مراسل فخري

2025.06.26

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
الصورة توضح صور الفنانة هان أون سوك وبعض أعمالها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح صور الفنانة هان أون سوك وبعض أعمالها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)



بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية خلود خالد ابو اليزيد

في عالمٍ يموج بالسرعة والاستهلاك، تبرز بعض الأرواح الفنية كنبضٍ مختلف—ترى الجمال حيث لا يراه الآخرون، وتمنح الحياة لما يُعدّه البعض نفاية. من قلب كوريا، تأتي فنانة تسير بخطى ثابتة على درب الابتكار المستدام، تُعيد تشكيل ما يُرمى وتُحوله إلى قطعٍ تنبض بالحياة، مستوحاة من الطبيعة، مُحمّلة برموز ثقافية، ورسائل بيئية تُلامس الوجدان. هذه ليست مجرد مجوهرات، بل حكايات من معدن وضوء، تنبض بالهوية وتُحاكي المستقبل.

الصورة توضح أحد الأقراط التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من علبة كوكاكولا وردية اللون. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح أحد الأقراط التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من علبة كوكاكولا وردية اللون. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


قبل أن أبدأ هذه المقابلة، لا بد أن أشارككم هذه اللحظة التي كانت بداية لرحلة إلهام واكتشاف.

في يوم السبت الموافق 17 مايو 2025، أرسلت رسالتي الأولى إلى الفنانة الكورية هان أون سوك. لم أتوقع حينها أن تفتح تلك الرسالة بابًا لحوار جميل مع واحدة من أبرز المبدعات في عالم المجوهرات المستدامة. وكان ذلك اليوم هو الذي وافقت فيه الفنانة بكل لطف على إجراء مقابلة حصرية لموقع كوريا نت من خلال صفحتها الرسمية على انستغرام والإيميل الرسمي الخاص بها.

وخلال الأيام التالية، وبينما تبادلنا أطراف الحديث وتعمّقت معرفتي بمسيرتها، ازداد انبهاري بما حققته هذه الفنانة العظيمة من إنجازات استثنائية في تصميم المجوهرات. مجوهراتها قطعًا فنية، لم أرَ لها مثيلًا من قبل. ألوانها المبهجة، ودقتها الفائقة، وتفردها في استخدام المواد المعاد تدويرها تجعل منها أعمالًا تخطف الأنظار وتلامس المشاعر في آنٍ واحد.

كان لقائي معها أكثر من مجرد مقابلة صحفية... كان لقاءً مع فكر مختلف، وروح تؤمن بأن الفن يمكنه أن يُغيّر العالم.

دعونا نرحب أولًا بالفنانة هان اون سوك ونبدأ هذه المقابلة.

مرحبا بك هل يمكنك أن تعرفينا بنفسك وتشاركي كيف بدأت رحلتك في صناعة المجوهرات؟ ما الذي ألهمك لاستكشاف التصميم المستدام باستخدام مواد معاد تدويرها مثل الألمنيوم والبلاستيك والعلب؟

مرحبًا، أنا هان أون سوك، فنانة مجوهرات مقيمة في سئول، وبدأت رحلتي في هذا المجال منذ عام 2000 بعد حصولي على درجة الماجستير في الفنون الجميلة، تخصص المعادن، من جامعة دونغدوك للنساء. في البداية، عملت باستخدام الذهب والفضة وأنماط كورية تقليدية. لكن مع مرور الوقت، أصبحت مهتمة بتجريب مواد جديدة كالحجر والخشب والمينا والبلاستيك.

في عام 2020، ومع بداية جائحة كوفيد-19، شعرت أن الوقت قد حان لبدء مشروع كنت أفكر فيه مسبقًا: استخدام المواد المهملة. التحسن البيئي الذي لاحظناه خلال فترات الإغلاق ألهمني للبحث في كيفية تحويل العلب المعاد تدويرها إلى مجوهرات جميلة تحمل رسالة بيئية.

الصورة توضح المعرض الذي أقامته الفنانة هان أون سوك في العاصمة الكورية سئول في عام 2020. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح المعرض الذي أقامته الفنانة هان أون سوك في العاصمة الكورية سئول في عام 2020. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


الصورة توضح بعض الأعمال الفنية من معرض سئول عام 2020. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح بعض الأعمال الفنية من معرض سئول عام 2020. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


تصاميمك مستوحاة بشكل جميل من الطبيعة—الأوراق، الحيوانات، الأشكال العضوية—ومع ذلك تحمل طابعًا نابضًا بالحياة ومرحًا. ما الذي يجذبك إلى هذه العناصر الطبيعية، وكيف تختارين المواد والرموز التي تستخدمينها؟

أجد في الطبيعة مصدرًا لا ينضب من الجمال والتنوع، والشعاب المرجانية تحديدًا كانت مصدر إلهام مهم لي. تدهور البيئة واختفاء ألوان الشعاب المرجانية بسبب التلوث والاحتباس الحراري دفعاني لاستخدام ألوان زاهية في أعمالي، كوسيلة لتوثيق هذا الجمال المهدد بالزوال.

أقوم بجمع العلب من الأصدقاء، العائلة، وصناديق إعادة التدوير، ثم أفرزها حسب الألوان والخطوط والعلامات التجارية. تُستخدم هذه العناصر كما هي، مما يجعل كل قطعة تعكس لمسة من ثقافتنا الحاضرة، وتتحول إلى رمز بصري معبر عن القيم البيئية والجمالية.

الصورة توضح بعض المجوهرات التي تصنعها الفنانة هان أون سوك و التي تعبر عن الطبيعة من خلال أشكالها التي نراها في حياتنا اليومية. (الصورة من الفنان هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح بعض المجوهرات التي تصنعها الفنانة هان أون سوك و التي تعبر عن الطبيعة من خلال أشكالها التي نراها في حياتنا اليومية. (الصورة من الفنان هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


كيف يعكس عملك الهوية الكورية أو القيم الثقافية؟ هل هناك عناصر معينة من التراث الكوري تسعين للحفاظ عليها أو إعادة تفسيرها من خلال مجوهراتك؟

رغم أنني أستخدم مواد غير تقليدية، فإنني لا أنفصل عن جذوري الثقافية. أعمالي تحتوي على صدى للثقافة الكورية المعاصرة، من خلال استخدام علب لمشروبات منتشرة مثل الكوكاكولا أو البيرة الكورية، وهي جزء من الحياة اليومية وثقافتنا المحلية. من خلال هذه التفاصيل البسيطة، تُحفظ ثقافتنا المعاصرة في المجوهرات، كما أنها تمثل تطورًا طبيعيًا من الأنماط الكورية التقليدية التي بدأت بها مسيرتي.

الصورة في الأعلى توضح علبة المشروب الغازي والأقراط في مرحلة التصنيع وفي الأسفل بعض الأقراط المصنوعة من علب المشروبات الغازية المعاد تدويرها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة في الأعلى توضح علبة المشروب الغازي والأقراط في مرحلة التصنيع وفي الأسفل بعض الأقراط المصنوعة من علب المشروبات الغازية المعاد تدويرها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


ما الذي جذبك لاستخدام مواد غير تقليدية مثل الزجاج والقرون والعلب في تصاميمك؟

لطالما اعتُبرت العلب البلاستيكية والمواد المهملة غير مناسبة لصناعة المجوهرات، لكنني أردت تغيير هذا المفهوم. هذه المواد التي تُستخدم لمرة واحدة وتُرمى هي في الحقيقة جزء من أكبر أزمة بيئية نواجهها. باستخدامها، لا أحاول فقط خلق فن جمالي بل أيضًا إيصال رسالة: حتى المواد التي نراها بلا قيمة يمكن أن تُبعث فيها الحياة من جديد.

هدفي هو أن تُعامل أعمالي على أنها مجوهرات جميلة وقيمة، لا كمجرد 'إعادة تدوير'. إنها طريقة فنية لإعادة تصور ما يمكن أن يكون جميلًا، وللمساهمة بشكل ملموس في حماية كوكبنا.

الصورة توضح بعض دبابيس الملابس 'بروش' التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من علب الصفيح المختلفة. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح بعض دبابيس الملابس 'بروش' التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من علب الصفيح المختلفة. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


لقد شاركتِ مؤخرًا في معرض في نيويورك بتاريخ 3 مايو 2025. هل يمكنك أن تخبرينا أكثر عن هذه التجربة، وماذا عرضتِ، وكيف كان رد فعل الناس تجاه عملك؟

منذ ثلاث سنوات، تمت دعوتي للمشاركة في معرض في نيويورك. في ذلك الوقت، أظهر الكثير من الناس في نيويورك حبهم ودعمهم لأعمالي. كما تم تقديم عملي في صحيفة نيويورك تايمز. هذه كانت المرة الثانية التي أشارك فيها. كان المعرض الأخير معرضًا فنيًا عالي المستوى موجهًا لهواة الجمع، لكن هذه المرة نظمت المعرض بتصميم عام جعله أكثر قربًا من الجمهور. لقد كانت فرصة لمشاركة عملي مع عدد أكبر من الناس.

الصورة توضح الفنانة هان أون سوك من معرض ماد أبوت جوليري في نيويورك من يوم 5 إلى 7 مايو 2025 على مدار الثلاث أيام. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح الفنانة هان أون سوك من معرض ماد أبوت جوليري في نيويورك من يوم 5 إلى 7 مايو 2025 على مدار الثلاث أيام. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


كفنانة ومصممة، ما الرسالة التي تأملين في إيصالها من خلال مجوهراتك—ليس فقط من حيث الأسلوب، ولكن أيضًا من حيث التزامك بالبيئة وسرد القصص الثقافي؟

كان معرضي السابق 'ابقَ على قيد الحياة' مصممًا تحت موضوع 'سيبجانغساينغ'، وهو رمز للخلود في الشرق. من خلال التعبير عن رمز الخلود باستخدام أشياء مهملة ومستهلكة، أردت أن أوصل أهمية الأشياء التافهة التي يتم رميها. لا يُهم كم بدا الشيء تافهًا، فإنه يمتلك قيمته الخاصة. أعتقد أن السبب في أن عملي يعيد الحياة للأشياء المهملة ويعيد استخدامها هو لأنه قائم على فكرة الخلود الشرقية. كان معرضي الأخير مصممًا مع مزيد من الاعتبارات البيئية. أردت أن أوصل أهمية البيئة المستدامة من خلال التعبير عن شكل الشعاب المرجانية التي تعاني من التبييض، والتي تفقد ألوانها الجميلة بسبب التلوث البيئي.

الصورة توضح إحدى القلادات التي تعبر عن فقدان الشعاب المرجانية للونها بسبب التبييض. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح إحدى القلادات التي تعبر عن فقدان الشعاب المرجانية للونها بسبب التبييض. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


كيف ترين العلاقة بين التقاليد والابتكار في إبداعاتك؟ هل تعتبرين عملك جزءًا من حركة فنية أوسع في كوريا؟

بصفتي فنانة كورية في الحِرَف المعدنية أعمل باستخدام العلب المعاد تدويرها، أرى أن التقاليد والابتكار ليسا قوتين متعارضتين بل عنصرين مترابطين يغني كل منهما الآخر. تركز الحِرَف المعدنية الكورية التقليدية على الدقة والرمزية والاحترام العميق للمواد—وهي قيم أحرص على الحفاظ عليها حتى عند استخدامي لمواد غير تقليدية مثل علب الألمنيوم المهملة. من خلال إعطاء حياة جديدة لشيء غالبًا ما يُتجاهل، أعيد تفسير التقنيات التقليدية من خلال عدسة معاصرة، مما يعكس المخاوف البيئية والجماليات الحديثة. أعتبر عملي جزءًا من حركة متنامية في كوريا تعيد تعريف حدود الحِرَف والاستدامة. المزيد من الفنانين يستكشفون كيف يمكن أن تتطور الممارسات التقليدية استجابة للتحديات الحديثة، وخاصة البيئية. هذا الدمج بين التراث والابتكار ليس مجرد خيار فني، بل هو بيان حول المستقبل الذي نرغب في بنائه—مستقبل يحترم الماضي ويعي الحاضر.

الصورة توضح بعض القلادات التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من مواد معاد تصنيعها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)

الصورة توضح بعض القلادات التي صنعتها الفنانة هان أون سوك من مواد معاد تصنيعها. (الصورة من هان أون سوك وتم أخذ إذن استخدامها)


هل شاركتِ في معارض دولية أخرى؟ كيف يتفاعل الجمهور العالمي مع تصاميمك الصديقة للبيئة والمتجذرة ثقافيًا؟

لقد عُرض عملي في العديد من الدول حول العالم منذ أن تم اختياري كفائزة بجائزة "جوا برشلونة للمجوهرات الفنية والأشياء" في إسبانيا عام 2021. الكثير من الناس يهتمون بالتلوث البيئي ويفكرون في الحاجة لبذل الجهود لحماية البيئة. ردود فعل الناس على عملي كانت جادة جدًا. عندما يرى الناس عملي لأول مرة، ينبهرون بالألوان الجميلة ويبتسمون، لكنهم يصابون بدهشة أكبر عندما يدركون أنه مصنوع من علب الألمنيوم المعاد تدويرها. سأواصل التعبير عن جدية التلوث البيئي من خلال صناعة الحِرَف من المواد الاستهلاكية المهملة.

وأخيرًا، ماذا ترغبين أن تقولي للقراء الناطقين بالعربية الذين يكتشفون الفنون اليدوية الكورية لأول مرة، خاصة تلك التي تمزج بين التصميم الحديث والوعي البيئي؟

جمال الحِرَف لا يتناسب طرديًا مع قيمة المادة. أؤمن بأن حتى الأشياء التافهة لها قيمتها الخاصة. من خلال عملي، آمل أن يدرك الكثير من الناس قيمة الأشياء المهملة والتافهة، ويشاركوا في إعادة استخدامها لحماية الطبيعة الثمينة.

بين عبق التقاليد ونبض الابتكار، تُثبت هذه الفنانة الكورية أن الفن الحقيقي لا يكتفي بالإبهار البصري، بل يحمل رسالة. أعمالها ليست فقط دعوة للتأمل في الجمال، بل نداءٌ عميق لإعادة النظر في علاقتنا مع البيئة، ومع كل ما نعتبره 'تافهًا' أو 'مستهلكًا'. هي دعوة للتقدير، للحفاظ، وللإيمان بأن حتى أكثر الأشياء بساطة يمكن أن تُصبح رمزًا للخلود، حين تمر بين يدي فنان يرى في كل شيء معنى.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.