تحدث أحد القادة السبعة الكبار في الحزب الشيوعي الصيني ، وهو رئيس اللجنة المركزية للتفتيش الانضباطي وانج كيشان ، عن أوبريت كوري شهير ، وذلك خلال لقاء عقده مؤخرا مع وفد من المسئولين الزائرين.
وقال وانج خلال اللقاء : "هذا العمل الدرامي يجتاح الصين حاليا".
وقال المسئول رفيع المستوى إن السبب الرئيسي لهذا التأثير الكبير الذي أحدثه هذا الأوبريت عبر أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا ، فضلا عن الأراضي الصينية ، هو أن "جوهر وروح الأوبريت الكوري هو الثقافة التقليدية الصينية ، فهو يروج للثقافة التقليدية الصينية في صورة دراما تليفزيونية".
ووراء العالم الذي يضم كبار السياسيين ، توجد قصة تبدو مرعبة ولكنها اشتهرت في الوقت الحالي تعبر بشكل جيد عن هذا العرض ، تتحدث عن امرأة حبلى من إقليم جيانج سو في شرق الصين.
وهذه المرأة تعرضت للإجهاض بعد أن ظلت لأكثر من ليلة على التوالي تشاهد العرض التليفزيوني وهي تفرط في الشراب وتناول الدجاج المقلي.
أوبريت "حبي من النجم" على شبكة إس بي إس من بطولة الممثل كيم سو هيون في دور دو مين جون ، والممثلة جون جي هيون في دور تشون سونج يي. (الصورة من الموقع الإليكتروني الرسمي لأوبريت "حبي من النجم").
والعرض الذي أحدث كل هذا الضجيج والذي أثار أيضا حالة من الهوس في الصيني ، سواء بين كبار المسئولين أو بين النساء الحوامل أيضا ، وهو أوبريت "حبي من النجم" الذي عرضته شبكة إس بي إس.
وهذا الأوبريت ساعد في الفترة الراهنة على زيادة الشعبية الهائلة التي تتمتع بها بالفعل المسلسلات التليفزيونية الكورية في مختلف أنحاء الصين.
وتدور فكرة العرض الذي بدأ بثه منذ ديسمبر الماضي وحتى 27 فبراير الماضي ، وقد أطلق عليه "حبي" اختصارا ، حول مخلوق فضائي غريب هو دو مين جون يهبط بالصدفة إلى كوكب الأرض قبل 400 عام من الآن في عصر جوسون (من 1392 إلى 1910).
ويلتقي مع نجمة بوب مثيرة ومشهورة ، وهي تشون سونج يي ، التي تعيش حياتها على هواها ، وبطبيعة الحال ، يقع كل منهما في حب الآخر.
وتماما مثلما فعل قبل 400 عام ، وبدون وجود تجاعيد على وجهه الشاب ، كان دو ممتلكا بقوى خارقة تجعله يرى ويسمع الأشياء التي قد لا يتابعها الناس العاديون.
كما أن بإمكانه الانتقال من مكان إلى آخر ، ويستطييع أيضا توقع الذي سيحدث في المستقبل القريب.
ومع ذلك ، فقد حدثت مشكلة كبيرة لكل من دو وتشون.
مقال في الصفحة الأمامية لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية يوم 8 مارس يقول : "المسئولون الصينيون يتناقشون في أسباب عدم قيام الصين بإنتاج أوبريت بنفس الجودة التي قدمتها كوريا الجنوبية في هذا الأوبريت". (الصورة من الصفحة الرئيسية لصحيفة واشنطن بوست).
فعلى الرغم من أن المقابلة الأولى لم تكن سهلة ، فإن عدم الفهم ، وأحيانا الكراهية ، تزدهر بين الإثنين ، وفي نقطة ما ، يكتشفان فجأة حقيقة مشاعرهما تجاه بعضهما البعض.
ومع تنامي مشاعره تجاه النجمة الشهيرة يوما بعد آخر ، يواجه الغريب البالغ من العمر 400 عام صعوبة لم يجدها من قبل ، فقد كان عليه ، أن يسافر من جديد عائدا إلى كوكبه ، أي من المكان الذي جاء منه في الأساس ، وهو في نجمه.
ولم يكن أمام دو أي اختيار سوى العودة إلى وطنه في النجم ، إلا أنه يعود إلى كوكب الأرض ليعيض مع تشون ، وتختتم قصة الحب بنهاية سعيدة.
وعندما بدأ بث الحلقة الأخيرة يوم 27 فبراير الماضي في كوريا ، كان الجمهور الصيني أيضا يستطيع وقتها مشاهدة المسلسل في توقيت عرصه ، كما كانت خدمات الترجمة الفورية تقدم نصوص الترجمة بالصينية على الشاشة ، وهي خدمة لم تكن ونشرت وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم مقالات وتقارير عن هذه الدرجة غير المسبوقة من حمى الإعجاب بالدراما في مختلف أنحاء البلاد.
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالا يوم 7 مارس بعنوان "المسئولون الصينيون يتناقشون في أسباب عدم قيام الصين بإنتاج أوبريت بنفس الجودة التي قدمتها كوريا الجنوبية في هذا الأوبريت" ، وتناول المقال الطريقة التي أبدى بها الصينيون إعجابهم الشديد بعرض "حبي" ، بقولها إن "هذا العمل الدرامي نجح في اجتذاب 2,5 مليار مشاهدة على الإنترنت ، وأصبح الأعلى من حيث المشاهدة في البلاد".
وواصل المقال حديثه قائلا : "بعد أن تعرفت بنفسها على حجم الهوس الذي أحدثه هذا العمل الدرامي في الصين ، فقد أمضت إحدى لجان الهيئة الاستشارية السياسية الصينية صبيحة يوم كامل في بحث كيفية عدم قيام الصين بإنتاج أوبريت بنفس الدرجة من الحجم والجودة". وأضاف أن شعبية الدراما الكورية تعتبر "ضربة كبيرة لثقة الصين في ثقافتها".
كما تناولت صحيفة "كوانج مينج" اليومية الصينية الموضوع نفسه في عدد 11 مارس في مقال كان عنوانه "الصين تحتاج إلى تعلم الإبداع من الدراما الكورية" ، فيها عناصر تلهب مشاعر المشاعدين إلى أقصى درجة يمكن تخيلها".
ووصف المقال هذا العمل الدرامي بأنها "قطعة فنية رائعة تصور بشكل جيد جمال العواطف الواسعة النطاق بين الناس ، بداية من الحب ، ومرورا بالمواساة ، ونهاية بالتأثير.
وذكر أيضا أن المشاهدين عادوا إلى منازلهم مرهقين بعد أن أمضوا يوما طويلا في أعمالهم ، ووجدوا في الأوبريت "هدوءا عاطفيا".
وعلى الرغم من أنهم كانوا يتابعون العرض الدرامي بأعينهم ، فإن ما يدور في أذهانهم هو أنهم كانوا ينظرون من جديد إلى أنفسهم ، ويحاولون مقارنة ما يشاهدونه بالشخصيات التي أمامهم.
واعتبرت الصحيفة أن العمل الدرامي أحدث تأثيرا اجتماعيا وثقافية ونفسيا لدى المشاهدين ، وأن هذا التأثير هو السبب وراء هذا النجاح الكبير الذي حققه العرض.
وفي الوقت نفسه ، نشرت صحيفة صينية أخرى هي صحيفة "كيونج هوا سيبو" في عددها الصادر يوم 6 مارس مقالا شرحت فيه لماذا اجتذب عرض "حبي" هذا القطاع العريض من الجمهور من شتى أنحاء الصين.
واكتشفت الصحيفة أن السبب الأول في واقع الأمر هو أن "الدراما تستخدم استراتيجية دقيقة وقوية لكسب مستهلكيها المستهدفين ، وبخاصة النساء ، ولنقل مشاعر مليئة بأحاسيس الغموض الفريدة".
وأشار التقرير أيضا إلى أن "الأوبريت يلقي ضوءا جديدا على أنماط الحياة الكورية ، ويثير الفضول بين الجمهور الصيني ، ويجعلهم أكثر رغبة للتعرف على شكل الحياة والناس في كوريا".
وأضافت الصحيفة أن هذا العمل الدرامي يخلق أيضا أجواء شبيهة بالأحلام بفضل أسلوبها المعقد والمميز في التصوير".
مشاهد من أوبريت "حبي من النجم". (الصور من الموقع الإليكتروني الرسمي للعرض).
واجتذب نجاح عرض "حبي" الاهتمام تحديدا بما ارتداه بطلا العرض وما كانا يقرءان وحتى يأكلان ، فالعديد من ملامح الثقافة الكورية الحديثة والحضرية التي تتراوح ما بين الطعام والأدب والموضة أصبحت الآن من أكثر الأشياء التي يسعى الناس إلى معرفتها والحصول عليها ، وأصبحت من أكثر السلع شراء في الصين.
وبعد مشهد واحد ظهرت فيه البطلة "تشون" التي تقوم بدورها الممثلة جون جي هيون وهي تأكل الدجاج المقلي والبيرة أو "التشيماك" في اللغة الكورية ، بدأت المطاعم الصينية في تقديم الوجبات التي تتضمن الدجاج المقلي والبيرة.
وتصطف طوابير طويلة من الناس أمام مطاعم التشيمايك لمشاهدة وتجربة الأكلات التي تفضها الشخصيات المفضلة لهم على التليفزيون.
كما تبيع ماركات تجارية كورية معروفة من المكرونة منتجات مثل الكعك الحار في أنحاء الصين.
وبعد مشهد آخر يبدو فيه البطل الرئيسي في القصة ، دو مين جون ، والذي يقوم ببطولته الممثل كيم سو هيون ، وهو يأكل من آنية من المكرونة في جزيرة نائية ، بدأ الكثير من الجمهور الصيني يبحث عن النوع نفسه من المكرونة.
وفي الوقت نفسه ، فقد بدأت تغزو أرفف المكتبات الصينية في الفترة الأخيرة نسخ من لغة الماندارين من رواية "حلم السحابة التاسعة" ، وهي رواية كلاسيكية كورية كتبها كيم مان جونج أديب عصر جوسون (من 1637 إلى 1692) ، وذلك لمجرد أن دو قال إن هذه الرواية هي كتابه المفضل.
الممثلة جون جي هيون – إلى اليسار – والممثل كيم سو هيون الشخصيتان الرئيسيتان في "حبي من النجم" في مؤتمر صحفي في ديسمبر الماضي. (الصورة من الموقع الإليكتروني الرسمي لـ"حبي").
واهتمت العديد من محطات التليفزيون الصينية بالشخصيتين الرئيسيتين في هذا العمل ، فقد دفعت محطة جيانج سو الفضائية الصينية ألف مليون وون كوري لكيم سو هيون من أجل الظهور في برنامج المنوعات لديها "العقل السوبر" ، وعرضت المحطة 400 مليون وون كوري مقابل ظهوره في البرنامج ، والباقي مقابل نفقات حضوره لعرض في نان جينج يوم 8 مارس ، والتي شملت تأجير 600 من الحراس الخصوصيين لحمايته.
وقال ناقد درامي كوري : "على الرغم من أنه من المألوف أن تحقق قصة حب درامية يقوم ببطولتها ممثلون وممثلات مشهورون هذا النجاح ، في الداخل والخارج ، فإنه من المدهش ومن غير المسبوق أن تتحدث صحيفة يومية أمريكية رائدة وكذلك سياسي صيني عن هذا العمل".
وقال أيضا : هذا مؤشر على أن الصين ، وهي بلد مهتم بأن يصبح واحدا من القوى العظمى في العالم ، تعتزم الاستثمار بصورة أكبر في ثقافتها الشعبية ، باعتبارها من وسائل تطوير أعمال ذات قمة مضافة عالية".
بقلم :
سوهن جي آي
كوريا دوت نت
jiae5853@korea.kr