بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الجزائرية إيمان بوحنيكة
أسست الشقيقتان كوون يونغ أون وكوون يونغ هيون استوديو “هانجيروم” لفن "الجيهوا", زهور مصنوعة من أوراق “الهانجي”، يهدف استوديو “هانجيروم” إلى الحفاظ على الأزهار البرية وتحسيس الناس حول أنواع الأزهار المهددة بالانقراض، والتعريف بمختلف النباتات المحلية والزهور الفريدة التي تنمو في موطنها كوريا. حرفتهما تتمثل في صناعة زهور من الورق التقليدي الكوري “هانجي” الذي يجسد أصالة التراث الكوري. فن "الجيهوا" ليس مجرد رمزا جماليا بحت؛ بل يتجذر عميقا في التراث الثقافي الكوري ويقدم نظرة عميقة على الحقبة والتطور الاجتماعي الذي صنعت فيه. فيتضمن فن “الجيهوا” قطع فريدة تعكس زخارف الأزهار في فترة “جوريو” والطقوس الملكية الرسمية في حقبة “جوسون”.
بدأت الأختان كوون رحلتهما مع فن "الجيهوا" مستلهمتين من والدتهما التي احترفت فن "الجيهوا" منذ عشرين سنة، بتكوين من أحد رواد فنون صنع الزهور البرية من الورق الهانجي. فنشأت الشقيقتان محاطتان بإبداعات والدتهما، مما جعلهما تنجذبان تلقائيا إلى هذه الحرفة، واستمرتا في الترويج لحرفة فن "جيهوا" و ورق "الهانجي"، ملتزمتين بالتعريف عن هذا الفن لجمهور أكبر.
حيث شاركت الأختان كوون عن طريق استوديو “هانجيروم” في معرض "حديقة من ورق" الذي نظمه المركز الثقافي الكوري في الإمارات من ١٧ يوليو إلى ١٦ أغسطس من هذا العام.
كان لي شرف التحدث مع الشقيقتين كوون من استوديو “هانجيروم” في مقابلة عبر البريد الإلكتروني من الأول إلى التاسع من شهر أكتوبر.
ما هو سر جمالية "الهانجي" و"الجيهوا"؟
تكمن جاذبية زهور الهانجي في التفاصيل الناعمة والظلال الرقيقة التي تتغلغل بين الأوراق. فرغم وجود أزهار ورقية في جميع أنحاء العالم، اخترنا ورق “الهانجي” لأنه مادة طبيعية تعبر عن أصالة الزهور بدون ألوان مفبركة أو ملمس مصطنع. رغم أن ورق “الهانجي” لا يبدو ملفتا للانتباه على الفور، إلا أنه يمتلك جمالًا خالدًا ويمكن أن يحتفظ به لآلاف السنين.
كيف يساهم استوديو “هانجيروم” في الحفاظ على الأزهار البرية المهددة بالانقراض؟
نعيد صنع الأزهار البرية المهددة بالانقراض بقدر كبير من الواقعية، مع التركيز على خصائصها البنيوية الفريدة، ثم نقوم بتحويلها إلى نماذج يمكن استخدامها كعينات تعليمية لبعض المؤسسات والمدارس. نهدف من خلال هذه النماذج الواقعية للأزهار إلى التحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة وتوعية المجتمع بالالتزام للحفاظ على النباتات والأزهار المهددة بالانقراض.
هل يمكنكِ وصف عملية صنع زهور "الجيهوا" بالهانجي، بدءاً من الفكرة حتى النموذج النهائي؟
أولاً، عند توفرالزهور الطبيعية نستعملها كمرجع أساسي فنقوم بتجميع المصادر الطبيعية للزهور مباشرة ونراقبها عن كثب أو، إذا لم تكن الزهور متاحة في موسمها، نستعين بالصور المتوفرة عبر الإنترنت أو بإرشادات من الخبراء. بعد ذلك نصبغ ورق “الهانجي” بألوان تتناسب مع بتلات وأوراق الزهرة، وأحيانًا نكرر عملية الصباغة مرتين إلى ثلاث مرات لغرض الحصول على دقة عالية.
ثم نقوم بقص أشكال البتلات والأوراق بالمقص. بناءً على خصائص البنيوية للزهرة، نستخدم تقنية المكواة الساخنة لإعطائها شكلاً مستديرًا، أو تقنية القص الدقيق للحصول على بتلات حادة الزوايا.
أما التنسيقات بالمزهرية فتتنوع حسب الموضوع أو المفهوم العام للمزهرية أو المعرض، فمثلا في المعارض التي تنظمها المراكز الثقافية الكورية، نقوم بتنسيق المزهرية بإضافة عناصر تقليدية كورية.
هل يمكنكِ شرح تقنية الصباغة الخاصة لإضافة اللمعة النهائية على زهور الهانجي؟
تجعل ملمس الهانجي الناعم والدافئ من الصعب تمثيل الأوراق السميكة واللامعة، مثل تلك الخاصة بأزهار “الأوركيد”. لنتمكن من القيام بذلك، نقوم بإضافة طبقات عدة من الأوراق لإضافة سمك وعمق للبتلات عبر استخدام مادة لاصقة طورناها بأنفسنا، مع تكرار عملية الطلاء عدة مرات للوصول إلى اللمعة المطلوبة. ولأن خيارات الألوان المتاحة للهانجي التجاري محدودة، فنصبغ الأزهار يدويًا لتتناسب مع درجات الألوان لعدة أنواع من الأزهار.
كيف كانت تجربتكِ في معرض "حديقة من ورق" لورق “الهانجي” في الإمارات؟
في البداية، كنا قلقتان بشأن تقديم أعمالنا لثقافة مختلفة، لكننا شعرنا بالامتنان الكبير للتفاعل الحماسي الذي تلقيناه في الإمارات. عرضنا زهرة كوريا الوطنية “موغونغهوا”: زهرة الشارون، وزهرة الصحراء الإماراتية “تريبولوس”، بتنسيق في إناء يشبه القمر، مما جذب انتباه العديد من الزوار. تأثروا برؤية الأزهار البرية الكورية من خلال الهانجي، وانبهروا بالتقنيات التفصيلية التي استخدمناها. كما تضمن المعرض برنامجًا لورشات حرفية تمكن المشاركين من صنع قلم “موغونغهوا” من ورق “الهانجي”، استمتع الزوار بذلك كثيرًا.
كيف كان تفاعل زوار معرض "حديقة من ورق" مع فن “الجيهوا”؟
أعجب الزوار بالهانجي، الورق التقليدي الليفي المصنوع يدويا من شجر التوت أو جذر الكركدية الذي تقدمت كوريا بطلب لليونسكو ليتم الاعتراف به كجزء من التراث الثقافي غير المادي للإنسانية. كانوا سعداء جدا لاكتشاف فن "الجيهوا"، وأبدوا ردات فعل متنوعة، من الدهشة إلى الحماس لاستكشاف هذا الفن من خلال ورشة صنع قلم الزهرة من “الهانجي”.
بينما تحافظون على التقنيات التقليدية، كيف تضيفون لمسات حديثة أو شخصية في حرف الهانجي الخاصة بكم؟
بصراحة، حرفتنا لفن "الجيهوا" لا تتبع التقنيات التقليدية بالتدقيق. الأدوات والأساليب التقليدية تكون صعبة الاستخدام لصنع الزهور البرية الصغيرة والمفصلة، لذا نستخدم ورق "الهانجي" كمادة تقليدية أما التقنيات المستعملة فهي حديثة. نسعى لتجسيد جوهر كل زهرة بواقعية، وترتيبها لإبراز تفاصيلها وتحقيق توازن بين الجماليات التقليدية والمساحات الحديثة.
ما هي الرسالة التي يسعى استديو “هانجيروم” لتحقيقها من خلال زهور "الهانجي"؟
"الزهرة الصغيرة المجهولة التي تتفتح لوحدها في طريق منعزل بعيدًا عن أنظار الآخرين، هي جميلة كما هي." من خلال زهور الهانجي، نرغب أن ننقل فكرة أن جوهر الإنسان الحقيقي تكمن في ذاته وصورته الحقيقية بعيدا عن التصنع، فالإنسان في أجمل صورة له عندما يكون على طبيعته.
هل لدى استوديو “هانجيروم” مشاريع المستقبلية؟
أحد برامجنا القادمة هي المشاركة في معرض "الحرف التقليدية" لعام ٢٠٢٤ في الفترة من ١٢ إلى ١٥ ديسمبر في “كو اكس” بالعاصمة سيول، حيث سنكون جزءًا من قسم الورش الحرفية. ستكون هذه المشاركة الأولى فرصة رائعة لتعريف الجمهور الحاضر بالمعرض بحرفة "جيهوا".
بالإضافة إلى ذلك، نخطط لتوسيع نطاقنا من خلال معارض وأنشطة متنوعة. نقوم أيضا بتطوير مجموعة من المنتجات التي تستخدم الأزهار البرية كمفهوم وتصميم أساسي. منتجات تكون مستوحاة من الطبيعة والأشياء اليومية، حتى يتمكن الناس من اكتشاف زهور "الهانجي" بأشكال مختلفة.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.