صورة من قرية ‘دون كوي بوجام’ في مدينة سانتشون. (الصورة من كوريا نت موقع فليكر)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية شيماء مجدي إبراهيم
منذ حوالي 10 سنوات أٌقيم ’إكسبو للطب التقليدي العالمي‘ في قرية ’دون كوي بوجام‘ بمدينة ’سانتشون‘. وكان ذلك المعرض هو الأول من نوعه فيما يخص الترويج والاهتمام بالطب التقليدي والعلاج بالأعشاب.
صورة أُلتقطت أثناء ‘إكسبو الطب التقليدي العالمي بمدينة سانتشون’ عام 2013. (الصورة من حساب كوريا نت على فليكر)
أثار ذلك الموضوع فضولي نظرًا لحبي وتعلّقي بالطب التقليدي ودراسة كل ما يخص النباتات الطبية سواء المنشأ، والجزء المستخدَم في العلاج، وتركيز المواد الفعّالة في كل جزء من النبات وغيرها من المعلومات التي زرعت في قلبي حب ذلك النوع من الطب لمدة خمس سنوات في كلية الصيدلة. بالإضافة إلى الدرامات الكورية التاريخية التي لم تقصّر أبدًا في زيادة معلوماتي عن العلاج بالطب التقليدي سواء بالنباتات أو الوخز بالإبر. لذا من الطبيعي أن أقرأ عن ذلك المعرض العالمي الذي لم يكن له مثيل من قبل. ومن خلال القراءة تعرَّفت أكثر على الطب الكوري التقليدي، والثروات الطبيعية التي تجعل من مدينة سانتشون جنة على الأرض.
صورة التقطها من كتاب النباتات الطبية الذي درسته أثناء الكلية، توضح نبات الجينسنج الذي من أصل كوري. (الصورة من شيماء مجدي إبراهيم)
أُقيم ذلك المعرض عام 2013 بالتعاون بين منظمة الصحة والرعاية الكورية، ومسئولي مقاطعة غيونغسانغ ومدينة سانتشون. واستقبل الملايين من الزوار من جميع أنحاء العالم، ولقى استحسان وإعجاب الكثير من متخصصي الطب التقليدي من مختلف بقاع الأرض.
من خلال ذلك المعرض تمكنت كوريا الجنوبية من الاحتفال بمرور حوالي أربعة قرون على أول موسوعة طبية كورية كتبها الطبيب الملكي من عصر جوسون ‘هيو جون’ (1615-1546) واسمها ’دون كوي بوجام‘. وفي عام 2009 ضمت اليونسكو تلك الموسوعة لتكون إرثًا تاريخيًا وهي الأولى من نوعها. و وصفها أحد أساتذة الفلسفة في جامعة سيئول بأنها ’إحدى كلاسيكيات الثقافة الكورية‘. من أجل كل ما سبق أرادت جمهورية كوريا الاحتفاء والاحتفال بمثل تلك الإنجازات التي لابد أن تُتوَّج ويتذكرها العالم دائمًا.
صورة التُقطت أثناء ‘إكسبو الطب التقليدي العالمي بمدينة سانتشون’ عام 2013. (الصورة من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
ولا يمكنني أن أغفل عن أهمية مدينة سانتشون وثرواتها الطبيعية الخلّابة التي من خلال ذلك المعرض العالمي تعرّف عليها الأجانب أكثر واستمتعوا بهوائها النقي، وبمنتجاتها الزراعية العضوية الخالية من المبيدات الحشرية، وأيضًا بمعابدها، وغيرها من الأماكن التاريخية. لذا أود أن ألقي الضوءعلى الطبيب الملكي هيو جون وأكتب عن موسوعة دون كوي بوجام بشيء من التفصيل.
صورة لأزهار مدينة سانتشون. (الصورة من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
وُلِد ذلك الطبيب عام 1546 في مقاطعة غانغ سيو. تعددت الأساطير حول كيفية تعلُّمه للطب، ومهارته التي اكتسبها في ذلك المجال لكن لا يوجد خلاف على جدارته في ذلك الوقت من التاريخ. ففي عام 1575 تمكن من علاج الملك الرابع عشر لسلالة جوسون ويُعرَف باسم ‘سون جو’ من مرض مجهول لم يتعرّفوا عليه من قبل. وفي عام 1590 استطاع أن يعالِج الأمير'غوان غاي' -الحاكم الخامس عشر لسلالة جوسون- من مرض الجُدَري -عدوى فيروسية فتّاكة تنتقل سريعًا وسببت مصرع عدد هائل من الضحايا- بالإضافة إلى علاج العديد من العامة الذين أُصيبوا بذلك الداء. ذلك دفعه إلى ضرورة تجميع أساسيات التعامُل مع ذلك المرض وعلاجه في كتاب واحد حتى يستفيد الأطباء الآخرون منه.
كتب الطبيب ’هيو جون‘ موسوعة ’دون كوي بوجام‘ التي تُعرَف أيضًا ب'أساسيات ممارسة الطب الشرقي' بأمر من الملك ’سون جو‘، واستغرقت الكتابة ستة عشر عامًا. وكانت الأحداث المريرة التي مرت بها كوريا (1592-1598) سببًا رئيسيًا لذلك الأمر. فانتشرت المجاعات، وساءت الحالة الصحية للشعب، وففُقِدَت العديد من الكتب الطبية؛ فأمر الملك ذلك الطبيب بالقيام بتلك المهمة. وكان إخلاص ’هيو جون‘ صادقًا جدًا فحتى بعد وفاة الملك، استمر بالكتابة إلى أن انتهى منه وكانت الموسوعة تتكون من خمسة وعشرين جزءًا.
صور توضح متحف النباتات الطبية فمدينة ’سانتشون'. (الصورتان من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
من وجهة نظري تلك الموسوعة لا تقل أهمية عن العديد من الكتب الطبية المعروفة عالميًا؛ لأنها تُعَد توثيقًا للممارسات الطبية في آسيا الشرقية، كذلك تناولت العديد من المواضيع فيما يخص النباتات الطبية من حيث الوقت الأنسب لحصاد وتجميع كل نبات على حدة، وما هي استخداماته العلاجية، والفترة الزمنية حتى يحافظ على فعاليته. بالإضافة إلى ما ذكره الطبيب في قسم الطب الداخلي. فكان من أوائل الأطباء الذين أشاروا إلى وجود علاقة تفاعلية بين الأعضاء الخمسة: الكبد، والرئة، والكُلى، والقلب، والطحال. وبذلك دحض معتقدات كثيرة ظهرت في المستقبل. وغيرها من المواضيع المذكورة التي لا يمكنني حصرها أو تلخيصها ببضع كلمات.
صورة توضح ما استطاع أن يجربه الزوار من صور الطب التقليدي في مدينة ‘سانتشون’ أثناء الإكسبو عام 2013. (الصورة من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
أود الانتقال إلى الحديث عن الاختيار المُوَفَّق لمدينة ‘سانتشون’ فهي مركز الطب التقليدي الكوري؛ حيث الهواء النقي، المناظر الساحرة، وجبل جيرسيان'، وقرية ‘نامسا يدام تشون’ التي من صخورها يستطيع الزائر الشعور بعراقة التاريخ، وبتلك المدينة يوجد أول مكان لزراعة القطن في' .كوريا الجنوبية، بها أيضًا المقبرة الملكية للملك ‘جو هاي’ وغيرها من الأماكن التي أود حقًا زيارتها لاستمتع بها.
صورة توضح بيت قديم جدًا من قرية نامسا يدام تشون بمدينة سانتشون. (الصورة من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
اختيار مدينة سانتشون وبالتحديد قرية ‘دون كوي بوجام’ كان صائبًا جدًا فهي أكثر مدينة كورية تضم آلاف الأنواع من النباتات المستَخدَمة في الطب التقليدي. وعلى غرار ذلك أُنشئت حديقة للطب الشرقي في تلك القرية في شهر مايو من عام 2010. وأيضًا تستخدم شركات مستحضرات .التجميل الكورية الآلاف من النباتات الطبية التي تنمو هناك.
صورة تبين مدى نقاء الخضراوات التي تنمو هناك فهي خالية تمامًا من المواد الكيميائية. لذا هي على درجة عالية جدًا من السلامة والأمن الغذائي. (الصورة من حساب كوريا نت على موقع فليكر)
سيُعقَد الإكسبو مرة أخرى في شهر سبتمبر من العام الجاري، وهناك سيتمكن السائحون من الاستمتاع بالأماكن التاريخية، والشعور بالطبيعة الخلابة التي تميز كوريا الجنوبية. ومن كل قلبي كم اتمنى أن تسنح لي الفرصة لزيارة تلك المدينة وبالتحديد حضور ذلك الإكسبو.
ess8@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.