تم عقد لقاء حواري بمكتب كوريا نت يوم التاسع والعشرين يونيو من العام الجاري تحت عنوان "مركز معلومات التراث الصناعي الياباني، أين تكمن المشكلة؟". والصورة تظهر أن المشاركين يلتطقون الصورة التذكارية بعد انتهاء اللقاء الحواري. (الصورة من كوريا.نت)
بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المغربية
تم عقد لقاء حواري بمكتب كوريا نت يوم التاسع والعشرين يونيو من العام الجاري تحت عنوان "مركز معلومات التراث الصناعي الياباني، أين تكمن المشكلة؟" حول مركز معلومات التراث الصناعي الذي تم افتتاحه مؤخرا بطوكيو اليابان. كان الحوار بين البروفيسور بجامعة سيجونغ هوساكا يوجي والكاتب هان سوسان وتم تسييره من طرف البروفيسور جونغ جي هوان. وقد جاء هذا الحوار عقب الجدل الذي أثارته اليابان بتزويرها لتاريخ العمل القسري الذي تعرض له الكوريون بجزيرة هاشيما أثناء الاحتلال الياباني خلال فترة ميجي، وبكسرها لوعدها الذي قامت به خلال اجتماع لجنة التراث العالمي، والذي يتمثل حول ضم مجموعة من المواقع اليابانية إلى قائمة مواقع التراث العالمي مقابل اعتراف اليابان بتاريخ العمل القسري وتكريم ضحاياه من الكوريين آنذاك.
امتدت فترة الاحتلال الياباني لكوريا بين سنتي 1910 و1945 حيث انتهت بنهاية الحرب العالمية الثانية. مرت خلالها شبه الجزيرة الكورية بمجموعة من الضغوطات والاضطهادات من طرف الجيش الياباني ومن أبرزها إجبار مئات الكوريين على العمل في صناعة التعدين. وقد كان ضحايا العمل القسري يعملون تحت ظروف لا إنسانية قاهرة تمثلت في حفر واستخراج المعادن بمعدات بسيطة وفي درجات حرارة مرتفعة دون تلقي أدنى شروط العيش الكريم من مأكل ومشرب وتطبيب. نتيجة لهذه الظروف، لقي العديد منهم حتفهم نظرا لنقص التغذية والعناية، في حين حاول العديدون النجاة بأجسادهم دون جدوى، واختار كثير منهم إنهاء حياتهم بالموت غرقا.
جاءت محاولات اليابان سنة 2015 لضم 23 من مواقعها إلى لائحة مواقع التراث العالمي، وكانت من بينها 7 مواقع بما فيها جزيرة هاشيما حيث تعرض الكوريون للاضطهاد وأجبروا على الأعمال القسرية. إلا أن كوريا وافقت على ذلك شريطة تكريم ضحايا العمل القسري واعتراف اليابان بسوء معاملتها لهم آنذاك. لكن المفاجأة كانت عند افتتاح مركز معلومات التراث الصناعي بطوكيو، فلم يتم استدعاء أي من المعنيين بالأمر أو أقاربهم، ولم يتم التطرق نهائيا لموضوع العمل القسري الذي كان شرط اليونسكو لتسجيل المواقع اليابانية كمواقع تراثية عالمية. والأكثر من ذلك أنه تم عرض تسجيلات لمواطنين يابانيين يشهدون بأن الكوريين لم يتعرضوا لأي شكل من أشكال التمييز آنذاك، وأن عملهم في اليابان كان قانونيا وليس رغما عن إرادتهم، وهو ما اعتبرته كوريا كسرا للوعد الذي قامت به اليابان وتزويرا علنيا لتاريخ الحرب.
الكاتب هان سوسان كان قد زار جزيرة هاشيما شخصيا والتي على أساسها صور في روايته "كون هام دو" معاناة الكوريين في مواقع حفر واستخراج المعادن. وقد أقر في الحوار الذي أقيم حول القضية بمكتب كوريا نت، أن المواقع كان لها دور بالفعل في الثورة الصناعية اليابانية، إلا أنه لا يجب الاعتراف بها كمواقع تراثية عالمية إلا إذا عرضت حقيقتها التاريخية للعامة وللمجتمع الدولي كما هي. أما البروفسور هوساكا يوجي، خبير العلاقات الكورية اليابانية، فقد أدان تصرف اليابان ووصفه بالتزوير والخداع، وأصر بدوره على ضرورة اعترافها بتاريخ العمل القسري للعالم.
وإزاء افتتاح مركز معلومات التراث الصناعي بطوكيو، تقدمت وزارة الخارجية الكورية بطلب لليونسكو لدراسة إمكانية إزالة المواقع اليابانية من قائمة التراث العالمي، كون اليابان خرقت الشرط الذي على أساسه تمت الموافقة على ضمها إلى القائمة. ونذكر أن مشكلة تزوير تاريخ جزيرة هاشيما ليست هي الوحيدة التي تقف عائقا أمام تحسن العلاقات الكورية اليابانية، فاليابان لاتزال تدين باعتذار لكوريا على الأفعال الشنيعة التي قام بها الجيش الياباني إبان فترة الاحتلال كقضية نساء المتعة على سبيل المثال.
وأخيرا، هذه التجاوزات المتتالية من طرف اليابان، والتي تمس مواضيع حساسة بين البلدين، تطرح تساؤلات كثيرة حول مصير العلاقات الكورية اليابانية مستقبلا. فإلى متى سيستمر إصرار اليابان على إنكار تاريخها الدامي تجاه البلدان المجاورة لها أثناء الحرب العالمية الثانية؟ وهل ستتغير سياسات اليابان وعلاقاتها الخارجية مع كوريا الجنوبية بتغير الحكومة اليابانية الحالية؟
kyd1991@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلينا الفخريين هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا مع كوريا.نت.