أسطورة برج بابل جاءت من اعتقاد الإنسان بأن قدراته قد تفوق كل الحدود.
وبسبب هذا الغرور، قرر الخالق أن تكون هناك لغات متعددة تسبب اختلافات في التواصل، وفي النهاية، تم تدمير برج بابل، وهو برج كان يهدف أساسا للوصول إلى أعلى السماء.
هذه الأسطورة تذكرنا الآن بأهمية التواصل، فمع تنامي عدد السكان وتطور الحضارات، يزداد عمق التنوع الثقافي، وبذلك تزداد حالة التعقيد اللغوي.
ولتسهيل الحوار والاتصال بين البشر والثقافات، وجعله أكثر بساطة، تتطور "الترجمة" بشكل لا يمكن تجنبه.
وتقدم الترجمة لنا الثقافات المتنوعة، كما تجعل ثقافتنا أكثر ثراء، ومن المستحيل تفسير تطور الحضارات والتاريخ بدون الترجمة، نظرا لأنها تربك بين الثقافات الإنسانية التي تعيش في أجزاء مختلفة من العالم وتوسع نطاق حياتنا ، واليوم، دور الترجمة هو نفس الدور، فأهميتها وقيمتها أصحبتا أكبر، وكل عام، توجد الكثير من الأعمال التي تتم ترجمتها وتظهر على أرفف المكتبات، وهو ما يثبت أن الطلب على الثقافات الأخرى والمعلومات والمعرفة يزداد قوة.
ولسنا في حاجة لأن نتحدث عن أهمية الترجمة للأدب العالمي، فكل الأعمال الأدبية تتقاطع مع حياتنا اليومية، مثل القصائد والروايات والمقالات، وتجري عملية الاتصال والترجمة على كدار فترة طويلة من الوقت، والتبادلات والاتصالات من خلال الأدب تختلف بوضوح عن العلاقات السياسية أو الاقتصادية التي تعتمد على اهتمام الفرد بالمكسب أو الخسارة، بل تذهب أبعد من مجرد العلاقات الاقتصادية إلى مس المشاعر الإنسانية التي تقود إلى مستوى من التبادل الثقافي عالي المستوى الذي يدعم الثقة والصداقة.
وقد تأسس المعهد الكوري للترجمة الأدبية LTI Korea عام 2001، وذلك بهدف توسيع نطاق التبادلات الثقافية من خلال الترجمة، وللإسهام في الثقافة العالمية.
ويرأس المعهد كيم سيونج كون وهو باحث في الأدب الإنجليزي وناقد أدبي.
وقد التقى موقع كوريا دوت نت معه للحديث عن معنى ودور الترجمة في عالم اليوم، والذي تزول فيه حدود كل شيء وتصبح الأشياء كلها شيئا واحدا :
كيم سيونج كون رئيس المعهد الكوري للترجمة الأدبية يشرح معنى "الترجمة" وهو يؤكد أن حياتنا نفسها يمكن أن ننظر إليها على أنها أيضا ترجمات.
سؤال : ترجمت كتاب "ذا سكوير" لتشوي إين هون إلى الإنجليزية العام الماضي، فماذا كان رد الفعل على هذه الرواية؟
يمكن الاطلاع على الكثير من المراجعات عبر الإنترنت، فكثير من القراء وجدوا الرواية ممتعة وشعروا باليأس، وأعتقد بأن ذلك سببه الموقف الكوري الفريد من حيث العيش في ظل وقف إطلاق النار، بدون أن تنتهي الحرب رسميا، وكانت هذه الرواية قد تمت كتابتها أصلا في الستينيات من القرن الماضي، وما أعجبني أكثر هو أن الكاتب اختار طريقا ثالثا بدلا من اختيار اليسار أو اليمين، فأدركت أن الكاتب العظيم لا يجب أن يختار جانبا على الآخر، ولكن عليه أن ينظر إلى اتجاه ثالث.
ولكن كثيرا من الكتاب لا يتمكنون من الربط بين الأيديولوجيتين، ويجدون طريقا ثالثا عبر المصالحة بينهما، والأفضل بالنسبة لهم اختيار طريقة أسهل وهي : التسوية، وأعتقد بأن هذه هي المهمة التي يحتاجون إلى التغلب عليها.
فعليهم أن يكونوا متسامحين مع أولئك الذين يختلفون عنهم، ولكن ليسوا عدائيين، فهذه مهمة خطيرة بالنسبة لكل الدوائر الأدبية، وللمجتمع الفني بصفة عامة أيضا.
سؤال : الخلفية التاريخية للنهضة في أحد جوانبها أو لعصر التحديث الذي مرت به كوريا لا يمكن تفسيره بدون الترجمة، وعملية ترجمة كلاسيكيات الإغريق وروما إلى الإيطالية من العربية جاءت بالنهضة، والترجمة مكنتنا أيضا من تحديث كوريا من خلال توصيل المفاهيم الغربية إلأى كوريا، ويمكن أن نعتبر الترجمة رسولا يوصل بين الثقافات المختلفة، فما الذي تعنيه الترجمة اليوم في القرن الحادي والعشرين؟
نحن نرى الأمر كذلك أيضا، فحياتنا نفسها يمكن أن نشاهدها مثل الترجمات، وبمعنى آخر، نقبل التواصل بين الأفراد من خلال أنواع من الترجمة، ونحن ننظر إلى تعبيرات وجه الشخص، ونترجم كلماته لفهم رسالته، ولذلك فالترجمة أمر لا يمكن تجنبه.
وقديما، كان أومبيرتو إيكو الذي يدرس الترجمة في جامعة بولونيا الإيطالية يعتقد بأن كل شيء مثل الموسيقى والفنون وليس الأدب يتضمن الترجمة، وهذه هي خصائص دراسات الترجمة، وعندما نرى لوحة فنية، فإن ما نراه مختلف عن الذي يراه الفرنسيون مثلا، ونحن نقبل اللوحة بطريقة مختلفة من خلال الترجمة الأدبية بدون ملاحظة ذلك، ومشاهدة كل شيء كترجمة أمر مهم.
وثانيا، الترجمة ليست أقل مستوى من النسخة الأصلية، ففي مقدمة كتاب "اسم الزهرة"، يقول إيكو إن الكتاب ليس عملا أصليا، ولكنه ترجمة ثلاثية، فقد تمت ترجمته أولا إلى اللاتينية من جانب راهب في القرن الرابع عشر، وبعد ذلك ، تمت ترجمته من جانب قساوسة فرنسيين إلى الفرنسية في القرن التاسع عشر، ثم تمت ترجمة الكتاب من جديد إلى الإيطالية في أواخر القرن العشرين، وهذا سببه من وجهة نظري أننا أردنا أن نقول إن الترجمة ليست أقل أبدا من الأصل، وفي نهاية الأمر، كل ما نكتبه شكل مختلف عن الترجمة التي استخدمها القدماء.
وفي بعض الأحيان، تعتبر الموسيقى والفنون لغات عالمية يقبلها الناس بدون ترجمة، ولكن الأدب ليس كذلك، فهو يستغرق وقتا لنقل المحتوى إلى لغة أخرى، وهو صعب حتى وإن أصابه التغيير في عملية الترجمة، ونظريات اليوم تقول إن الترجمة لا يجب أن تكون كالأصل، فالترجمة شكل جديد للإبداع، فهيه صعبة كالإبداع.
ولدينا 25 استاذا في دورات أكاديمية المعهد الكوري للترجمة الأدبية، ووجدت الأمر ممتعا أن أجد أستاذا إسبانيا في الدورة يقول : "الترجمة هي أن تفكك منزلا، وتحمل مكوناته على قارب وتعبر المحيط لكي تبني منزلا مشابها له في مكان آخر، وبعد أن يتم هدم المبنى القديم، فإن المبنى الجديد لا يجب أن يكون المثل، ولسنا في حاجة لكي يكون مشابها له، فالترجمة تشبه بناء منزل جديد يناسب الأجواء في المكان الجديد، وأنا أتفق معه، فأعتقد بأن هذا هو معنى الترجمة، كما قال أيضا إنه من أجل إنتاج ترجمة جيدة، نحتاج لدراسة الأصل، والتأثر به، قبل الترجمة، تماما مثل الجندي الذي يتلقى رسالة من حبيبته، وإذا أردت أن تجني المال من خلال الترجمة فإنك لن تنتج ترجمة متميزة، وللترجمة الجيدة، يحتاج الناس إلى امتلاك ثلاثة شروط : أولا، عليهم أن يكونوا متمكنين من اللغة والثقافة، فإذا لم يكونوا على دراية بالثقافة، فإن هذا سيؤدي إلى ترجمات خاطئة، وثانيا عليهم أن يمتلكوا إحساسا أدبيا، وأخيرا ، من الضروري امتلاك قدرة رائعة في مجال الكتابة.
سؤال : تأسس المعهد الكوري للترجمة الأدبية في عام 2001، ما الذي تحقق من نجاحات بارزة منذ ذلك الحين؟
في الماضي، كانت الترجمات الفرنسية والألمانية تستحوذ على الجزء الأكبر من اهتمامنا، ولكن الترجمة الإنجليزية كانت أقل حجما، وبعد أن أصبحت رئيسا للمعهد الكوري للترجمة الأدبية، بنيت شبكة عمل مع الباحثين في مجال الأدب الإنجليزي، وأساتذة للأدب الكوري وغيرهم من الخبراء، وشكلت فريقا للغة الإنجليزية مع الأعضاء الكوريين الذين يتحدثون بالإنجليزية بطلاقة وكأنها لغة أصلية، ووقعنا عقدا مع مؤسسة دالكي أركايف بريس في الولايات المتحدة لنشر سلسلة من 25 عددا للأدب الكوري بعنوان "مكتبة الأدب الكوري"، وحتى الآن، أصدرنا 15 كتابا.
ولكي نعكس اتجاهات هذا الوقت، شكلنا فريقا للكتب الإليكترونية، وأنتجنا 30 كتابا، وقدمنا العديد من الكتاب الكوريين بالتعاون مع أمازون كروسينج، وهي شركة كتب إليكترونية تابعة لموقع أمازون دوت كوم، ومن بين هؤلاء الكتاب "هاي واي ويذ جرين آبل" لسواه باي، والذي صدر في اليوم الأول لأمازون، وهي صحيفة أدبية رقمية موجودة على موقع أمازون يصدر منها 20 ألف نسخة.
وبعض من الكتب التي حازت على شعبية كبيرة تمت طباعتها لاحقا ككتب ورقية في نيويورك، وكان من بينها أعمال باي التي صدرت ضمن سلسلة للأدب العالمي.
كما أنشأ المعهد الكوري للترجمة الأدبية تطبيقا يمكن المستخدمين من قراءة الأدب الكوري من خلال هواتفهم المحمولة الذكية، وقدمنا بيانات عن نحو 350 كاتبا كوريا، ومن بينهم شين كيونج سوك، في موقع ويكيبيديا بالإنجليزية والفرنسية.
وفي الماضي، وعندما كان الكتاب الكوريون يصدرون كتبهم في الخارج، كان النطق الإنجليزي لأسمائهم نفسه مختلفا في أماكن مختلفة، فعلى سبيل المثال، وفي حالة يي مون يول، وجدنا 12 نطقا مختلفا لاسمه، وبنينا قاعدة معلومات لتوحيد مثل هذه الاختلافات عبر مطالبة المؤلفين بتحديد النطق الإنجليزي الذي يفضلونه من أجل توفير معلومات موحدة على الإنترنت.
وهذا الشهر أيضا فتحنا مكتبة إليكترونية، والآن، عندما نكتب اسم كاتب كوري بالإنجليزية، نستطيع مشاهدة كل المعلومات المتعلقة عنهم من مختلف أنحاء العالم.
سؤال : نلاحظ أن المعهد الكوري للترجمة الأدبية يستضيف سلسلة من الأحداث الدولية، مثل مهرجان سيول الدولي للكتاب، ومعارض الكتاب الدولية في 11 دولة، مما يساعد الأدب الكوري على تبادل أعماله مع العالم، ما هي النتيجة التي تتوقعها، حتى وإن كان ذلك على المدى البعيد؟
بالنسبة لمهرجان سيول الدولي للكتاب، نظمنا برنامجا للإقامة يلتقي فيه اثنان من بين كل 14 مؤلفا غير كوري مع كاتب كوري لإمضاء أسبوع واحد سويا، وللاقتراب من بعضهم البعض، والتعلم من لغات الآخر، وبعد البرنامج، يعودون جميعا إلى بلدانهم ويقدمون الروايات الكورية، وربما يوجهون الدعوة في النهاية إلى المؤلفين الكوريين لزيارة دولهم، وأعتقد بأن مثل هذه التبادلات مهمة للغاية.
وسوف يقرأ المشاركون في البرنامج أعمال شريكهم، وسيزورون شوارع سيول، مثل دونج سونج دونج، وذلك لتدعيم فهمهم للمدينة، ونحن نهدف إلى عولمة شبكة كهذه، ومن خلال هذه الأنشطة، أعتقد بأننا نقوم بمهمة جيدة لتسهيل التبادل بين المؤلفين.
وفي واقع الأمر، فالتبادلات بين الكتاب الكوريين وغير الكوريين مهم لتقديم الكتاب الكوريين إلى العالم الخارجي.
كيم سيونج كون يقول إن الشروط المطلوبة للحصول على ترجمة جيدة أهمها توافر قدرات عالية من اللغات والثقافة، وإحساس أدبي جيد، وقدرات فائقة في الكتابة
سؤال : من وجهة نظرك، يمكنك أن تستنتج أن مترجما يجب أن يكون نخبويا لديه قدرة عالية في مجالي الترجمة والثقافة بلغته الأم، وباللغة المستهدفة أيضا، والترجمة تتطلب مزيدا من الجهد يفوق جهد من أبدع الأعمال الأصلية، فكيف يمكن أن نرعى مثل هذه العمالة المدربة بشكل جيد من وجهة نظرك؟
يجب أن يعلم الكتاب ما يكتبه المؤلفون في الدول الأخرى، ولذلك، هم في حاجة لمعرفة كثير من الأشياء وقراءة الكثير من أجل معرفة القضايا الدولية التي سيهتم بها العالم، وحتى المؤلفون المشهورون تنفد أفكارهم عندما يركزون على الكتابة، ولذلك، يتعين على الكتاب قراءة الأعمال لمؤلفين خارجيين ، وأن يزوروا الدول الأخرى كلما سنحت لهم الفرصة من أجل التعرف على القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك، وهذه أيضا من وسائل تطوير أنفسهم ولتكوين رؤية عالمية.
ولإنتاج ترجمة متميزة، يجب على المترجم أن يمتلك القدرة الكافية في كل من اللغتين للثقافتين، وإحساسا أدبيا قويا، وقدرات كتابة فائقة، ولتوافر هذه المتطلبات، يحتاجون إلى بذل مزيد من الجهد الذي يفوق جهد المؤلفين أنفسهم.
وهذا هو السبب الذي جعل المعهد الكوري للترجمة الأجنبية يعمل على تحسين أكاديميته للترجمة الأدبية، وتحويلها إلى مدرسة للخريجين، وبداية من الخريف المقبل، سيكون بإمكاننا العثور على طلاب رائعين لدورتنا الدراسية التي تمتد لعامين.
والبرامج أيضا ممتعة، ومن بينها "الترجمة الثقافية"، وفيه يترجم الطلاب الاختلافات الثقافية لكل من البلدين، وليس للغاتهم فقط، كما ندعو المؤلفين الذين كتبوا العمل الأصلي إلى مقر الدورة الدراسية لعقد مناقشات مع الطلاب أثناء ترجمتهم لأعمالهم.
ويتضمن البرنامج أيضا نوعا من الرحلات الميدانية التي يزور فيها الطلاب المقرات الأدبية للمؤلفين لكي يتعلموا المزيد عن نشأتهم، وهذا أمر ناجح للغاية، ولدينا الكثير من الطلاب الرائعين الذين يتقدمون للالتحاق بهذا البرنامج.
ونحن نقبل فقط أفضل الأعمال في البرنامج، ونغطي كل نفقات الإقامة والمعيشة.
وتعد صوفي بومان من المملكة المتحدة وفيكتوريا كودل من الولايات المتحدة من أفضل مترجمينا المتميزين، وقد حققتا نتيجتين طيبتين في الأكاديمية، ولديهما قدرات ترجمة رائعة، وفي حالة كودل، سنجد أنها جاءت إلى كوريا بمحض الصدفة، وعندما التحقت بمعسكر صيفي في مينيسوتا، التقت بصديق كوري شجعها على الاهتمام بكوريا، وبعد ذلك، دفعتها توصية من أحد أساتذتها للالتحاق بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية SOAS في جامعة لندن قبل المجيء إلى المعهد الكوري للترجمة الأدبية، وأسباب قدومها إلى هنا متنوعة، فبعض من طلابها التقوا بصديق كوري جعلهم يهتمون أكثر بكوريا، والتخصص في الدراسات الكورية، وكان هذا في جانب منه بفضل شعبية وسائل الإعلام الكورية، وأنا أحترم ثقافة البوب على ذلك، فهذه لثقافة مهدت الطريق أمام الأدب الخالص، والآن جاء الوقت لنا لكي نبدأ.
سؤال : الأدب الكوري يبدو هادئا منذ نجاح كتاب "أرجوك .. اعتن بوالدتي" لشين كيونج سوك .. فما هي الأعمال الأدبية الكورية التي تفوز بالاهتمام في الخارج هذه الأيام؟
بخلاف سواه باي، لدينا كيم يونج ها ، وهناك ناشر أمريكي كبير وهو هاوتون ميفلين هاركورت الذي أصدر ثلاثة أعمال لكيم هي : "جمهوريتك تناديني"، و"الزهرة السوداء"، و"من حقي تدمير نفسي".
وقصة "جمهوريتك تناديني" تدور جول جاسوس كوري شمالي يتسلل في سرية إلى كوريا الجنوبية في صورة طالب، بينما تدور قصة "الزهرة السوداء" حول التاريخ المبكر للكوريين الذين هاجروا إلى المكسيك، أما قصة "من حقي تدمير نفسي" فتدور حول موقع إليكتروني للانتحار.
والقراء الذين يتحدثون بالإنجليزية يجدون هذه الروايات ممتعة، ولذلك فاز كيم بشعبية كبيرة في الخارج.
وفي فرنسا، يحظى كل من هوانج سيوك يونج ويي مون يول بشعبية لا بأس بها، وكتاب "الضيف" لهوانج سيوك يعد من بين الأعمال المكتوبة بشكل جيد، وفي الماضي، أطلق الكوريون على الجدري اسم "الضيف"، ونظرا لأن المرض كان يترك آثارا مخيفة على الوجه، فقد أشار المؤلف إلى الطرق التي أثرت فيها تدفقات المسيحية والشيوعية على زيادة المخاوف على كوريا بصفة عامة، وأنا أتعاطف مع مثل هذه الأطروحات الرمزية، والمؤلف قال في كتابه إن مذبحة سين تشون التي وقعت في كوريا الشمالية خلال الحرب الكورية (من 1950 إلى 1953) كانت بسبب الصراع بين المسيحية والشيوعية، وليست من أعمال القوات الأمريكية.
وهذه الأيام أيضا، تحظى هوانج سان مي صاحبة كتاب "الدجاجة التي حلمت بالطيران" بشهرة كبيرة، وخلال معرض لندن للكتاب العام الماضي، اصطف الكثير من الناس في طابور للحصول على توقيع على كتابها.
من أجل تواصل الأدب الكوري مع العالم، يشدد كيم سيونج كون على أن الكتاب يحتاجون إلى تدمير الحدود والتعامل مع القضايا المهمة على المستوى العالمي :
سؤال : من فضلك، أخبرنا عن الطريقة التي بدأت بها خدمة المعلومات الشاملة بشأن الأدب الكوري في مجال الترجمة :
في الماضي، كانت لدينا فقط معلومات محدودة وجزئية ومقسمة، وكنا نفتقد إلى الخدمة المعلوماتية المتكاملة، وكان هذا أمرا سيئا، وفي هذا الصدد، بدأ المعهد الكوري للترجمة الأدبية هذه الخدمة مع تطوير مكتبته الإليكترونية، وشعرت بالحاجة إلى التكامل بين كافة المعلومات وجمعها كلها سويا، فعلى سبيل المثال، نقدم الآن كل المعلومات المتعلقة بمؤلف معين، ومؤخرا، حققت مكتبة المعهد الكوري للترجمة الأدبية نموا كبيرا، وأصبح عدد الكتب لدينا الآن يتخطى 15 ألف كتاب، ومعظمها كتب موجودة في المكتبة تحت الأرض، أما الكتب الموجودة في الطابق الأول فمعظمها كتب مترجمة.
ولدينا أيضا تبادلات مع الكثير من المكتبات في مختلف أنحاء العالم، وننشط كذلك في التبرع بكتبنا لهذه المكتبات، وأعتقد بأن دور مكتبتنا مهم بشكل كبير.
سؤال : ما هو المطلوب ليصبح الأدب الكوري عالميا، وللتواصل مع العالم؟
للنجاح في عالم الأدب وللتوغل في الأسواق حول العالم، نحتاج إلى ثلاثة أشياء : نحتاج إلى أعمال أصلية جيدة، وترجمات جيدة، وناشرين جيدين، فالأعمال الأصلية الجيدة يجب أن تتحلى بطابع فريد ومميز في تعاملها مع القضايا الكونية والعالمية، والأمران الباقيان يجب أن يتناغم كل منهما مع الآخر، فنحن في حاجة إلى شخص يكون مدركا للقضايا العالمية ويستطيع الكتابة عنها.
فعلى سبيل المثال، "اسم الزهرة" لأومبيرتو إيكو، و"اسمي أحمر" لأورهان باموك، و"دافينتشي كود" لدان براون، كلها تحمل شيئا مشتركا، فالمؤلفون كتبوا روايات لاستكشاف التاريخ، ولديهم أفكار متشابهة، وفي هذه الروايات ركز المؤلفون على القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الناس في العالم المعاصر : الشك في الحقائق المطلقة للعالم، وإدراك الحقائق الأخرى التي تخفيها الحقائق المطلقة، وقبول حقائق أخرى، فإذا كنا نريد كتابة مثل هذه الأفكار بموضوعات كورية، فإنها ستحظى بقبول جيد في الخارج.
وفي هذا الإطار، ومن الناحية الفعلية، فالناشرون العالميون يسألون عن أعمال مفيدة وممتعة، وهم ينظرون إلى القصص المكتوبة بأسلوب استقرائي للتاريخ.
وفي هذا الإطار، تعد كتب "ذا إيفرلاستينج إمباير" ليي إين هوا و"ديب روتد تري"، و"حديقة الريح" للي جيونج ميونج كتبا جيدة، فكلها تحمل موضوعات جيدة للغاية، وإذا كان للأدب الكوري مثل هذه الموضوعات العالمية بجودة عالية، فإنه سيفوز بردود فعل طيبة في الخارج.
سؤال : هذه الأيام، تبدو الترجمة تفقد أرضيتها مع زيادة اهتمام الناس أكثر بالجانب العملي والربحي ، فكيف يمكن أن تتغلب الترجمة على مثل هذه الظروف؟
من وجهة نظر مستندة إلى خبرات إدارية، المشروعات الثقافية غير فعالة، فهي تستغرق وقتا طويلا، ولا تحقق أرباحا مرئية كثيرة، فهذا الأمر صعب للغاية في مجال العلوم الإنسانية عموما، ومن بينها الأدب والترجمة، فمن الصعب تطبيق العقلية الإدارية على الفن والثقافة والأدب والترجمة، فهي أمور تستغرق وقتا طويلا، ولا توجد لها ملامح كثيرة مرئية، ومع ذلك، فإن لها تأثيرا مهما للغاية على العالم، وربما يكون للرياضة مثلا تأثير ملموس، باعتبار أنك يمكن أن تتعرف في آخر الأمر على النتيجة النهائية، ولكنني أعتقد بأنه يتعين على صانعي السياسات الوعي بأن الاعتراف العالمي بالثقافة هو أيضا أمر مهم.
وعندما اشتهرت سوني وباناسونيك في أنحاء العالم، انتشرت الثقافة اليابانية بعد ذلك مباشرة، وأعتقد بأن هذا هو ما حدث مع كوريا أيضا، فعندما انطلقت سامسونج وإل.جي وهيونداي، ارتفعت شعبية ثقافة البوب الكورية في أنحاء آسيا، وكذلك ظهر تأثير ما يسمى بالهاليو، وهذا ما يعقبه الآن الأدب الخالص.
ولكن المشكلة هي أنه عندما توغلت الشركات اليابانية في الأسواق العالمية، كان العالم بسيطا، وفي ذلك الوقت، كان الأدب واحدا من المصادر الرئيسية للمعرفة والمعلومات والترفيه، ولكن الآن، الأمور تغيرت، فلدينا الكثير من المصادر الترفيهية في عالم المالتي ميديا وفي مجال المعرفة والمعلومات.
وتبدو كوريا الآنت وهي تواجه موقفا أصعب مما حدث مع اليابان، فعدد قراء الأدب الخالص انخفض، ولم يعد هناك سوى نخبة صغيرة تراقب المجتمع هي التي استمرت في القراءة، بينما الشباب لا يقرأون الكتب الورقية، ولذلك، فإن الأمر أصعب بالنسبة لنا، ويمكن لموسيقى البوب الكورية أن تنتشر بشكل مستمر في العالم من خلال قنوات عديدة مثل يو تيوب، ولكن الأدب لا يستطيع الانتشار بهذه الطريقة، بل ينتشر ببطء، ومع ذلك، نحتاج لبذل الجهود بطرق متنوعة، ونحتاج أيضا إلى دخول عالم الكتب الإليكترونية بنشاط.
وأنا أتساءل ما إذا كان هناك أي شيء خالص هذه الأيام، فعلينا ألا نقسم العالم إلى "خالص" و"غير خالص" في حقيقة الأمر، وعلينا أن ننظر إلى الصورة الكاملة للأدب، ونحتاج إلى النظر إلى الأدب بوصفه شكلا من أشكال النصوص الثقافية بمعنى واسع، وعلينا توسيع نطاق منظورنا والحفاظ على ما نفعله بالأدب الخالص، وفي الوقت نفسه، نحتاج لدعم الروايات عالية الجودة والخيال العلمي والخيال والروايات المصورة، والتي اعتدنا على تسميتها كتبا كوميدية، نظرا لأن الكثير من الأطفال يقرأون التاريخ، سواء الكوري أو العالمي، من خلال الروايات المصورة هذه الأيام، ولذلك، فإذا نجحنا في امتلاك روايات مصورة جيدة عن التاريخ الكوري، فإن الأمر سيكون أسهل بعد ذلك لتقديم تاريخنا للعالم.
وإذا كنا نقدم روايات عالمية مصورة عن "ميمورابيليا أوف ذا ثري كينجدومز" أو مذكرات الممالك الثلاث"، أو "سام كوك يوسا" أو كتابا عن "تاريخ الممالك الثلاث" "سام كوك ساجي"، عالميا، فإن الأطفال من مختلف أنحاء العالم سيتمكنون من قراءة التاريخ الكوري والتعرف عيه.
ونحن نعيش في عالم لا يجب أن تكون فيه أحكام مسبقة، ولهذا السبب نخطط لتوسيع نطاق أهدافنا، ولا يجب أن يدفعنا هذا إلى القلق خاصة لمن يعمل في الأدب الخالص، وما زلنا ندعم الأدب الخالص كالمعتاد.
إلا أننا، ومن أجل توسيع منظور كوريا للعالم وتقديمها له، نأمل في دعم الأصناف الأخرى، وقد بدأنا في فعل ذلك بالفعل الآن.
سؤال : ما هي الجهود التي تبذلها لتحقيق هذا الهدف؟
فتحنا كل شيء، وعندما يتقدم الناس، سنفحص طلباتهم وسنختار من ندعمه، والروايات المصورة أو الأدب النوعي يمكن أن تكون مستهدفة، وسوف تكون هناك كتب في العلوم الإنسانية وكتب للأطفال، وإجمالا، كلها يطلق عليها اسم "كتب كورية"، وكان يطلق عليها اسم "الأدب الكوري"، ولكننا وسعنا منظورها لتصبح "كتبا كورية"، بحيث تشمل كل أشكال الكتابة.
وفي الواقع، ألعاب الفيديو هذه الأيام بالنسبة للأطفال هي مثل الروايات في جيلنا، ومن خلال ألعاب الفيديو، يتعلم الأطفال العالم ويشعر بالمرح، ويخوضون التجارب والمغامرات، تماما مثلما كان يحدث معنا لدى مشاهدة "طرزان" على التليفزيون، حيث كنا نتخيل أفريقيا، وهذه الأيام، يجرب الأطفال الشيء نفسه عندما يلعبون بألعاب الفيديو، فعلى سبيل المثال، إذا كانت لدينا لعبة فيديو جيدة تقوم على أساس أسطورة إغريقية أو رومانية أو من شمال أوروبا أو كورية، فإنها ستكون أفضل عند ترجمتها إلى العالم، طالما أنها تمثل ثقافة كوريا وتاريخها بشكل جيد.
وأنا من حيث المبدأ أعتبر الأدب لعبة، وقصة "مي ساينج" الكوميدية ليون تاي هو تظهر لنا كيف يمكن أن تصبح لعبة أدبا جيدا، ولهذا، علينا أن نفتح عقولنا لنفكر "هذا يمكن أن يكون أدبا"، بدلا من أن تكون لدينا أحكام مسبقة ونفكر "لا ، هذا ليس أدبا"، فإذا فعلنا ذلك، سيصبح الأدب أكثر قوة.
والكثير من المؤلفين يعتقدون بأن السينما تدمر الأدب، وفعليا، العكس هو الصحيح، فعندما يتضمن الأدب أفلاما، فإنه يخلق تناغمات، والباحث الألماني جواكيم بايخ قال ذات مرة : "الأفلام مثل أمير يوقظ جميلة نائمة، باعتبار أنها تبعث الحياة في الأعمال الأدبية التي لا يقرؤها أحد، وتدفع الناس إلى قرائتها, وبالنسبة لي، عندما شاهدت فيلم "اسم الزهرة" أبديت إعجابي الشديد به، وهو ما جعلني أبحث عن الكتاب الأصلي لقرائته.
وشيء آخر يتعلق بالرأي العام الذي يميز ما بين الأدب الخالص والأدب الشعبي، فأنا لدي رأي مختلفة، وهذه هي فكرتي، فلنفكر في "الجميلة والوحش"، ففي القصة، يتم حبس امرأة جميلة في قلعة سحرية يملكها وحش، ولم يكن يسمح لها بالذهاب إلى أي مكان آخر، وبعد ذلك، تتزوج الجميلة من الوحش وتصبح صاحبة للمنزل لتحل المشكلة، فهذه القصة تعطينا درسا، فالوحش هو شخصية عملاقة مخيفة في الفيلم والتليفزيون وفغي لعبة الفيديو، و"الجميلة المحبوسة" أدب خالص، مكتوب بطريقة رائعة، ويمكن اعتبار الوحش صناعة ضخمة بسلطات سحرية، ولكن السيدة ليست صاحبة قوة أو مال.
ولعلاج هذه المسألة، يجب عليهما أن يتعاونا سويا، ليشكلا علاقة مشاركة ويصبحا صديقين ويحب أحدهما الآخر، وبالقيام بذلك، يمكنها أن تكون المضيفة.
وبعبارات أخرى، وبدلا من ارتفاع الأصوات بوجود أزمة في العلوم الإنسانية أو في الأدب، علينا أن نعمل بنشاط على أن نمضي جنبا إلى جنب مع وسائل الإعلام الأخرى من أجل اجتياز الحدود، وبعد ذلك، يمكن إثراء كل من الأدب والمجتمع، فلماذا يجب علينا أن نكون عدائيين لبعضنا البعض؟ فنحن الآن في عصر المالتي ميديا، وهذه الأيام، نتعامل مع الأدب على أنه أكثر من شكل إعلامي، فإذا مضي الأدب جنبا إلى جنب مع وسائل الإعلام الأخرى، فإنه سيمتلك كل شيء، وأنا أعتقد بأن الناس في القطاع الثقافي في حاجة إلى امتلاك هذه العقلية النشطة، ولا يجب عليهم غلق أنفسهم داخل سور النقاء الضيق.
ويقول إدوارد سعيد (من 1935 إلى 2003) : "كل الثقافات متداخلة مع بعضها البعض، لا يوجد شيء منها منفرد أو خالص، كل شيء ثنائي واستثنائي ومتباين وغير متجانس، وأنا أتفق معه، وهذا ينطبق أيضا على الأدب، ويمكننا أن نكتب رواية بعد أن نصاب بالإعجاب بالأدب العالمي، وهذا الكتاب هو كتابنا، ولكن العملين متصلان.
سؤال : يقول الناس إنهم لم يتعرفوا بشكل كامل على الإثراء الثقافي، ويقولون إن الأمر مجرد شعارات، ولكن لا توجد صورة واضحة، فما الذي يقودنا في طريق الرخاء الثقافي من وجهة نظرك؟
من أجل التحرك إلى الأمام من "السيولة العالمية" ولتحقيق شيء ما حاسم، يجب على الإنسانيات عبور الحدود والارتباط بالمجالات الأخرى مثل العلوم والتكنولوجيا والإدارة والبيئة والبيئة، وعبر توسيع تلك المنطقة، سيتم خلطها وتغطيتها بشيء آخر، وهو ما قاد إلى الإثراء الثقافي، ولذلك، فإنها ستكون مع الأدب، وقد كانت هناك حدود في أوائل القرن العشرين، وكانت هناك ثقافة لطبقة النبلاء، وبعد ذلك ظهرت الثقافة الشعبية، ولكن اليوم، كلنا نشكل جمهورا عاما، وكلنا يشاهد التليفزيون، ونقرأ المجلات، ونلعب ألعاب الفيديو، ونعيش في عصر لا يمكن فيه التمييز بين مثل هذه الحدود.
وفي واقع الأمر، تختلف العلاقة بين المؤلف والقاريء عن العلاقة بينهما في الماضي، وفي ذلك الوقت كان المؤلف في وضع متفوق يسمح له بتعليم القراء، واليوم، الإثنان في مستوى واحد، وفي بعض الحالات، يستطيع القراء تعليم المؤلف نفسه أيضا، وأعتقد بأن التساوي مع وسائل الإعلام الأخرى بهذه الطريقة هو الخطوة الرئيسية الأولى لتحقيق الإثراء الثقافي، وهو ما يمكن تحقيقه بالتعاون مع وسائل الإعلام الأخرى، وبتشكيل علاقات مشاركة وخلق شيء ما جديد لا يمكن للأدب أن يقوم به بمفرده، فعلى سبيل المثال، إذا خلطنا الأدب بألعاب الفيديو، سنتمكن من صناعة لعبة فيديو أدبية جدا، وهو ما أتمنى مشاهدته، ويمكننا أن نعثر على وسائل عديدة، ومن بين الوسائل الرئيسية هي عبور الحدود والتنسيق مع وسائل الإعلام الأخرى، فعلى سبيل المثال، وفي حالتي، حدث أنني كتبت مقالات عن أفلام سينمائية في التسعينيات من القرن الماضي، وعندما ذهبت إلى اجتماع ذات يوم أخبرت الناس عن انطباعي عن "رجل المطر" وقلت لهم إن رأي مخالف لباقي النقاد الذين كتبوا عن الفيلم، ومن بين هؤلاء الناس كان رئيس شركة للنشر، فقد وجد قصتي ممتعة وطلب مني كتابة مقالات لمجلة أدبية اسمها "الروح الأدبية" "مون هاك جيونج سين".
وأحب الناس مقالاتي، وواصلت الكتابة لهذه المجلة لمدة عامين، وصدرت مجموعة مقالاتي بعد ذلك بسنوات قليلة، وأحبها الناس أيضا، ولعبت كتاباتي دورا مهما.
لقد مضى الأدب جنبا بجنب مع الفيلم، وفكرت في أنني أستطيع أن أرى الثقافة من خلال الفيلم، وكنت أحلل أفلام هوليوود في أغلب الأحيان، ونظرا لأن الأفلام تمضي جنبا إلى جنب مع الأدب، فإن الأساتذة الذين درسوا المسرح والسينما في جامعة تشانج آنج أحبوني كثيرا لأنني كنت أحول الفيلم إلى عمل فني، وكانوا يقولون : "واووو .. أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة سيول الوطنية أشاد بفيلم"، وكانت هذه وجهة نظر مختلفة عن الفيلم، باعتبار أنها تنظر إلى الأفلام السينمائية على أنها أعمال فنية جيدة، وليست مجرد أعمال تجارية، وهو ما يختلف عن النظرة المعتادة التي ترى الفيلم نتاج عمل تقني.
ونظرا لأن مقالاتي ركزت على متابعة الثقافة من خلال الأفلام السينمائية، فإنها تمنح القوة إلى الأفلام، وهو ما يجعل الناس ينظرون إلى الأفلام باعتبارها عملا فنيا عالي المستوى.
وقد حقق كتابي أعلى المبيعات في تلك الفترة، على الرغم من أن أحدا لم يعد يعرف عنه شيئا الآن، وكان عنوانه "مقالات الأفلام للبروفيسور كيم سيونج كون"، وعندما يسير الأدب جنبا إلى جنب مع الفيلم، فإن الأدب يمكنه الازدهار، وسوف يستفيد منه الطرفان.
وينهمك العلماء كثيرا في تطوير تكنولوجيات جديدة، ولذلك، لا يملكون الوقت الكافي لدراسة الجانب الأخلاقي للتكنولوجيات الجديدة أو ما إذا كانت التكنولوجيا إنسانية أو غير إنسانية، ولكن الباحثين في علوم الإنسانيات أو في مجال الأدب يمكنهم القيام بذلك، وكتاب "ذا بايسينتينيال مان" لإسحاق عاصموف (من 1920 إلى 1992) مثال جيد على هذا، فهذه الرواية تضم كلا من الأدب والتكنولوجيا، وفي المستقبل، ستشتري عائلة ما إنسانا آليا للقيام بالأعمال المنزلية، وذات يوم، سينمو الإنسان الآلي لتصبح له عواطف وذكاء مثل البشر، وبعد ذلك، يغادر المنزل ويصبح مستقلا، بل ويفتح حسابا له في البنك، ثم يقع في حب حفيدة صاحبة المنزل ويأمل في الزواج منها، ولكنه كإنسان آلي، يمكنه العيش فترة طويلة، ولكنه يريد أن يكون إنسانا، فيسعى للحصول على مقر إقامة مسجلا، ويحظى طلبه بالرفض، ولقبوله كإنسان، يبدأ في تغيير أعضائه الداخلية إلى هيئة إنسان، وبعد ذلك يتم نقل دم بشري إلى جسمه، وينجم عن هذا اضطرابات صحية خطيرة تتسبب في اضمحلال أعضائه الداخلية، وفي النهاية وفاته، ومع ذلك، يفضل الإنسان الآلي الزواج من الفتاة التي أحبها.
وهذا الفيلم يطرح السؤال : من هو الأكثر إنسانية : الإنسان الآلي أم الإنسان؟ فالماكينات يمكنها أن تكون أكثر آدمية من بعض البشر، والذين يمكن أن يكونوا أسوأ من الحيوانات، وهذه الرواية تمت كتابتها أصلا بمناسبة ذكرى تأسيس الولايات المتحدة، فقد صور الكاتب الإنسان الآلي الذي أصبح لاحقا مستقلا وترك الأسرة التي يعيش معها، ليرمز إلى الولايات المتحدة، ولكي يعيش مثل أي رجل يتمنى الزواج، يتخلى البطل الرئيسي عن حياته بالكامل ويختار الموت بعد أن عاش لمائتي عام. وفي الفيلم الآخر "تيرمينيتور 2"، تموت الماكينة نفسها من أجل البشر، وهذه الأفلام تخبرنا بأن مثل هذه الماكينات أفضل فعليا من البشر.
وأيضا في فيلم "تعددية"، يتم التعامل مع قضايا متنوعة يمكن أن تنشأ من الاستنساخ البشري، فكل هذه الأمور أفكار تتعلق بالعلوم الإنسانية، والأدب قادر على جعل الحديث عن مشكلات التكنولوجيا أمرا ممتعا، وبالقيام بذلك، أعتقد بأننا قادرون على تحقيق الإثراء الثقافي، ويمكن للأدب والعلوم الإنسانية الإسهام في التكنولوجيا الهندسية، وهو ما يجعلنا نفكر في أن التطور التكنولوجي ليس هو كل شيء، فهو يسألنا ويجعلنا نفكر من جديد، مثل أن نقول : "هل فعلا الأمر يستحق ذلك"؟ ومثل "كيف يمكننا استخدام التكنولوجيا بطريقة ذات قيمة"؟ ومثل "إذا عاش البشر مثل الآلة، هل سيصبحون أفضل حقيقة من الآلات"؟ فإذا كتب المؤلفون روايات عن مثل هذه الموضوعات، فإن كتبهم ستحقق نجاحا على المستوى العالمي، باعتبار أنها ستكون كتبا سهلة ومرحة وتعلمنا الكثير من الأشياء، أكثر من أن تبقى محصورة في حدود ما يسمى بالأدب الخالص، وبعد ذلك يمكن أن يؤدي الأدب إلى حدوث نهضة جديدة وأفضل.
سؤال : الخيال يقودنا إلى الخيال، الواحد تلو الآخر، بشكل لا نهائي، فيربط كل فكر بالآخر، ويخلق شيئا جديدا، والأدب به مساحة كافية للإسهام في مثل هذه الأعمال العظيمة.
بعد قراءة "اسم الزهرة" فكرت في أننا لن تكون لدينا رواية أفضل من هذه، لن يكون هناك مثلها في هذا الموضوع، وبعد بعد قليل من ذلك، أصدر دان براون "ملائكة وشياطين"، و"دافينتشي كود"، وكلاهما كانت رائعة ومكتوبة بشكل جيد، ولن أعتبر هذه الكتب مجرد أدب شعبي، فهذه الكتب تعلمنا أشياء كثيرة : تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، تاريح الفن والأديان، اكتشاف وجود حقيقة أخرى، وإذا كانت هذه الكتب قد كتبت بطريقة ممتعة وعلمتنا العديد من الأشياء، فإنها تصبح أ\با جيدا، وبعض أعمال الأدب الشعبي تجعلنا نسأل : لاذا لم يكتب الكاتب هذا؟ لماذا أراد المؤلف أن يقول ذلك من خلال هذا؟ ومن يقرأ هذه الكتب ليسوا كثيرين، ولذلك، من الأفضل قراءة الكتب التي يمكن أن تكون قراءتها ممتعة وتعطينا دروسا، فهذا هو الأدب الجيد.
سؤال : بهذا المعنى، فإن كتب الراحل لي بيونج جو (من 1921 إلى 1992) تبدو وكأنها تملك كل هذا : المرح والتاريخ والفلسفة.
لم نجد كاتبا يقدم هذا الإحساس الرائع من التوازن منذ رحيله، فرواتيته مثل "قارب كوان بو" وكتابه "جبل جيري" يلقيان نظرة على تاريخ كوريا الحديث وينيران أبصارنا به، وموضوع كتابه "الخيال الإسكندرية" يتناول مدينة الإسكندرية المصرية، ولكن من خلال روايتنا نحن.
وفي بعض الأحيان، أتمنى أن نمتلك كتابا لهم أفق رحب مثله، أتمنى ذلك بشدة، ونحن قادرون على كتابة روايات بأفكار عالمية عبر استخدام التاريخ، فكروا في التاريخ الكوري وحجم الصعوبات التي تعرضنا لها من خلاله، ولكننا مع ذلك لا نستفيد بشكل كامل من ملامح مجتمعنا هذه.
سؤال : أخبرنا عن بعض الأعمال الأدبية التي أعجبتك كقاريء نهم للكتب.
في الحقيقة، أقرأ كل الكتب التي أجدها أمامي منذ أن كنت طفلا، فأنا أقرأ كل شيء، ومن بينها الكتب الكوميدية ومجموعات الأدب الكلاسيكي، ولكنني لم أحب السير الذاتية للعظماء لأنني أرى أن كل فرد يمكن أن يصبح عظيما، أو ربما أصبح بعض منهم كذلك لأنه كان محظوظا، وأنا أفضل الكتب الكوميدية والروايات، فكل منها به حيال، ومن الصعب الإجابة على سؤال كهذا، باعتبار أنني معجب بكثير من الكتب، ومع ذلك، يمكن أن أذكر اسم كتاب واحد وهو "لكي تقتل الطائر الساخر" لنيللي هاربر لي، وقد قرأته أول مرة عندما كنت في المدرسة الثانوية، وشاهدت الفيلم أولا الذي قام ببطولته جريجوري بيك، وتأثرت به كثيرا، وبحثت عن الأصل، وتأثرت بالكتاب أيضا، وقرأته خمس مرات تقريبا حتى الآن، وكلما قرأته شعرت بشيء جديد فيه، وبكيت، وأعتقد أن هذا أدب جيد لأنه يمس قلوب الناس، ويبصرهم ويوسع آفاق أفكارهم، وقد أحببت هذا الكتاب لأنه يرفض الأحكام المسبقة في العالم الناشيء من خلال عييون طفل، وهو ما يكون رمزا في كل الأعمال الأدبية، فأدوات الأدب الإنجليزي تقدم هذا الكتاب كرواية تتعامل مع العنصرية في الولايات المتحدة، ولكنني أفكر في أن الرواية أكثر تعقيدا من ذلك، وتمثل تحفة فنية، وعلى الرغم من أن قضية العنصرية موجودة في أساس هذا العمل، فإن الكتاب يتهم كل الأشخاص الذين يملكون أفكارا مسبقة وما ينتج عن ذلك من تصرفات مع الآخرين، سواء الأحكام المسبقة للأغنياء ضد الفقراء، أو الأحكام المسبقة ضد الأطفال من البيوت المدمرة، والذي يظهر من خلال شخصية "ديل"، والأحكام المسبقة ضد النساء الوحيدات أو المطلقات.
والرواية تدور أحداثها في المجتمع الأمريكي في الثلاثينيات من القرن الماضي، وفي ذلك الوقت، كانت هذه الأفكار المسبقة موجودة، وهناك حكم مسبق كتب عنه المؤلف وهو أحكام الكبار المسبقة تجاه الأطفال، وعندما صدر هذا الكتاب للمرة الأولى في كوريا، كان ذلك ترجمة لنسخة يابانية، وكانت ترجمة ممتازة، وكان عنوان الرواية في ذلك الوقت "الأطفال يعرفون"، وهو عنوان يختلف عن الأصل، ولكن هناك أسباب لذلك، فالكتاب كان يعني أن الأطفال يعرفون كل نقاط الضعف والأحكام المسبقة لدى الكبار، حتى وإن لم يقولوا أي شيء، بينما الكبار يعتقدون بأن الأطفال لا يعرفون شيئا.
والكتاب يشير أيضا إلى كل أنواع الأحكام المسبقة، ومن بينها أولئك الذين يصدرون أحكاما مسبقة على أولئك الذي يعتبرونهم "غير مألوفين"، مثل أحكام الغرب عن الشرق وأحكام الأشخاص الطبيعيين عن المجانين، وهو ما يرتبط أيضا بنظرية ميتشيل فوكولت.
بعد قراءة هذا الكتاب، اعتقدت أنني لا يحب أن أصدر أي أحكام مسبقة، وقد جعلت طلاب جامعة سيول الوطنية يقرأون الكتاب، وكلهم بكى بعد قرائته، وأدركوا أنهم لا يجب أن يصدروا أحكاما مسبقة، وحتى عرضت عليهم الفيلم، وبالقيام بذلك، أعتقد بأن الأدب قدم عملا عظيما، فهذا أدب جيد، ويمكن أن يكون هذا العمل رواية للأطفال أو رواية شعبية، ولكنني أرى أن الأدب العظيم مثل هذا يجب أن يوضع في مصاف الأعمال الأدبية الراقية، وهذا الكتاب فعليا حصل على جائزة بوليتزر، وإذا كان الأدب يستطيع أن يلعب مثل هذا الدور، فإنه من الممكن أن يحقق الإثراء الثقافي، أليس كذلك؟ وهذا سببه أن الأدب يتعامل مع القضايا الاجتماعية، وليس مع الأيديولوجيات اليسارية أو اليمينية، فإذا تمكن الأدب من التعامل مع القضايا الاجتماعية بالكامل بطريقة مؤثرة، فإنه سيستطيع أداء دور مهم، وبعد ذلك، يمكن أن يتحقق الرخاء لكل من المجتمع والثقافة سويا.
سؤال : إذن ، فعبر التفكير في تبادل القضايا الإنسانية من خلال الأدب، نستطيع الإسهام في تحقيق السلام العالمي، فهل تتفق في ذلك؟
نعم، لقد أصبح الأدب أساسا لكل شيء، فعندما كنت أحاضر في الجامعة بالولايات المتحدة، سئلت "ما هو الأدب" وكانت إجابتي أن "الأدب في حالة الروايات يعلمنا كيف نعيش حياتنا بأفضل طريقة ممكنة عبر تقديم عديد من الشخصيات"، هذا لأننا نعتقد بأنه "علينا أن نعيش مثل هذا الشخص أو لا نعيش مثل هذا الشخص"، عند قراءة رواية.
فالروايات تعلمنا لماذا تنشأ الصراعات بين الناس، وكيف يمكن خلها، وعبر القيامب مثل هذه الإجراءات، تضيء الروايات عقولنا لتعرفنا كيف نعيش بطريقة إنسانية، فالأدب يعلمنا كيف نعيش مستقبلنا من خلال تاريخنا، وفي الخيال العلمي، يخبرنا الأدب كيف يمكن أن نعيش حياتنا في المستقبل من خلال العلوم، وفي الخيال، يجعلنا الأدب ندرك كيف نعيش حاضرنا عبر انعكاس مرآة العالم التخيلي، وأعتقد بأن هذه هي الوظيفة الأساسية للأدب.
سؤال : هل يمكنك اختيار ثلاثة كتب من الأدب الكوري تتمنى تقديمها للقراء العالميين، ولماذا؟
شخصيا، أحب أعمال يي سانج (من 1910 إلى 1937)، والتي تتضمن "الأجنحة"، وقد تخصصت في دراستي الجامعية العليا في أدب ما بعد الحداثة، وأعماله تسبق هذا العصر، حتى من قبل أن تأتي مرحلة ما بعد الحداثة إلى كوريا، وكتبه تسمح بالعديد من الترجمات والأفكار المتنوعة، والأعمال الأدبية تحتاج لترجمتها بطرق عديدة وليس فقط عبر الالتزام بوجهة نظر واحدة، وهذا هو ما تفعله "الأجنحة"، فعلى سبيل المثال، الشخصية ارئيسية يمكن أن نراها على أنها شخصية نخبوية عاجزة في عصر الاستعمار الياباني، وزوجته عاهرة يمكن أن ترمز لكوريا وقتها، بينما زبائنها يرمزون لليابان.
وأتمنى أن نقدم الأدب الكوري عبر تصنيف المراحل التاريخية، فهناك أدب كلاسيكي وأدب من العصور الاستعمارية وأدب من عصر التحول الصناعي ، والتي يتضمن أيضا أدبا تم إنتاجه في ظل الديكتاتورية العسكرية، وبعد ذلك هناك أدب عصر تكنولوجيا المعلومات.
ويمكن تقديم أدب تكنولوجيا المعلومات من خلال أعمال كيم يونج ها ولي كيهو وتشون ميونج كوان وبارك مين كيو، والتي تتعامل مع الحساسية الجديدة لدى الشباب.
ومن أبرز مؤلفي العصر الصناعي كيم سيونج أوك الذي كتب "سيول ، شتاء 1964" و"رحلة إلى موجين"، وكذلك تشو سي هوي الذي كتب "القزم"، و"رجل بتسعة أحذية" ليون هيونج كيل، وقد تعاملوا جميعا مع قضايا عصرهم.
ويمكن أن يمثل كتاب عصر الاستعمار : يي سانج وكيم دونجين ولي هيوسيوك ويوم سانج سيوب، ومن بين هؤلاء، أعتقد بأن هيو سيوك هو أحد الكتاب أيضا الذين كانوا أكثر مقاومة للواقعية، ولم يكن يعني أبدا أن يقول إنه يجب أن نعيش حياتنا عبر اتباع المنهج الطبيعي، وكان المؤلفون في ذلك الوقت يعرضون المقاومة بطرق مختلفة، وفعل لي الشيء نفسه بطريقة فريدة، ومقارنة بذلك، يمكن مشاهدة أن يوم قاوم ذلك الأمر بطريقة أكثر مباشرة.
والكثير من القراء غير الكوريين يحبون ترجمات الأدب الكلاسيكي الكوري، وبالتعاون مع كوريا هيرالد، نشر المعهد الكوري للترجمة الأدبية خمس ترجمات للأدب الكلاسيكي الكوري الذي يحظى بشعبية كبيرة، وبالقيام بذلك، أصبح الأدب الكلاسيكي أكثر سهولة وأهمية لقرائته، ويحب القراء غير الكوريين الأدب الكلاسيكي الكوري مثل "يانج بان جون" ليونام بارك جي وون (من 1737 إلى 1805)، خاصة وأننا نضع شرحا لخلفية هذا الكتاب، وهذه التوضيحات تخبر غير الكوريين بأسباب صناعة مثل هذه الأعمال الساخرة في تلك العصور، وتوضح ما الذي تسخر منه، وطبيعة العصر والمجتمع في ذلك الوقت.
وإذا أنتجنا مثل هذه السلسلة من الكتب، فإن القراء غير الكوريين يمكنهم إلقاء نظرة جيدة على الأدب الكوري عن طريق كل عصر، باعتبار أن الكتب تصور بشكل جيد مراحل العصور المختلفة.
ويرجع هذا إلى أن الأدب يلقي نظرة جيدة على العصور التي تمت كتابتها فيها، ويمكن للقراء تعلم الطريقة التي عاش بها الناس في فترة محددة، والقضايا التي عاشوها من خلال التيارات التي كانت سائدة وقتها في المجتمع، وعبر القيام بذلك، يمكنهم تخمين اتجاهات الناس اليوم أيضا.
وفي هذا الصدد، أعتقد بأنه يمكن أن يكون من المناسب عمل مجموعات من الأعمال الأدبية التي تمكننا من إلقاء نظرة على ماضينا في كل عصر على حدة.
وهذا ينطبق أيضا على الفيلم، فعندما تم عرض فيلم "ماي ساسي جيرل" بعد عام 2000، قال الناس إن الفيلم يصور بشكل جيد صورة المرأة التي أصبحت أقوى، وهو ما يجعلها أكثر حاذبية، ولهذا السبب، يقول الناس إنه يتعين علينا مشاهدة مثل هذه الأفلام للتعرف على المجتمع في تلك العصور.
سؤال : على النقيض، ما هي الأعمال الأدبية الثلاثة غير الكورية التي تود أن تنصح القراء الكوريين بقرائتها، ولماذا؟
يوجد في ذهني الآن الكثير من هذه الأعمال، ولكن هناك عملا أود أن أوصي به، وهي قصة "ذا كرايينج أوف لوت 49" القصيرة لتوماس بينكون، وهذه القصة تدور قصتها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وكتب المؤلف هذا الكتاب عبر المقارنة بطريقة رقيقة القضايا التي تواجهها كوريا مع القضايا التي تواجهها الولايات المتحدة. وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تحت قيادة المحافظين في الخمسينيات وبقيادة التقدميين في الستينيات، وكتب الكاتب عن الصراع بين الإثنين، والذي استمر لعقدين، وكانت الحلول صعبة للغاية، وعندما نقرأ هذا الكتاب، سنتعلم من التاريخ وندرك أنه "لا يجب أن نعيش على هذا النحو" أو أننا "يجب أن نعيش على هذا المنوال". والرواية تجعلنا نفتح قلوبنا وتعلمنا كيف نتعلم من التاريخ لتجنب الأخطاء نفسها، أليس من الحماقة أن نمر بنفس التجارب التي مرت بها دولة أخرى؟ والشيء الأقصى والأصعب هو أنه يتعين علينا التوقف عن الصراع الأيديولجي، ويجب على الكتاب أن يكونوا أول من يبذذلوا الجهد لجعل الأدب الكوري أدبا عالميا في مختلف أنحاء العالم، وهذه هي الطريقة التي نروج بها للأدب الكوري في العالم، فعلينا أن نتقدم للأمام بهذه الطريقة، علينا وقف الصراع والمواجهة والمعارضة، والأفضل لنا أن نتصالح مع بعضنا البعض نظرا لأن الكتابة نفسها هي عمل سياسي بالنسبة للمؤلفين.
سؤال : ما هي خططك المستقبلية للمعهد الكوري للترجمة الأدبية؟
نخطط لإنشاء منظمة ثلاثية للترجمة بين كوريا والصين واليابان في غضون العام الحالي، وهذا قد يشمل أيضا دول جنوب شرق آسيا، فهذه الدول الثلاث ستنشر بعد ذلك كتبا بشكل مشترك في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وعبر القيام بذلك، سنحصل على مزيد من الاهتمام، وسيتم التعامل مع أعمالنا بشكل أكثر جدية.
سؤال : ما الذي تعنيه الترجمة بالنسبة لك؟
بدأت عملي كباحث في الأدب الإنجليزي، وأحببت الأدب الكوري، والهدف الأول كباحث في الأدب الإنجليزي كان في أن أصبح خبيرا في الأدب الإنجليزي وفي ثقافات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلا أنني اعتقدت بأنني لم يكن يتعين علي أن أتوقف عند هذه النقطة، بل كان يجب أن أعبر الحدود وأعكس الأدب الكوري في الأدب الإنجليزي، من أجل الإسهام في عولمة الأدب الكوري وانتشاره في جميع الدول، واعتبرت أن هذا هو الهدف النهائي للباحث في مجال الأدب الذي يخص دولة أجنبية.
وللقيام بذلك، تصبح الترجمة جزءا رئيسيا من العملية كلها، وكان لدي الكثير من الألقاب، مثل باحث في الأدب الإنجليزي، وناقد أدبي، وناشر في مجلة، إضافة إلى رئيس الصحافة في جامعة سيول الوطنية ورابطة الصحافة الجامعية الكورية.
ومع ذلك، فقد كان لقبي المفضل هو "مترجم أدبي"، نظرا لأنني أرى أن كل شيء يحتوي على الترجمة هو جزء من العملية كلها، وحتى في العلاقة بين الأفراد أو الحوار بين أفراد الأسرة، فإن الترجمة تمكن الجميع من التواصل، ويمكن أن نرى هذا أيضا في الاختلاف بين لغة الرجل ولغة المرأة، أو في الاختلاف بين لغة الأطفال الصغار والأطفال الأصغر منهم، فكل عملية يمكن النظر إليها على أنها ترجمة.
ولكن الترجمة ليست منفصلة، فهي تأتي بمرور أوقات حياتنا، وأنا أعتبر الترجمة عملا مهما للغاية يتجاوز معنى الأدب.
وقد حصلت على الكثير من الجوائز، ولكن من بينها، كانت أسعد لحظة في حياتي عندما تم اختياري كأفضل مترجم يمثل كوريا من جانب صحيفة "بابليشينج جورنال" التابع لرابطة الناشرين الكوريين.
وهذا هو ما أردت القيام به : تقديم الأدب الكوري للخارج عبر ترجمته، وهي مهمة تستحق، ولهذا، فإن الترجمة شيء مهم.
مقال بقلم :
واي تاك وهان ويون سونج
الصور من : جون هان
كوريا دوت نت
whan23@korea.kr
وللتعرف على مزيد من المعلومات عن المعهد الكوري للترجمة الأدبية، يرجى زيارة موقعه الإليكتروني الرسمي : http://www.klti.or.kr/main.do
تأسس المعهد الكوري للترجمة الأدبية عام 2001 من أجل تقديم الأدب الكوري والثقافة الكورية للعالم، والصور في الأعلى يظهر فيها مقر المعهد.
لزيادة الاهتمام بالأدب الكوري، ولتقديم المؤلفين الكوريين للخارج، يصدر المعهد الكوري للترجمة الأدبية مطبوعات متنوعة، ومن بينها مجلة ربع سنوية بعنوان "ليست" أو "القائمة".
أنتج المعهد الكوري للترجمة الأدبية تطبيقا يسمح للمستخدمين بقراءة الأدب الكوري من خلال هواتفهم المحمولة الذكية، وهو ما يعكس الاتجاهات السائدة حاليا في استهلاك مجموعات متنوعة من الوسائل الإعلامية في آن واحد. كما نشر المعهد ثلاثين كتابا إليكترونيا، والصور أعلاه توضح مكتبة المعهد الكوري للترجمة الأدبية.