من المملكة العربية السعودية، اجتمع معلم اللغة الكورية خالد العُصيمي مع طالبته صلفة السكران لتأليف كتاب 'حديث القمر' لتعليم اللغة الكورية للمبتدئين. (الصور من خالد العصيمي، صلفة السكران)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية آلاء عاطف عبادة
قد يُعزى الطلب المتزايد على تعلم اللغة الكورية في العالم العربي في السنوات الأخيرة إلى شعبية المحتويات الكورية الترفيهية التي وجد فيها الشباب مواساة وسط تحدياتهم اليومية، بينما أصبح تعلم اللغة الكورية تحديًا في ذاته ومتعةً للكثيرين كمفتاح لتلك الثقافة -مع اختلاف أسبابهم في اتخاذهم طريقها، سواء لمجرد المتعة والإبحار المعرفي أو لتوسيع آفاقهم المهنية وفرص العمل- في ظل اطراد شهرة الثقافة الكورية والشراكات التبادلية والاستثمارية بين الدول العربية وكوريا الجنوبية.
وعلى الرغم من ازدياد طالبي تعلم اللغة الكورية من متحدثي العربية، إلا أن مكتباتنا عانت لوقت طويل من شح المصادر التعليمية باللغة العربية، الأمر الذي بشأنه أعاق بداية رحلة الكثيرين في التعلم وحث حماسة بعض المتعلمين لاتخاذ محاولات في الترجمة والتأليف لتبسيط تعلم الكورية للعرب- إذ يرى أغلبنا اللغة الكورية أقرب إلى اللغة العربية فصحى وعامية منها إلى الإنجليزية في عمق تعبيراتها وتراكيبها اللغوية.
من المملكة العربية السعودية، تعاون مُعلم اللغة الكورية خالد العصيمي مع طالبته المترجمة صلفة السكران لإنتاج كتابًا مُعينًا على شد الرحال لتعلم اللغة الكورية وإثراء المكتبة العربية من محتوى الثقافة الكورية، ووجدت كتابهما التعليمي 'حديث القمر' الأكثر شمولية واحترافية من نوعه، بداية من الاسم إلى المحتوى البصري الممتع والمعلومات المنسقة، وتميز بطريقته في التحفيز والاستمرارية على التعلم بشكل يليق بجماليات اللغة الكورية ومحبي الثقافة الكورية من متحدثي العربية.
جاء الحوار أدناه مع مؤلفي 'حديث القمر' لتعليم اللغة الكورية خالد العصيمي وصلفة السكران يوم 15 أغسطس عبر البريد الإلكتروني، حول اهتمامهما باللغة الكورية ونصائح للمتعلمين الجدد.
الصورة تظهر إيداع الكتاب في مطبعة الملك فهد الوطنية وإصدار التصاريح اللازمة، تم تأليف ونشر الكتاب بجهود ذاتية تماماً من خالد العصيمي وصلفة السكران بهدف إثراء المصادر العربية من محتوى تعلم اللغات الكورية. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
رجاء تقديم أنفسكما للقراء.
صلفة: أنا مؤلف مشترك لكتاب حديث القمر مع أ. خالد، بكالوريوس تجارة إلكترونية وبدأت تعلم اللغة الكورية منذ ثلاث سنوات خلالهم عملت كمُترجمة للغة الكورية في مهرجان كيكون، ومعرض بيبان للشركات الناشئة والمتوسطة، وأعمل في معهد كوري لتعليم اللغة الكورية للعرب.
خالد: عشت في كوريا الجنوبية لسنوات دراستي الجامعية للبكالوريوس والماجستير، واكتشفت ثقافتها المذهلة ثم عدت للسعودية لمجال التدريس الجامعي. تجربتي في كوريا والتدريس شكلا منهجيتي في توجيه الطلاب نحو أهدافهم، وأثرت تجربتي في كوريا على فهمي للثقافة واللغة، فألتزم بمشاركة الاهتمام، ونقل خبرتي للشباب العربي.
كيف بدأت حكايتكما مع الثقافة واللغة الكورية؟
صلفة: بدأ اهتمامي بالثقافة الكورية عام 2008، مع بث المسلسلات الكورية في العالم العربي، وكانت نظرتي مقتصرة على الدراما والبرامج فتعمقت كثيرًا في الثقافة الكورية من خلالهما، ولاحظت بداية فهمي للغة واعتياد أذني عليها وصادف حينها بداية دورات اللغة الكورية لأ.خالد الذي أثق فيه جدًا فكانت خطوتي الأولى في التعلم.
خالد: الدراسة في كوريا جزء مهم من القصة، قررت الدراسة في كوريا لأتقن اللغة وأعمق فهمي للثقافة. التحقت بجامعة هانيانغ في سيئول لدراسة تخصص نظم المعلومات، تجربة مذهلة، اندمجت في الحياة الكورية وتعرفت على أصدقاء وكنت محاطًا باللغة، مما ساهم بشكل كبير في تحسين مهاراتي اللغوية. وشاركت في الأنشطة الثقافية وورش العمل التي عمقت فهمي للثقافة الكورية، فاللغة هي المفتاح لعالم الثقافة والاندماج المعرفي.
قبل إصدار الكتاب بدأ 'حديث القمر' كحساب شق طريقه عبر تطبيق الأنستغرام بهدف نشر الأمل والمواساة من خلال اللغة الكورية والترجمة الأدبية من العربية إلى الكورية والعكس. (الصورة من حساب حديث القمر عبر أنستغرام)
عرفانا على 'حديث القمر'.. متى أطلقتما الكتاب، وكم استغرقكما العمل عليه؟
صلفة: بدأنا كحساب أنستغرام، بهدف نشر الأمل والمواساة بعبارات 'الطبطبة' ولتبسيط تعليم اللغة الكورية؛ ليصبح اليوم على أغلب المنصات الاجتماعية وذراعًا حانية لكتاب لتعليم اللغة الكورية.
خالد: يُعنى 'حديث القمر' بالترجمة الأدبية للنصوص من الكورية إلى العربية والعكس، في البداية اقتصرت الترجمة على المقروءة من خلال التصاميم البسيطة للعبارات الملهمة التي لاقت تفاعلًا كبيرًا، وتطورنا لمواد سمعية ومرئية في مواضيع ومصادر متنوعة تلامس القلوب. وتوّجنا جهد سنوات في إصدار كتاب ورقي للمتعلم العربي الذي يعاني من شح المصادر العربية التخصصية في رحلة تعلم الكورية.
صلفة: العمل على الكتاب استمر لأكثر من سنتين، بدأنا العمل بداية 2021 وأطلقناه 30 يوليو 2023، واخترنا الاسم لارتباطه بنا ورسوخه في ذاكرة أصدقاء التواصل الاجتماعي.
أثناء العمل على التأليف والتصميم وتجهيز الملفات الصوتية والمرئية للكتاب والطباعة والتجهيز النهائي. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
كيف اجتمعتما تحت مظلة الفكرة؟ ما دافعكما وكيف ساعدتما المتعلمين الجدد للغة الكورية بالكتاب التعليمي؟
خالد: أ. صلفة إحدى طالبات دوراتي الكورية، اتسمت بالذكاء والتطور الملفت فتشجعت لطرح الفكرة عليها، وقابلتها بالعزيمة مما حث الاستمرار لبلوغ الهدف.
صلفة: كمُعلم وطالبة، الدافع كان ومازال إثراء المحتوى العربي من ناحية اللغة الكورية. في بداياتنا كان المحتوى العربي شبه معدوم على عكس اليوم مما يسعدنا- ويسعدنا أكثر أننا جُزء من هذا الإثراء الذي يهدف أن يكون تعلم الكورية سهل الوصول للجميع بلغتنا التي نفخر بها.
خالد: كوننا متعلمين عرب مَرّرنا بمشكلة قلّة المصادر المناسبة والشاملة بالدرجة الأولى، فضلاً عن كيفية تعلم اللغة من أين أبدأ وكيف أبدأ؛ فحرصنا أن يختصر الكتاب هذه الصعاب والتحديات بأسهل طريقة، واهتممنا بالمتعة البصرية في شرح أساسيات اللغة والقواعد من إيضاحات ورسومات ذات طابع جميل يليق بمحبي الثقافة الكورية.
صلفة: عملنا بجدّ معًا بنظرة المعلم ونظرة الطالب لإيصال المعلومة ببساطة للمتلقي، وركزنا على التفاصيل التي يغفل عنّها الكثير عند تعليم اللغة الكورية؛ فلا يتمحور حول الدروس فحسب بل يتطرق للمواضيع التي تهم الطالب وتزيد معرفته بالثقافة الكورية.
تحتوي الصفحات على الجمل التشجيعية والمواساة اللطيفة بالكورية.. لماذا اخترتما هذا الاتجاه؟
خالد: تعلم اللغة الكورية رحلة طويلة ويحتاج المتعلم للتشجيع المستمر؛ وضعنا العبارات التشجيعية لشحذ الهمّة لدى المتعلم في رحلته.
صلفة: نشر الأمل والمواساة نهجنا في 'حديث القمر' ونؤمن بعمق تأثير هذه العبارات. تصلنا يوميًا رسائل من المتابعين تخبرنا بأن العبارة "أتتهم في الوقت المناسب" أو "كم كانوا بحاجة لهذه الكلمات" لذلك سعينا لتضمين العبارات في الكتاب بهدف تشجيعهم ليستمروا في رحلة التعلم بحماس.
شدد المؤلفان على أهمية التشجيع والتحفيز للاستمرارية في رحلة تعلم اللغة الكورية، كأن تحدث نفسك وتحيها بعبارات التحفيز بالكورية باستمرار. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
أثناء الترجمة ربما تواجهنا الصعوبات في المعنى الأصلي، لكن برأيكما هل التعبيرات الكورية أقرب للعربية أكثر منها للإنجليزية؟
صلفة: شخصيًا أرى للغة الكورية عُمقًا مختلفًا يميزها، على عكس الإنجليزية أراها بسيطة للغاية. لذلك نراعي المعاني لنوصلها للمتلقي على أكمل وجه بالعربية.
خالد: ونتفق أن اللغة العربية ملكة جمال اللغات ولا يفوق جمال مفرداتها وتعابيرها أي لغة، فنحرص ألا نعتمد على الترجمة الإنجليزية، بل ننقل المعنى من الكورية إلى العربية ليوافق النص الأصلي المعنى في اللغة العربية فيصل للقارئ العربي ويلامس قلبه مباشرةً.
شدد المؤلفان على أهمية التأسيس القوي في المهارات الأربع للغة الكورية في وقت واحد (الاستماع، التحدث، الكتابة، القراءة) وعدم إهمال مهارة في مقابل أخرى وحاولا بنظرة المعلم والطالب تضمين كل المحاور في كتابهما. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
الكتاب يحتوي ومضات من سحر الثقافة الكورية، أطلعانا على أمثلة، وإلى أي مدى تريان هذه الثقافة قريبة من ثقافة العرب؟
صلفة: للثقافة الكورية جمالية خاصة، واستشعرنا أهمية التطرق لهذه المواضيع فنحن لا نتعلم اللغة فحسب بل نتعلم ثقافة بلد كاملة. وعلى الرغم من اختلاف الثقافتين إلا أن هناك أوجه تشابه كثيرة بين الثقافة الكورية والثقافة العربية. أحد المواضيع الثقافية 'العمر الكوري' ورغم إلغاؤه الآن إلا أنه سيظل من تاريخ كوريا، وبالنسبة لنا كعرب مسلمين لدينا 'العمر الهجري' نشبهه بالعمر الكوري.
خالد: الثقافة جزء لا يتجزأ عن اللغة، يجدر بأي متعلم للغة الكورية الاطلاع على السمات الثقافية الكورية الغنية، ومن الجوانب الثقافية في الكتاب 'العملة الكورية تاريخها ودلالتها'. كان التحدي كبيراً، أردنا الكتاب شاملًا مليئاً بالمعلومات، ويحمل في طياته التسلية، وتحقق بفضل الله ثم جهود أ. صلفة، أضفنا وسائل تواصل تفاعلية لاستقبال الأسئلة وتبادل المعلومات.
لديكما متابعون من كافة أنحاء الوطن العربي.. كيف تشعران تجاه ذلك وأين يمكنهم الحصول على الكتاب خارج السعودية، هل لديكما خطة للتوسع؟
صلفة: نفخر أن لدينا 40 ألف صديقًا عربيًا، ويسعدنا أن يكون 'حديث القمر' في كل بلد لذلك أنشأنا موقعنا* 'مكتبة حديث القمر'
*( https://daltalks.com )
ورغبة منّا بتسهيل الحصول على الكتاب، نخطط لتعاونات مع مكتبات إلكترونية في عدد من الدول مثل مصر، والعراق، والأردن، وعمان وغيرها ونرْحب بأي شخص أو مؤسسة تتعاون معنا.
الصور من عملية تسليم الكتاب لمتعلمي اللغة الكورية. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
ما نصيحتكما للمتعلمين الجدد للغة الكورية الذين بدأوا توًا وللعالقين في المنتصف؟
صلفة: "استمر" الاستمرارية مفتاح التطور، قد تكون البداية صعبة ولكن فور تخطيكم لأول مرحلة ستسهل بقية الرحلة. وأشدد على أهمية التركيز على كافة المهارات سويًا (الكتابة، والتحدث، والقراءة، والاستماع) جميعها مهارات من المهم الأساس المتين فيها منذ البداية.
أما بالنسبة للعالقين في المستوى المتوسط، حاولوا معرفة السبب فقد يتوقف البعض لشعورهم بالعجز في جانب ما، ومعرفة السبب هي المفتاح لحل المشكلة، وأنصح بشدة بتنويع مصادر التعلم؛ لأنّي شخصيًا استفدت من هذه الناحية.
خالد: لعل أهم نصيحة هي الصبر وعدم استعجال النتائج، فتعلم اللغة تحدي في البداية ومع الاستمرار يصبح التعلم أسهل. بشكل عام على المتعلمين الجدد التركيز على: البداية من الأساسيات، استخدام المصادر التعليمية، الاستماع والمحادثة، الممارسة اليومية.
بالنسبة لأصحاب المستوى المتوسط فنصيحتي لهم: تحديد أهداف واقعية، تنويع المصادر التعليمية، الانغماس في المحادثات، التركيز على القواعد المتقدمة، الاستفادة من الأخطاء، عدم الاستسلام، لا ننسى أن الرحلة في تعلم اللغة هي مستمرة ومستدامة. استمتع بالتحديات واحرص على الاستفادة من كل تجربة لتحسين مهاراتك.
بعض نصائح لبداية تعلم اللغة الكورية من خالد العصيمي وصلفة السكران في 'حديث القمر'. (الصورة من خالد العصيمي، صلفة السكران)
مع قلة المحتوى العربي في استكشاف اللغات الصعبة مثل الكورية، هل وجدتما دعمًا في النشر من مؤسسات أم جهودكما ذاتية؟ وهل ستنشرا المزيد من الكتب حول كوريا واللغة؟
خالد: لحداثة تجربتنا لا يمكننا الحكم الآن بشكل مطلق. كل شيء كان مجهود ذاتيًا، ولكنّا متفائلان بمستقبل اللغة الكورية وبمجال النشر المشترك بين بلداننا العربية وجمهورية كوريا الجنوبية في مجال اللغة والأدب وشتى مجالات العلوم، نسعى لمساعدة الطلاب في الانتقال لمستويات أعلى، والنسخة المتقدمة من كتابنا في مراحلها الأخيرة، وسترى النور بإذن الله قريباً.
كيف وجدتما ردود أفعال متعلمي اللغة الكورية؟
خالد: وصلتنا العديد من الرسائل الإيجابية أنستنا جهد وتعب سنوات، لا ننسى ما لمسناه من مجتمع محبي الثقافة الكورية الداعم والمشجع.
صلفة: ردود الفعل مُرضية جدًا وأفضل مما توقعنا بفضل ربي. نحن متشوقان لمعرفة تجربة الطلاب كاملة ومتأكدان بأنها ستفيدنا مُستقبلًا فيما يجب علينا التركيز عليه، أو تحسينه.
ما أهدافكما للمستقبل؟
صلفة: نهدف ليصبح 'حديث القمر' مجتمعًا تعاونيًا للمهتمين بتعلم الكورية، ونسعى لتطويره وتوفير المصادر التعليمية المتنوعة للجميع.
خالد: ونطمح لنكون همزة الوصل بين شعوبنا العربية والشعب الكوري من خلال مزيد من الإصدارات الأدبية والجهد في مجال تعليم اللغة الكورية عبر دورات للراغبين بتعلمها من شتى دول العالم.
قال مؤلفا كتاب 'حديث القمر' أن لمتعلمي اللغة الكورية العرب مستقبلاً باهر في ظل الشراكات الإقتصادية والتعاونات الأدبية بين كوريا الجنوبية والدول العربية ويشجعا المزيد من محبي اللغات والثقافة الكورية للبدء في تعلم اللغة الكورية (الصور من خالد العصيمي، صلفة السكران)
ختامًا، أيوجد ما تضيفانه؟
خالد: نشكر شبكة مراسلي كوريا نت على جهودهم المميزة. غمرنا اللقاء بالسعادة، إذ نراه دعمًا معنويًا كبيرًا ويعني الكثير.
صلفة: وأخصك بالشكر المراسلة آلاء التي كانت ومازالت داعمة لنا، ونشكر كل داعم لمجتمع 'حديث القمر'. ومن منبر كوريا نت أدعو أي شخص يرغب بتعلم اللغة الكورية ويشعر بالتردد أن يبدأ، فالبداية نصف الطريق ومستقبل اللغة الكورية مُشرق والطلب على متقني اللغة في ازدياد ويكفي أنّه علم تؤجرون عليه بإذن الله.
باسم محبي الثقافة الكورية وراغبي تعلم لغتها من متحدثي العربية، نثمن جهود مُعلمي ومترجمي اللغة الكورية والتزامهم في مشاركة علمهم ومحاولاتهم المستمرة في إثراء المصادر العربية من محتوى الثقافة الكورية
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.