على اليمين لقطات من عرض ’كان الشتاء الماضي قارسًا‘ الراقص ضمن فقرات عرض ’الربيع، من جديد‘- الصور من أمنيه أمير وعلى اليسار الملصق الدعائي للعرض من صفحة ’شبكة فناني مصر‘ على انستجرام- التصميم من أمنيه أمير
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية أمنيه أمير
في الـ11 من يناير الجاري قدمت ’شبكة فناني مصر‘ الكورية عرض الفنون المتعددة ’الربيع، من جديد‘ بالتعاون مع فنانين مصريين على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة.
انقسم العرض لـ5 أجزاء كل منها يعبر عن فصل من فصول السنة، بدأت بفصل الربيع مرورًا بباقي الفصول وانتهت عند الربيع مرة أخرى كما بدأت.
تضمن العرض رقصة معاصرة بعنوان ’كان الشتاء الماضي قارسًا‘ من تصميم وتصوير ’كيم كارما‘ عضوة الشبكة والمدير الفني للعرض بمشاركة الراقصَين المصريين ’روبير عطية‘ و’ساندرا سعد‘.
جذب عرض الرقص انتباهي لتنوع تفاصيله وقوة رسالته مما دفعني إلى إجراء حوار نتعرف من خلاله أكثر على مصممته والمدير الفني للعرض ’كيم كارما‘.
’كيم كارما‘ خلال تأديتها للعرض وفي الخلفية العمل الفني البصري لـ’لي هيه-يون‘- الصورة من أمنيه أمير
سيدة ’كارما‘ مرحبًا بك في ’كوريا نت‘. هلّا تعرفين القراء بنفسك وحياتك بمصر، ولِم اخترتِ ’كارما‘ بالتحديد ليكون اسمكِ العربي؟
أنا راقصة معاصرة ومصممة رقصات درست الرقص والمسرح في كوريا. أعمل حاليًا كمديرة رقص في مركز ’أوستوري‘ الفني وشركة ’أوستوري‘ للرقص في مصر. كما أنني أحد مؤسسي ’شبكة فناني مصر‘ حيث أقود مشاريع فنية مختلفة.
أتيت إلى مصر عام 2011 وبدأت مسيرتي المهنية كراقصة معاصرة ومصممة رقصات. تتمتع مصر بتاريخ غني وتراث ثقافي عميق، ورأيت إمكانات كبيرة للنمو في مجال الرقص المعاصر هنا.
اسم ’كارما‘ يعني "كرمة العنب" باللغة العربية، ويرمز إلى الكرمة المثمرة. اخترت هذا الاسم لأنني آمل أن أحمل ثمار الفن والإبداع في هذه الأرض.
أنا و’كيم كارما‘ بعد العرض- الصورة من أمنيه أمير
حدثينا عن دوركِ في ’شبكة فناني مصر‘.
أعمل كجسر بين الفنانين المحليين المصريين والكوريين، مما يتيح لهم استكشاف نفس القصة من خلال وجهات نظر وأساليب مختلفة. أعتقد أنه برغم صعوبة إحداث تأثير بمفردك، إلا أن مجتمع الفنانين الذين يعملون معًا يمكنه تقديم رسالة قوية. وُلدت الشبكة من الاعتقاد بأن التعاون بين الفنانين يمكنه تجاوز الحدود وإشعال الإبداع.
حدثينا عن ’أوستوري‘.
أردت الجمع بين حبي للتراث الثقافي المصري والرقص المعاصر والمسرح لخلق نوع جديد من الرقص المعاصر. يعمل المركز كمساحة حيث يمكن للفنانين والطلاب الإبداع والتعلم والتعاون بحرية. بدأت المشروع على أمل المساهمة في نمو الرقص المعاصر في مصر.
عنيت بكلمة ’أوستوري‘ "قصتك الخاصة لتصبح قصة خاصة بك" (أي بالانجليزية "يور أون ستوري"). في حين أن لكل شخص قصته الخاصة، أردت أن يوفر المركز لحظة تحويلية حيث تتطور القصص الشخصية إلى شيء رائع. يعكس الاسم رؤية إنشاء مساحة تلهم التغيير والإبداع.
أتعاون مع فنانين محترفين ومبتدئين في مصر. يتضمن كل مشروع دعوة مفتوحة واختبارات لاختيار المشاركين الذين يناسبون احتياجات المشروع بشكل أفضل. أعمل مع أفراد متحمسين لنموهم وتطورهم في الفنون، مع التركيز على أولئك الذين ينتقلون من الهواة إلى المحترفين.
على الرغم من تدريس الباليه وفنون الرقص المعاصر بمصر ووجود راقصين مصريين دوليين، إلا أنها للأسف نادرة والكثير من العامة لا يقدرونها. ألم يقلقكِ هذا عندما بدأت مشروعكِ؟
العديد في مصر متحمسون بشدة للباليه والرقص المعاصر. عندما أدرت برنامج باليه للكبار، رأيت حرص الناس على الانخراط في الرقص، مما يثبت وجود طلب قوي.
حتى غير المحترفين الذين لديهم تركيز وشغف كافيين يمكنهم التدريب للوصول إلى مستويات احترافية. أظهر لي التعاون مع الراقصين وطلاب الرقص المعاصر المحليين كيف يمكن لإبداعهم وحماسهم الفريدين إثراء المشاريع. يعمل العديد من الفنانين هنا في وظائف متعددة لتحقيق شغفهم، وغالبًا ما يؤدي تفانيهم إلى تآزر لا يُصدق أثناء العروض والتدريبات.
في ’الربيع، مرة أخرى‘ كان عرضكِ الراقص ثريًا ومدهشًا، كم تدربتم؟ وما هو أصعب ما واجهتموه خلال التدرب وتصميم الرقصة؟ ولِم اخترت اللون البني للأزياء؟
حمل العرض الراقص عنوان ’كان الشتاء الماضي قارسًا‘، حيث تناول موضوعات الألم والفوضى والحرب. وركزت الرقصة على الدورة المفرغة للضحايا والجناة والمتفرجين في أوقات الصراع.
كانت الرسالة هي كسر هذه الدورة من خلال فهم أن أي شخص يمكن أن يصبح مرتكبًا أو متفرجًا. ودعت إلى التضامن والعمل لوقف هذه الدورة. ترمز الأزياء ذات اللون البني إلى الأرض والمعاناة والحقائق القاسية للحرب.
تدربت و’ساندرا‘ و’روبير‘ لأكثر من 6 أشهر بمعدل 3 إلى 4 أيام في الأسبوع. كانا مصدرًا هائلاً للتشجيع، مشاهدة نموهما وتطورهما إلى راقصين استثنائيين أمر مجزٍ. كانت عملية التدرب وإنشاء الرقصة معهما، بجانب إكمال الأداء معًا، ذات مغزى عميق. انعكس الجهد والتفاني في التحضير على الأداء، وكنا محظوظين بتقديم رقصة أكثر استثنائية مما تخيلنا. شعرت أن مشاركة تلك اللحظة معهما بمثابة هدية ونعمة حقيقية.
كان إنشاء الرقصة أشبه بتجميع قطع أحجية. تحتوي الرقصات المعاصرة على تلميحات ورموز خفية قد يصعب على الجمهور تفسيرها. كمصممة رقصات، دوري هو جمع هذه القطع معًا لسرد قصة متماسكة. وبينما كانت عملية صعبة، وجدت إشباعًا هائلاً في مشاركة هذه الرسائل مع الجمهور.
الراقصون ’كيم كارما‘ و’روبير عطية‘ و’ساندرا سعد‘ والمدير التنفيذي للعرض ’سون إين-أوك‘ قبل العرض - الصور من صفحة ’أوستوري‘ على انستجرام بموافقة من ’كيم كارما‘ - التصميم من أمنيه أمير
إلامَ يرمز الشريط المطاطي المستخدم في الرقصة؟
يرمز الشريط المطاطي إلى الاتصال والقيد في استحضار ذكريات الطفولة الدافئة. في رقصتنا، هدِفنا إلى دمج الإلهام المستمد من ألعاب الطفولة في الرقص المعاصر. مثلًا، يستمتع الأطفال المصريون بلعبة يصفقون فيها بأيديهم أثناء النقر على الأرض، وفي كوريا، اعتاد الأطفال على اللعب بالشريط المطاطي. لم يكن الشريط المطاطي مجرد لعبة؛ بل شيئًا عزيزًا يرمز إلى الاتصال والترابط بين الأطفال.
في عرضنا صورنا أطفالًا يلعبون بمرح رغم الألم والصعوبات، ونقلنا رسالة مفادها أنه حتى في خضم الحرب أو الظروف الصعبة، يجب تذكر دفء وبراءة الطفولة والتمسك بالأمل في المستقبل.
’كيم كارما‘ و’روبير عطية‘ و’ساندرا سعد‘ خلال تأديتهم للرقصة باستخدام الشريط المطاطي وفي الخلفية العمل الفني البصري لـ’لي هيه-يون‘- الصورة من أمنيه أمير
الراقصون الثلاث خلال تدربهم على العرض- الصور من صفحة ’أوستوري‘ على انستجرام بموافقة من ’كيم كارما‘ - التصميم من أمنيه أمير
رأيت من الفيلم أثناء العرض أنكِ سينمائية بارعة، كيف تعلمتِ ذلك؟ أتفكرين في إضافة التصوير السينمائي إلى أنشطة ’أوستوري‘؟
الفيلم المعروض هو مُقتطف من عملي الذي وصل لمهرجان ’بريكينغ وولز 2024‘ السينمائي يلخص بداية عرضنا. علمتني خلفيتي في المسرح والسينما في مرحلتيّ الثانوية والجامعة أهمية سرد القصص من خلال المسرح والشاشة. أؤمن بإنشاء أعمال تثير الفرح والحزن والألم والبهجة لدى المشاهدين.
تخطط ’أوستوري‘ لإنتاج مزيدًا من أفلام الرقص والتعاون مع خبراء الأفلام لاستكشاف إمكانات الجمع بين الرقص والسينما.
لقطة من الفيلم- الصورة من أمنيه أمير
ملصق مشاركة الفيلم في مهرجان ’بيركينغ وولز 2024‘ و’كيم كارما‘ خلال مناقشة الفيلم في المهرجان- الصور من صفحة ’أوستوري‘ على انستجرام بموافقة من ’كيم كارما‘ - التصميم من أمنيه أمير
بصفتكِ المدير الفني للحدث، حدثينا عن دوركِ والتحديات التي تغلبتي عليها.
واجهت تحدي توحيد الأشكال فنية كالرقص والموسيقى والفنون البصرية والتمثيل في سرد متماسك حول فصول الحياة. التعاون مع فنانين مختلفين لمواءمة رؤاهم، واختيار الموسيقى، ودمج الفنون البصرية، ونسج قصة الراوي في الأداء تطلب تنسيقًا مكثفًا. أضافت المسؤوليات الإدارية التي يتحملها الفنانون أنفسهم مزيدًا من التعقيد.
تغلب فريقنا على التحديات من خلال تعزيز التواصل المفتوح والتعاون القوي. حددنا الأدوار والمسؤوليات مع إشراك الجميع في صنع القرار، مما عزز وحدتنا كفريق.
أدارت مديرتنا ’سون إين-أوك‘ المهام الإدارية والترويجية بكفاءة وتفوقت في اختيار وتقديم السرد. وبذلت الفنانة البصرية ’لي هيه-يون‘ جهدًا مذهلًا بتقديم فنون الوسائط المتعددة التي تضمنت لوحاتها الفنية، الأمر الذي زاد من التوقعات بشأن الأنشطة القادمة لنا. وتضمنت أعمالها الإبداعية لوحات للأهرامات وأخرى على خلفية الفيوم في مصر. أشيد بتحدياتها الجميلة والفنون الإعلامية التي ابتكرتها.
وبذل المدير الفني ’تشوي دانييل‘ أيضًا جهدًا عظيمًا لضمان عمل الإضاءة والصوت والشاشات بمثالية.
وتدرب الموسيقيون الكوريون كـ’سونغ أون-يونغ‘، و’يو جريس‘، و’هو يو-جين‘ و’سونغ جين-ري‘ بجدية لمقطوعاتهم المنفردة والتعاونية.
المؤدون يحيون الجمهور- الصورة من أمنيه أمير
صور لي مع ’سون إين-أوك‘ و’كيم كارما‘ و’لي هان-نا‘ و’يو جريس‘ وسونغ أون-يونغ‘- الصور والتصميم من أمنيه أمير
ما مشاريعكِ القادمة؟
تخطط الشبكة ورش عمل وعروض متنوعة تشمل التعاون في الموسيقى الصوتية والبيانو والفنون البصرية. وتتضمن المشاريع الأغاني الكورية وفنون الوسائط والمعارض. كما نعمل على مشاريع متعلقة بالرقص كورش العمل للمبتدئين وما قبل المحترفين وورش العمل الحركية للممثلين والعروض. تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز التبادل الثقافي والتعاون.
بِم تحلمين؟
أحلم بأعمال تعاونية بين فنانين من كوريا ومصر وخارجها واستكشاف إمكانيات فنية جديدة من خلال جمع الرقص والموسيقى والفنون البصرية والأفلام. أريد إنشاء أعمال تنقل رسائل قوية من خلال التعاون متعدد التخصصات. ولتحقيق هذا، أتمنى فرص أكثر للعمل مع فنانين مصريين والمشاركة في مشاريع كالأداء في مساحات العرض أو تجربة أشكال إبداعية جديدة.
نصيحتكِ لمن يحلمون بأن يصبحوا راقصين معاصرين؟
أوصي بالتركيز على الباليه. يتميز الراقصون المصريون بالعاطفة والقدرة على التعبير بشكل لا يصدق، ولكن إتقان تقنيات الباليه سيساعدهم على صقل قدراتهم البدنية وتعزيز قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم بشكل فعال.
في نهاية المقال أشكر ضيفتنا على وقتها وتعاونها في كتابة هذا المقال. سعدت وتشرفت كثيرًا باستضافتها.
مجهوداتها كفنانة كورية في مصر هي شرف عظيم لنا. أتمنى تغطية أعمالها القادمة.
إلى اللقاء في تجارب ومقالات جديدة!
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.