إذا توجه الزائرون لمقبرة سيول الوطنية إلى قسم الأبطال في المقبرة ، ربما يشعرون بالدهشة عندما يشاهدون اسما أجنبيا بين شواهد القبور.
إلا أن فرانسيس سكوفيلد معروف لدى كثيرين في كوريا باعتباره "الرجل 34" ، في إشارة إلى 33 بطلا وقعوا إعلان الاستقلال الكوري يوم أول مارس 1919 ، وذلك في خطوة أشعلت حركة أول مارس الاستقلالية.
وفي أوائل هذا العام ، وأثناء إجراء مفاوضات السلام عقب نهاية الحرب العالمية الأولى ، ألقى الرئيس الأمريكي الأسبق وودرو ويلسون خطابا دعا في جزء منه إلى إقامة حكومات ذاتية في كافة الأراضي التي تم فتحها.
ومن هذا المنطلق ، بدأ الطلاب الكوريون في كل من كوريا واليابان في تنظيم حركة احتجاجية للمطالبة باستقلال كوريا بعد عقد من الحكم العسكري الياباني.
وكان فرانسيس سكوفيلد هو الأجنبي الوحيد الذي كان يعرف بموعد الاحتجاجات قبل وقوعها ، وكان سكوفيلد يعمل مبشرا طبيا كنديا ، وكان يعمل ويدرس في مدرسة سيفيرانس الطبية ، وكان يستقبل زيارات من يي كاب سونج عضو مجموعة الأبطال الـ33 وموظف في المدرسة في فبراير ، وسأله عما إذا كان ممكنا له أن يقدم مساعدته إلى نشطاء الاستقلال.
المتظاهرون أثناء مشاركتهم في حركة أول مارس الاستقلالية. (الصورة من مات فان فولكينبيرج).
وفي الوقت الذي كان فيه المبشرون والأجانب الآخرون المقيمون في كوريا يبدون اندهاشا من الاحتجاجات ، كان سكوفيلد بدلا من ذلك يتجول في سيول لالتقاط صور الاحتجاجات ، وهي صور شاهدها كل الكوريين هذه الأيام تقريبا.
وتدخل سكوفيلد أيضا بشكل شخصي في الاحتجاجات ، حيث كان يقترب من افراد الشرطة الذين كانوا يلقون القبض على المتظاهرين لكي يطالبهم بالإفراج بين الحين والآخر عن "خادمه" ، وهي حيلة نجحت لفترة من الوقت ، كما نجح في استخدام بطاقته الخاصة بالشرطة للحصول على إذن بدخول سجن سيو داي مون الذي شاهد فيه المعاملة السيئة التي كان يتلقاها السجناء في زنازينهم المزدحمة فوق طاقتها بالسجناء.
بل وسنحت له الفرصة أيضا لمشاهدة يو كوان سان طالب الثانوية المشهور الذي مات شهيدا في السنة التالية بسبب سوء المعاملة في السجن.
ومن خلال عمله طبيب في مستشفى سيفيرانس ، شاهد بنفسه أيضا المتظاهرين المصابين الذين كان يتم نقلهم إلى المستشفى بسبب تعرضهم للإصابة بسيوف ضباط الشرطة اليابانيين.
إلا أن سكوفيلد ربما يكون أكثر شهرة بسبب دوره في إلقاء الضوء على مذبحة جيام ري التي وقعت في مقاطعة هوا سيونج في كيونج كي دو (إقليم كيونج كي) يوم 15 أبريل 1919.
وفي ذلك اليوم ، ساقت القوات اليابانية ما يقرب من ثلاثين كوريا إلى كنيسة القرية وأشعلت فيها النيران وأطلقت الرصاص على كل من حاول الهروب من النيران المشتعلة.
وكانت القرية مجرد إحدى القرى الكثيرة في المنطقة التي تم إحراقها تماما على أيدي الجنود اليابانيين.
المشاركون في حركة أول مارس الاستقلالية لدى نقلهم إلى مستشفى سيفيرانس بعد إصابتهم بسبب وحشية الشرطة. (الصورة من مات فان فولكينبيرج).
وعندما سمع سكوفيلد عن شائعات بشأن هذه المذبحة ، وضع دراجته على متن قطار ، وتوجه إلى القرية التي التقى فيها مع الناجين من المذبحة والتقك صورا فوتوجرافية للدمار الذي شاهده.
ومن شدة غضبه لما شاهده ، أرسل سكوفيلد رسائل إلى الصحف المحلية في محاولة لإبلاغ الناس بمدى وحشية السلطات اليابانية في كوريا.
وفي رسالة بعث بها في نوفمبر 1919 إلى المعلن الياباني ، انتقد "سياسة الفصل الملعونة" التي كانت تنتهجها اليابان ، وتساءل : "أي أخلاق هذه التي يمكن أن نجدها في سياسة تجعل 17 مليون شخص بلا أمل ، وفي أفضل الأحوال تسجن أو تنفي نبلاء ونبيلات كوريا"؟
وبسبب سيطرة الحكومة على المعلومات ، لم يكن كثيرون خارج كوريا يعلمون حقيقة ما كان يحدث وقتها.
وكتبت صحيفة "سيول بريس" الدعائية الصادرة باليابانية والإنجليزية مقالا عن سجن سيو داي مون باستخدام الألوان الحمراء.
مشهد الكنيسة التي أحرقتها القوات اليابانية. (الصورة من مات فان فولكينبيرج).
وردا على ذلك ، كتب سكوفيلد رسالة ساخرة إلى الصحيفة جاء فيها "نحن الأجانب محظوظون جدا بمشاهدة مثل هذه الصورة المبهجة والجميلة للسجن ، لأننا كنا نعتقد دائما بأنه يوجد العديد من السجناء الذين يتم حشوهم في غرفة صغيرة ويتم ضربهم على أيدي السجانين ، ويعانون من الجوع ، وعلى عكس أفكارنا المسبقة ، يقال إن أصدقاءنا الكوريين لديهم دروس فنية ، ومناخ مبهج ، وحمامات متكررة ، فيالها من قصة خبرية رائعة".
إلا أن سيول بريس ردت بقولها إن "الرسالة من أجنبي يؤكد أن الأجانب يتعاملون معنا بتشكك" ، وهو ما يعني أن الشك كان من الجانبين معا.
ولم تغفل السلطات اليابانية بالتأكيد تصرفات سكوفيلد التي كان من بينها الحديث بالتفصيل عن الوحشية التي شاهدها.
وفي ديسمبر 1919 ، قال الحاكم العام لكوريا : "هذه الإرساليات المسيحية وراء الاضطرابات في كوريا ، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ، والرجل الذي كان اسمه سكوفيلد ، والذي ينتمي إلى مستشفى سيفيرانس في سيول ، يعد واحدا من أكثر الأنواع المميزة من هذه الأسباب التي أدت إلى اشتعال الموقف".
مات فان فولكينبيرج :
وبعد مرور الوقت ، لم يكن اليابانيون هم الذين طردوه من كوريا ، ولكن الجدل حول مشاركاته السياسية في كوريا هو الذي دفع بعثة بريبيتيريان لإعادته إلى أرض الوطن.
ووفقا للمؤرخ كو داي يول ، فإن مكتب الخارجية البريطانية نفسه كان يعتبر "لعناته" لسياسة الفصل اليابانية "مسيئة للغاية" ، و"كان يعترف بأن اليابانيين لن يشعروا بالود بسهولة تجاه سكوفيلد".
وفي واقع الأمر ، أصدر مكتب الخارجية البريطانية تحذيرا له ، ولكنه تجاهله.
وفي النهاية ، رفض البقاء على "الحياد السياسي" ، وهو ما قاده إلى الاستدعاء من قبل بعثة بريسبيتيريان عام 1920.
مات فان فولكينبيرج
وبعد عودته إلى أرض الوطن في كندا ، شارك بشكل فعال في العمل في كلية الطب البيطري في جويلف بأونتاريو ، وهناك استمر في كتابة الرسائل إلى الصحيفة المحلية لإدانة التمييز العنصري الذي عثر عليه في بلده.
وفي عام 1958 ، أي بعد نحو 40 عاما من إقامته في كندا ، عاد إلى كوريا ، ولكنه تسبب خلال مأدبة عشاء رسمية في عزل نفسه عن الرئيس سينج مان رهي ، وذلك عندما انتقد سياساته التسلطية.
وقد درس في جامعة سيول الوطنية وجامعةو يونسي ، وساعد في إدارة دارين للأيتام ، وكان يساعد الطلاب كذلك ممن كانوا يحلمون بالدراسة في الخارج ، وذلك عن طريق تحمل نفقات منحهم الدراسية.
ومن بين الطلاب الذين ساعدهم رئيس الوزراء المستقبلي تشانج أون تشان ، والذي تحمل سكوفيلد تغطية مصاريفه التعليمية في المدرسة الإعدادية.
ويقول السفير الكندي لدى كوريا ديفيد شاترسون : "الناس يملكون ذاكرة قوية ، فهم يتذكرون الدكتور سكوفيلد وإسهاماته لدى كوريا ، وسوف أذكر اسمه كثيرا ، وسوف يرد الناس بقولهم : آه نعم ، ويبدأون في قص رواية سمعوها أو ارتبطوا بها بشكل مباشر".
واعترفت الحكومة الكورية بمجهودات سكوفيلد فمنحته وسام الاستحقاق الثقافي عام 1960 ووسام الاستقلال من المؤسسة الوطنية عام 1968.
وعندما توفي في عام 1970 ، أقيمت له جنازة شعبية وأصبح أول أجنبي يتم دفنه في مقبرة سيول الوطنية.
بقلم :
مات فان فولكينبيرج
عضو الجمعية الملكية الآسيوية - فرع كوريا
اكتشف كوريا مع الجمعية الملكية الآسيوية
تأسست الجمعية الملكية الآسيوية ، فرع كوريا ، عام 1900 ، وهي عبارة عن رابطة من الأشخاص ، الكوريين وغير الكوريين ، ممن يرغبون في تعميق معرفتهم بحياة كوريا وثقافتها وتاريخها ، وتبادل تلك المعرفة مع الآخرين باللغة الإنجليزية. http://www.raskb.com/]