مراسل فخري

2025.05.07

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
هدايا تذكارية لحضور الأمسية الأدبية. (الصورة من إسراء الزيني)

هدايا تذكارية لحضور الأمسية الأدبية. (الصورة من إسراء الزيني)


بقلم مراسلتي كوريا نت الفخريتين المصريتين سلوى الزيني وإسراء الزيني

نظم المركز الثقافي الكوري بالقاهرة أمسية الأدب الكوري يوم الأربعاء الموافق 23 أبريل بقاعة اللوفر بفندق بيراميزا سويتس بالقاهرة وذلك بالتزامن مع باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف. شهدت أمسية الأدب الكوري إقبال العديد من محبي الثقافة والأدب الكوري.

وفي مشهد أدبي ثري يجسد عمق العلاقات بين مصر وكوريا جمعت الأمسية المميزة بين الأستاذ الدكتور "محمود عبد الغفار" أستاذ الأدب المقارن بكلية الآداب جامعة القاهرة ومترجم رواية "النباتية" للكاتبة "هان كانج" الفائزة بجائزة نوبل للآداب في العام الماضي والروائي "بيك مين سوك" وهو أحد أشهر الكتاب المعاصرين في كوريا ضمن فعاليات زيارة الكاتب إلى القاهرة. جاءت هذه الأمسية لتفتح نافذة جديدة أمام الجمهور المصري لفهم الأدب الكوري واستكشاف نقاط التلاقي بين الثقافتين.

الأستاذ الدكتور ’محمود عبد الغفار‘ أثناء إلقائه محاضرة بعنوان ’إغواء السرد حين يؤلف الواقع القبيح: قراءة في رواية النباتية ورواية ميس إيجيبت‘. (الصورة من سلوى الزيني)

الأستاذ الدكتور ’محمود عبد الغفار‘ أثناء إلقائه محاضرة بعنوان ’إغواء السرد حين يؤلف الواقع القبيح: قراءة في رواية النباتية ورواية ميس إيجيبت‘. (الصورة من سلوى الزيني)


بدأت الأمسية بإلقاء الأستاذ الدكتور "محمود عبد الغفار" محاضرة بعنوان "إغواء السرد حين يؤلف الواقع القبيح: قراءة في رواية "النباتية" ورواية "ميس إيجيبت"" تناول فيها كيف يتم توظيف تقنيات السرد الأدبي لكشف القبح الإنساني والاجتماعي مع التركيز على مفهوم الحرية كخدعة يلاحقها الإنسان بلا جدوى وسط صراعات الحياة اليومية.

اعتمدت القراءة على منهج الأدب المقارن وفق المدرسة الأمريكية متجاوزة قيود اللغة والجنس والسياسة لصالح التركيز على آليات السرد. وتمت المقارنة بين رواية "ميس إيجيبت" للروائية المصرية "سهير المصادفة" ورواية "النباتية" للكاتبة الكورية "هان كانغ".

أظهرت المحاضرة أن الروايتين تتقاطعان في طرح أسئلة كبرى عن العنف وقمع الذات وإن اختلفت طرق التعبير: ففي "ميس إيجيبت" يتم فضح القبح الاجتماعي منذ البداية عبر شخصية "نفرت جاد" رمزًا لمصر الحديثة بينما في “النباتية” تنبع مقاومة البطلة "يونغ هي" من الداخل عبر حلم غامض يقودها إلى الامتناع عن تناول اللحوم في تمرّد صامت على قواعد الأسرة والمجتمع.

أبرز الأستاذ الدكتور "محمود عبد الغفار" استخدام الكاتبتين لأسلوب "بلاغة الصمت" إذ تدور الروايتان حول بطلتين لا تملكان صوتاً سردياً مباشراً مما يعكس حجم القمع الذي تتعرضان له. كما أوضح أن السرد في كلتا الروايتين يُظهر الجسد والمكان كساحات أساسية للصراع مع حضور مميز للرمزية ودلالات الأسماء.

وخلصت المحاضرة إلى أن كل من "ميس إيجيبت" و"النباتية" تبرزان كيف يبدأ تدمير الحلم الإنساني داخل الأسرة ويمتد لاحقاً إلى المجتمع بأكمله مع التأكيد على أن تحقيق الحرية الحقيقية يبدأ بإصلاح الخلية الأولى وهى الأسرة.

الكاتب الكوري ’بيك مين سوك‘ أثناء شرحه لرحلة الأدب والفن الكورى الصورة من (إسراء الزيني)

الكاتب الكوري ’بيك مين سوك‘ أثناء شرحه لرحلة الأدب والفن الكورى الصورة من (إسراء الزيني)


أما عن الجزء الثاني من الأمسية فقد سلط الكاتب الكوري "بيك مين سوك" الضوء على رحلة الأدب والفن الكوري من مرحلة التأثر بالثقافة اليابانية إلى تشكيل هويته المستقلة التي تجتاح العالم اليوم.

قال "بيك مين سوك" إن العلاقة بين الثقافتين الكورية واليابانية معقدة, فخلال فترة الاحتلال الياباني كانت كوريا واقعة تحت تأثيرات ثقافية وفنية عميقة من جارتها. وأضاف "حتى بعد التحرر عام 1945 ظل الأدب الكوري في الخمسينيات والستينيات يحمل بصمة يابانية واضحة سواء في الأسلوب أو الرؤية الأدبية. كانت الرواية الكورية تعاني من التبعية الفنية لكنها أيضاً كانت تبحث عن صوتها الخاص".

وأضاف الكاتب الكوري "بيك مين سوك" أنه في بدايات القرن العشرين وخلال فترة الاحتلال الياباني من عام 1910 وحتى عام 1945 تأثرت الثقافة الكورية بشكل كبير باليابان ليس فقط في الأدب بل أيضاً في السينما والموسيقى. فالمخرجون اليابانيون مثل "أوزو ياسوجيرو" و"كوروساوا أكيرا" تركوا بصمة واضحة على السينما الكورية المبكرة حيث كانت تقنيات الإخراج والسرد السينمائي مستوحاة من النمط الياباني. حتى في عالم الموسيقى نرى تأثير اليابان واضحاً في ظهور فرق "الكيبوب" مثل "فرقة جيرلز جينيريشن" التي استفادت من نموذج "الآيدولز" الياباني لكنها طورته ليتناسب مع الذوق الكوري والعالمي لاحقاً. فاليابان كانت بوابة كوريا الأولى نحو الحداثة الفنية لكن الكوريين استطاعوا تحويل هذا التأثير إلى هوية فريدة. وفي فترة الخمسينيات والستينيات كان الأدب الكوري يعاني من آثار الحرب والتقسيم وكان متأثراً بالأدب الياباني في أسلوبه ومواضيعه. لكن مع صعود الديكتاتورية العسكرية في السبعينيات والثمانينيات بدأ الأدب الكوري يأخذ منحى أكثر استقلالية مع تركيز أكبر على القضايا المحلية مثل القمع السياسي والفقر والصراع بين التقاليد والحداثة. ومع النهضة الاقتصادية في التسعينيات تغير المشهد الأدبي تماماً. فبينما ظل الأدب الياباني يتسم بالتركيز على العزلة والوجودية كما في أعمال "هاروكي موراكامي" انطلق الأدب الكوري نحو مواضيع أكثر تنوعاً مثل الرأسمالية المتوحشة كما في روايات "تشون ميونغ كوان" والصراع الطبقي والهوية الوطنية.

كما تحدث الكاتب الكوري "بيك مين سوك" عن فن كتابة الرواية مؤكداً أن الحبكة الدرامية هي العنصر الأهم في أي عمل روائي. فبدون صراع واضح وتطور في الأحداث وذروة مؤثرة تتحول الرواية إلى مجرد سرد ممل. ويضيف أن الأدب الكوري الحديث نجح لأن كُتَّابه فهموا كيفية دمج الدراما الاجتماعية مع السرد الأدبي مما جعل أعمالهم قريبة من القارئ وفي نفس الوقت عميقة في تحليلها للواقع.

روايتا ’النباتية‘ و’الكتاب الأبيض‘ هدية المركز الثقافي الكوري لـ20 فائز من الحضور. (الصورة من سلوى الزيني)

روايتا ’النباتية‘ و’الكتاب الأبيض‘ هدية المركز الثقافي الكوري لـ20 فائز من الحضور. (الصورة من سلوى الزيني)


وفي ختام الأمسية أعلن المركز الثقافي الكوري عن اختيار 20 فائزًا من الحاضرين للحصول على نسخ من روايتي "النباتية" أو"الكتاب الأبيض" في لفتة تقديرية لتشجيع الحضور على مواصلة الاطلاع على الأدب الكوري. ولحسن الحظ كانت لنا فرصة الفوز بنسخة من كل عمل.

كانت الأمسية رائعة بكل تفاصيلها وقد استمتع جميع الحضور بالأجواء الأدبية المميزة وغادروا المكان وهم يحملون معهم ذكريات جميلة وتجربة ثقافية مميزة.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.