاميرا كاملة الإطار وعدسات ذات أطوال بؤرية قصيرة من التقاط المحيط بشكل خفي، وهو أمر غير مرئي للعين البشرية.
في الفيلم، تعيش باي لي في عالم افتراضي يسمى بلاد العجائب، وليس العالم الحقيقي.ومع ذلك، تعتقد باي لي أنها ليست شخصية افتراضية بل حقيقية. أردت أن يشعر المشاهد ببلاد العجائب كما لو كانت حقيقية، تمامًا كما تشعر باي لي بمشاعرها في الفيلم. لذلك، أردت أن يبدو العالم الافتراضي بلاد العجائب داخل الهاتف أكثر واقعية، بينما بدت الجوانب الواقعية من ماضي باي لي غير واقعية في المقابل.
بالنسبة للمشاهد الأخرى مع جونغ-إن وتاي-جو (سوزي وبارك بو-غوم)، استخدمنا عدسات تليفوتوغرافية مقربة، مما سمح بوضع الكاميرا بعيدًا عن الشخصيات، مؤطرة إياهم من مسافة بعيدة. بينما أكدت هذه المشاهد على الشخصيات والتقطت مشاعرهم المنعزلة من مسافة بعيدة، تعيش باي لي، التي تعتقد أن بلاد العجائب الافتراضية هي الواقع، حياة نشطة.بالنسبة لمشاهدها، أردت أن تلتقطها الكاميرا من منظور قريب. عندما تكون الكاميرا أقرب إلى الشخصية، فإن المشاهد يشعر أيضًا بقربها عاطفياً، مما يسهل التواصل مع مشاعر البطلة.
أيضًا، لجعل بلاد العجائب لباي لي تبدو حقيقية، تم جعل عمق مجال العدسة نسبياً عميقًا. يشير عمق مجال العدسة إلى نطاق التركيز داخل الشاشة، وكلما زاد عمق مجال العدسة، زاد نطاق التركيز، مما يزيد من مساحة التعبير. استُخدم عمق المجال في بلاد العجائب الخاصة لباي لي حتى تبدو المساحة والشخصيات دائمًا متكاملة معًا.
ما هي المصادر البصرية التي استلهمت منها أثناء تطوير الأسلوب السينمائي للفيلم؟
أستلهم بشكل أساسي من كتب الفلسفة. أعتقد أن التجديد والطاقة الإبداعية لا تأتيان من الأشياء الغريبة أو غير العادية، بل من البيئة العادية لحياتنا اليومية. عندما ننظر إلى محيطنا اليومي من منظور مختلف ونرتبه بطرق جديدة، نأتي بوجهات نظر جديدة وفريدة من نوعها. تعمل الفلسفة كسجل تاريخي للوجود البشري الطويل ونتيجة للتأمل المتكرر حول كيفية عيشنا. إنها تدعونا إلى إعادة النظر في حياتنا اليومية واكتشاف ما لم نره من قبل.
في ’وندرلاند‘، تأملت في كيفية تقديم الصور اليومية من منظور مختلف قليلاً، وكيفية التعامل مع الصور السينمائية المألوفة من زاوية جديدة، وكيفية التعبير عن عادات صناعة الأفلام المألوفة بطريقة مختلفة.
كيف تمكنت من تحقيق التوازن بين جوانب الخيال العلمي من حيث التصوير السينمائي للفيلم؟
عندما أصور ميلودراما، أستمد الإلهام أحيانًا من ميلودراما أخرى، ولكنني أبحث أيضًا في الأنواع البعيدة عن الرومانسية، مثل أفلام الرعب أو الأكشن. نظرًا لأن ’وندرلاند‘ هو فيلم خيال علمي، فإنني لم أرغب في أن يبدو وكأنه فيلم خيال علمي نموذجي. لم أهدف إلى خلق شعور مستقبلي أو إلكتروني. أعتقد أن الخيال العلمي أو المستقبل ليس شيئًا بعيدًا؛ يمكن أن يكون حاضرنا خيالًا علميًا ومستقبلًا. ركزت أكثر على جعل الحاضر يبدو وكأنه مستقبل أو خيال علمي وعلى كيفية التعبير عن المشاعر التي غالبًا ما يتم تجاهلها في الحياة اليومية. أعتقد أن الغرابة الخفية في الحياة العادية قد تبدو أحيانًا أشبه بالخيال العلمي.
هل هناك أي مشاهد أو لقطات محددة في الفيلم تجدها مصدرا للفخر بشكل خاص؟
يحتل المشهد الذي تواجه فيه باي لي عاصفة رملية أثناء محاولتها مغادرة الموقع الأثري مكانة خاصة بالنسبة لي. كان الفيلم لديه ميزانية محدودة للغاية لهذا المشهد، ولم يكن من السهل إنشاء عاصفة رملية واقعية بالموارد المتاحة، ولتقليل تكاليف الرسومات الحاسوبية، قمنا بتصوير جميع العناصر اللازمة لمؤثرات عاصفة الرمل بأنفسنا.تم التخطيط المسبق بعناية للمشهد الذي تواجه فيه باي لي العاصفة الرملية، وقمنا بتصوير الخلفية العامة والسيارة وهي تقود في الأردن.
تم تصوير الجزء الداخلي من العاصفة الرملية في أربعة مواقع مختلفة: صحراء الأردن، سونغدو في إنتشون، استوديو داخلي افتراضي، وموقع استوديو داخلي. في سونغدو، قمنا بالتصوير ليلاً، بدون أي إضاءة خارجية، باستخدام فقط المصابيح الأمامية للسيارة للحصول على مظهر واضح. في الاستوديو الافتراضي، استخدمنا جدار مضئ لتصوير برق العاصفة وضباب الخلفية.
كما قمنا بالتقاط اجسام من الواقع لاستخدامها كعناصر رسومات حاسوبية للعاصفة الرملية لجعلها تبدو أكثر واقعية. لمحاكاة جو الرمال المتطايرة داخل العاصفة، قمنا باختبار ذلك عن طريق نثر دقيق الذرة والحبوب الأخرى أمام الكاميرا، واستخدمنا هذه اللقطات في الرسومات الحاسوبية النهائية للعاصفة الرملية. لقد تطلب هذا المشهد جهدًا كبيرًا لإنشاء عاصفة رملية واقعية بالميزانية المحدودة.
أي من مشاريعك السابقة تجدها مميزة بشكل خاص، ولماذا؟
لقد شاركت في أكثر من 100 عمل، بما في ذلك الأفلام الوثائقية والفن المعاصر. في حين أن كل عمل ثمين وجدير بالذكر، إذا كان علي أن أختار واحدًا، فسيكون الفيلم القصير ’نبض قلب‘ للمخرج لي تشانغ-دونغ. تم إنتاج هذا الفيلم من قبل منظمة الصحة العالمية، مدته 30 دقيقة ويتناول موضوع الاكتئاب.
تدور القصة حول تلميذًا في الصف الأول يترك المدرسة سراً للبحث عن والدته، تلعب دورها جيون دو-يون، التي تعاني من الاكتئاب ويخشى أن تكون قد انتحرت. ما يجعل هذا الفيلم لا يُنسى بالنسبة لي هو أن الطفل الذي يبلغ طوله 130 سم يركض دون توقف من البداية إلى نهاية الفيلم. لمدة 30 دقيقة، توفر الكاميرا لقطة مقربة لوجه الطفل في لقطة واحدة متواصلة.
لتصوير وجه الطفل وهو يركض، كان على الكاميرا أن تتحرك للخلف. علاوة على ذلك، فإن الطفل قصير، ويواجه العديد من العقبات أثناء الركض، حتى أنه يعبر شرفة في الطابق الخامس بشكل خطير لدخول شقة أحد الجيران. كان علينا أن نمر عبر هذه العقبات الصعبة مع التأكد من أن الكاميرا لم تفقد أثر وجه الطفل. على الرغم من أنه قد لا يكون واضحًا عند مشاهدة الفيلم، إلا أنه كان تصويرًا صعبًا من الناحية الفنية.
بالإضافة إلى ذلك، لضمان أن تكون مشاعر الطفل حقيقية، لا يمكن أن تكون حركة الكاميرا مستقرة جدًا أو مهتزة جدًا لإجبار المشاعر. كان لابد من وجود توازن بين الاثنين، والتقاط وجه الطفل مع نقل أجواء القصة في نفس الوقت. بفضل الإخراج الرائع للمخرج لي تشانغ-دونغ ودعم طاقم موهوب، تمكنا من إكمال هذا الفيلم، على الرغم من التحديات الفنية والعاطفية، مما جعله يبرز في ذاكرتي أكثر.
بأي الطرق تعتقد أن السينما الكورية تتميز من حيث التصوير السينمائي؟
إن أفراد طاقم العمل في السينما الكورية شغوفون بشكل لا يصدق. يعمل الجميع بجد في أدوارهم الخاصة، ويبذلون قصارى جهدهم لإنشاء فيلم رائع. أعتقد أن الجودة الفريدة للسينما الكورية تكمن في تفاني وفخر هؤلاء الأفراد الشغوفين، الذين يبذلون قصارى جهدهم خلف الكواليس، وغالبًا ما يكونون غير مرئيين.
هل هناك أي مشاريع قادمة متحمس لها أو تعمل عليها حاليًا؟
أعمل حاليًا على ديزني دراما ’نوك أوف‘. كما أقوم بإخراج وإنتاج أفلام وثائقية مستقلة، بما في ذلك فيلم وثائقي ينظر إلى معدل المواليد المنخفض في كوريا من منظور مختلف؛ وفيلم وثائقي عن ’دانبيونسون‘، منتج موسيقى مستقل وناشط اجتماعي فاز بأشهر جوائز الموسيقى في كوريا؛ وفيلم وثائقي عن ’تشو يونغ-كون‘، وهو سياسي يسعى للسياسة في حياته اليومية.
سيتم عرض فيلمي الوثائقي ’تحول المناظر الطبيعية‘ (لاندسكيب دريفتينغ)، الذي يصور مشهد عصر كوفيد-19 من خلال اللوحات، في مهرجان بوسان السينمائي الدولي لعام 2024 في أكتوبر.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.