مراسل فخري

2025.07.16

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
صورة تم اعدادها بالذكاء الاصطناعى تعبر عن الفراغ والضياع داخل نفق مظلم مع ظهور الثقافة الكورية كأمل في نهايته. (الصورة من المراسلة الفخرية نورا خليل)

صورة تم اعدادها بالذكاء الاصطناعى تعبر عن الفراغ والضياع داخل نفق مظلم مع ظهور الثقافة الكورية كأمل في نهايته. (الصورة من المراسلة الفخرية نورا خليل)



بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية نورا خليل محمد

"رحيل والدي لم يكن مجرد غياب شخص، بل كان اختفاءً لجزء من روحي… ولولا الثقافة الكورية، لما وجدت الطريق إلى النور من جديد"

في أحد أيام الصيف الحارة، توقفت الحياة عندي فجأة. رحل والدي، رفيق طفولتي، سندي الأول، دون وداع. لم تكن لحظة عابرة، بل جرحًا غائرًا ظل ينزف في قلبي طويلًا. شعرت بالضياع، بالفراغ، وكأن الأرض انسحبت من تحت قدمي. كنت أظن أنني لن أستطيع النهوض مجددًا. كل شيء فقد لونه. الكلمات، الوجوه، حتى ضوء الشمس بدا باهتًا. لكن القدر كان يُعد لي طريقًا آخر... طريقًا بدأ من شاشة صغيرة، وصوت لغة لم أفهمها يومًا، لكنه لامس قلبي بصدق.

لقاء غير متوقع مع الأمل

في إحدى الليالي، وأثناء تصفحي العشوائي للإنترنت، صادفت دراما كورية قديمة بعنوان 'أسود' شدّتني قصتها، ففتحتها دون توقعات... لم أكن أعلم أنني سأبكي طوال الحلقات، لا من الحزن فقط، بل من الإحساس العميق الذي أعاد إلي مشاعري التي اعتقدت أنها ماتت. هذه الدراما، التي تسرد قصص شخصيات تعاني من الفقد والخذلان، جعلتني أشعر أنني لست وحدي. أن هناك من يفهم الألم الذي يعيشه من فقد عزيزًا. وهكذا، كانت البداية.

بوستر دراما 'أحفاد الشمس' وهي إحدى الدرامات التى أثرت كثيرا في شخصيتي. (الصورة من الصفحة الرسمية لـ كي بي إس على الفيسبوك)

بوستر دراما 'أحفاد الشمس' وهي إحدى الدرامات التى أثرت كثيرا في شخصيتي. (الصورة من الصفحة الرسمية لـ كي بي إس على الفيسبوك)


رحلة التعافي على خطى الكوريين

بدأت أتابع أعمالًا كورية أخرى، مثل 'فقط بين الأحباء' و'أحفاد الشمس'، وكل عمل كان يضع في قلبي بذرة شفاء. أدهشني كيف أن الثقافة الكورية لا تخجل من الحديث عن الحزن، الصدمة، الفقد، وكيف تحوّل كل ذلك إلى قوة دافعة للنمو والتغيير. تعلمت شيئًا ثمينًا من الفلسفة الكورية:
أن الألم لا يُخفى، بل يُحتضن.
أن الدموع ليست ضعفًا، بل طُهرًا.
وأن الشفاء ممكن، حتى لو طال الطريق.

صورة تم إعدادها بالذكاء الاصطناعى تعبر عن المنفذ الوحيد للهروب من الواقع من خلال مشاهدة الدراما الكورية. (الصورة من المراسلة الفخرية نورا خليل)

صورة تم إعدادها بالذكاء الاصطناعى تعبر عن المنفذ الوحيد للهروب من الواقع من خلال مشاهدة الدراما الكورية. (الصورة من المراسلة الفخرية نورا خليل)


من المشاهدة إلى التعلم... ثم الانطلاق

مع الوقت، لم أكتفِ بالمشاهدة. التحقت بدورات لتعلم اللغة الكورية في المركز الثقافي الكوري في القاهرة. كانت أول مرة أشعر فيها بالحماس من جديد. تعرفت على أصدقاء جدد، تبادلنا الشغف والحكايات، وشاركت في فعاليات ثقافية ومعارض فنية، عرضت فيها أعمالي المستوحاة من كوريا. تحولت هوايتي إلى رسالة. صرت أكتب، أشارك تجربتي مع الآخرين، وأقول لكل من يمر بمحنة:
ستنهض من جديد، فقط دع الضوء يجد طريقه إليك.

كوريا... أكثر من ثقافة، إنها بلسم

اليوم، وأنا أكتب كوني مراسلة فخرية لكوريا نت، أشعر بالامتنان العميق. الامتنان لتلك الدراما، لذلك الممثل الذي أبكاني، لتلك اللغة التي نطقتها بدموع، وللشعب الكوري الذي علمني أن أجعل من جرحي رسالة. ربما لم أزر كوريا بعد، لكن كوريا زارتني، دخلت عالمي، وجمعت شظايا قلبي. ورغم أن والدي لم يكن يعرف شيئًا عن الكي-دراما، ولكنى أشعر أنه كان سيفرح لو رأى كيف نضجت من بعده، وكيف جعلت من حزني جسرًا نحو حياة جديدة.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.