بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية سمية طارق

مع تزايد حرارة الصيف بشكل مستمر، يلجأ العديد من الأشخاص لاستخدام المراوح المحمولة التي يستطيعون أخذها معهم في أي مكان بسهولة لمكافحة حرارة الصيف، وذلك لأن مجرد الإحساس بنسمة من الهواء يعتبر ثمينًا، لأنها تساعدنا على الإحساس بالانتعاش. ومع زيادة التقدم التكنولوجي، اتجه العديد من الأشخاص لاقتناء المراوح الإلكترونية نظرًا لسهولة استخدامها، ولكن هل يعنى ذلك اختفاء المراوح التقليدية التي اعتدنا عليها؟

إذا كنتم مهتمين بمشاهدة الدراما الكورية ذات الطابع التاريخي، فعلى الأرجح أنكم قد شاهدتم العديد من الأشخاص يستخدمون المراوح الكورية التقليدية ’بوتشيه‘، وأيضًا عند مشاهدتكم لمشهد به شامان في أحد الأعمال الدرامية ستلاحظون حمل الشامان مروحة قابلة للطي في يده. فهل هي مجرد مراوح عادية؟ وما هي قصتها؟ وهل البوتشيه هي مجرد أداة للزينة، وللتغلب على حرارة الجو، أم هي أكثر من مجرد مروحة؟

المراوح الكورية التقليدية البوتشيه توجد منها عدة أنواع، بما في ذلك مراوح دائرية، ومراوح قابلة للطي. وتتميز البوتشيه بتنوع تصاميمها وبألوانها وأشكالها المختلفة والمميزة. ولصنع المراوح القابلة للطي كان يتم لصق الورق أو القماش على خشب الخيزران ويتم تلميع الورق أو القماش باستخدام زيت البيريلا وهي نبات آسيوي من عائلة النعناع له فوائد طبية متعددة وذلك للحفاظ عليه وعلى قوامه.

في الماضي كانت البوتشيه تقدم إلى الملك كهدية لإظهار الامتنان والاحترام، وأيضًا كان يتم تقديمها من قبل الملك لرعاياه، حيث كانت البوتشيه تمثل سلع تجارية بين الدول المختلفة. في عصر مملكة ’جوسون‘ كان ينتشر استخدام ’يونسون‘ وهي أحد أنواع البوتشيه، ولكنها تختلف قليلاً عن البوتشيه المعاصرة، حيث أن خشب الخيزران يكون أعرض وأكبر وله مقبض يساعد على تشكيل شكل الدائرة بسهولة، مما يجعلها يشبه شكل المظلة، وهو يساعد في تبريد حرارة الجو، وفي نفس الوقت حجب أشعة الشمس. ويعتبر شكل أزهار البرقوق المحفور على لب خشب الخيزران، رمزًا لحسن الحظ، وعلى جلبه الحظ السعيد داخل المنزل.

تظهر الصورة أحد عروض رقصة البوتشيه. (الصورة من كوريا.نت فليكر)

إذا كنتم من محبي الفنون التقليدية فربما قد شاهدتم يومًا عرض ’بانسوري‘. ذكرت مجلة شهرية كوريا.نت ’كوريا‘ في عددها الصادر بتاريخ مايو 2020 في مقال بعنوان ’رواية القصص للجماهير‘ تتحدث عن البانسوري. فيما يلي ما قالته المجلة:

"إن البانسوري واحد من أكثر الفنون التي يساء فهمها في العالم، حيث تترجم في بعض الأحيان إلى ’الأوبرا الكورية‘ ولكنها تختلف عنها، حيث أن المؤدون لم يكونوا مدربين وكانوا في الغالب من الشامان أو المؤدين في الشوارع. وعلى عكس الأوبرا التي تتبع نمط موسيقي صارم، تتمثل البانسوري في كونها مزيج مرتجل بين الكلمات المنطوقة، والغناء، والتمثيل، ومشاركة الجمهور. إن مشاهدة عروض البانسوري ليست مثل أي شيء آخر، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت اليونسكو تضمها إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي عام 2008."

يرتدي المؤدون في عروض الباسوري الملابس الكورية التقليدية ’هانبوك‘، ومعظمهم يحملون في أيديهم البوتشيه، التي يستخدمونها بشكل إيقاعي أو يقومون بفتحها لإضفاء تأثير درامي. عند مشاهدتكم لأحد هذه العروض ستلاحظون البوتشيه في أيديهم وسيلفت نظركم جمال تصاميمها المختلفة.

وبجانب عرض البانسوري، هناك أيضًا رقصة بوتشيه، التي تمثل رقصات تاريخية ودينية، وتتم تأديتها من خلال مجموعة من الأفراد يرتدون الهانبوك، ويصاحب ذلك الموسيقى الكورية التقليدية المميزة. وتم اختراع هذا النوع من الفنون عام 1954 على يد الراقصة ’كيم بيهك-بونغ‘ التي استمدت تلك الرقصات من الطقوس الشامانية والرقصات الفلكلورية الشعبية.

ولكن هل البوتشيه تستخدم في العروض التقليدية فقط؟ هل تتذكرون حفل الماما 2018؟ في هذا الحفل قامت إحدى الفرق المشهورة بتقديم عرض مبهر، قامت فيه باستخدام المراوح التقليدية بطرق مختلفة وممتعة وغير تقليدية. هل تذكرتموهم؟ أجل، إنهم فرقة ’بي تي إس‘ الشهيرة، وفي هذا الحفل قامت بتقديم عرض معاصر بلمسة تقليدية جعلتنا نظن أننا نشاهد عرضًا في زمن أخر.

والآن وبعد التعرف على جزء بسيط عن البوتشيه، وعلى كونها ليست مجرد أدوات للزينة فقط. ألا تشعرون بالرغبة في اقتناء واحدة؟ بالنسبة لي وبرغم تجربتي للمراوح الإلكترونية، لازلت أفضل استخدام المراوح اليدوية ذات الأشكال المميزة.

نحن الآن نعيش في عصر التقدم التكنولوجي السريع، والأجهزة المختلفة التي توفر لنا الوقت والجهد والراحة، ولكن برغم كل ذلك التقدم والتطور، لا زال لدينا حنين، وحب لاستخدام الأدوات التقليدية مثل البوتشيه ومشاهدة العروض التقليدية مثل رقصة بوتشيه، والبانسوري، وذلك لأن لهم سحرًا فريدًا، برغم كل ذلك التقدم لا زلنا نحن إليه.

shaadiya1223@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.