بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية إيمان الأشقر
تأسست الجمعية الكورية العربية عام ٢٠٠٨ بالتعاون بين الحكومة الكورية و٢٢ دولة من أعضاء جامعة الدولة العربية، ونتيجة لهذا التعاون نظمت العديد من الفعاليات للتبادل الثقافي والمعرفي بين الدولتين. من ضمن تلك الفعاليات هي حفلات قافلة الصداقة الكورية، تقام تلك الحفلات سنويا في عدة دول عربية وقد استضافت مصر القافلة في دورتها الأولى عام ٢٠٠٩ ثم في عام ٢٠١٦ وأخيرا في عامنا هذا ٢٠٢٤ بتاريخ 12 أكتوبر، وفي هذا المقال سأشارككم تجربتي خلال حضور تلك الفعالية المميزة.
أعلنت السفارة الكورية في مصر عن موعد الحفل قبل حوالي أسبوعين وأتاحت حجز التذاكر بالمجان عبر الإنترنت، تحمست كثيرا لحضور ذلك الحفل ليس فقط بسبب برنامجه المتنوع أو بسبب تعلقه بالثقافة الكورية ولكن لأن إحدى مسارح أكاديمية الفنون التي أنتمي لها سيستضيفه وهي خطوة مهمة في طريق تحقيق التعاون الفني بين مصر وكوريا.
وصلت إلى مسرح سيد درويش قبل موعد الحفل وكعادة الفعاليات الكورية في الفترة الأخيرة كان الحضور هائلا والأجواء حماسية حتى قبل بدأ الفعالية. بدأت الفعالية عند الساعة السابعة مساءا بشرح مقدمة الحفل لبرنامج الفعالية التي احتوت على أربعة عروض مختلفة لفرقة إكسبريشن كرو وفرقة مركز جيندو الوطني للموسيقى الكورية بالإضافة للفرقة المصرية لرقص الكي بوب بيتر سويت ومجموعة إيقاع الكونسرفتوار.
بعدها ألقى علينا معالي السفير الكوري كيم يونج هيون كلمة ترحيبية عبر فيها عن سعادته بالتعاون بين مصر وكوريا وبالتقارب الثقافي والفني بين الشعبين، وعبر عن فخره بإقامة ذلك الحفل على مسرح سيد درويش لأنه أحد الرموز المصرية الهامة وهو رائد الموسيقى العربية الحديثة.
تلى ذلك كلمة لمستشار رئيس أكاديمية الفنون الدكتور حسام محسب، أكد فيها أيضا على أهمية العلاقة الثقافية التبادلية بين مصر وكوريا ورحب بالمدعوين، ثم ألقى رئيس الجمعية الكورية العربية كو جا يول الكلمة الافتتاحية الأخيرة قبل بدأ العروض، وضح فيها أهداف الجمعية الكورية العربية، كما عبر عن أهمية القاهرة وسعادته باستضافتها للقافلة للمرة الثالثة وأعلن عن خطط الجمعية القادمة التي تضم إقامة عروض وحفلات مصرية داخل كوريا.
بدأ بعد ذلك أول عروض الحفل وهو عرض مجموعة إيقاع الكونسرفتوار المصرية، أسست الأستاذ المساعد دكتور رحاب علي شاكر تلك المجموعة عام 2016 وهم مجموعة من العازفين المتخصصين في آلات الإيقاع الغربية، قدمت لنا المجموعة أداءا فريدا وحماسي، الطبول كانت الاختيار الأمثل لأنها متناغمة مع الآلات الكورية التقليدية وبينهم تشابه كبير لذلك كانت تلك الفقرة افتتاحا موفقا ومتناغما مع العروض التي تلته.
ثم صعدت فرقة مركز جيندو الوطني للموسيقى الكورية التقليدية على المسرح، تأسس المركز عام 2004 وهو فرع من مركز غوغاك الوطني، مركز غوغاك هو منظمة موسيقية وطنية ذات تاريخ يمتد ل1400 عام وهي مدعومة من الحكومة الكورية، هدف المنظمة هو الحفاظ على الموسيقى التراثية ونقلها للأجيال الجديدة ولجميع أنحاء العالم، وهو ما تحقق خلال العرض الذي قدموه.
تضمن عرض مركز جيندو العديد من الفقرات المتنوعة بدأت بعرض راقص تضمن فنانات كوريات مرتديين زي الهانبوك التقليدي وحاملين للورود في يدهم، خلفهم كانت خلفية الشاشة هي أحد البيوت الكورية التقليدية الهانوك وقدمن رقصة تقليدية مماثلة لرقصات البلاط الملكي قديما في كوريا، أكثر ما لفت انتباهي أنا ومعظم الحضور في ذلك العرض هو انسياب حركة الفنانات كالفراشات وحسن توظيفهن للورود في العرض، كما دخلن إلى المسرح وخرجن منه بنفس الخطوات المتناسقة مما جعل العرض متكاملا.
تلتها فقرة أخرى لنفس الفرقة لكنها ضمت عازفين لآلات كورية تقليدية تشبه الطبول، وقد تفاعل الجمهور مع ذلك العرض لأن الإيقاعات كانت في تصاعد دائم، بعدهما كانت فقرة فردية قدمت لنا فيها الفنانة رقصة التالتشوم التقليدية وكان إيقاع الموسيقى والرقص مختلف عن الفقرات السابقة فرقص التالتشوم وإيقاعه أكثر غموضا وهدوءا تشعر خلاله بانفصالك عن العالم وعمن حولك.
بعدها توقعنا أن فقرات ذلك العرض انتهت لكن الفرقة فاجأتنا بدخولها مجددا من خارج قاعة المسرح وسيرها وسط الحضور في عرض مبهر نجح في إبهار الحضور، ثم صعدوا على المسرح مجددا ليقدموا فقرتهم الأخيرة التي دمجوا فيها العزف والرقص سويا وتنوعت الحركات والإيقاعات ووصل مستوى التفاعل بين الحضور والعرض إلى أقصاه.
بعد انتهاء ذلك العرض الرائع، صعدت إلى المسرح فرقة بيتر سويت المصرية لرقص الكي بوب التي فازت بالمركز الأول في مسابقة الكي بوب العالمي في مصر ذلك العام، قدموا عرضا راقصا للأغنية الكورية هالازيا لفرقة اتيز، وكان ذلك العرض قبل الأخير في الحفل.
ثم صعدت فرقة إكسبريشن كرو للمسرح لتقدم لنا العرض الأخير الذي احتوى على العديد من الفقرات، تأسست فرقة إكسبريشن كرو عام 1992 وهي أول فرقة أسيوية تفوز بمسابقة معركة العام للرقص، وهم من أهم الراقصين والمدربين في كوريا.
قدموا لنا عرض يدعى ماريونيت وهو أداء غير لفظي يجمع بين عرض الدمى ورقص البي بوي، دمجت الفرقة عدة أنواع رقص مختلفة معا لتصنع منهم عرضا جديدا ومختلفا، تنوعت فقراته وحركات وملابس الراقصين كما تنوعت الموسيقى بين الحماسية والهادئة الرومانسية والغربية الحديثة، فتارة أبهروا الجمهور بعروض جماعية ذات حركات سريعة ومتناسقة وتارة بعروض فردية وبالرقص التعبيري، ومن الفقرات المتميزة هي عندما صنعوا بحركاتهم وبالملابس والإضاءة سيارة عبارة عن إنسان آلي متحرك، ارتدى جميع أعضاء الفرقة أقنعة كجزء من العرض، ولكن عند الختام قدموا أنفسهم لنا دون الأقنعة بحركات راقصة أخيرة وخلفهم شعار قافلة الصداقة الكورية.
في ختام الحفل قدم السفير باقة ورود لأعضاء مجموعة إيقاع الكونسرفتوار، وقدم رئيس الجمعية الوطنية العربية الورود لفرقة بيتر سويت، ثم قدم مستشار رئيس الأكاديمية الورود للفرقتين الكوريتين، بعدها التقطوا جميعا صورة جماعية معا ومع الجمهور.
وفي نهاية هذا المقال أعبر عن سعادتي بحضور تلك الفعالية، فقد جمعت بين العديد من أنواع الفنون واندمجت فيها الإيقاعات الغربية والشرقية والمعاصرة والتراثية معا، استمتعت بتقديم الفرق المصرية والكورية لعروضا مستوحاة من تراثهم بالإضافة للثقافات الأخرى في تناغم وأتطلع للفعاليات القادمة.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.