بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية أمنيه أمير
كان المركز الثقافي الكوري بمصر قد أعلن في السابع من نوفمبر عن حدث ’ليالي السينما الكورية‘ والذي يقام بسينما ’فوكس‘ بسيتي سنتر ألماظة بالقاهرة، ويستمر لأربع ليالي من الحادي والعشرين من نوفمبر وحتى الرابع والعشرين من نوفمبر. على أن يتم فتح باب استلام التذاكر من مقر المركز الثقافي الكوري بالدقي بداية من الحادي عشر من نوفمبر وحتى نفاد التذاكر وألا يزيد عدد الأفلام المسموح بها للمشاهد عن فيلمين فقط مع إمكانية استلام تذكرة لمرافق واحد فقط لكل فيلم من الفيلمين اللذَين يختارهما المشاهد.
تجدون الأفلام المعروضة في الصورة التالية.
لا يقتصر الحدث على عرض الأفلام فقط، بل إنه يشمل أيضًا لقاءات مع أربعة مخرجين لأربع أفلام من الأفلام المعروضة. حيث أن الفيلم المسائي يتبعه لقاء مع مخرجه يجيب فيه على أسئلة الحضور ويشاركهم تجربته خلال التصوير.
ليس ذلك فحسب، فبعد اللقاء يقام سحب على أرقام تذاكر الحضور لتقديم جوائز قيمة وهو سماعة ’إل جي‘ و’سامسونج جالاكسي آير بادز‘ وبوسترات للفيلم المعروض يحمل توقيع مخرج الفيلم.
قمت بحجز لفيلمي ’كونكريت يوتوبيا‘ -وهو فيلم الافتتاح- و’النوم‘ والذي يُعرض ثالث أيام الفعالية لي ولقريبتي كمرافق لي حتى يتسنى لنا حضور لقاء مخرج كل منهما بعد الفيلم. بالنسبة لفيلم ’سو-هي التالية‘ فقد حضرته بعد انضمامي لقائمة الانتظار قبل بدء الفيلم فتمكنت من مشاهدته. وأما فيلم الختام ’دكتور تشون والتعويذة الضائعة‘ فقد حضرته كمرافقة لأحد الأصدقاء.
حضر حوالي مئة شخص لكل فيلم.
وإليكم تفاصيل تجربتي.
يوم الافتتاح ألقى مدير المركز الثقافي الكوري السيد ’أوه سونغ-هو‘ كلمة الافتتاح حيث قال "كانت هذه الفعالية فرصة رائعة لتأكيد اهتمام الجمهور المصري الكبير بالسينما الكورية. سنعمل مستقبلًا على تقديم برامج وفرص متنوعة لتمكين المزيد من الجماهير من الاستمتاع بالسينما الكورية." تلي الكلمة ترحيب المخرجين بالحضور والتعبير عن حماسهم لمشاهدة أفلامهم تُعرض خارج كوريا وخاصة للجمهور المصري المعروف بحبه للفن وحسه الإبداعي. صحبتهم البروفيسورة ’هان سون-هي‘ التي أشرفت على اختيار الأفلام والتواصل مع المخرجين لاستضافتهم خلال الفعالية وعبرت كذلك عن سعادتها لتحضيرها لهذه الفعالية للعام الثاني على التوالي.
عُرض فيلم الافتتاح ’كونكريت يوتوبيا‘ المستوحى من ويبتون ’الانعزال الجيد‘ -وهو ثاني أفلام المخرج ’أوم تاي-هوا‘- عن زلزال دمر جميع مباني المدينة عدا مبنىً سكنيًا واحدًا رفض سكانه إيواء أي غرباء عنهم حرصًا على مواردهم. عرض الفيلم الصراعات الداخلية للإنسان بين صراعه من أجل البقاء وإنسانيته تجاه الآخرين فكان مؤثرًا ومحيرًا يجعلك تتساءل، هل حقًا تنهار المبادئ من أجل البقاء؟ ماذا لو كنت محلهم؟
بعد انتهاء الفيلم عُقدت جلسة مع المخرج حول الفيلم استعرض فيها نقاطًا هامة ومنها اختيار أن تدور أحداث الفيلم في فصل الشتاء لأن ضبابيته وبرودته القاسية ستضفي جوًا مأساويًا للأحداث. ولكن المفاجأة هي أنه بالرغم من أننا شاهدنا بالفعل أن الأحداث تدور في فصل الشتاء، فقد كان التصوير فعليًا في فصل الصيف. الأمر الذي شكّل مصدر قلق للمخرج لأن الممثلين اضطروا لارتداء ملابس ثقيلة وتمثيل مشاهد صعبة بها في هذا الجو الحار مما قد يسبب لهم الإعياء والتعب لدرجة أنه خصص سيارة إسعاف للممثلين في موقع التصوير، وأنه بعد الانتهاء من المشهد يخلع الممثلون فورًا الملابس الثقيلة فيجدونها تقطر ماءً من شدة تعرقهم.
كذلك استخدم المؤثرات البصرية لإظهار البخار الذي يخرج من فمهم من شدة البرد ليخرج العمل صادقًا في جميع تفاصيله.
أظهر كذلك الفيلم اسقاطات مجتمعية كثيرة من خلال فكرة المبنى الصامد الذي حوله سكانه إلى المدينة الفاضلة من وجهة نظرهم ومع ذلك فقد ظهرت الطبقية واستغلال المكانة في هذا المجتمع الصغير للحصول على نصيب أكبر من الزاد.
كنت قد سألت المخرج كيف تدرب الممثلون على إخراج هذا الكم من المشاعر المختلطة وكيف تمكنوا من الخروج من الحالة والعودة لحياتهم الطبيعية. وكان رده أن لكل ممثل طريقته الخاصة به التي لا يدري عنها أحد. وسألته أيضًا إذا ما يمكن توزيع الأفلام الكورية وعرضها في دور العرض المصرية وتقديم نسخ مدبلجة منها لتخطي حاجز اللغة. فرد قائلًا إن لهذا الشِق متخصصيه وعليّ فقط البحث والتواصل معهم، وأنه بالفعل شهد بنفسه على فضول الشعب المصري تجاه السينما الكورية وهو كذلك لديه فضول تجاه السينما المصرية بعد لقائه بعدة مخرجين مصريين، ويرى في هذا الحدث فرصة عظيمة لبداية التبادل السينمائي بين البلدين.
في اليوم الثاني عُرض في الفترة المسائية فيلم ’سو-هي التالية‘ -وهو ثاني أعمال المخرجة ’جونغ جو-لي‘ الذي يدور حول حادثة انتحار طالبة تعمل كموظفة خدمة عملاء ضمن برنامج التدريب الميداني لطلبة المدارس الثانوية، تعاني من استغلال الشركة لها وعدم صرف مستحقاتها لكونها طالبة والعمل في بيئة عمل سامة خوفًا على تقييمها المدرسي خلال البرنامج.
تعاطفت مع البطلة لكوني مررت بتجربة العمل كموظفة خدمة عملاء في بيئة عمل منفرة فتفاعلت مع الفيلم وتأثرت به.
بعد الفيلم بدأت الجلسة الحوارية مع المخرجة التي فاجأت الحضور بأن الأحداث حقيقية، وأنه على الجانب المشرق بفضل الفيلم تم تشريع قانون لحماية الطلبة وتوفير بيئة عمل صحية لهم طوال فترة تدريبهم الميداني. كذلك صدر قرار بأحقية موظف خدمة العملاء في إغلاق الخط في وجه العميل في حالة تحرش العميل به أو إهانته. تمنت المخرجة كذلك أن تُسن قوانين أكثر صرامة تجاه الشركات التي تؤذي موظفيها. وتمحورت الأسئلة حول تفاجئ الحضور بواقعية القصة.
في اليوم الثالث حضرت فيلم ’النوم‘ - أول أعمال المخرج ’يو جاي-سون‘- والذي يدور حول اضطرابات السير أثناء النوم والتعامل معه على الصعيدين الطبي وأساليب الشامان. قبل الفيلم كنت صادفت المخرجين بالقرب من السينما فأخذت توقيعهم وبعض الصور معهم. شعرت أنني محظوظة حينها وسعدت بترحيبهم بي.
على الرغم من أنه أول أفلام المخرج إلا أنه من بطولة ممثلَين مخضرمين وهما ’جونغ يو-مي‘ و’لي سون-كيون‘ وهو ما دفعني لسؤال المخرج كيف أقنعهما بالعمل تحت قيادته في أول أعماله. فأجاب بأنه خلال اجتماع التحضير للفيلم قال للمنتج إنه يتمنى العمل معهما ولكنه متردد بسبب الميزانية وخوفًا من رفضهما. فقرر المخرج إرسال السيناريو لهما وترك القرار لهما، وحين قرآه، تواصلا وقررا قبوله معًا لأنه أعجبهما ولأنهما اتفقا سابقًا على التمثيل معًا حين تسنح الفرصة. وفي أول اجتماع لهما مع المخرج ظن المخرج أنه سيترجاهما ليعملا معه لكنه تفاجأ بترحيبهما بالعمل. خلال التصوير كانا في غاية الاحترافية وساعداه بتوجيه النصائح والترحيب بإعادة المشهد عدة مرات ليظهر بأفضل صورة.
أثار فضولنا جميعًا المشهد الأخير والنهاية المفتوحة لانقسام الحضور بين رأيين (لن أحرق الأحداث لكم)، وكان هذا سؤالي الثاني، الذي أجاب عليه قائلًا إنه حتى في كوريا انقسمت الآراء وهو المقصود لكي يطلق العنان للمشاهد ويظل الفيلم محفورًا في ذاكرته بسبب حيرته تجاه تفسير النهاية.
أثار كذلك المخرج نقطة هامة خلال تصوير مشهد أكل البطل للحم وبيض نيئين، أنهما حقيقيان وقام البطل بتصويره عدة مرات ليخرج بشكل مثالي، مما جعل المخرج في حالة خوف على الممثل ممزوج بالامتنان له. لذا كان حريصًا على الانتهاء من المشهد بسرعة.
وفي يوم الختام، حضرت فيلم ’دكتور تشون والتعويذة الضائعة‘ أول أفلام المخرج ’كيم سونغ-شيك‘. كان الفيلم من فئة الفانتازيا الممزوجة بالكوميديا والغنية بأساطير الشامان. ذكر المخرج أنه ركز على الأشباح التي تسكن أجساد البشر.
وذكر أنه كان ضمن طاقم إخراج فيلم ’باراسايت‘، لذا قرر إظهار الممثلَين اللذين قدما دور الخادمة الفقيرة وزوجها المحبوس في القبو في بداية فيلمه كزوجين ثريين لأنه بعد فيلم ’باراسايت‘ ظل يفكر في تقديم نهاية سعيدة للشخصيتين فقرر تعويضهما في فيلمه. ذكر كذلك أن أصعب ما في تصوير الفيلم هو الاستيقاظ باكرًا لتصوير مشاهد في فترة الفجر وأنه لأول مرة أصبح المخرج فبالتالي جميع الأسئلة توجه له، وأنه اضطر لتفويت مباراة بين فريق 'محمد صلاح' وفريق 'سون هينغ-مين'. وأضاف أنه في حال تصوير جزء ثان للفيلم سيقوم بتصويره في مصر. في النهاية قام المخرج بسؤال الحضور إذا ما شهدوا أمورًا تتعلق بالأشباح، فرد أحدهم بأنه لم يتعرض لذلك لكنه أخذ بعض المعلومات إرضاءً لفضوله.
بعد اللقاء حصلت على توقيع آخر من المخرج وأخذت صورًا جديدة مع بقية المخرجين.
إلى هنا تنتهي تغطيتي للفعالية. أنصحكم بمشاهدة الأفلام ومشاركة آرائكم.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.