معسكر منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، الصورة التقطت أثناء الزيارة يوم 27 سبتمبر الماضي. (الصورة من وزارة الثقافة والرياضة والسياحة)

بقلم مراسلتي كوريا نت الفخريتين المصرية بسمة شكري والسعودية ريهام

سنحت لي الفرصة بأن أشارك في أواخر شهر سبتمبر 2025 في معسكر منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ ( آبيك) الدولي للمراسلين الأجانب الذي نظمته 'كوريا نت' في مدينة غيونغجو العاصمة التاريخية لمملكة شيلا القديمة. يهدف المعسكر إلى تعريف المراسلين الشباب بدور كوريا في التعاون الاقتصادي والثقافي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعزيز مهاراتهم في الكتابة الصحفية عبر ورش عمل وزيارات ميدانية قامت ‘كوريا نت’ بتنسيقها خلال اليومين.

يعد منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ هو أحد أهم التجمعات الاقتصادية في العالم، وقد تأسس عام 1989 بهدف تعزيز النمو الاقتصادي والتجارة الحرة بين دول المنطقة التي تطل على المحيط الهادئ. يُعقد المنتدى بشكل سنوي، كما تشارك فيه 21 دولة من أبرز الاقتصادات في العالم مثل كوريا الجنوبية، اليابان، الولايات المتحدة، أستراليا، والصين. لا يقتصر تأثير على الدول الأعضاء فقط، بل يمتد إلى تعزيز الترابط الاقتصادي العالمي من خلال تشجيع الاستثمار المشترك وتبادل التكنولوجيا والخبرة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصادات النامية التي تتعامل مع دول المنتدى.

كانت رحلتنا إلى 'غيونغجو' فرصة فريدة لاكتشاف أصالة الحضارة الكورية القديمة؛ حيث تُعد مدينة غيونغجو متحفًا مفتوحًا يعكس عظمة مملكة شيلا (57 ق.م – 935 م) التي وحدت شبه الجزيرة الكورية وكانت مركزًا للثقافة والبوذية والفنون. يضم مجمّع قبور ‘دايرونغوون ‘ مجموعة من المقابر الملكية التي دُفن فيها ملوك وملكات شيلا، من أبرزها قبر الملك 'تشيونغمو' الذي اكتُشف عام 1973 واحتوى على مئات القطع الذهبية والمجوهرات الملكية التي كشفت عن مدى ازدهار الفنون والحرف في ذلك العصر.

أما مرصد 'تشومسونغداي' فيُعتبر أقدم مرصد فلكي في آسيا، وقد بُني في القرن السابع الميلادي في عهد الملكة سونديوك لمتابعة حركة النجوم والكواكب لأغراض زراعية وتقويمية. يتميّز تصميمه بالحجارة المتناسقة التي تعكس دقة الهندسة الكورية القديمة، ويُعدّ رمزًا لتطور العلوم في مملكة شيلا.

وفي المقابل، يجسّد معبد 'بولغوكسا' روح البوذية الكورية وجمال فن العمارة الشرقية، إذ بُني عام 528م خلال عهد شيلا لتجسيد 'أرض بوذا' على الأرض. يضم المعبد العديد من الأبراج الحجرية والقناطر الخشبية الفريدة، وأُدرج عام 1995 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو تقديرًا لقيمته التاريخية والفنية.

التقطت الصورة في معبد بولغوكسا البوذي أثناء الزيارة يوم 27 سبتمبر. (الصورة من وزارة الثقافة والرياضة والسياحة)

ليس ذلك فحسب، بل شمل البرنامج زيارة قصر 'دونغ وونغ' وبركة 'وولجي' الذي أضاء ليل المدينة بسحر مياهه وهدوء انعكاس أضوائه، وهو من المواقع التي تظهر كثيرًا في المشاهد التاريخية بالدراما الكورية.

ورشة كتابة المقالات الإخبارية، الصورة التقطت أثناء الزيارة يوم 27 سبتمبر الماضي. (الصورة من وزارة الثقافة والرياضة والسياحة)

وفي صباح اليوم الثاني، حضرنا ورشة عمل تدريبية حول كتابة المقالات الإخبارية أدارها أحد الصحفيين من صحيفة 'ذا كوريا تايمز'. كانت الورشة مفيدة للغاية، إذ تحدّث الصحفي جو دونغ تشان عن كيفية صياغة الأخبار بأسلوب مهني يجمع بين الدقة والإنسانية. وشرح لنا الكثير من الأمثلة عن كيفية كتابة مقال مؤثر يغطي الأحداث بشكل صحيح. كما لفت نظري أنه خريج تخصص العلوم السياسية ما جعل الحوار أكثر عمقًا حول العلاقة بين السياسة والإعلام.

لم تكن الرحلة مجرد زيارة تعليمية، بل كانت تجربة تفاعلية جمعت بين الثقافة، التاريخ، والإعلام. كما أنني تعرّفت على مراسلين فخريين من دول مختلفة، تبادلنا الآراء حول دور الإعلام في تعزيز التفاهم بين الشعوب، وناقشنا كيف يمكن لفعاليات مثل آبيك أن تُلهم الشباب ليكونوا جسورًا بين الثقافات. شعرت في نهاية الرحلة بأنني لا أعود فقط بصور جميلة من غيونغجو، بل أيضًا برؤية أعمق لدور كوريا في العالم ولفكرة أن الإعلام يمكن أن يكون وسيلة حقيقية للتعاون والسلام الدولي.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.