تظهر الصورة الأستاذ خليل حنون، ناقد سينمائي ومحرر شؤون السينما في قناة الجزيرة. (الصورة من الأستاذ خليل حنون)
بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المغربية مريم قزبر
من منا لم يسمع بالصدى الكبير الذي أحدثته دراما ’لعبة الحبار‘ بعد طرحها على منصة نتفليكس، والنجاح غير المسبوق الذي حصده هذا المسلسل في وقت وجيز وبدون حملات دعائية والذي بات يعتبر العمل الذي حصل على أعلى عدد المشاهدات في تاريخ نتفليكس. اليوم تستضيف الأستاذ خليل حنون لمناقشة نجاح مسلسل لعبة الحبار.
هل يمكنك أن تقدم نفسك أولاً؟
اسمي خليل حنون، ناقد سينمائي ومحرر شؤون السينما في قناة الجزيرة، وحاصل على شهادة دبلوم جامعي في الدراما والمسرح بالجامعة اللبنانية.
في رأيكم ما هي أسباب النجاح الذي حققه المسلسل الكوري لعبة الحبار على المستوى العالمي؟
الجميع يتساءل، ما الذي جعل هذا المسلسل ناجحًا مع أن فكرته ليست جديدة. فكرة الصراع بين مجموعة من البشر للبقاء حيًا أو للحصول على جائزة. هذا الموضوع تعود بداياته لزمن حلبات المصارعة أيام الإمبراطورية الرومانية، وتناولته السينما مرارًا بأشكال متعددة، ربما أشهرها كان مؤخرًا سلسلة أفلام ’ألعاب الجوع‘ وقبلها فيلم ’باتل رويال‘ على سبيل المثال، إضافة إلى تناولها في الأنمي الياباني.
ما يميز مسلسل لعبة الحبار أنه ينطلق من مشاكل اجتماعية، حالات إنسانية موجودة داخل المجتمع الكوري، وأزمة الديون الفردية، والصراع بين طبقات المجتمع، ومشاكل العمال الأجانب، ووضع الكوريين الشماليين الهاربين من بلدهم وسط هذا كله، وقد وجدت صدى عند الجمهور في كل مكان لأن هذه الأمور موجودة في مجتمعات العالم بنماذج ونسب مختلفة. هذا إلى جانب صياغة متماسكة لقصة المسلسل قامت بتقديم نفسها وشخصياتها بشكل جاذب في الحلقة الأولى منه.
ولا ننسى اختيار الممثلين وأدائهم للشخصيات، وأيضًا المستوى العالي في التنفيذ على صعيد الصورة والتصميم الفني والإخراج. واللافت أيضًا أن منصة نتفليكس لم تقم بحملة ترويج خاصة بهذا المسلسل، وعندما استعرضت أبرز إنتاجاتها لعام 2021 لم تأت على ذكره. وهذا يدل على أن نجاح المسلسل أصيل، وبنى نفسه بنفسه وأتى من تفاعل الجمهور الذي لعب الدور الأساسي في عملية الترويج والانتشار.
تظهر الصورة الملصق الرسمي لمسلسل نيتفليكس الكوري الأصلي ’لعبة الحبار‘. (الصورة من نتفليكس)
هناك العديد من المسلسلات الناجحة التي حظيت بنجاح كبير على منصة نتفليكس. ولكن المسلسل لعبة الحبار أصبح ظاهرة عالمية في وقت وجيز. ما الذي جعله هذا المسلسل مميزًا؟
إضافة إلى العوامل التي ذكرتها سابقًا أعتقد أن هناك أمرين أساسيين، أولها، البساطة الموجودة في صياغة قصة المسلسل وعرض أحداثه دون تعقيد درامي ووجود قصة داخل قصة، ومسار أساسي واحد للسرد واضح ومشوق، ربما يجعل بعض ما نراه متوقعًا سلفًا، لكن المتعة والترقب أقوى حضورًا. وأيضًا الشخصيات ليست معقدة في تكوينها، ومعدنها ليس غامضًا للجمهور ويفهمها بسرعة ويستوعب دوافعها سواء كانت شخصيات خيرة أو شريرة أو تعيش صراعًا داخليًا. وهذا يحيلنا للأمر الثاني وهو ’الموت‘ والمواجهة الخطيرة مع فكرته والتنافس من أجل البقاء على قيد الحياة، وهذا عنصر يشد انتباه المشاهد ويخاطب خوفًا جوهريًا عنده، ويضعه في خضم الصراع والتخبط الداخلي الذي تعيشه الشخصية من أجل النجاة، وما هي القرارات التي ستتخذها أمام معضلات أخلاقية، وإلى أي حد مستعدة للتنازل عن مبادئها وإنسانيتها. هذه لحظات في المسلسل خطفت أنفاس المشاهدين. كل هذا الموت والعنف والدماء يدور في عالم ألعاب وساحات الطفولة بألوانها وملابسها وأدواتها، وهذه مفارقة كبيرة وغريبة وصادمة للمشاهد، فيها شيء جديد على المستوى البصري أثار حشريته.
في نظركم ما مدى اهتمام المشاهد العربي بالدراما الكورية؟ وما الذي يجعلها الاختيار الأول بالنسبة للكثيرين؟
المشاهد العربي في الفترة الأخيرة بات يميل للتنويع في خياراته، ولم تعد إنتاجات هوليوود الأميركية هي سبيله الوحيد للترفيه، وخاصة مع وقوع كثير منها في التكرار والسطحية ووجود أجندات واضحة عند بروز الأزمات السياسية الداخلية قد لا تعني الجمهور خارج الولايات المتحدة. ومع صعود وانتشار منصات البث الرقمي مثل نتفليكس وأمازون وديزني بلس وغيرها، أصبح هناك اهتمام واضح بالإنتاج العالمي كخطوة ضرورية للتوسع والانتشار، والاهتمام بالدراما الكورية الجنوبية أتى بسبب قوة حضورها ووجود مواهب في مختلف فروعها ومواهب أثبتت حضورها عالميًا.
وبات الإنتاج الكوري حاضرًا في المهرجانات وحاصدًا لجوائزها، وأتى مؤخرًا فوز فيلم ’بارزايت‘(طفيلي) بأوسكار أفضل فيلم ليثبت ذلك. ما يجذب المشاهد العربي بنظري هو القيم العائلية الموجودة مثل العلاقة مع الوالدين واحترامهما، وأيضًا وجود أسلوب معالجة مختلفة يتم فيه تقديم الأنواع الهوليوودية وحبكاتها المعتادة.
هناك ثقافة مجتمع جديدة يتعرفون على ملامحها ولغتها وموسيقاها، أيضًا هناك مراهقون وشباب عرب أصبحوا أكثر وأكثر مهتمين بثقافة شرق آسيا وفنونها، الأمر قد يكون بدأ مع الأنمي الياباني ثم توسع أكثر ووصل إلى كوريا الجنوبية. ابني مثلاً يريد الذهاب إلى اليابان والتخصص في دراسة لغات شرق آسيا. ومنذ فترة راسلتني فتاة سورية تريد دراسة السينما في كوريا الجنوبية، هناك تحول كبير عند شبابنا لا ننتبه له كثيرًا، هوليوود والغرب ليسا خيارهم الوحيد في الترفيه والمعرفة كما كان الأمر بالنسبة لجيلنا.
النجاح والاهتمام الذي باتت تحصده الدراما الكورية راجع إلى كمية الإبداع والتميز وأيضًا أصالة القصة التي يدور عليها العمل مما يجعله جذابًا بالنسبة للعرب خاصة والمشاهد العالمي عامة، وخير دليل على ذلك مسلسل لعبة الحبار والعديد من الأعمال الكورية السابقة، مما يجعلنا نحس برغبة شديدة وتشويق في متابعة المزيد من الإنتاجات الكورية.
shaadiya1223@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.