تظهر الصورة المصممة ’ضحي فريد‘ على يسار الصورة، ويمين الصورة تظهر بعض تصاميمها، بالإضافة إلى عبارة "ضحى فريد في دمج الثقافتين الكورية و العربية من خلال الأزياء." (الصور من ’ضحى فريد‘ وتصميم الثامبنيل:’ريم محمد‘ تم أخذ الإذن لاستخدام الصورة)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية السودانية ريم محمد
الموضة أكثر من مجرد قماش وخيط؛ فإنها تعبير قوي عن الهوية والتراث، بالنسبة للمصممة السودانية ’ضحى فريد‘، بدأت التصميم كهواية شخصية وتطورت لتبدوكمنصة مقنعة لرواية القصص الثقافية؛ في أحدث مجموعاتها ’لونا-بلوم‘ تستكشف ’ضحى‘ فن الدمج بين الثقافات، مستلهمة من بعض جوانب الهانبوك الكوري التقليدي مع الحفاظ على الجماليات العربية؛ في هذه المقابلة تخبرنا عن رحلتها وفلسفة التصميم وأهمية الأصالة والاحترام عند دمج العناصر الثقافية.
تمت هذه المقابلة عن طريق البريد الالكتروني في 7 من شهر مايوعام 2025.
مرحبًا، عرفينا عن نفسك وأخبرينا عن خلفيتك كمصممة؟
اسمي ’ضحى فريد‘، وأنا من السودان أبلغ من العمر 30 عامًا، أنا المؤسسة والمصممة وراء علامة ’ضحى فريد‘؛ بدأت تصميم الأزياء كهواية، لقد كان شيئًا أحببت القيام به ولكن بمجرد أن أطلقت علامتي التجارية ورأيت مدى صدى عملي لدى الآخرين، أدركت مدى شغفي بالموضة لهذا السبب قررت أن آخذ الأمر على مستوى احترافي؛ أدرس حاليًا للحصول على دبلوم في تصميم الأزياء لتعزيز معرفتي ومهاراتي لأنني أؤمن بالتطور المستمر وبذل قصارى جهدي في حرفتي.
ما الذي ألهمك لمتابعة مهنة التصميم وكيف بدأت رحلتك؟
بدأت رحلتي في عام 2018؛ عندما اعتدت تصميم وتفصيل ملابسي الخاصة لأنني لم أستطع أبدًا العثور على قطع تُظهر أسلوبي؛ لطالما انجذبت إلى الموضة الجريئة والفريدة؛ وعندما بدأ الناس يسألون عن ملابسي رأيتها فرصة؛ لهذا السبب قبل عامين قررت متابعة شغفي بطريقة احترافية وتحويله إلى علامة تجارية؛ اليوم أعتبر تصاميمي لأولئك الذين يجرؤون على ارتداء قطع مختلفة، جريئة، أنوثية وفريدة تحتفي بالفردية.
كيف اكتشفت لأول مرة الملابس الكورية التقليدية مثل الهانبوك وما الذي جذبك لها؟
لطالما انجذبت إلى الملابس التقليدية؛ قادني هذا الافتتان لاستكشاف مجموعة مستوحاة من ثقافات مختلفة وكانت كوريا أحد هذه الثقافات، خلال بحثي استلهمت بشكل خاص من الهانبوك؛ وخاصة خط العنق في الهانبوك وجدته أنيقًا، قويًا، ويتماشى تمامًا مع التوازن الذي أسعى دائمًا لتحقيقه في تصاميمي.
قمت أيضًا بدمج حزام مطرز مفصل مستوحى من الهانبوك لإضافة ثراء وعمق للمظهر؛ ما أحببته أكثر هومزج عناصر من ملابس الرجال والنساء الكورية والعربية التقليدية، ثم إعادة تصميمها بطريقة تبدوعصرية وتناسب ثقافتنا كعرب لكنها بالوقت نفسه معبرة.
يتميز هذا التصميم من مجموعة ’ضحى فريد‘ بحزام مطرز بشكل يعكس التراث الكوري ممزوجًا بعناصر مستوحاة من الطراز العربي ليُظهر مزيجًا ثقافيًا. (الصورة من ’ضحى فريد‘ تم أخذ الإذن باستخدام الصورة)
هل قررتي عمدًا مزج الثقافتين العربية والكورية في تصاميمك؟ إذا كان الأمر كذلك ما الذي حفّزك لهذا القرار؟
نعم، لقد صممت المجموعة عن قصد، لطالما آمنت بأنه إذا أعدنا تفسير التصاميم التقليدية عن طريق نظرتنا الثقافية فإن النتيجة ستكون فريدة بشكل لا يصدق؛ كنت مهتمة بشكل خاص بكيف ستبدوالملابس الكورية التقليدية عند تصميمها بعناصر عربية وأردت أن أرى هذا المزيج يتحقق على أرض الواقع وليس فقط في مخيلتي.
كانت عملية المزج بين الثقافتين أكثر إثارة عندما بدأت في دمج عناصر من ملابس الرجال والنساء الكورية التقليدية؛ في البداية ترددت شعرت أنها خطوة جريئة لكنني أدركت أن الجمع بين بعض الميزات من كلتا الثقافتين يمكن أن يجعل التصاميم أكثر عملية ومناسبة ثقافيًا لنا كعرب؛ لقد كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر بعض الشيء لكن النتيجة كانت جميلة فحافظت على روح التقاليد الكورية مع خلق شيء يُعبر عن هويتنا الراقية والقوية.
تُظهر هذه القطعة التصميم الأنيق والأنسيابي الذي يُرى في الهانبوك ولكن مترجمة لتصميم عصري يتماشى مع الروح الثقافية للثقافة الكورية والعربية. (الصورة من ’ضحى فريد‘ تم أخذ الإذن لاستخدام الصورة)
ما هي العناصر الكورية التقليدية التي تدمجينها في تصميماتك، ولماذا هي مهمة بالنسبة لك؟
الاحترام هودائمًا في صميم عمليتي الإبداعية؛ قبل أن أصمم أقضي الكثير من الوقت في فهم تاريخ ، رمزية، وأهمية العناصر الثقافية التي استلهم منها، أركز على التقاط روح العنصر بدلًا من مجرد نسخ الشكل؛ ثم أعيد تفسير هذه الأفكار من منظوري الخاص وأكيفها بطريقة تبدوعصرية وقابلة للارتداء وصادقة لهدفي؛ أهدف لابتكار قطع تكرم الماضي ولكنها تتحدث بثقة إلى عالم اليوم.
ما الذي جذبك تحديدًا إلى الثقافة الكورية كمصدر إلهام لمجموعتك ’لونا- بلوم‘؟
لقد انجذبت على نحوخاص إلى أنماط خطوط العنق في الهانبوك أعدت تصور تلك الخطوط الأنيقة من خلال قصات بسيطة وأقمشة عصرية؛ مما أدى إلى ابتكار قطع تُظهر القوة والأناقة بصورة عصرية قابلة للارتداء.
هل هناك أي مصممون أوعلامات كورية أثرت في تصاميمك الإبداعية؟
نعم، وجدت الإلهام في مصممين مثل ’مينجو-كيم‘ التي تمزج بمهارة بين التقاليد الكورية والموضة الحديثة؛ لقد لاقت قدرتها على إعادة تصميم العناصر الثقافية بطريقة جديدة وفنية صدى حقيقي بالنسبة لي.
هل رأيت قيمًا مشتركة بين الثقافتين الكورية والعربية في أثناء العمل على تصاميمك؟
بالتأكيد، هناك مزيج فريد بين البساطة الكورية والأناقة العربية؛ فكلتا الثقافتين تقدران التفاصيل الدقيقة والرقي الخفي؛ وهذا ما حاولت أن أعكسه في عملي.
كيف تمزجين بين العناصر الكورية والعربية في تصميم واحد؟
ركزت على خلق توازن بين هيكل التصميم والرقة، استخدمت أشكال الهانبوك المستوحاة من الثقافة الكورية وطابقتها مع خياطة وأقمشة حديثة تُظهر الأناقة الكورية والعربية؛ كان من المهم لي أن تبدوالقطع النهائية ذات أساس ثقافي وقابلة للارتداء عالميًا.
يعكس عملك مزيجًا ثقافيًا من مختلف الهويات الثقافية، كيف تتعاملين مع دمج هذه العناصر مع الحفاظ على أصلها الثقافي؟
هذا الاندماج الثقافي كان خاصًا بمجموعتي الأخيرة ’لونا-بلوم‘ المستوحاة من عناصر كورية عربية تقليدية؛ كانت هذه المرة الأولى التي استكشف فيها هذا النوع من العناصر الثقافية وأنا استمتع بتجربته من حين لآخر.
عندما أدمج العناصر الثقافية فأنا لا أصممها تمامًا كما هي؛ بل آخذ الأجزاء التي تلهمني؛ سواء كان خط عنق أوتفصيلًا آخر؛ ثم أُعيد تصميمها بطريقتي الخاصة؛ من المهم لي أن تظل تصميماتي ذات صلة بجمهوري أريدهم أن يشعروا بالارتباط بالقطع وأن يشعروا كأنها صُنعت من أجلهم.
هذه القطعة بين الإلهام الكوري وجماليات العناصر الثقافية العربية، يظهر شكل الحزام كرمز للثقافة الكورية التقلدية بينما يُظهر التصميم هوية عربية متميزة. ( الصورة من ’صحى فريد‘ تم أخذ الإذن لاستخدام الصورة)
هل يمكنك أن تشرحي لنا خطوات تصميمك بدءًا من الفكرة حتى القطعة النهائية؟
تبدأ تصاميمي دائمًا بموضوع أوفكرة تلهمني؛ بمجرد اختيار الموضوع أبدأ العمل على كتاب بحثي؛ هذا جزء أساسي في هذه المرحلة وعادة ما يستغرق معظم الوقت؛ يتضمن هذا الكتاب كل الذي احتاج إليه لتصميم المجموعة: مراجع، صور مختلفة للتصاميم، ألوان، مقالات، نصوص ثقافية، وما إلى ذلك؛ أقوم أيضًا بتضمين خيارات الألوان في هذا الكتاب هذه لطريقة تساعدني في ترسيخ الأفكار.
بعد ذلك أنتقل لاختيار الأقمشة ومن ثم القَصَّات وبدأ التنفيذ الفعلي للتصاميم؛ هنا تبدأ المجموعة في التجسد والظهور؛ بمجرد أن تصيح القطع جاهزة، أنتقل لجلسة التصوير الذي يكون خطوة مهمة جدًا إنها تساعدني على إكمال الرؤية.
أود أيضَا أن أسلط الضوء على أنه بالرغم من أن الكثير من الناس يربطون عملي بالتأثيرات الثقافية التي أستلهم منها بالتأكيد إلا أنني أيضًا استوحي بعض تصاميمي من الطبيعة.
’ضحي فريد‘ توضح المراحل الأولى من مراحل تصميماتها الإبداعية. ( الصورة من ’ضحى فريد‘ تم أخذ الإذن لاستخدام الصورة)
برأيك ما الذي يجعل أسلوبك في التصميم متميز في مشهد الموضة اليوم؟
ما يجعل تصاميمي فريدة هوالقِصة المقصودة وراء كل مجموعة، أنا لا أصمم من أجل الجماليات فحسب؛ تبدأ كل قطعة بمفهوم قوي أبنية من الصفر عن طريق بحث عميق؛ تتضمن تصاميمي تطوير كتاب بحثي كامل ممتلئ بالأفكار، المقالات، الألوان، القوام، والتركيبات التي تُظهر الغرض من التصميم؛ هذا الأساس يسمح للتصاميم بحمل هوية، ورسالة واضحة.
شيء آخر يميز عملي هوكيف أوازن بين القوة والأنوثة، وهما صفتان لا تظهران دائمًا معًا في الموضة، تمزج تصميماتي بين الجرأة والأنوثة مما يخلق تصميمات معبرة.
كيف استجاب الجمهور العربي أوالكوري لتصميماتك؟
لم تتح لي الفرصة بعد للتعرف حقًا على السوق الكوري، لكني آمل أن يراها الجمهور الكوري الذي قد يرى عناصر ثقافية مألوفة في تصميماتي؛ ما زلت في بداية رحلتي كمصممة لكني آمل أن يكتشفوا عملي يومًا ما.
بالنسبة للجمهور العربي خاصة في منطقتي أشعر أن البعض لا يزالون مندهشين من تصميماتي، ليس الجميع؛ لكن جزءًا من الجمهور يجد أسلوبي مختلفًا عما اعتادوعليه؛ لهذا السبب أيضًا أحاول في كل مجموعة تضمين قطع أكثر سهولة في التناول والارتداء بحيث يشعر المزيد من الأشخاص بالراحة عند تجربة شيء جديد دون الخروج كثيرًا عن منطقة الراحة الخاصة بهم؛ يتعلق الأمر بالعثور على التوازن بين البقاء وفيه لرؤيتي وإتاحة مساحة للناس للتواصل تدريجيًا معها.
كيف تصفين تصميم الأزياء الناجح الذي يدمج بين الثقافات المختلفة وما هي آمالك لمستقبل هذا النوع من الاندماجات الثقافية في صناعة الأزياء؟
بالنسبة لي التصميم الناجح الذي يمزج بين الثقافات هواستلهام العناصر باحترام من ثقافات مختلفة دون تحويلها إلى زي تنكري؛ يتعلق الأمر بفهم المعنى الأعمق وراء العناصر التي تستلهم منها ثم إعادة تصميمها بطريقة عصرية ودقيقة. أعتقد أن الاندماج ينجح بشكل أفضل عندما لا يكون قسريُا وعندما يكون لدى المصمم خلفية حقيقة بالفكرة ويتم ذلك بحذر وليس فقط من أجل الجماليات؛ يجب أن يكون التصميم بمنزلة حوار بين الثقافات وليس استيلاء عليها.
بالنسبة للمستقبل آمل أن تستمر صناعة الأزياء في الانفتاح على المزيد من الاندماجات الصادقة والإبداعية وليس مجرد مزيج سطحي للأنماط، بل تصميم عميق ومدروس.
هل لديك خطط مستقبلية لإنشاء المزيد من التصاميم المستوحاة من الثقافة الكورية؟
بالتأكيد، أنا مهتمة باستكشاف مجموعة مخصصة مستوحاة من الثقافة الكورية في المستقبل؛ أعتقد أن هناك إمكانات هائلة في ربط الثقافتين عن طريق الموضة بطريقة محترمة وممكنة.
ما النصيحة التي تقدمينها للمصممين الناشئين المهتمين باستكشاف الهوية الثقافية من خلال ممارستهم التصميم؟
نصيحتي هي أن تأخذوا وقتكم في رحلتكم عند العمل مع الهوية الثقافية، من المهم التعامل معها باحترام، أصالة، وبحث عميق؛ لا تستعجلوا واستكشفوا إلهامات مختلفة، وافهوا المعنى الكامن وراء الثقافة التي تستمدون منها؛ والتزموا دائمًا بهدفكم كمصممين لا تخافوا من مزج عناصر مختلفة؛ يمكن أن تكون الثقافة أساسًا قويًا لكن لمستكم الشخصية هي ما سيجعل التصميم فريد؛ كونوا صبورين أيضًا بشأن كيفية تفاعل الناس مع عملكم في بعض الأحيان يستغرق الأمر وقتًا حتى يفهم الآخرون ويقدرون شيئًا جديدًا؛ ابقوا ثابتين.
إن نهج ’ضحى فريد‘ المدروس في دمج الثقافات هوتذكير بأن الإبداع يزدهر عند الاحترام، الجماليات، والصوت الشخصي؛ لا تعيد تصميمات ’ضحى‘ الجماليات التقليدية في أشكال عصرية فحسب، بل تدعوأيضًا إلى محادثات هادفة عبر الثقافات؛ بينما تواصل ’ضحى‘ تطوير تصميماتها تظل ملتزمة بتكريم التراث مع تبني وجهات نظر جريئة، جديدة وملهمة جيل جديد من المصممين لفعل الشيء نفسه بعناية وثقة.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.