الشعب

2015.11.11

ظهر مؤخرا اتجاه جديد في مؤسسات البث الرئيسية في كوريا.

فقد بدأت تستعين بغير الكوريين ممن يتحدثون الكورية بطلاقة، والذين يملكون فهما عميقا بالثقافة الكورية.

وهناك برامج تليفزيونية مثل "حديث الجمال" و"قمة استثنائية"، ساعدت المشاهدين الكوريين على التعرف على عولمة كوريا، حيث يتبادل فيها الناس الخلفيات والمعلومات من خلفياتهم العرقية والثقافية المتنوعة في مجتمع اليوم المتعدد الثقافات، فيقارنون بين المجتمع الكوري والمجتمعات في بلدانهم الأصلية، ويتحدثون عن التنوع الثقافي.

وهذه البرامج توفر فرصة للمشاهدين الكوريين لفهم أوجه الشبه والاختلاف بين الشعوب، وتساعدهم على احترام ثقافات الدول الأخرى.

والروسي إيليا بيلياكوف الروسي البالغ من العمر 33 عاما من مواليد فلاديفوستوك، تلك المدينة الساحلية الروسية الواقعة في الشرق الأقصى، والتي تبعد ساعتين بالطيران من سيول.

هذا الشاب جاء للمرة الأولى إلى كوريا قبل 13 عاما، وهو مسلح باللغة الكورية التي يجيدها إجادة تامة، وقد درس اللغة الكورية في جامعة فار إيسترن الفيدرالية، ودرس أيضا في معهد اللغة الكورية في جامعة يونسي كطالب باحث تدعمه مؤسسة كوريا فاونديشن.

ومع تحسن قدراته في اللغة الكورية، أصبح بيليكوف أول روسي يحصل على أفضل درجة علمية في اختبار الكفائة في اللغة الكورية "توبيك".

وقد واصل دراساته، فحصل على درجة الماجستير من جامعة يونسي، وهو الآن يدرس للحصول على الدكتوراة في العلوم الإنسانية واللغويات في قسم العلوم الإنسانية بجامعة كولومبيا بساوث كارولاينا.

وبفضل إجادته للغة الكورية، وأيضا اليابانية والفرنسية والإسبانية، ولخبراته الكبيرة، شارك في أنشطة متنوعة بوصفه مترجما طبيا، وكموظف في شركة كبرى، وككاتب مقال، وكصحفي، ومشخصية مشهورة في التليفزيون.

وقد التقى موقع كوريا دوت نت معه لإجراء حوار صريح حول حياته في كوريا، وحول ثقافة وتاريخ كل من كوريا وروسيا :

Ilya_1105_L2.jpg

한국어 전문가인 일리야 벨라코프. 방송출연, 언론기고 등을 통해 활발하게 문화소통을 하고 있다.

عالم اللغة الكورية إيليا بيلياكوف يشارك بنشاط حاليا في الاتصالات الثقافية في التليفزيون والصحافة المطبوعة.



سؤال : من المثير أن نرى لغتك الكورية المتقنة، فكيف درست الكورية؟ وهل كان صعبا عليك أن تتعلم وتعتاد على قواعدها وكلماتها وتعبيراتها الأدبية، رغم أنها مختلفة بالكامل عن الروسية؟

جئت إلى كوريا قبل 13 عاما للمرة الأولى، وكان ذلك عام 2003، وعلى الرغم من أنني درست اللغة الكورية، فإنه لم تكن هناك أي مناهج تدريس أو دراسة خاصة، وأعتقد بأن هناك جهدا في ذلك، وقرأت كتبا، وتذكرت كلمات، ودرست قواعد النحو، وكان حوالي 99% من أساتذتي من الروس، ولم تكن هناك سوى محاضرة أو محاضرتان في الكلية، وعندما درست الكورية في روسيا، كان هناك بعض المتخصصين في اللغة الكورية في البلد، ولكنهم لم يكونوا كثيرين بالتأكيد، فعلى سبيل المثال، دعونا نقول إنه كان هناك 20 أستاذا في قسم لغة الماندارين، وكان هناك أستاذ واحد في قسم اللغة الكورية، وبالتالي، لا يمكنك المقارنة بين الإثنين.

سؤال : ما الذي جعلك تهتم باللغة الكورية، في ظل وجود الكثير من اللغات حول العالم؟

لم أكن أنوي دراسة الكورية في المقام الأول، وقد جاء الأمر بالصدفة، فقد كنت مهتما للغاية باللغات الأجنبية عندما كنت في المدرسة الثانوية، وقررت أن أدرس لغة أجنبية في الجامعة، ولذلك، تقدمت بطلبات لعدة أقسام لغوية، وكان من بينهم قسم اللغة الكورية، وقد رسبت في اللات الأخرى باستثناء الكورية، ومن هنا بدأ كل شيء، وعلى الرغم من أنني بدأت الدراسة بالصدقة، فإنني لم أتوقع أبدا أن أصل إلى ما وصلت إليه في اللغة الكورية، ولم أكن أتوقع أن أتعمق فيها بهذه الصورة.

سؤال : ما هو موضوع رسالة الماجستير التي أعددتها؟

حصلت على الماجستير في اللغويات من مدرسة الخريجين للأدب واللغة الكورية في جامعة يونسي، وكان موضوع الدراسة مشابها لذلك الذي حصلت به على البكالوريوس، وكان عنوانه "الاختلافات في الأفكار الإعرابية بين اللغة الكورية واللغة الروسية، والأفكار الإعرابية في الروسية من الكورية".

سؤال : ما هو مدى اتساع ثقافة البوب الكورية ومدى انتشار الفنون في روسيا؟

عندما درست للمرة الأوللى في كوريا، لم تكن هناك معلومات عن كوريا في فترة ما بعد عام 2000، وإذا أردت الاستماع إلى بعض الموسيقى الكورية أو مشاهدة فيلم كوري، كان يتعين علي أن أسأل أحدا من الذين ذهبوا إلى كوريا ليحضر لي معه بعضا من هذه الأشياء، فلم تكن هناك كتب بالكورية، ولا موسيقى ولا أفلاما كورية، ولم يكن الإنترنت قد تطور بشكل كامل في ذلك الوقت، ولم تكن هناك قنوات للتواصل الاجتماعي مثل يوتيوب أو فيسبوك، ولم تكن هناك معلومات عن كوريا، والمعلومات الوحيدة التي كانت متوافرة كانت بعض الكتب والسيديهات التي أحضرها معهم أساتذتي بعد زيارتهم لكوريا في إجازات، وبعد ذلك، بدأن في الاهتمام بكوريا بشكل كبير.

سؤال : في التسعينيات من القرن الماضي، وعندما أقامت كوريا وروسيا العلاقات الدبلوماسية، لم يكن هناك مترجمون روس في كوريا، للك، كان يتعين على الحكومة البحث عن أي مترجم في أسرع وقت.

صحيح، وهذا لأن البلدين لم تكن هناك بينهما تبادلات أو معرفة مشتركة، وفي تلك الفترة، تغيرت أشياء كثيرة في أقل من عشر سنوات، وهي فترة قصيرة من الوقت نسبيا.

سؤال : الأدب الروسي الذي يتراوح ما بين أعمال بوشكين وتولستوي ودوستويفيسكي إلى أعمال سولجينيتسين، أحبها الكوريون على مدار أكثر من مائة عام، كيف تشعر تجاه ترجمة الأعمال الأدبية الروسية إلى الكورية؟

لم أكن أعرف أن الأدب الروسي معروف بهذه الدرجة في كوريا، وقد اندهشت عندما علمت ذلك، ولكنني بأمانة لا أستطيع أن أقول إن هناك الكثير من الأدب الروسي الذي تمت ترجمته إلى الكورية.

ومن وجهة نظري كروسي، أشعر بأن الأدب الروسي ليس وحده المعروف في كوريا، فأعتقد بأن هذا الأمر ربما يكون سببه أن روسيا لديها الكثير من الكتاب والفنانين.

سؤال : الكثير من محلات الحلاقة في كوريا تشتهر بأن هناك قصيدة شعرية لبوشكين معلقة على جدرانها، وهو ما يؤكد أهمية الثقافة الروسية في كل ركن من أركان المجتمع الكوري.

الأدب الكوري فعليا معروف بشكل جيد في روسيا، ولكن مزيدا من الأعمال تتم ترجمتها تدريجيا هذه الأيام، ومع ذلك، فما زال بعيدا عن الشعبية، ونظرا لأن البلدين بينهما الكثير من الاختلافات الثقافية، فإنه يبدو أن الأدب الكوري لا يتناسب بشكل جيد مع مشاعر الشعب الروسي.

سؤال : على يوتيوب، يوجد فيديو للنشيد الوطني الروسي يظهر بعضا من أشهر الشخصيات التي تعبر عن المجتمع الروسي في مجالي العلوم والفنون، ويبدو أن روسيا بلد "المحتوى" بحق، ولكن ما زال يبدو أن روسيا غير قارة على الاستفادة من كل هذا "المحتوى".

هذا صحيح، لست متأكدا ما إذا كانت روسيا تريد استخدام "محتواها" بأقصى قدر، أو أنها ببساطة غير قادرة على فعل ذلك، وبأي تصنيف، ربما تكون لم تستفد منه بأكمله، وأعتقد أن هذا يرجع لأسباب مالية، وربما تكون هناك أوجه قصور بالنسبة للموقف الروسي الراهن.

سؤال : توجد تبادلات بين كوريا وروسيا منذ عدة سنوات، وفعليا في حياة الشعب الكوري اليومية، يمكن العثور على أسماء روسية، ليس فقط في عالم الأدب، وإنما أيضا في الأغنيات الروسية الشهيرة مثل "كاتيوشا"، و"كانت هذه هي الأيام"، و"كرينز"، ليوسف كوبزون.

وعلى عكس الثقافة الروسية التي تمتد في التاريخ لقرون طويلة، فإن الشعبية الأخيرة لموسيقى البوب الكورية والمسلسلات التليفزيونية ازدادت في فترة زمنية قصيرة نسبيا، من أين جاءت هذه الحيوية الكورية في رأيك؟

يبدو أن الثقافة الكورية لها الكثير من الملامح التي تتشابه مع الثقافة الروسية، فهناك ثقة تاريخية بين الكوريين والروس، ولكن هذا الأمر ليس معروفا بشكل جيد لدى الكوريين، وكان الملك كوجونج مثلا قد لجأ إلى الدولة الروسية للهروب من القوات اليابانية، والمفتاح وراء حيوية الثقافة الروسية، والطريقة التي توغلت بها بعمق إلى الحياة اليومية للكوريين من وجهة نظري، هو أن البلدين جاران من الناحية الجغرافية، لذلك، فهذا الأمر طبيعي.

والآن، هذه الدول بها مزيد من التبادلات في الفنون أكثر من الأعمال، وبالطبع، فإن مزيدا من التبادلات بين أصحاب الأعمال يمكن أن تقود إلى مزيد من التبادلات في مجال الفنون، فإذا كانت هناك تبادلات بين الدولتين في مجالي السياسة والاقتصاد، فإنني أعتقد بأنه بإمكاننا أن نقوم بمزيد من التبادلات في مجال الفنون أيضا.

سؤال : روسيا كانت عنصرا أساسيا في الفوز بالحرب العالمية الثانية، أو الحرب الوطنية العظمى، ومقاومة الروس التي قادت إلى النصر كانت متمشية مع حركو الكوريين، الذين حققوا التحرر من خلال المقاومة المستمرة للاستعمار أيضا، فما هي المشاعر التي جعلت روسيا قوية من وجهة نظرك؟

عندما أرى ثقافة روسيا كروسي، أجد أن الشعب الروسي لديه إحساس قوي يسعى إلى الحرية، وبخاصة عندما أشاهد شخصيتنا الوطنية.

وعندما أراجع التاريخ الروسي، لا أجد لحظة واحدة بدون حرب، فدعونا نقول إن كوريا مرت بحرب كل 500 عام، حسنا، روسيا كان لديها حرب كل عشر سنوات، وإجمالا، أعتقد بأنه كانت لدينا نحو 200 حرب، فكانت لدينا حروب مع دول مجاورة، ومع دول أخرى بعيدة، وكانت لدينا نزاعات على أراض، بينما كانت كوريا قد خاضت آخر حرب لها منذ سبعين عاما، في وقت كانت فيه الحرب ما زالت مستمرة في روسيا.

الروس لديهم هذه الخاصية، فهم يسعون إلى الحرية ويعتبرون الاستقلال أمرا مهما للغاية، وأعتقد أن سبب ذلك هو أنهم مروا بالكثير من الصعوبات والعقبات على مدار تاريخهم.

وبخاصة في الحرب العالمية الثانية، وجدنا أيديولوجيا ثقيلة في الاتحاد السوفييتي، وهي أيديولوجية قوية جدا مثل تلك التي دعمها ستالين، ولها جذور ممتدى في أذهان الشعب الروسي.

ولهذا السبب، لديهم الرغبة القوية في القتال، وهو ما قادنا على ما أعتقد إلى تاريخ من الحروب.

سؤال : كانت هناك صعاب كثيرة في عصر ستالين، ولكن يبدو أن هناك الكثير من الإنجازات التي تحققت في ذلك الوقت رغم المعاناة.

نعم، هناك أحكام مختلفة، بالطبع، كان هناك جانب سلبي، والمؤرخون ما زالت لديهم وجهات نظر مختلفة، بل وحتى يومنا هذا أيضا.

سؤال : هناك فيديو تم تصويره خلال فترة الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف يظهر قادة الماضي إلى الحاضر، ومن بينهم ستالين ولينين والحكام الروس مثل نيقولاس الثاني، وبجانب التمييز بين ما هو جيد وما هو سيء، يبدو أن لديك وجهة نظر مختلفة للتاريخ.

على الرغم من أن ستالين لديه الكثير من الأعمال السيئة في الماضي، فإن الروس ما زالوا يقدرونه بشكل كبير، وذلك بسبب أنه ساعد روسيا على الفوز في الحرب العالمية الثانية، ولأنه نجح في تحويل روسيا من بلد لا تساوي شيئا إلى زعيم عالمي، كما أنه نفذ الرؤية الروسية للتحول الصناعي، وهو ما جعل روسيا آمنة ومساوية لقوة الولايات المتحدة، وخلال عصر ستالين، أطلقت روسيا أول سفينة فضائية، وكان أول رائد فضاء روسيا، ولهذه الأسباب، توجد تقييمات إيجابية لستالين.

سؤال : في الواقع، كانت صدمة سبوتنيك مفاجأة رائعة، ولكن على الرغم من هذا التميز، لماذا مرت روسيا بمثل هذا الموقف السيء؟

توجد أسباب كثيرة، والأمر معقد بحق.

سؤال : في 30 سنة من حياتك، يبدو أن هناك فترة من التغيرات السياسية السريعة في روسيا، فقد ولدت في نهاية عصر الاتحاد السوفييتي السابق، وبعد ذلك حضرت الجلاسنوست والبيروسترويكا، وغير ذلك من التغيرات.

على الرغم من أنني ولدت في الاتحاد السوفييتي، فإنني لا أتذكر هذه الأوقات كثيرا لأنني كنت صغيرا للغاية، وما أتذكره هو أن روسيا أصبحت دولة ديمقراطية في التسعينيات من القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وبعد عام 2000، أصبح في روسيا الكثير من التغيرات، وهي الآن دولة بها نظام رأسمالي حيوي، أو نظام رأسمالي كامل.

러시아 사회의 급변과 세대간 갈등의 심화, 적응을 위한 어려움 등을 밝히는 일리야 벨라코프. 한국의 현실과 비슷한 면이 적잖아 보였다.

إيليا بيلياكوف يتحدث عن التغيرات السريعة التي شهدتها روسيا والفجوة العميقة بين الأجيال والصعوبات التي يواجهها المجتمع الروسي للتأقلم مع هذه التغييرات.



سؤال : لم يكن الأمر سهلا على الروس أن يتأقلموا مع التغيرات، مع تحول الدولة إلى مجتمع رأسمالي بعد أن كان اشتراكيا.

نعم، والدي ووالدتي مثلا لم يتأقلموا بعد على هذه التغيرات، وبخاصة عندما أتحدث معهم، يمكنني أن أشعر بأنهما ما زالا يعيشان في عصر الاتحاد السوفييتي، والروس لديهم صراعات كثيرة بين الأجيال لهذا السبب، فكثير من التغييرات حدثت في عقول الناس، ويبدو الأمر أكثر قسوة عندما نجد صراعا بين جيل الشباب في كوريا وجيل ما بعد الحرب، وهذا مرجعه إلى التغيرات الكثيرة التي قمنا بها في أيدلولوجيا وتفكير الناس وفي رؤيتهم العالمية، ولذلك، فهذا الأمر لم يحدث في روسيا وحدها، ولكن في كل مكان بالعالم، أي عملية التحول إلى مجتمع ديمقراطي من مجتمع اشتراكي في غضون عشر سنوات فقط.

وما زالت دول أخرى تنتهج الاشتراكية مثل الصين وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا، باستثناء روسيا، فهي الدولة الوحيدة التي أجرت هذا التغير الدرامي، ومثل هذا التغير جعل الناس يشعرون بصعوبة مع التأقلم، وهو ما سبب لهم صعوبات في التسعينيات من القرن الماضي.

سؤال : الشرق الأقصى الروسي، ومن بينه فلاديفوستوك، مسقط رأسك، كان من الأماكن التي زارها الكوريون، حيث كانوا يلتقون لإطلاق حركاتهم الاستقلالية في أواخر عصر جوسون، ومن المعروف أن روسيا أيدت الكوريين وقتها، في السر والجهر.

كان هذا هو الوقت المناسب الذي ساعدت فيه روسيا كثيرا الكوريين، ففي ذلك الوقت، انهزمت روسيا على يد اليابان في الحرب الروسية اليابانية عام 1905، ومن الطيعي، أن روسيا لا تكن شعورا طيبا تجاه اليابان، وفي أوائل القرن العشرين، قامت اليابان بكثير من التصرفات المثيرة للجدل في المحيط الهاديء، مما أدى إلى أحكام مختلطة، ولذلك، فإن روسيا تولي مزيدا من الفهم لأولئك الذين عانوا، ونظرا لأن الروس هم أيضا ضحايا لليابان، فإنهم يتعاطفون مع الكوريين.

سؤال : في حياتك في كوريا لمدة 12 سنة مضت، ربما تكون قد جربت الكثير من التغييرات، وربما كان مسقط رأسك بوجه خاص قد اختلف تماما عن سيول، فكيف كان بإمكانك التأقلم مع مثل هذه التغييرات؟ وهل كانت لديك أي صعوبات في الإقامة في كوريا؟

لكي أكون أمينا، لم تحدث لدي أي صدمة ثقافية كبيرة، فقد كنت منفتحا، ولكن السبب في ذلك هو أنني كنت قد جربت الكورية من قبل بشكل متخصص قبل أن أجيء إلى هنا، وكنت أتحدث الكورية بمستوى لا بأس به، وكنت أتفهم كوريا بنسبة ما، وعندما كنت في فلاديفوستوك، اعتدت على التعامل بشكل جيد مع الطلاب الكوريين هناك، ولذلك، لم أواجه أي صدمة ثقافية، لأنني كنت مستعدا لذلك، وبلطبع، احتجت بعض الوقت للتأقلم، وكنت مختلفا عن باقي غير الكوريين الذين كانوا يأتون إلى كوريا بدون أي معرفة عن المكان، وكان لدي فهم بكوريا، ولذلك، كان لدي نوع من الهبوط الآمن في هذا البلد، ولم تكن لدي مشكلات في الإقامة فيه في النصف الأول من فترة إقامتي هنا، ولكن مع طول فترة إقامتي، وعندما بدأت العمل هنا، وأصبحت مشاركا بعمق في المجتمع، أصبح الأمر أصعب، وبخاصة عندما بدأت في العمل، والصعوبة الأكبر كانت في بيئة العمل في كوريا، فنظام سير العمل هو أصعب شيء في هذا الصدد، ولدينا في روسيا نظم للعمل، ولكنه لا يماثل ما شاهدته في كوريا، وتوجد أجزاء لم أكن قادرا معها على تفهمها أو قبولها، حتى وإن كنت أفهمها.

وعندما نتحدث مثلا عن الشرب، من الناحية الإحصائية، فإن الكوريين يشربون أكثر من الروس، ونظرا لأن الفودكا بها نسبة عالية من الكحول، فإن الروس لا يشربون كثيرا من حيث الكمية، والسوجو ليست بنفس قوة الفودكا، ولكن الكوريين مع ذلك يشربون منها الكثير، وإذا قارننا كميات الكحول في المشروبين التي يتم استهلاكها للفرد الواحد، سنجد أن الكوريين يشربون أكثر من الروس.

سؤال : ما الذي أعجبك في كوريا؟

أكثر شيء أعجبني هو السفر، ولذلك، توجهت إلى أماكن كثيرة، وكلما كنت أذهب في رحلة، كنت دائما أود العودة إلى كوريا، لأن كل شيء كان سهلا هنا، وكنت أريد أن أتحدث عن كل شيء، ولكن الجزء الأفضل، وبخاصة بالنسبة لسيول، هو البنية الأساسية، فعلى الرغم من أن الكوريين لا يعرفون الكثير عن ذلك، فإن العديد من غير الكوريين يجدون دورات المياه الموجودة داخل محطات مترو الأنفاق في حالة جيدة للغاية، فهي نظيفة، والأهم من ذلك، أنها بالمجان، وهذا أمر مدهش، ففي أوروبا، يمكنك أن تجد دورة مياه في مترو الأنفاق في بعض الأماكن فقط، وحتى عندما تجدها، فإنها لا تكون بالمجان.

سؤال : في الواقع، كانت لدينا دورات مياه قذرة في كوريا قبل ثلاثين عاما، ولم يكن أحد يحب الدخول إليها، ولكنها أصبحت نظيفة بعد أن بذلنا الجهد.

هذا صحيح، فكثير من الأشياء تغيرات، وإذا عدنا إلى عام 2003، أي عندما جئت إلى سيول للمرة الأولى، كان بإمكاني مشاهدة الكثير من التغييرات، في ذلك الوقت، لم يكن لدينا مثلا مجرى تشونج كاي تشونج المائي، ولم تكن هناك وسائل نقل عامة كافية، وكانت هناك سبعة خطوط لمترو الأنفاق فقط، بينما اليوم، لدينا تسعة خطوط لمترو الأنفاق، وإذا قارننا ذلك مع روسيا، فرغم اختلاف الوضع من مدينة لأخرى، فإننا سنجد أن موسكو مثل سيول تقريبا، ولكن المدن الأخرى مختلفة، باعتبار أن روسيا دولة كبيرة، وبها أكثر من ستين جماعة عرقية.

سؤال : عندما تظهر في التليفزيون، تشير إلى بعض الجوانب السلبية في المجتمع الكوري، مثل الرعاية الخاصة، والتعليم قبل المدرسي، فكيف تمكنت من تطوير هذه الملاحظات الدقيقة؟

هذا لم يكن بسبب رؤيتي الدقيقة، ولكن بسبب قدرتي على مشاهدة هذه الأمور وأنا أعيش في كوريا، وبين الكوريين، ففكنت أسير وأتحدث مع أصدقاء كوريين كل يوم، وأتابع الأخبار، ولهذا، تمكنت من المشاهدة لأنني لم أكن منعزلا، وعندما جئت إلى كوريا للمرة الأولى عام 2003، لم يكن هناك الكثير من القوقازيين، وكان الكوريون يعتبرون كل شخص أبيض من الولايات المتحدة، وكان أمرا لطيفا.

سؤال : ربما كان ذلك بسبب أن المجتمع الكوري لم تكن لديه الفرصة للقاء غير الكوريين؟

نعم، وأنا أعرف السبب، ولكن لهذا السبب، مواطنو شرق أوروبا، ومن بينهم روسيا، يتضايقون كثيرا، وكنت أنا أيضا أتضايق، ولكنني مع ذلك، أجد أشياء كثيرة تغيرت، فكثير من التغييرات تمت في السنوات العشر الماضية.

سؤال : ملامح المجتمع الكوري الحديث "الذي هو على عجل دائما"، تبدو وكأنها غيرت توجهات الكوريين نحو غير الكوريين لتصبح أكثر مرونة.

صحيح، هذا يمكن أن يكون جيدا، فالتغير سريع جدا، وقوة وسائل الإعلام يمكن أن تكون سببا لذلك، وبفضل برنامج "حديث الجمال" التليفزيوني، أصبح الكوريون أكثر وعيا بأن غير الكوريين يمكنهم التحدث بالكورية، ولذلك، فإن مزيدا من غير الكوريين بدأوا يظهرون في التليفزيون الكوري، والأمر نفسه ينطبق على برنامج "قمة استثنائية"، فهذه البرامج تجعل الكوريين يفكرون بأن غير الكوريين يمكنهم العيش في كوريا ويتحدثون باللغة الكورية، وهذا بفضل القوة الهائلة لوسائل الإعلام.

سؤال : تعمل في مجال اللغويات، ولكنك عملت أيضا كمترجم طبي، وهو ما يمكن أن نراه أمرا غير متوقع، وأمرا عمليا أيضا.

أردت أن أفعل ذلك بسبب شخصيتي، فقد فكرت في أنه يتعين علي أن أجرب القيام بكل شيء قبل أن أتعرف عليه، ولذلك، عملت في شركة كبيرة، وعملت كمترجم طبي، وعملت بشكل غير متفرغ، وأصبحت مدرسا، وشاركت في أعمال مؤقتة، فعملت صحفيا وظهرت في التليفزيون، وفي الصحافة، عملت لدى محطة بث روسية وأخرى كورية.

سؤال : يبدو أنك جنيت الكثير من الخبرات قياسا بسنك، ولكن إذا تحدثنا عن الكتابة، قصة حياتك يمكن أن تصنع عدة كتب.

لدي بالفعل حلم في أن أكتب كتابا في المستقبل.

سؤال : ما هي أكلتك الكورية المفضلة؟

أتناول الطعام الكوري دائما كجزء من حياتي اليومية، وأحب الكثير من المأكولات، ولكنني أفضل الشوربة مثل شوربة جينسينج الدجاج أو شوربة عظام الثور، ولست متأكدا مما إذا كان الروس يمكن أن يحبوا الطعام الكوري أم لا، وذلك لأن الطعام الكوري مختلف تماما عن الطعام الروسي، وإذا كان علي أن أختار أحد الأصناف، فإنني أختار شوربة الدجاج بالجينسينج ليكون طبقي المفضل، ويوجد اختلاف كبير بين المطبخين الروسي والكوري، فهما يستخدمان أساليب طهي مختلفة.

러시아에 대한 지식이야말로 두 나라를 더욱 가깝게 할 것이라고 지적하는 일리야 벨라코프.

إيليا بيلياكوف يشير إلى أن مزيدا من المعرفة عن روسيا من شأنه إحداث مزيد من التقارب بين كوريا وروسيا.



سؤال : كوريا وروسيا كانت بينهما علاقات صعبة في وقت ما بسبب الاختلافات الأيديولوجية، ولكن الدولتين أصبحتا جارتين على مدى الستوات الـ25 الماضية، فما هي الجهود التي نحتاج إليها لتقريب البلدين أكثر؟

نحتاج إلى مزيد من المعرفة، والآن، لا توجد معرفة تقريبا عن روسيا في كوريا، وحتى إذا كانت موجودة، فإن معظمها مشوشة، وأتمنى أن يتغير هذا الأمر، فمعظم المعلومات عن روسيا في كوريا تجدها مشوشة، وبعضها معلومات خاطئة، وهذا ينطبق على كل شيء تقريبا : الفنون والأعمال والسياسة.

والكوريون لديهم إدراك قليل للغاية بروسيا، وأجد هنا الكثير من المعلومات المشوشة، ومن ببين الأمثلة على ذلك أنني أتلقى أسئلة من بعض من جمهوري، فإذا وجدوا فيديو على يو تيوب عن روسيا يقولون "هل هذا موجود حقا في روسيا"؟ رغم أن هذه مجرد فيديوهات مفبركة أعدت لترويج الأكاذيب عن روسيا، ولكن الناس هنا يثقون فيها رغم أنها بعيدة تماما عن الحقيقة.

ودعني أقدم بعض الأمثلة، فمنذ العام الماضي وحتى أوائل العام الحالي، توجد الكثير من المعلومات التي يتم تداولها هن الرئيس فلاديمير بوتين، وعن الاقتصاد في روسيا، وعن الشائعات التي تقول إن روسيا ستعلن الإفلاس، والروس لا يعرفون شيئا من هذا أبدا، ولكنها معلومات منتشةر في كل مكان، ولذلك، فإن الروس أنفسهم بدأوا في التساؤل مع أنفسهم "هل هذا صحيح"؟ هذا بعيد عن الواقع، وعندما أجد قصصا إخبارية مثل هذه مفبكرة، فإنني بصراحة أشعر بالغضب، ولكنني لا أتمكن من فعل أي شيء، وإذا عرضت محطة تليفزيون كورية مثل هذه الأكاذيب مثلا، فإنني لا أستطيع تقديم المساعدة.

والأمر مثل أي شيء آخر في العالم، فالناس يميلون إلى وضع ثقتهم في المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام، وأقول دائما إن المعلومات التي تعرضها وسائل الإعلام الكورية عن روسيا مشوشة،

ولكن الناس يلومونني عندما أقول ذلك، وعلى سبيل المثال، فإن ما تعرضه محطة كيه.بي.إس لمشاهديها مختلف عما أبثه، فالناس يثقون في الإعلام، ومع ذلك، فإن هذا ليس صحيحا رغم ذلك، ولذا السبب، فالروس الذين يعيشون في كوريا يعتقدون أن الأمر ليس نزيها، وأتمنى أن تكونوا أنتم واعين بذلك.

일리야 벨라코프는 어디에 있든 한국과 관련된 교육을 하게 될 것이라며 한국과의 인연을 강조했다.

إيليا بيلياكوف يشدد على إعجابه بكوريا قائلا إنه سيشارك في التعليم المرتبط بكوريا في أي مكان يذهب إليه.



سؤال : يبدو أنك معجب بشكل طموح بكوريا وبالمجتمع الكوري، ما الذي تأمله من نتائج عبر التواصل مع كوريا؟

حلمي أن أصبح أستاذا، فأنا أريد أن أواصل الدراسة للحصول على الدكتوراة، وأن أدرس اللغويات للطلاب الجامعيين، وأنا مهتم للغاية بعلوم اللغة، وأحب كثيرا هذا المجال، ولذلك، أتمنى أن أدرس المزيد لكي أصبح مؤهلا للتدريس للطلاب، وربما يكون ذلك في كوريا أو في أي دولة أخرى، ولكنني أود أن أدرس شيئا ما مرتبطا بكوريا.

سؤال : بوصفك عالما في اللغة، ما الذي اجتذبك أكثر في اللغة الكورية في رأيك؟

الكورية لغة منطقية للغاية، فإذا قارنناها مع الروسية، سنجد أن هناك اختلافات واضحة، فعلى سبيل المثال، ومن وجهة نظر عالم اللغة، إذا كانت هناك قاعدة في النحو، فإن 99% من اللغة الكورية تتبع هذه القاعدة، ولكن في الروسية، 50% من الوقت يعد استثناء.

فعلى الرغم من وجود قواعد للغة الروسية، فإن بها استثناءات كثيرة، ولذلك، فعندما تدرس الروسية إلى الطلاب غير الروسيين الذين يستخدمون لغة أجنبية كلغتهم الأم، فإن الكثيرين منهم يجدون الأمر صعبا عليهم في التعلم، بينما الكورية لغة منطقية، فبها هيكل سهل الفهم، فإذا عرفت القواعد، يمكنك استخدام قواعد النحو، مثلما عليه الحال في الألمانية.

بقلم :

واي تاك وهان ويون سوجونج

كوريا دوت نت

الصور من : جون هان

whan23@korea.kr