جيجو هي جزيرة تكونت بالكامل نتيجة انفجار بركاني منذ ملايين السنين، مما يجعلها من أكثر الأماكن تميزاً. حيث أنها ظهرت في العديد من الأعمال الدرامية الكورية الشهيرة مثل مسلسل ’أوتار القلوب‘.تظهر الصورة منظر جيجو. (الصورة من حساب كوريا.نت على فليكر)
بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية بسمة ممدوح
هل قَابلت حورية بحر حقيقية في يومٍ من الأيام؟ إذا كانت إجابتك "لا!"، إذن فإنك بحاجة لزيارة جزيرة ’جيجو‘ بكوريا الجنوبية.
جيجو هي جزيرة تكونت بالكامل نتيجة انفجار بركاني منذ ملايين السنين، مما يجعلها من أكثر الأماكن تميزاً. فهي أحد أشهر المقاصد السياحية بكوريا الجنوبية، حيث أنها ظهرت في العديد من الأعمال الدرامية الكورية الشهيرة مثل مسلسل ’أوتار القلوب‘. فهي تتمتع بمناظر طبيعية خلابة من خلال الشلالات والشواطئ والكهوف والأزهار المتناثرة على جبل ’هالا‘. ولذلك فإن زيارة هذه الجزيرة بمثابة الدخول إلى عالم مُميز ومُتفَرد أشبه بالخيال.
ولكن هذا ليس كل ما يُميز جزيرة جيجو بل أيضاً وجود حوريات البحر بها التي تركت مكانها بين الأساطير والخيال وقررت أن تكون حقيقة على هذه الأرض الرائعة. فعندما تقوم بزيارتها تذكر أنه يمكنك مقابلة العديد من حوريات البحر الرائعات للغاية.
واحدة من حوريات البحر (’هاينويو‘ باللغة الكورية) تصيد في الماء. (الصورة من حساب كوريا.نت على فليكر)
حوريات البحر (’هاينويو‘ باللغة الكورية) هو تقليد خاص بسكان جزيرة جيجو وكان يقتصر على الذكور فقط في بداية الأمر. بينما بحلول القرن الثامن عشر تحَوّل إلى تقليد خاص بالنساء ويرجع ذلك إلى أنه خلال القرن السابع عشر تُوُفى العديد من الرجال في الحرب وحوادث الصيد، حينئذ قررت النساء امتهان الهاينويو لكسب قوت يومهن من أجل أطفالهن ولدفع الضرائب.
إن هؤلاء الحوريات أثبتن أن العمر ليس إلا مجرد رقم. فهن سيدات تعلمن السباحة منذ الصغر وأمضين سنوات عِدّة في التمرن والتمكن من الغوص الحر والصيد تحت الماء. كما يمارسن هذا التقليد المميز حتى وهُنَّ يتجاوزن الستين والسبعين عاماً من العمر ولدَيهِن العزيمة والإصرار أن يواصِلن عملِهِن بكل جهد حتى عامِهم التسعين لأنهن يستمِدّن قوتَهُن وطاقتِهن الكبيرة من المحيط ولأن عملهن يتطلب مهارات جسدية استثنائية وجهد كبير للغوص على عمق 10 أمتار لعدة دقائق لأكثر من مرة يومياً لصيد الصدف والأعشاب البحرية وغيرها .
وقد اعتادت الحوريات منذُ زمن بعيد على الغوص بإستخدام ملابس قطنية محلية الصنع في مياه المحيط شديدة البرودة معتمدين فقط على قوة الرئتين، مما كان يجعل مُدّة الغطس قصيرة والصيد الذي يحصُلن عليه قليل جداً. ولكن بعد ظهور بدلات الغوص المتعارف عليها حالياً أصبحت مهمة الحوريات أقل صعوبة من ذي قَبل، حيث أنها أصبحت تَحمي أجسامِهن من برودة مياه المحيط المتجمدة، مما جعل مُدة الغوص أطول والصيد أكثر، الأمر الذي ساعدهُن على زيادة الدخل اللازم للمعيشة وللحصول على الأدوات والمعُدّات التي تُعينَهن على عملِهن الشاق.
فمن الأدوات التي يعتَمِدن عليها الحوريات خلال غطسِهِن الحُر، أوزان الرصاص حول خصرهن لتمكينهن من الغوص للعمق وأيضاً جهاز التعويم على السطح (’تيهواك‘ باللغة الكورية) بشبكة متصلة من الأسفل لتجميع صيدهن به، حيث أنهن يعتمدن بشكل أساسي على الأدوات البدائية ولا يستخدِمن أي من المُعدّات الحديثة.
كما أن الحوريات ينقسمن إلى ثلاثة مجموعات تبعاً لمستوى الخبرة لديهِن فالمبتدئات يُطلَق عليهن اسم (’هاغون‘ باللغة الكورية) ومتوسطي الخبرة (’جونغغون‘) بينما الأكثر خبرة هن (’سانغغون‘).
بذلَت الحكومة بجيجو الكثير من الجهد وكافحت عدة سنوات لإنقاذ هذا التقليد والحفاظ عليه من الانقراض حتى تم إدراجِهِ في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو في عام 2016. (الصورة من حساب كوريا.نت على فليكر)
ومن الجدير بالذِكر أنهُ نظراً إلى تقدم العمر لدى معظم الحوريات وقلة أعدادِهن مقارنةً بالآونة الماضية توجد مخاوف عديدة من اختِفاء هذا التقليد التاريخي إذا لم يَحظى الحوريات بأجيالٍ جديدة تنضمُ إليهن. لذلك فهُن لديهن مدرسة لتعليم أولادهن وأحفادهن وكذلك الأجيال القادمة مهارات الغوص والصيد تحت الماء. كما أن الحكومة بجيجو قد بذلَت الكثير من الجهد وكافحت عدة سنوات لإنقاذ هذا التقليد والحفاظ عليه من الانقراض حتى تم إدراجِهِ في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو في عام 2016. وهذا بسبب ما يتميز به هذا التقليد من أصالة وصلابة وكذلك الكثير من المُتعة.
لذلك فهو يستحق الكثير من الإهتمام والاستمرارية والمحافظة على قيمته التاريخية العظيمة.
shaadiya1223@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.