مراسل فخري

2021.03.19

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian


غلاف رواية مولودة عام 1982


بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية آلاء عبد العاطي


يُعتبر الأدب هو المرآة العاكسة لحياة الشعوب وواقع حياتهم. كما أنه يؤثر على، وربما يُشكل وجدانهم. لذلك أنا حريصة على قراءة الكُتب والمؤلفات الأدبية حتى تأخذني في رحلة قصيرة بين طيات أوراقها لأستشعر واقع الشعب الكوري، في الحقبة التي كُتبت فيها تلك المؤلفات، كما لو كنتُ قد عاصرتها معهم.

على الرغم من وجود قسم لدراسة اللغة الكورية وآدابها في جامعتين من أعرق الجامعات المصرية، كلية الألسن بجامعة عين شمس و كلية الألسن بجامعة أسوان، إلا أن عدد الأعمال الأدبية المُتَرجمة لايزال صغيراً جداً، ولذلك فأنا مُمتنة لكل مُترجِم استثمر مهارته اللغوية ليصنع نافذة صغيرة على المجتمع الكوري من خلال ترجمته لأحد الأعمال.

منار اسم عربي له العديد من المعاني، جميعها مرتبط بشكل مباشر بمعنى واحد وهو النور والإضاءة التي تهدي من في الظلام. في التراث الثقافي المصري نؤمن بأن لكل منّا نصيب من صِفات معنى اسمه، ومن سأحاورها اليوم تماماً كمبعث الإضاءة التي تهدي التائة في ظلام الأدب الكوري، مِنْ مَنْ لا يستطيع قراءة اللغة الكورية، وذلك عن طريق إسدال الستار عن محتوى الأعمال الأدبية الكورية عن طريق ترجمتها.

آلاء: مرحباً! هل يمكنكِ تقديم نفسِك لقُراء كوريا.نت؟

منار: أنا منار أحمد الديناري، تخرجت في قسم اللغة الكورية بكلية الألسن بجامعة عين شمس. أعمل كمُخططة ومُنظمة للأحداث الثقافية في المركز الثقافي الكوري بمصر والآن، وبعد أن أخذت أولى خطواتي في مجال الترجمة، هل أصبحت الآن مُترجمة أيضاً؟ ههههه

ألاء: ما الذي دفعكِ للتفكير في بدء مسيرة مهنية جديدة كمُترجمة؟

منار: في الحقيقة منذ أن كنتُ طالبة بقسم اللغة الكورية، كانت أكثر المحاضرات المُحببة إليّ هي محاضرات الأدب. لقد تعلقتُ بالأدب الكوري كثيراً حتى أنني قمت باختياره كموضوع لبحث تخُّرجي بدلاً من علوم اللغة. والآن لدي الرغبة في تمكين القارئ العربي من التعُّرف على هذا النوع من الأدب الثري عن طريق ترجمة البعض منه.

آلاء: ما الذي يميز الأدب الكوري برأيكِ؟

منار: لمسّت في الأدب الكوري تفرّده عن باقي الآداب الأسيوية والعالمية في نقل الأحاسيس والمشاعر المُصاحبة لأبطال تلك المؤلفات عوضاً عن السرد الأجوف لأحداث محطات قطار حياتهم. دائماً ما وجدتُ أسلوب الطرح للقضايا الإنسانية أسلوباً يجُبر القارئ على التعاطف مع جميع الشخصيات سواء كانت صالحة أم طالحة، حيث أنه يصب تركيزه على الدوافع النفسية لأفعالهم جميعاً. تميّز الأدب الكوري أيضاً بغوصه في أعماق النفس البشرية المعقدة في إطار روائي مُمتع. كما أن الكثير منه ينتمي إلي الأدب الغرائبي المرتكز على الأحداث التي قد تفوق الخيال في بعضٍ من الأحيان، لذلك هو مُميز ومُمتع.

آلاء: لماذا قمتِ بإختيار رواية ’المولودة عام 1982‘ ؟

منار: بالصدفة قرأت خبر في الصحافة الكورية عن تعرُّض أحد المشاهير للانتقاد والمهاجمة الشديدة من الرجال بسبب نشرها صورة للرواية على صفحتها الشخصية في أحد وسائل التواصل الاجتماعي. كما قرأت عن الضجة التي أحدثتها الرواية حتى أنه ظهرت حركات مناهضة للكتاب، مُطالبة بسحبه من الأسواق. أثارت تلك الأخبار فضولي مما دفعني لقراءة الرواية، وعِند الانتهاء منها تلمّست التشابه الكبير بين بطلة الرواية والمرأة العربية لذلك قررتُ ترجمتها للعربية وبدأت في اتباع الإجراءات اللازمة للحصول على حقوق ترجمة ونشر الرواية حتى خرجت للنور بواسطة دار صفافه للنشر والتوزيع.

 

صورة لمنار الديناري مترجمة رواية مولدة عام 1982 مع السفير الكوري الجنوبي لدى مصر ’هونغ جين-ووك‘. (الصورة من منار الديناري)


آلاء: هلّا تقومي بإخبارنا بالقليل عن الرواية ؟

منار: رواية المولودة عام 1982 هي رواية للكاتبة والروائية الكورية تشو نام جو، رواية اجتماعية فلسفية تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعًا فترة إسدال ضحايا التحرش الجنسي الستار عن تجاربهم المريرة تحت هاشتاغ "أنا أيضًا" حيث باعت أكثر من مليون نسخة فور نشرها، وتُرجمت إلى أكثر من 18 لغة كان آخرها اللغة العربية. كما تم اختيارها كواحدة من أبرز الكتب في العام الماضي بواسطة مجلة نيويورك تايمز. إنها رواية تناقش القولبة المجتمعية والأدوار الجندرية المفروضة بالقوة على الرجل والمرأة والصراع اليومي للمرأة الكورية، ويمكنني قول المرأة عموماً.

آلاء: من كلامكِ هذا يمكنني التكهن بسبب إثارة الرواية لكل تلك الضجة، وهو مواكبتها للحركة النسوية العالمية فكما تعلمين يا منار أن الحديث عن هذه الأمور يعتبره الكثير حديث سيء السمعة.

منار: أتفق معكِ. ولهذا السبب اشتهر الكتاب في ذروة حركة "أنا أيضاً" التي بدأت في هوليود بالولايات المتحدة الأمريكية أكتوبر عام 2017، والتي تعد من أقوى الحركات النسوية في الفترة الماضية، كما إنه حقق نجاحاً باهراً في جميع الدول التي تُرجم الكتاب إلى لغتها الأصلية خاصة اليابان وإسبانيا. ويمكنني إرجاع هذا إلى أن الرواية لا تُجامل المجتمع الكوري بل سلطت الضوء بكل شفافية على عيوب هذا المجتمع والتي تظهر آثارها على كيم جي يونغ، بطلة الرواية، والتي تمثل النساء في كوريا. كما أن التجربة الإنسانية للبطلة شبيهة بالتجربة الإنسانية لجميع نساء البلاد التي تشترك في بعض السمات الاجتماعية مع المجتمع الكوري، فأنا شخصياً بكيتُ في العديد من المرات خلال قراءتي لسطور الرواية حيث إنني تعرضتُ لمثل ما تعرضت إليه البطلة خصوصاً بعد أن أصبحتُ أماً.

آلاء: بحديثنا عن ذلك، ما هو التشابه بين بطلة الرواية والمرأة العربية من وجهة نظركِ؟

منار: أعتقد أن التشابه الكبير بين الشخصيات النسائية للرواية والمرأة العربية هو حقيقة أن المرأة تقدم الكثير من التضحيات، ليس من المفترض عليها في أغلب الأحيان تقديمها، فرضها المجتمع عليها في إطار العادات والتقاليد، مما يدفعها للتطوع بالمزيد من التضحيات، والمزيد والمزيد من تهميش الذات، وحبسها داخل الإطار الذي وضعته القولبة الجندرية لدورها. وهذه الحقيقة أوصلت بطلة الرواية إلى نقطة ما، سيتساءل عندها القارئ عن ما الذي أوصلها إلى هناك؟ هل هي من أودت بنفسها إلى ذلك الطريق؟ أم هل فرضه عليها المجتمع؟ من الجاني؟ وأنا لا يسعني الانتظار حقاً لسماع إجابة هذا السؤال من القُراء.

ألاء: ما هي أهم الصعوبات التي واجهتك خلال عملية ترجمة الرواية؟

منار: تدور أحداث الرواية في أزمنة مختلفة لذلك كان هناك العديد من الكلمات والمصطلحات العامية والألفاظ التي ابتكرها الشعب الكوري والتي تجمع بين اللغتين الكورية والإنجليزية ولا يوجد مُقابل لها في اللغة العربية والتي كان عليّ نقلها للقارئ العربي فكان ذلك من أكثر التحديات التي واجهتها.

فعلي سبيل المثال: هناك مصطلح (فتاة فول الصويا) ترجمته الحرفية لا معنى له ولا ينقل أي شيء من دلالته لذلك كان عليّ توضيح ذلك خلال ترجمتي دون التأثير على سياق النص الأصلي للرواية. كما أن المؤلفة استخدمت بعض الاسقاطات على بعض النصوص الإنجيلية لذا كان علىّ البحث عن النص الأصلي الذي تم الإسقاط عليه للتأكد من إيصال المعني بشكلٍ دقيق عند نقله للعربية. ولكن على أي حال، صعوبات الترجمة كانت أكثر ما أمتعني في هذه التجربة.

ألاء: من ضوء ترجمتكِ للرواية، إذا كان لديكِ الفرصة لإعادة تسمية الرواية، أي اسم ستختارينه لها ولماذا؟

منار: إذا أُتيحت لي الفرصة سأقوم بتسميتها (أن تكون فتاة أو أن تولد كفتاة) وذلك حيث أن الرواية توثيق لحياة امرأة يمكن أن تتواجد في أي بقعة من بقاع الأرض، فهي تتحدث عن شخصيات النساء وما يدور حولهم من ضغوطات يسببها المجتمع.

ألاء: بعد طرح الرواية في الأسواق، هل تتوقعين لها الرواج في مصر والوطن العربي؟ لماذا؟

منار: أجل، تنبأت بذلك بعد أن وجدتُ إقبالاً على نشر النسخة المترجمة من الرواية من العديد من دور النشر إلى أن تم التعاقد مع دور صفصافة للنشر والتوزيع، مما يدل على زيادة فرص نجاح الأدب الكوري في الساحة الأدبية العربية. كما أن سمات المجتمع الكوري تتشابه بشكل كبير مع المجتمع المصري لذلك سيحب القراء ذلك النوع من الدراما الروائية الاجتماعية.

ألاء: من واقع تجربتكِ، ما هي أهم النصائح التي تودين قولها لمن يريد بأن يُصبح مُترجِما؟

منار: النصيحة الأولى والأهم في طريق الترجمة الاحترافية هي الحرص على الإلمام بقواعد اللغة العربية وإتقانها، دراسة الأخطاء اللغوية الشائعة وأسلوب التحرير. وثانياً، الإكثار من القراءة لإثراء الحصيلة اللغوية وللتعرف على الأساليب المختلفة للكتابة. وأنصح أيضاً بالانضمام لبرامج الدعم الممنوحة من معهد ترجمة الأدب الكوري حيث إنه يقوم بترشيح أفضل الروايات وتقديم الدعم، والتمويل أحياناً، لكلاً من المُترجم ودار النشر.

ألاء: في النهاية هل تودين إضافة أي شيء آخر؟

منار: رواية المولودة عام 1982 هي رواية مهمة جداً في الساحة الأدبية الكورية والعالمية، وأتمنى أن تكون كذلك أيضاً عند طرحها للقارئ العربي. أتمني من جميع قراء كوريا.نت قراءة الرواية وترك تعليقاتهم علي ترجمتها، فأنا لا يسعني الانتظار لمعرفة رأيهم.


sarahoqelee@korea.kr


هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.