هونغ أن-جي
"إقامة العلاقات الدبلوماسية بين كوريا وكوبا كانت بمثابة هدية مفاجئة. لأن بذلك يكون حلم بناء علاقات دبلوماسية وإنشاء قنصلية كورية في كوبا، الذي لطالما حلمت الجالية الكورية في كوبا قد تحقق".
هذا ما أخبرتنا به الكورية من الجيل الثالث في كوبا مارثا ليم كيم في المقابلة المكتوبة التي أجرتها مع كوريا نت يوم 21 مارس الماضي.
وأخذت الأستاذة مارثا زمام مبادرة توحيد ذوي الأصول الكورية في كوبا أثناء عملها كأستاذة للفلسفة بجامعة ماتانزاس لمدة 33 عاما في كوبا. وتأثرت كثيرا بوالدها الناشط ليم تشيون-تيك الذي عمل كمعلم وشارك في حركة الاستقلال الكوري في كوبا خلال فترة الاستعمار الياباني كما كان من مؤيدي حكومة جمهورية كوريا المؤقتة. ولطالما افتخرت الأستاذة مارثا بأصولها الكورية ونشرت كتابا بعنوان ’الأحفاد الكوريون في كوبا‘ لكي تنشر ما تعلمته من والدها حول أهمية الثقافة الكورية وتاريخ الهجرة الكورية. ويعتبر هذا الكتاب المرجع الوحيد الذي يضم بشكل كامل تاريخ هجرة الكوريين إلى كوبا ابتداء من يوم 25 مارس عام 1921 حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي حين بدأت الثورة الكوبية.
ونقلت لنا الأستاذة مارثا الأجواء الكوبية حول إقامة العلاقات الدبلوماسية مع كوريا قائلة "الأجواء العامة ترحب بالعلاقات الدبلوماسية الكورية الكوبية التي أقيمت يوم 14 فبراير، وتتوقع بتحسن الاقتصاد الكوبي كنتيجة لذلك".
ونشارك معكم اليوم جزءا من مقابلتنا معها.
- من فضلك حدثينا حول الخلفية التاريخية للهجرة الكورية إلى كوبا وما هي جمعية الجالية الكورية لدى كوبا.
جاء إلى ميناء ماناتي في كوبا يوم 25 مارس عام 1921 الكوريون الذين هاجروا إلى المكسيك للعمل في المجال الزراعي بنهاية عهد جوسون. كانت صدورهم تغلي بالحزن والقهرة حول كونهم شعب دولة مستعمرة، وعلى الرغم من ذلك تحملوا الصعوبات وانتقلوا إلى كوبا للعمل في مزارع قصب السكر. وفي البداية كان الأمر عسيرا لأنهم لم تكن لديهم أي خبرة في ذلك المجال. ولسوء الحظ انخفضت أسعار السكر حول العالم في تلك الفترة مما زاد الطين بلة. ومع انخفاض أسعار السكر تأثرت بالطبع أجور العمال في ذلك المجال بشكل كبير. ولم يكن أمامهم خيار سوى مواجهة الواقع القاسي والاضطرار للعمل في مزارع هينيكوين (نبتة سيسال كوبا) التي كانت ترفض الطبقة الفقيرة في كوبا العمل فيها.
وحين هاجر الكوريون إلى كوبا طلب منهم قنصل اليابان أن يسجلوا أنفسهم على أنهم يابانيون. واحتج الكوريون على ذلك احتجاجا شديدا وأسسوا جمعية الجالية الكورية في كوبا داخل مزرعة إل بولو في ماتانزاس يوم 14 يونيو عام 1921. وبمناسبة ذلك، تم تنفيذ أنشطة تعليمية وتعريفية حول الأمة الكورية وحركة الاستقلال من أجل تعزيز الهوية الكورية. وعندما سمع الكوريون في كوبا عن حركة 1 مارس للاستقلال التي تحدث في الوطن، قاموا بتشكيل جمعية الجالية الكورية في عام 1923 وبدأوا هم أيضا حركة استقلال كاملة. ونظموا يوم 1 مارس من ذلك العام مظاهرة احتجاجية من أجل إعلان استقلال كوريا. وأصبح يوم 1 مارس من كل عام يوم إحياء ذكرى تلك المظاهرة ويقام فيه فعاليات عديدة حيث يكون هناك موكبا في الشوارع ونرتدي الهانبوك ونجتمع معا للاحتفال وتناول الطعام. كما حافظنا على تنظيم حفلات أعياد الميلاد والزفاف على الطريقة الكورية وكان هدفنا الوحيد هو الحفاظ على استمرار التقاليد الكورية بين الأجيال القادمة.
- نحن نعلم أن حاليا لم يتبق أي كوري من الجيل الأول. وسمعنا أن الهوية الكورية ضعفت شيئا فشيئا مع اندلاع الثورة الكوبية في عام 1959 التي تلاها إنهاء العلاقات الدبلوماسية الأمريكية الكوبية وعلى آثارها تباعدت العلاقات الكورية الكوبية. من فضلك حدثينا عن تعداد الجالية الكورية حاليا في كوبا وكيف هو وضع الهوية الكورية؟
السجلات الرسمية تشير إلى وجود 1118 شخصا من أصول كورية في كوبا ويتغير هذا الرقم مع زيادة المواليد والوفيات والمهاجرين. ويطلق لقب الجيل الأول على أول مجموعة من الكوريين هاجرت إلى المكسيك. والجيل الثاني هو أبناء الجيل الأول المولودون في المكسيك. أما أحفاد الكوريين في كوبا فهم يتراوحون بين الجيل الثالث والسادس ومن بينهم 33 طفلا ولدوا لأب وأم كوريين أما البقية فقد ولدوا بين ذوي الأصول الكورية وسكان كوبا.
وحدثت تغيرات سريعة جدا في المجتمع الكوبي في الخمسينيات من القرن الماضي ونتيجة لذلك تشتتت الأسر الكورية وتم قبع الأنشطة المجتمعية. وضعفت الهوية الكورية بسبب هذه الأوضاع وعلى الرغم من ذلك في عام 1995 بدأ إنشاء مجتمع كوري جديد في كوبا من أجل إحياء الهوية الكورية ونرى في جيل الشباب إدراك للهوية الكورية ومحاولات لإنماء حبهم للوطن والأسلاف. ويوجد العديد من العوامل الضرورية لاستعادة الهوية الكورية من ضمنها برامج التبادل التي تنظمها الحكومة الكورية من أجل الشباب الذين يلعبون دورا كبيرا في تنمية وعي الشباب حول هويتهم.
- أسست كوريا وكوبا العلاقات الدبلوماسية في يوم 14 فبراير، ما هو تقييمك لهذه الخطوة؟
إقامة العلاقات الدبلوماسية بين كوريا وكوبا كانت بمثابة هدية مفاجئة. لأن بذلك يكون حلم بناء علاقات دبلوماسية وإنشاء قنصلية كورية في كوبا الذي لطالما حلمت به الجالية الكورية في كوبا قد تحقق لأول مرة منذ 65 عاما. وستكون هذه الخطوة بمثابة نقطة انطلاق لتوسيع التبادلات والتعاون بين البلدين في المجالات المختلفة مثل الثقافة والاقتصاد. وسنبذل قصارى جهدنا لتعزيز الصداقة بين مواطني البلدين وزيادة الفخر حول نسلنا الكوري.
- ما هي ردود الفعل المحلية حول قرار إقامة العلاقات الدبلوماسية الكورية الكوبية؟
يرحب الشعب الكوبي بالأمر جدا ويشجعونه كثيرا لأنه بمثابة خطوة مهمة نحو تحسين المستوى الاقتصادي في كوبا.
انتشرت الموجة الكورية أو الهاليو في كوبا مثلما انتشرت في البلدان الأخرى حول أمريكا الوسطى والجنوبية منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبدأ الاهتمام بالثقافة الكورية في كوبا بالكيبوب وكي دراما وكي أفلام. وانتشر ذلك الاهتمام على نطاق واسع بين الجمهور المحلي. وبالطبع مع زيادة المهتمين بالثقافة الكورية وتعمقهم في التعرف على الثقافة، ازداد أيضا اهتمامهم بتعلم اللغة الكورية. ويرى الكثيرون في تعلم اللغة الكورية وسيلة للحصول على المزيد من الفرص لتحقيق أحلامهم مثل السفر للدراسة في كوريا. ويطمح الكثيرون في صنع رحلات طيران مباشرة بين كوريا وكوبا.
- عادة تعمل السفارات الكورية والمراكز الثقافية الكورية الموجودة في الخارج كمراكز لترويج الموجة الكورية (الهاليو). وحتى الآن، لم تكن لكوبا علاقات دبلوماسية مع كوريا، لذلك كانت هذه الأنشطة مستحيلة. في رأيك، هل من المتوقع أن تلعب السفارة الكورية دور ’مركز للموجة الكورية‘ في كوبا؟
ومع إقامة العلاقات الدبلوماسية بين كوريا وكوبا، أنشأت النوادي للموجة الكورية لدى كوبا أساسا للأنشطة أفضل بكثير مقارنة بالماضي. ونتطلع لحصولها على الدعم في كل خطوة حتى تتمكن من استضافة الفعاليات والتجمعات الثقافة الكورية وتواصل النمو أكثر وأكثر في المستقبل.
- وأخيرا، هل هناك ما تتمنيه للحكومتين الكورية والكوبية بمناسبة إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما؟
لقد أبرمت كوريا وكوبا العلاقات الدبلوماسية، ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات أمام البلدين. وهناك الحاجة إلى زيادة الطلب على الزيارات المتبادلة بين البلدين لأغراض مختلفة مثل السياحة والأعمال. ومع ذلك، نظرا للعقوبات الأمريكية، إذا كنت قد زرت كوبا، فقد يكون من الصعب زيارة الولايات المتحدة بدون تأشيرة وباستخدام تصريح السفر الإلكتروني. وبالنظر إلى هذه الصعوبات، يتعين على البلدين إعداد التدابير والسياسات الفعلية لتوسيع التبادلات الثقافية والاقتصادية بينهما.
ومن ناحية أخرى، يجب على البلدين إعداد تدابير الدعم الاقتصادية لتوسيع التبادلات والتعاون في المجالات غير السياسية مثل الثقافة والتبادل البشري والتعاون التنموي. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة تعزيز سياسات تثقيف الكوريين في كوبا حول تاريخ هجرتهم لترسيخ هويتهم والعثور على آبائهم وإخوتهم وأخواتهم البيولوجيين الذين انفصلوا عن بعضهم البعض بسبب هجرتهم إلى الخارج.
shong9412@korea.kr