يون سينغ-جين، كانغ سيونغ-تشيول (يونهاب)
"التراث الثقافي ليس مجرد إرث من الماضي بل مرايا تعكس ماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها. لذلك إذا تعرض للنهب من الطبيعي أن نسعى لإعادته إلى المالك الأصلي."
هذا ما قالته الباحثة نام جي-إن (29 عاما) من مؤسسة ترميم التراث الثقافي في مقابلة أقيمت يوم 17 نوفمبر. وأضافت "عودة الأصول الثقافية المنهوبة رمز للمصالحة والتعاون بين الطرفين ليس فقط في الماضي ولكن أيضا في الحاضر".
وهي كورية من الجيل الثاني ابنة نام جونغ-سيوك رئيس الجمعية الكورية في بولندا.
وترعرعت الباحثة نام وهي تدرس لغة وتاريخ وطنها الأصلي على الرغم من نشأتها في بلد مختلف بفضل والدها الذي كان يؤكد دائما على أهمية الشعور بالانتماء والهوية. ولذلك كان اهتمامها بالتراث الثقافي الكوري مختلفا ومتميزا عن الآخرين.
واختيرت للدراسة في قسم علم النفس بجامعة سيئول الوطنية عبر منحة مؤسسة الكوريين بالخارج وحصلت على درجة الماجستير في التعاون الدولي من قسم الدراسات العليا في جامعة يونسيه.
وعملت كباحثة منذ عام 2020 في مؤسسة ترميم التراث الثقافي التي ينتمي لها والدها أيضا، وشاركت في استعادة العديد من الأصول الثقافية الكورية من الخارج إلى البلاد مثل العمل الخشبي لعالم الكونفوشيوسية أوام سونغ شي-يول، والعمل الخشبي للعالم لي هاك جونغ يو، حجر مقبرة مون شين غيونغهي.
ونشرت الباحثة نام كتابا بالإنجليزية في العام الماضي بعنوان ’الدبلوماسية الرمزية لعودة الممتلكات الثقافية‘ وهو يتضمن فكرة نسيان الماضي الأليم وبناء علاقات مستقبلية متساوية مع الدول التي سبق أن غزت الدول الأخرى ونهبت تراثها الثقافي.
وتولت في مايو الماضي زمام مبادرة ’البحث عن التراث الثقافي الكوري في ثلاث دول من أوروبا الشرقية هي بولندا والمجر والتشيك‘.
أجرت كوريا نت بالتعاون مع وكالة يونهاب للأنباء، مقابلة مع باحثة التراث الثقافي الكوري نام جي-إن ونشارك معكم بعضا من محتوى المقابلة في مقال اليوم.
- ما هو السر وراء احتفاظك بهويتك الكورية على الرغم من إقامتك في الخارج؟
كان والداي يؤكدان دائما منذ صغري "حتى لو كنت تعيشين بالخارج فيجب أن تحافظي على الهوية الكورية". وتعلمت على أيديهم الثقافة الكورية ابتداءا من استخدام عصيان الطعام وتناول الكيمتشي. وعرفت أكثر عن وطني الأم أثناء التحضير لعرض تقديمي سأقدمه في فعالية ’يوم الأمم المتحدة‘ أقيمت في إحدى المدارس الدولية الموجودة حيث كنت أقيم في ذلك الحين. كما عرفت الكثير من خلال الدراما التاريخية الكورية. ورأيت دراما مثل ’إله البحر‘، ’ديجويونغ‘ مما ساعدني على تنمية اهتمامي بالتاريخ الكوري.
- حدثينا حول صورة كوريا الجنوبية لدى الشعب البولندي.
في الفترة التي نشأت فيها ببولندا في التسعينات كانت بالفعل كوريا الجنوبية تتمتع بصورة جيدة هناك. وكان الوضع في بولندا صعبا من الناحية الاقتصادية لأنها في ذلك الحين لم يمر الكثير من الوقت على انفصالها عن الاتحاد السوفيتي السابق وساهمت استثمارات الشركات الكورية في منح الاقتصاد البولندي فرصة لالتقاط أنفاسه. وساهمت بطولة كأس العالم عام 2002 وشعبية موجة الهاليو أيضا في تكوين صورة جيدة عن كوريا الجنوبية. والأكثر من ذلك أن الشعب البولندي تفاجئ من الاستجابة المثالية للشعب الكوري وحملات الحجر الصحي التي انتشرت في كوريا الجنوبية مع تفشي فيروس كورونا مما رفع من مكانة الجالية الكورية هناك.
- هل يوجد اختلافات بين إدراك وتصور التراث الثقافي في كوريا الجنوبية وبولندا؟
لا تزال كوريا الجنوبية تميل إلى اعتبار ترميم التراث الثقافي وتطويره مجرد مجال صناعي بينما على الجانب الآخر بولندا تتعامل مع التراث الثقافي كتراث قيما تسعى جاهدة للحفاظ عليه. وتظهر على كوريا الجنوبية علامات التركيز في استخدام التراث الثقافي في السياحة والأعمال التجارية. وبطبيعة الحالة في الآونة الأخيرة بعدما أصبحت كوريا الجنوبية دولة قوية ثقافيا على الساحة الدولية بدأت في تقدير تأثير التراث الثقافي نفسه. وتبذل الكثير من الجهود لترميم واستعادة الأصول الثقافية مؤخرا مثل استعادة وولديه قصر غيونغبوك التي تم هدمها خلال فترة الاستعمار الياباني.
- ما هو المغزى من استعادة التراث الثقافي المنهوب من الخارج؟
يمكن تلخيص المغزى من استعادة التراث الثقافي في أربعة كلمات وهي ’المصالحة، التعاون، الصراع، العدالة‘. وفي بعض الأحيان تتوصل البلدان إلى المصالحة والتعاون من خلال المفاوضات بشأن العودة بينما يتورط البعض الآخر في بعض الأحيان في نزاعات حول عملية الاستعادة. ويمكن أيضا تحقيق العدالة بواسطة استعادة الأصول الثقافية المنهوبة. وتشكل عودة التراث الثقافي إلى موطنه الأصلي، نقطة اتصال لمختلف المصالح حيث يمكن أن تكون دليلا لحل الخلافات الإنسانية خلال فترة انتقالية حضارية مثل فترة عصر كورونا.
- ما هو أكثر ما أثار إعجابك في مبادرة ’البحث عن التراث الثقافي الكوري في 3 دول بأوروبا الشرقية‘؟
أظهرت معظم المتاحف المحلية بالدول الثلاث تعاونا نشطا في الدراسة والبحث. ويرجع السبب في ذلك إلى أن دعم المؤسسة كان مطلوبا حيث كان من الصعب تحديد مصدر القطع الأثرية الآسيوية التي بحوزة المتاحف. وذلك لأن في المتاحف الأوروبية منسقون صينيون ويابانيون لكن لا يوجد منسقون كوريو الجنسية. ووجدنا العديد من الحالات التي تم تصنيف أصول ثقافية آسيوية على أنها أصول ثقافية كورية.
- ما هو الدول الذي تلعبه كوريا الجنوبية على المستوى الدولي فيما يتعلق باستعادة التراث الثقافي؟
نمت كوريا الجنوبية من إحدى الدول النامية إلى دولة متقدمة في أسرع وقت في تاريخ العالم. وهي أيضا دولة من القوى الثقافية على مستوى العالم بفضل قوتها الناعمة. وباعتبارها قوة ثقافية فإنها تلعب دورا محوريا في استعادة التراث الثقافي. وهي أيضا في موقع يمكنها من مساعدة الدول الأخرى. ولديها تاريخ في المعاناة من نهب التراث مما يأهلها لتصبح رائدة في هذا المجال.
- على الناحية الأخرى، هل هناك تراثا ثقافيا لم تعيده كوريا الجنوبية إلى الدول الأخرى بعد؟
لا توجد حالات كثيرة مؤكدة بهذا الشأن حتى الآن. يوجد العديد من المشاكل في التحقق من مصدر الأصول لذلك يصعب التعرف على مصدرها الحقيقي. ومعظم المتاحف المحلية لا تكتب مصدر الأصول جيدا لأنها لا تعرفه. وحتى في حالة الأصول المستعادة من الخارج فهناك حالات لم يتم التأكد من مصدرها بوضوح بعد.
ونظرا لوجود حركة نشطة في جميع أنحاء العالم من أجل تسمية مصادر الممتلكات الثقافية بطريقة أكثر وضوحا، يجب على كوريا الجنوبية أيضا أن تطبيق هذا النظام. وفي كوريا الجنوبية على عكس الدول الأخرى، يضم المتحف المركزي الموجود في قلب العاصمة معظم الأصول الثقافية الخاصة بالأقاليم. ولكن العديد من الأصول الثقافية لم يتم ذكر مصدرها بشكل واضح. ويجب مواصلة السعي للكشف عن المصدر وإعادتها إلى موقعها الأصلي.