بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الجزائرية إيمان بوحنيكة
في مساء الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣، استضافت الجزائر النسخة السابعة عشر من قافلة الصداقة بين كوريا والدول العربية في قاعة ابن خلدون بالجزائر العاصمة، بتنظيم من السفارة الكورية في الجزائر بالتعاون مع الجمعية الكورية العربية. بدأ الحدث في تمام الساعة السابعة مساءً، ببرنامج وعد الزوار بتجربة غنية بالتبادل الثقافي، حيث مزج بين الإيقاعات المتناغمة للموسيقى التقليدية الكورية المعروفة باسم "غوغاك" و عروض رقص البي-بوبينغ الحديث أو مايعرف أيضا ب"البريك دانس".
كانت القافلة جزءًا من برنامج أسبوع الثقافة الكورية الذي تستضيفه السفارة الكورية في الجزائر سنويًا، برنامج هذا العام احتوى على عروض الغوغاك والبي-بوبينغ مع القافلة الكورية العربية، مهرجان الأفلام لتعاونية بلدان “ميكتا”، مسابقة المحادثة باللغة الكورية ومسابقة مهرجان الكيبوب. وقبل بداية العرض الرسمي، أتيحت للحضور فرصة التفاعل مع الفنون المستوحاة من الثقافة الكورية.
شاركت مجموعة “رفقة” وهي مجموعة من الداعمين الذين اختارتهم السفارة الكورية في الجزائر للترويج للثقافة الكورية، في معرض لفن الـ"مينهوا" والخط الكوري عند المدخل الرئيسي لقاعة ابن خلدون. عُرضت لوحات "مينهوا"، وهي لوحات شعبية تقليدية كورية، فتضمنت أعمالًا متنوعة تصور مواضيع عن الطبيعة والحيوانات والرموز الوطنية لكل من البلدين. إلى جانب ذلك، كانت هناك رسومات مذهلة من الخط الكاليغرافي أبدعها أعضاء “رفقة”، حيث عكست جمالية القصائد الكورية المكتوبة لشعراء كوريين معروفين مثل يون دونغ-جو وكيم سوول، مانحة تقديرًا عميقًا للغة الكورية. كما حضر الحدث ضيوف مرموقون من سفارات مختلفة، بما في ذلك سفارات إندونيسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
استهلت افتتاحية الحدث بكلمة ألقاها سعادة السفير “يو كي جون”، سفير جمهورية كوريا بالجزائر الذي سلط الضوء على التاريخ العريق للجمعية الكورية العربية والمركز الوطني للغوغاك بجيندو. وأشار إلى أن قافلة الصداقة الكورية العربية قد زارت الجزائر في ثلاث مناسبات سابقة، في ٢٠٠٨، ٢٠١٠ إضافة إلى سنة ٢٠١٣ وأن النسخة السابعة عشر لهذا العام تعزز من ترويج الثقافة الكورية في العالم العربي. بعد كلمة سعادة السفير، ألقى السيد كيم تشانغ مو، الأمين العام لجمعية كوريا والعالم العربي وسفير كوريا السابق في الجزائر، كلمة تشجيعية لهذا الحدث الخاص.
بدأ العرض الرائع بأداء من مركز غوغاك الوطني بجيندو، وافتتح بالرقصة الملكية "غاينجونموكدان" (الجميلات اللاتي يقطفن أزهار الفاوانيا)، وهي رقصة وليمة في البلاط الملكي تعود إلى فترة جوسون العريقة. قدمت الراقصات الفتيات، اللاتي حملن أزهار الفاوانيا الكبيرة، عرض رقص تقليدي بحركاتهم الانسيابية والدقيقة، كانوا يشبهون الدمى الطافية و الفراشات المرفرفة بجناحها، بحركات تعبر عن تميز الرقص في البلاط الملكي الكوري.
ثم استمتع الجمهور بأداء موسيقى "السامولنوري"، وهو نوع من الموسيقى الإيقاعية التقليدية الكورية التي تستخدم أربعة آلات كورية تقليدية: جانغغو (طبل على شكل ساعة رملية)، بوك (طبل برميل)، كوانغواري (صنج صغير)، وجينغ (صنج كبير). فقد ترددت ضربات الإيقاع المتناغمة والطاقة الحماسية للفنانين في المسرح مع تصاعد وتيرة الإيقاع تدريجيًا، مما جعل الجمهور يتفاعل بحماس مع العرض الرائع. بعد موسيقى "السامولنوري"، استمتعنا بعرض أداء "بانغوت"، وهو عرض يستخدم نفس الآلات الإيقاعية التقليدية لل”السامولنوري”، لكن مع إضافة الراقصين الذين يرتدون قبعات مزينة بأشرطة و يتم الرقص على المسرح المفتوح.
تميز الجزء الثاني من حدث القافلة الكورية العربية بنكهة عصرية مع فريق "إكسبريشن كرو"، وهو فريق بريك دانس مشهور في كوريا، ذاع صيتهم بفوزهم في مسابقة "باتل أوف ذا يير" (تحدي معركة العام) عام ٢٠٠٢ بتقديمهم عرضًا مذهلًا و مميزا بعنوان "ماريونيت".
"ماريونيت" ليس مجرد عرض رقص، بل هو قصة تُروى من خلال حركات البي-بوبينغ السلسة، حيث يحاكي الراقصون حركات الدمى المتحركة بالأسلاك. تناول العرض مواضيع متنوعة مثل التحكم والحرية والتعبير عن الذات، وأدى الراقصون حركات مبهرة مثل القفزات والدوران على الرأس و الحركات التي تبدو متجمدة، مما خلق سردًا قصصيا ملفتا من خلال الرقص، ليشد انتباه الجمهور بالاندماج العميق مع القصة. كما دمجوا العديد من الأساليب الأخرى مثل الرقص العصري والستريت دانس.
أبرز التباين بين العروض التقليدية والعصرية تنوع حيوية الثقافة الكورية. بينما تميزت العروض التقليدية بالرقي والتاريخ والارتباط بجذور الأسلاف القديمة، تداخلت عروض البريك دانس المفعمة بالطاقة والابتكار والحركات القوية. فقدمت هذه العروض صورة شاملة جسدت المشهد الثقافي الكوري—الذي يحترم جذوره القديمة بينما يخطو بثقة نحو المستقبل.
أضافت شركة الالكترونيات الكورية “آل جي” لمسة تفاعلية إلى الحدث من خلال جناح يعرض أحدث تقنيات التلفاز كيو-ند باستخدام تكنولوجيا النقاط الكمية ‘كوانتم دوت نانوسال’ التي توفر ألوانًا أبهى وأكثر تناسق، في دقة عالية ٤ آلاف بكسل. جذب الجناح اهتمامًا كبيرًا من الحضور، وأثار فضول الحاضرين بشأن التكنولوجيا الجديدة. كما أقامت “آل جي” سحبًا عشوائيًا، أعلن من خلاله عن ثلاثة فائزين محظوظين في نهاية العرض، حيث حصل كل منهم على جهاز تلفاز “آل جي”.
كانت قافلة الصداقة الكورية العربية رمزًا لنمو العلاقات الثقافية والدبلوماسية بين كوريا والجزائر. فقد عززت تأثير الثقافة الكورية في الخارج، خاصة في الوطن العربي، وجمعت بين ثقافات متنوعة في رؤية مستقبلية طموحة للتعاون والصداقة المتبادلة.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.