غرفة أخبار صحيفة كوريا تايمز. (الصورة من جو دونج تشان وتم أخذ الإذن لاستعمالها)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية إيمان الأشقر
يعتبر شهر أكتوبر في كوريا شهرا للاحتفاء بالثقافة الكورية وتاريخها، فهو يضم عدة أحداث مثل يوم تأسيس الأمة الكورية ويوم الاحتفال بإنشاء الأبجدية الكورية الهانغل. ويتميز شهر أكتوبر هذا العام باستضافة كوريا لمؤتمر أبيك وهو حدث عالمي ومنتدى اقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ. وفي ضوء حرص كوريا نت على دعم مراسليها وتوعيتهم بأهم الأحداث العالمية، نظمت ورشة خاصة للمراسلين بمناسبة المؤتمر لتثقل مهارات المراسلين الكتابية وتعرفهم بطرق التغطية الصحفية والكتابة عن الأحداث العالمية المهمة.
عقدت الورشة يوم 27 سبتمبر، وقدمها جو دونج تشان وهو مراسل صحفي في صحيفة كوريا تايمز. حصل جو دونج تشان على بكالريوس العلوم السياسية في الولايات المتحدة كما أكمل الدراسات العليا في نفس المجال بجامعة كوريا، وعمل في محطات مهمة مثل ام بي ان وجي تي بي سي.
في هذا المقال، سنتعرف أكثر على المسيرة المهنية للأستاذ جو دونج تشان، وعلى التحديات والتطورات التي تمر بها الصحافة الكورية لتقديم صورة واقعية عن ثقافة البلاد في الوقت المعاصر.
تمت المقابلة عبر الإيميل في الفترة من 27 سبتمبر إلى 1 أكتوبر.
صورة للمراسل جو دونج تشان خلال ورشة كوريا نت للمراسلين الفخريين. (تعود حقوق الصورة إلى كوريا نت)
ما الذي دفعك وألهمك لتصبح صحفيا؟ هل يمكنك أن تخبرنا أكثر عن تجربتك ومسيرتك المهنية خلال العمل في صحيفة كوريا تايمز؟
كان أجدادي يعيشون في مقاطعة هامغيونغ، وعندما اندلعت الحرب الكورية (1950-1953)، فروا من منزلهم، وأنجبوا والدي أثناء لجوئهم. لذلك كنت دائما مهتما بالأوضاع الدولية حول العالم. درست العلوم السياسية بشكل أكاديمي، وهذا ما قادني إلى مسيرتي المهنية في الصحافة.
بدأت عملي الصحفي في قناة محلية ام بي ان، ثم انتقلت إلى جي تي بي سي، ولقد مضى الآن حوالي 11 عاما على عملي في صحيفة كوريا تايمز. الروتين اليومي وضغط المواعيد النهائية قد يكون مرهقا أحيانا، لكنني دائما أشعر بالامتنان والفخر لأن عملي يساهم في خدمة المجتمع.
تغطية الأحداث العالمية مثل منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" هي مهمة شاقة ودقيقة، فما هي أكثر اللحظات المؤثرة أو التي فتحت عينيك على جانب جديد من العالم خلال عملك على تغطية تلك الفعاليات المهمة؟
وكيف توازن بين عرض الحقائق والحفاظ على السرد القصصي الجذاب للقارئ؟
كانت أحداث 11 سبتمبر من أكثر الأحداث التي فتحت عيني على العالم، إذ غيرت بشكل جذري نظام العالم. كما كانت الأزمة المالية العالمية بين عامي 2007-2008 من تلك الأحداث الكبيرة أيضا.
وبما أنني قضيت معظم مسيرتي الصحفية في مجالي الاقتصاد والمال، فإن معظم قصصي تتضمن أرقاماً ومصطلحات تقنية. لذلك أحاول دائماً أن أكتب بأسلوب بسيط قدر الإمكان حتى يتمكن القراء من فهمها بسهولة.
صورة من مؤتمر أتوم اكسبو في روسيا 2017 خلال تغطية المراسل جو دونج تشان له. (الصورة من جو دونج تشان وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
ما هي أكبر الصعوبات التي تواجهك خلال العمل وكيف تتغلب عليها؟
يتزايد عدد الأشخاص الذين يجمعون المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي. خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي متطورة للغاية لدرجة أن القراء غالبًا ما يحصلون على معلومات منحازة. علاوة على ذلك، يحصل المتطرفون في الوقت الحاضر على المزيد من المشاهدات من الجمهور. يقود المتطرفون اليساريون واليمينيون الرأي العام في هذه الأيام. هذا الاتجاه يجعل تغطية القصص صعبة للغاية بالنسبة لنا في هذه الأيام.
صورة من تحقيق أجراه المراسل جو دونج تشان حول مداهمة الشرطة لمنزل زعيم اتحاد المظلات عام 2016. (الصورة من جو دونج تشان وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
هل يمكنك أن تخبرنا أكثر عن تجربة تقديم ورشة عمل مراسلي كوريا نت الخاصة بمنتدى أبيك؟ كيف حضرت لها وما هي اللحظات العالقة في ذهنك من تلك التجربة؟
كل مشارك هناك كان لديه خلفية مختلفة، وأظهر اهتماما كبيرا بكوريا. كان من المثير مناقشة القضايا المختلفة معكم. تحدثنا عن المظاهرات في فرنسا، والربيع العربي، والتنافس بين الصين والولايات المتحدة، وما إلى ذلك. بالطبع، أجمع المعلومات من وكالات عالمية مثل إي بي أو رويترز لكن إجراء المقابلات معكم قدم وجهات نظر مختلفة. كان ذلك مفيدا جدا لي شخصيا أيضا.
ما هو أكثر حدث تفخر بتغطيتك له خلال مسيرتك ولماذا؟
لا أستطيع أن أختار واحدة على أخرى. أعتقد أنني كتبت بضعة آلاف من القصص حتى الآن. أشعر بالامتنان لكل واحدة منها. بعض القصص التي كتبتها عندما كنت مراسلا مبتدئا كانت غير موفقة بعض الشيء، ولكنها أيضا كانت الأساس الذي جعلني مراسلا أفضل.
على اليمين إحدى التقارير التي كتبها المراسل جو دونج تشان عن تجارب القيادة لسيارات مختلفة، وعلى اليسار صورة له مع السفير الأمريكي السابق لدى كوريا مارك ريبرت. (الصور من جو دونج تشان وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
ما هي فلسفتك الشخصية عن الصحافة؟ وكيف تحافظ على شغفك نحو العمل؟
أحاول دائمًا أن أكون يقظا، وأن أتبع حدسي، وألا أتأثر وأتحيز لآراء الأغلبية، كما يمكن أن يكون قليل من التعاطف والمحبة مفيدا جدا أيضا.
هل تعتقد أن الشباب ما زالت لديهم ثقة في وسائل الإعلام والصحافة الرسمية؟ وما الدور الذي تلعبه الصحافة الكورية الرسمية في تقديم ثقافة البلاد للعالم؟
عدد متزايد من الناس، خصوصا الشباب، يحصلون على المعلومات عبر وسائل التواصل مثل ريدت ويوتيوب. وهذه المنصات لا تقول الحقيقة دائما؛ أحيانا تكذب أو تقول أشياء فقط لجذب المشاهدات أو جمع المشتركين، وهذا أمر مقلق.
أعتقد أن ثقافة كوريا أعمق من مجرد موسيقى كي بوب. صحيح أن الفنانين الكوريين يلفتون الانتباه عالميا بسهولة، لكن من واجبنا كإعلام أن نقدم للعالم الجوانب الأخرى من كوريا مثل المشهد السياسي والمشكلات الاجتماعية، حتى تتمكن الدول من التعلم من أخطاء كوريا، أو تتعلم كوريا من أخطاء الآخرين.
من هم الصحفيون أو الكتاب الذين ألهموك خلال مسيرتك؟
بالتأكيد فريد زكريا. تابعت أعماله في سي إن إن وواشنطون بوست.
في رأيك، كيف تغيرت وتطورت الصحافة الكورية في ظل التحول الرقمي للعالم؟
أصبح على وسائل الإعلام أن تنتقل إلى المنصات الرقمية مثل إنستجرام ويوتيوب. علينا أن نخرج من منطقة الراحة المتمثلة في الصحف والتلفزيون. نحن نعيش في عالم الهواتف الذكية، والناس اليوم ينقلون الأخبار مباشرة عبر أجهزتهم. ملخصات الأخبار لديهم يمكن أن تكون مصدرا رائعا للقصص. كما أن الذكاء الاصطناعي أصبح قوة دافعة جديدة هنا. إذا لم تفهم وسائل الإعلام التقليدية هذه التغييرات، فستترك خلف الركب.
في رأيك، ما هي المهارات التي يجب أن يمتلكها الصحفيون الشباب حاليا ليحققوا النجاح؟
الثبات والاستمرارية. عليهم أن يستمروا في التعلم. يجب علينا دائما أن نسأل "لماذا؟". الصحفيون اليوم أشبه بالمترجمين، يشرحون للقارئ الحقائق الخمس: من، ماذا، متى، أين، لماذا، وكيف حدثت الأمور، بلغة بسيطة وواضحة. يجب أن يبقوا دائما فضوليين وجائعين للمعرفة.
في ظل التطورات السريعة في العصر المعاصر وهيمنة وسائل التواصل الاجتماعي كالمصدر الأساسي للمعلومات، يزداد دور الصحافة الرسمية والمنظمة أهمية وتزداد صعوبة عملهم، فقد أصبح على عاتقهم مهمة توصيل المعلومات الدقيقة والمحايدة وسط سلسلة من الأكاذيب والتحيزات، كما تقع عليهم مهمة جذب القراء ومواكبة لغة العصر للاستمرار. وقد أثرت تجربة المراسل جو دونج تشان معلوماتنا وأكدت على دور الصحافة الجادة كمرآة للحقائق.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.