مراسل فخري

2020.09.29

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian



فإذا كنت من محبين الثقافة الكورية يمكنك استغلال عيد التشوسوك لارتداء الأزياء الكورية التقليدية الهانبوك والذهاب إلى إحدى القصور من أجل تجربة فريدة للحياة الكورية التقليدية القديمة (الصورة من قصر تشانغ كيونغ)


بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية فاطمة نافع


بأزياء تقليدية واجواء خريفية تفوح منها رائحة الأعياد يستقبل الكوريين عيد "التشوسوك" أو كما يطلق عليه "عيد الحصاد أو عيد الشكر الكوري" ففي هذا اليوم يلتقي الأهل والأصحاب حيث يعود الجميع الى مسقط رأسه للأحتفال بالعيد لتناول الطعام الكوري التقليدي وتقديم الشكر والامتنان للأسلاف وقضاء الوقت معًا.


"المزارع في مايو هو فيلسوف في أغسطس"


يجمع التشوسوك (عشية الخريف) بين عيد الحصاد عند القدماء في الثقافة المصرية وبين عيد الأضحي عند المسلمين حيث يتشابه عيد التشوسوك وعيد الأضحى من حيث كونهم من أكبر الأعياد التي يتم الاحتفال به سواء عند المسلمين أو الكوريين كما أنه يتم الاحتفال بكلهما وفقا للتقويم القمري ألا أن عيد الأضحى يأتي في تقويم ثابت وهو العاشر من ذو الحجة من كل عام.


بينما يتم الاحتفال بـ"التشوسوك" وفقاً لاكتمال القمر، فعلى الرغم من صعوبة تتبع أصل تشوسوك لوجود الكثير من الروايات حوله ألا أنه يرجح العديد من الكوريين أن أصوله تعود للطقوس الشامانية المرتبطة بعبادة القمر التي ترى في اكتماله حدثا ذو دلالة خاصة، لذا فقد يعتبر كجزء من طقوس الدينية، فلا يزال الكوريين يقيمون الاحتفالات وفقا لدورة اكتمال القمر هذا ما يجعل يوم الاحتفال بعيد التشوسوك يتغير كل عام إلا أنه عادة ما يكون الاحتفال به في "شهر سبتمبر".


ولأن قديما كان يعتبر موسم الحصاد ذو أهمية كبيرة لطبيعة كونهم مجتمع زراعي لذا فقد حرص الفراعنة والكوريين أن يجعلوا له عيدا يحتفلون بما قد تم حصادة من المحاصيل، كما حرص الفلاحيين على أقامة الولائم احتفالا بما تم حصاده فهي تعتبر بالنسبة لهم فرصة للترويح عن أنفسهم بعد عناء عمل لشهور عديدة في الحقول، وهذا يعتبر دليل لمدى أهمية الزراعة في الثقافة الفرعونية والكورية.


"القمح الليلة ليلة عيده، يا رب تبارك وتزيده"


أرتبط قديما عيد الحصاد في الثقافة الفرعونية ببعض من الطقوس الخاصة والأطعمة حتى أنه تغنى له، فقد وجدت بعض من الأهازيج المكتوبة على جدران المعابد "ادرسي أيتها الثيران، فالتبن سيكون علفا لك، والحب من نصيب أسيادك" حتى أنه ظل يحتفل به في العصر الحديث فقد أُطلقت بعض الأغاني التي تعبر عن مدى أهمية الزراعة وخاصة محصول القمح مثل أغنيه "القمح الليلة ليلة عيده، يا رب تبارك وتزيده" والتي لا زالنا نرددها إلى يومنا هذا، فقد تجلت مظاهر الاحتفال به بتقديم وعاء مملوء بسنابل القمح للإله، والتي حرصت خلالها الطبقات العليا على أعداد الولائم التي تميزت بالبذخ والثراء.


بينما كان عامة الشعب يعدون موائد عليها كل ما لذ وطاب بما جادت به الأرض من القمح والشعير والفاكهة حيث حرصوا على تناول الخبز، كما أيضا من مظاهر الاحتفال به عزف الموسيقى والغناء التي جسدتها النقوش المجسمة على جدران المعابد حيث شاهدنا نافخ المزمار وآخر من يقوم بالغناء والأخرون يقومون بالترديد، ولا أحد يمكن أن ينسى باكورة القمح أو "عروسه القمح" كما كان يطلق عليها قديما والتي كانت تصنع من سنابل القمح لتقديمها كقربان للإله للحصول على البركة، على الرغم من اندثار تلك الطقوس إلا أنه لازال بعض المناطق المصرية تحتفل به إلى يومنا هذا ولكن يقتصر فقط على أقامه الولائم والأفراح ابتهاجا بتلك المناسبة. بينما في كوريا حينما كانت تتلاء الحقول مُعلنه بنضوج المحصول كان يحرص العديد من الكوريين للعودة إلى مسقط رأسهم للاحتفال بالحصاد الوفير على أمل أن يكون العام المقبل أفضل من العام المنصرم وللقيام بالطقوس الموروثة من الأجداد مع الأهل.


ففي هذا العيد يتم تكريم الأجداد بطقوس خاصة التي تبدأ دائما بطقوس "شاري" حيث تلتف العائلة في صباح العيد حول طاولة مُعدة بالأطعمة والفاكهة لتنحني العائلة أمام الأجداد احتراما لهم، ثم بعد ذلك طقوس "سيونغ ميو" وهي زيارة مقابر الأسلاف لتقليم الأعشاب النامية حول قبورهم وتقديم الطعام لأرواحهم وأيضا لتقديم الامتنان والشكر من أجل حصاد جيد، كما يتسابق الجميع على المشاركة في عمل "سونجبيون" (كعك الأرز المصنوعة على شكل هلال والمحشوة ببذور السمسم أو الفاصوليا الحمراء أو الصنوبر) حتى أنه كان يعتقد قديما من يقوم بصنعها بشكل منسق سيرزق بابنة جميلة.


بالإضافة إلى إحياء ذكرى الأسلاف يحتفل الكوريين بالعطلة من خلال لعب مجموعة من الألعاب الشعبية التقليدية كالمصارعة الكورية والرماية ورقصة "كانج كانج سولايه" التي من خلالها لعبت المرأة الكورية دورا هاما في تاريخ كوريا القديم. وعلى رغم من تطور الزمان والتغيرات التي تطرأ بين الأجيال الا انه تظل الأطعمة والعادات والطقوس المرتبطة به ثابته لا تتغير بمرور الزمن فمازال الكوريين يحافظون على زيارة الأسلاف والأجداد مع عائلاتهم وأصدقائهم.


فاذا كنت من محبين الثقافة الكورية يمكنك استغلال عيد التشوسوك لارتداء الأزياء الكورية التقليدية الهانبوك كما أدعوك عزيزي القارئ بزيارة قصر جيونج بوكجونج أو حتى يمكنك زيارة القرية الشعبية أوالمتحف الشعبي الوطني لاستمتاع بتجربة الطقوس الخاصة بالتشوسوك. وأخيرا فلا تدع تلك المناسبة تمر دون أن تتمنى أمنية وأنت تتأمل القمر عند اكتماله.


sarahoqelee@korea.kr


هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.