مدينة سيئول. (الصورة من كوريا.نت)
بقلم مراسل كوريا.نت الفخري عبد العظيم محمود حنفي(الأستاذ في أكاديمي مصري) من مصر
كان المفكر الامريكي الشهير صمويل بي هنتجتون من كبار العجبين بالنموذج الكوري في التنمية وكان محقا، فخلال العقود الاخيرة من القرن العشرين تعافت كوريا الجنوبية من دمار الحرب الكورية.
وظهرت باعتبارها مصدرا هاما للمصنوعات، بما في ذلك السيارات والاليكترونيات والسفن والآلآت، في عام 1980 كانت كوريا الجنوبية دولة نامية نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي فيها أقل منه في الاكوادور أو بيرو أو جنوب افريقيا، بحلول منتصف التسعينيات من القرن الماضي كانت قد انضمت لصفوف الدل المتقدمة واصبحت عضوا في منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ذات السمعة الطيبة وهي منظمة تضم 30 من البلدان الغنية .وكوريا الجنوبية التى يسكنها 48,7 مليون نسمة هي خامس اكبر مصدر وسابع اكبر مستورد.
صعد نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي في الفترة من عام 1980 إلى عام 2009 -وفق إحصاءات صندوق النقد الدولي( بالدولار الثابت ) -بنسبة رائعة هي 360 %. كتب صمويل بي هنتجتون يتساءل عن سر ذلك النجاح الصاروخي في التنمية، وتوصل إلى أن هناك اسبابا كثيرة لذلك النجاح لكنه اكدان الثقافة الكورية تلعب دورا مؤثرا في تفسير ذلك الرقي الاقتصادى ؛ إذ ان الكوريين الجنوبيين يعلون من قيمة الاقتصاد المزدهر والاستثمار والعمل الشاق والتعليم.
علاوة على التنظيم والانضباط. لاحظ المستشرق الشهير برنارد لويس يوما أنه حين يتحقق الناس من أن الأمور تسير في اتجاه خاطيء" فإنهم يسألون أحد سؤالين : الأول، ما الخطأ الذي ارتكبناه ؟ والثاني، من فعل هذا بنا؟، السؤال الثاني يقود إلى نظريات المؤامرة أو مشاعر العظمة قرينة الاضطهاد، ويفضي السؤال الأول إلى مسار آخر مغاير في التفكير : كيف نصحح الوضع.. والملاحظ أن الدول التي اختارت نظريات المؤامرة تعثرت في جهود التنمية، بينما سألت كوريا الجنوبية نفسها : كيف لنا ان نصحح الوضع ؟ فنجحت.
وقد توصل أحد رواد تاريخ الاقتصاد, وهو" ديفيد لاندس" في دراسة مميزة له حول العوامل التي ساهمت في النمو الاقتصادي في جميع انحاء العالم طوال التاريخ. إلى نتيجة بسيطة، هي : " لو كان تاريخ التنمية الإقتصادية علمنا شيئاً فقد علمنا أن الثقافة تحدث الفرق كل الفرق. بعبارة أخرى هناك بلدان تنمو بمعدلات أكبر من بلدان أخرى، لأن ثقافتها أكثر تشجيعاً على النمو، وهو ما يعني ضمنياً أن الثقافة هي الخصيصة الحاسمة في نجاح النمو الإقتصادي".
كذلك أضافت " آمى تشو" في كتابها الرصين حول موضوع ذي صلة ( العولمة ) الكوريين في الولايات المتحدة وغيرهم من الأقليات المغتربة الاخرى الناجحة.. كأمثلة إضافية على أهمية الثقافة وتأثيرها. وحتى جيفري ساكس، النزّاع إلى الشك في الثقافة، يعترف بتأثيرها. ففي جوهر فصل في احد كتبه: الثقافة مهمة، يقول إن الثقافة لا تهم. ورغم أن هذه الفكرة الرئيسية تتكرر في موضوع كتابه: نهاية الفقر، إلا أنه في مرحلة ما أضاف أيضا الآتي: "حتى عندما تحاول الحكومات إحراز التقدم لبلدانها، قد تُشكل البيئة الثقافية عقبة أمام التنمية. فعلى سبيل المثال، قد تمنع المعايير الثقافية أو الدينية دور المرأة، تاركة نصف السكان دون حقوق اقتصادية أو سياسية.
ولعل احكم الكلمات عن مكانة الثقافة في شئون البشر هي كلمات داييل باتريك موينيهان الذي قال " الحقيقة المحورية المحافظة هي أن الثقافة وليست السياسة هي التى تحدد نجاح المجتمع . فالعوامل االثقافية تصيغ التطور الاقتصادي السياسي وليست الثقافة بالطبع هي العامل الرئيسي الوحيد، فهناك البيئة المؤسسية. وبالتوسع في فكرة لاندس الرئيسية حول الموضوع، رأي بعض الإقتصاديين "إن أحد أسباب تطور كوريا الجنوبية هو أنها تملك ثقافة مناسبة لذلك. فلقد علق الكوريون أهمية على (1) المساعي المادية؛ (2) العمل الجاد؛ (3) الادخار للمستقبل؛ (4) الاستثمار في التعليم؛ و(5) قيم المجتمع." لقد اصبحت كوريا الجنوبية نموذجا رياديا للتقدم للدل النامية .
kyd1991@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلينا الفخريين هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا مع كوريا.نت.