بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية آية الشريف
الفيديو= المركز الثقافي الكوري بمصر
سوف أشارككم تفاصيل رحلتي إلى كوريا الجنوبية لاستكمال دراستي من خلال منحة الحكومة الكورية.
أنا اسمي آية الشريف، تخرجت من جامعة القاهرة في عام 2018، وكنت إحدى المقبولين بمنحة الحكومة الكورية للدراسات العليا لعام 2019.
بدأت رحلتي لتحقيق حلمي بالدراسة في إحدى الجامعات الكورية عندما كنت في السنة الثالثة بالجامعة. واقترن حلم ذهابي إلى كوريا الجنوبية بحلمي الآخر، وهو أن أصبح دكتورة بالجامعة ولذلك كان على استكمال دراستي العليا. في ذلك الوقت أردت أن أذهب إلى كوريا الجنوبية وأنا أستطيع أن أتحدث لغة هذه البلد حتى ولو قليلا. ولذلك بدأت دراسة اللغة الكورية في معهد سيجونغ بالمركز الثقافي الكوري بالقاهرة لمدة عام. مما أهلني للحصول على شهادة إتقان اللغة الكورية (توبيك).
ولكن سرعان ما انتهت رحلتي بالمركز بمجرد أن تخرجت من الجامعة بسبب اضراري للعمل. ولكن ظل حلمي هو هدفي الأول وبدأت بالتحضير للتقدم للحصول على المنحة بجانب عملي. بدأت تحضير الأوراق المطلوبة وملئ استمارات الطلب بانتظار اليوم الذي سوف أذهب فيه إلى المركز مرة أخرى وأقدم فيه أوراقي. لمدة 7 أشهر منذ تخرجي من الجامعة.
كنت أبذل أقصى جهدي لتحضير كل شيء على أكمل وجه وحتى بجانب عملي المرهق، كنت أحضر لاجتياز بعض الاختبارات لزيادة فرصتي بالقبول. أتذكر أني حتى اشتريت نوع خاص من الورق لطبع الاستمارات عليه. لم يكن الأمر سهلا أبدا، ولكنه بالتأكيد كان أمرا يستحق المحاولة. وأخيرا جاء اليوم الذي ذهبت فيه للمركز وتقدمت بأوراقي للحصول على المنحة. لا أستطيع ان أنسى كلمات المسؤولة عندما أخبرتني أني ذكرتها بإحدى أصدقائها في كوريا التي كانت هي أيضاً أحد المقبولين في الأعوام السابقة. شعرت أنها إشارتي. وتمسكت بالأمل.
وبدأت رحلة انتظار طويلة كنت أتفقد فيها هاتفي كل دقيقة لربما سيرن وهناك من سيهنئني بالقبول في المرحلة الأولى. وجاء اليوم، عندما وردني اتصال لدعوتي لحضور مقابلة شخصية. تجهزت للمقابلة وذهبت مع والدتي التي كانت تدعمني بشدة. لن أكذب، ولكني كنت خائفة جدا. ربما قول الشعور بالرعب سيكون ادق وصفا لمشاعري في تلك اللحظة، لحظة انتظار الدخول لغرفة المقابلة. ولكن الحقيقة كانت أجمل بكثير من تخيلاتي المرعبة فكانت مقابلة لطيفة وقصيرة أيضا. انتهى اليوم وعُدت إلى منزلي من دون أي توقعات لأنها كانت حقاً منافسة قوية فكان كل من بالقاعة يستحق المنحة بالتأكيد.
وفي اليوم التالي تفاجأت باتصال لتهنيئي بالقبول في المرحلة الأولى وأنه سيتم إرسال أوراقي للهيئة الوطنية للتعليم الدولي (إن آي آي دي) التابعة للحكومة الكورية الجنوبية للمرور ببقية المراحل. قلبي توقف للحظة ولم استوعب ما يقال لي. حلمي يتحقق؟ أنا حقا قُبلت؟ هذه كانت كلماتي ردا على التهنئة. وأستطيع أن أقول إنها كانت من أسعد لحظات حياتي.
استمرت فترة الانتظار الطويل حتى المرحلة الثالثة بالمنحة التي انتهت برسائل القبول من الجامعات. وكان اختياري الأخير هو لكلية إدارة الأعمال بجامعة هانيانغ، بالعاصمة سيئول. بعد ذلك علمت أني سوف التحق بجامعة شونام بمدينة كوانج جو بجنوب منطقة جولا-دو لدراسة اللغة والثقافة الكورية لمدة عام قبل البدء بالدراسات العليا. لم أكن اعرف أي شيء عن كوانج-جو لذلك شعرت بالخوف قليلاً، ولكن سرعان ما تبدل هذا الخوف بالسعادة عندما وصلني خطاب الدعوة من الحكومة الكورية الذي تقدمت به للحصول على تأشيرة الدخول.
أشهر من الانتظار والخوف والقلق والدعاء المستمر لتحقيق حلمي. اتذكر ليالي كثيرة قضيتها وأنا لا أستطيع النوم بسبب قلقي من ضياع حلمي، ولكن في النهاية اكتمل تعبى ومجهودي، وسعى سنين طويلة، بالقبول في المنحة وأخيرا بوصولي لكوريا الجنوبية. في الحقيقة ومقارنة بأصدقائي الأجانب الآخرين، فأنا لم أواجه أي نوع من الصدمات الحضارية. لربما لأني كنت منغمسة لمدة طويلة في الثقافة واللغة، لا أعرف، ولكني لم أواجه أي مشاكل عند وصولي إلى هنا. بعد وصولي كوريا بدأت في محاضرات اللغة الكورية التي أهلتني أن احصل على مستوى مرتفع في امتحان إجادة اللغة الكورية، والذي أيضا مكني بالفعل بالبدء في دراساتي العليا.
كانت سنة ممتعة لأني كنت أقوم بما أحب. ربما لم تكن كما تخيلت بسبب التغيرات الكثيرة التي حدثت بسبب فيروس كورونا 19، ولكن بالتأكيد تعلمت الكثير والآن أصبحت أجيد اللغة الكورية حتى أني أدرس الآن بها. الشيء الذي أخافني كثيرا وكنت أعتقد أنى لن أستطيع الدراسة بلغة أخرى غير اللغة الإنجليزية، ولكن الآن أقوم به وربما أيضا أصبح التحدث باللغة الكورية أكثر راحة بالنسبة لي مقارنة بأي لغة أخرى. ومن المضحك أن أصدقائي الكوريين بسيئول يسخرون من طريقة كلامي لأن عِندي لكنة (ساتورى) منطقة جولا-دو، نظرا لعيشي في مدينة كوانج-جو لمدة عام. وفي بعض الأحيان أجد الموقف مرح ومضحك كونى أجنبية تتحدث بلكنة للغة غير لغتها الأم، وأوقات أخرى أتمنى أن أغير طريقة كلامي، ولكنى في الحقيقة حتى لا أستطيع تميز لكنتى المختلفة! لكن بالتأكيد كل الشكر والامتنان للحكومة الكورية لأعطائي الفرصة لتحقيق خطواتي الأولى من حلمي. وأيضا شكرا لأمي وللمركز الثقافي الكوري بالقاهرة ولمدرساتي بمعهد اللغة في جامعة تشونام وأساتذتي الآن بجامعة هانيانغ.
يمكنكم معرفة المزيد عن برنامج منحة الحكومة الكورية بمراحله المختلفة، بالإضافة إلى منح أخرى سواء حكومية أو مقدمة من
الجامعات على هذا الموقع:
https://www.studyinkorea.go.kr/ar/main.do
sarahoqelee@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.