تمثال شين سايمدانغ في ’أوجوكهون‘ (بيت شين سايمدانغ الذي تم تحويله لمزار سياحي) في مدينة كانغنيغ بمقاطعة كانوغوون.
بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية الجزائرية ريحان ريان
تصوير= سارة العقيلي
شين سايمدانغ امرأة من عصر مملكة جوسون، خير قدوة لنساء عصرها آنذاك.
تلك الإنسانة البسيطة، ذاع صيتها عبر الأجيال لتنال جل الاهتمام وتكون قدوة عبر الزمان، فكانت أولى النساء اللواتي يتم عرضهن على واجهة أغلى عملة بقيمة 50000 وون، حينها كان هناك العديد من المرشحين، كالملكة ’سوندوك‘ و’يوغوانسون‘، إلا أن شين سايمدانغ كانت المنشودة، لتكون أصغر شخصية تم اختيارها (أقل من 50 عامًا).
شين سايمدانغ اسم تم تداوله بكثرة في عصرها، كما لقبت آنذاك بـ’هيونمو يانغتشو‘ والتي تعني ’الزوجة المثالية والأم الحكيمة‘ في حين يقال أن اسمها الحقيقي كان ’شين إن- سون‘ أثناء مسيرتها اتخذت العديد من الأسماء المستعارة كأسماء فنية لها.
العزباء الموهوبة
ولدت شين سايمدانغ عام 1504م وكان ’أوجوكهون‘ مسقط رأسها ووالدتها. والدها كان مسؤولاً حكومياً ولم يكن ناشطاً سياسياً، و كانت سايمدان الثانية من أصل خمس بنات.
على الرغم من أنها كانت فتاة، فقد فكان على معرفة وفيرة بالكونفوشيوسية الجديدة والتاريخ والأدب، الأمر الذي فاجأ أصدقاء والدها. ودرست سايمدان وأخواتها عن العديد من الشخصيات التاريخية والكونفوشيوسية. كانت سايمدانغ موهوبة بشكل خاص، وحظيت بتأييد والدها. ونظرًا لعدم وجود إخوة، تلقت تعليمًا كان من الممكن أن يُورث لذكر فقط، وقد أثرت هذه الخلفية بشكل كبيرعلى الطريقة التي قامت بها فيما بعد بتعليم أطفالها.
أظهرت مهارات رائعة؛ فيقال أنها أتقنت الكلاسيات في مقتبل سن السابعة. كانت لديها موهبة في الكتابة، واستخدام الفرشاة وكذا الخياطة. وكانت أيضا أول امرأة رسمت المناظر الطبيعية بعد آن كيون (رسام كوري ناشط في الفترة 1440- 1470)، كما أنها رسمت العنب باستخدام الحبر. كانت أعمالها مبهرة لأقصى حد لدرجة أنه لم يجرؤ أحد على تقليدها. كانت سايمدانغ مشهورة في عصرها حيث أن مجموعة من رسوماتها المسماة ’عشب الخريف‘ ذاع صيتها، لدرجة أنها استخدمت كنمط لخزف البلاط.
في عهد مملكة جوسون، لم يُسمح للنساء عمومًا بدخول المجتمع عكس مملكة غوريو، فكانت الأنشطة النسائية محدودة، وكانت هناك حالات كثيرة لم يتم فيها منح أبسط الحقوق من فرص التعلم. فأصبح من الصعب على النساء تطوير قدراتهن. أجزم إنه كان أقسى وقت على النساء الموهوبات وضياع لكثير من المعلومات. ولكن لم يمنع ذلك سايمدانغ بتاتا، فقد تلقت تعليمًا لم يكن شائعًا للنساء في تلك الحقبة. وإلى جانب الأدب والشعر، كانت بارعة في الخط والتطريز والرسم، فأصبحت بذلك المرأة النموذجية التي يقتدى بها، وبذلك فقد مثلت عصر جوسون ببرها لوالديها وبتكوينها المعرفي الممتاز.
الزوجة المثالية والأم الحكيمة
تمثال ابن شين سايمدانغ ’يولجوك إي إي‘ في ’أوجوكهون‘ (بيت شين سايمدانغ الذي تم تحويله لمزار سياحي) في مدينة كانغنيغ بمقاطعة كانوغوون.
اختار والد سايمدانغ القائد ’إي وونسو‘ زوجا لابنته. شعر الكثير من الناس أن هذا أظهر حكمًا سيئًا لأن أسرة القائد كانت فقيرة في ذلك الوقت، وكان ’إي وونسو‘ أيضًا عاطلاً عن العمل، كما أن والده توفي. إلا أن أولويات أباها كانت أن تكون مع زوج يسمح لها بمواصلة مشوارها، ووونسو لم يعترض على ذلك. فتزوجت وهي في سن 19 من العمر. ورزق الزوجان بثمانية أطفال وكان عليها أيضًا أن تعتني بوالديها المسنين (في ثقافة جوسون الكورية، الابن الأكبر في الأسرة وزوجته هما المسئولين تقليديًا عن إعالة والدي الابن ورعايتهما حتى وفاتهما).
فقد تمكنت سايمدانغ من تنمية مواهبها، فعاشت في منزلها بدلاً من منزل زوجها الذي قامت بإرساله للدراسة خارج المدينة؛ بينما واصلت أعمالها الفنية والتي تميزت بالجمال والرقة. حاليا لا يزال هناك ما يقارب 40 لوحة خاصة بها، إلا أنه يقال أن لها لوحات أخرى والتي لي يتم العثورعليها إلى الآن.
يمتلك أطفالها أيضًا مواهب فنية. على سبيل المثال كان إي يو(أحد أطفالها) موهوبًا جدًا في الفن لدرجة أن هناك حكاية مفادها "لقد رسم الحشرات وتركها في الفناء، وكان الدجاج يحاول الوصول إليها ظنا منه أنها حشرات حقيقية". كان إي يو موهوبًا أيضًا في الشعر. قال عنه أخوه إي إي: "لو ركز إي يو في دراسته، لكان أفضل مني". الأبنة الكبرى لشين سايمدانغ، ’إي ماي-تشان‘، كانت جيدة أيضًا في الشعر، وبالتالي عُرفت باسم ’شين سايمدانغ الصغيرة‘ وبهذا امتد إرث سيمدانغ الفني لمدة 3 أجيال. توفيت شين سايمدانغ في 1551 عن عمر يناهز 46 عامًا.
sarahoqelee@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.