على اليمين صورة للكاتبة غو جونج سون، وعلى اليسار غلاف حلوى أوكشوندانغ. (الصور من غو جونج سون وتم أخذ الإذن باستخدامها، حقوق القصة تعود إلى دار ليفين كويريدو للنشر)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية إيمان الأشقر
غو جونج سون هي مؤلفة ورسامة قصص مصورة كورية. كتابات غو جونج سون موجهة للأطفال والكبار في آن واحد، فهي تحكي قصصا واقعية ومؤلمة بأسلوب بسيط و دافئ يحث على الأمل وسط الصعاب. عانت غو جونج سون من عثر القراءة في صغرها فوجدت العزاء في الشعر والقصص المصورة ذات الكلمات القليلة ودفعها ذلك إلى الإبداع وتقدير اللحظات البسيطة والقصص النابعة من الحياة اليومية. ضمن أعمالها: ارفع قبضتك، حلم الربيع، حلوى أوكشوندانغ وغيرهم. وقد ترجمت حلوى أوكشوندانغ إلى الإنجليزية مؤخرا هذا العام. تتناول القصة حياة جد وجدة جونج سون وقصة حبهما حتى الممات. وبفضل دفء أعمالها وأصالتها اختارها المركز الثقافي الكوري في لو أنجلوس لمعرض خاص بتعريف الزوار بفن القصص المصورة الكورية، كما نظموا لقاء خاص معها يومي 6 و7 سبتمبر لتعريف القراء بقصة حلوى أوكشوندانغ.
في هذا المقال، سنتعرف أكثر على رحلة جونج سون الفنية وفن القصص المصورة الكورية.
تمت المقابلة عبر الإيميل في الفترة من 1 سبتمبر إلى 13 سبتمبر.
هل يمكن أن تخبرينا أكثر عن بداياتك؟ ما الذي جذبك إلى الشعر وقصص الأطفال المصورة؟ وكيف أثرت تجربة عسر القراءة التي عايشتها في طفولتك على علاقتك بالقراءة والكتابة؟
عندما كنت صغيرة لم أكن أستطيع لا القراءة ولا الكتابة. كنت أشعر وكأن العالم كله يهمس لبعضه البعض من دوني، وكان ذلك محبطا جدا. ربما تحول شغفي بالرغبة في القراءة إلى مصدر ضغط نفسي. لكن بفضل أصدقائي الطيبين وعائلتي الصبورة تمكنت مع مرور الوقت من التحسن تدريجيا.
لهذا السبب كانت أولى الكلمات التي قرأتها ليست جملا وإنما مفردات متفرقة. وكان من الصعب علي قراءة النصوص الطويلة، لذلك أحببت الشعر القصير. أما كتب الأطفال المصوّرة فهي شبيهة جدا بالشعر، لذا عندما درستها بمفردي كثيرا ما رجعت إلى دواوين الشعر. بالنسبة إلي، ديوان الشعر هو كتابي المدرسي.
صورة للكاتبة غو جونج سون في كواليس برنامج بودكاست. (الصورة من غو جونج سون وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
هل يمكنك أن تحدثينا أكثر عن التعاون القادم مع المركز الثقافي الكوري في لوس أنجلوس؟ وأيضا نود أن نتعرف على كتابك حلوى أوكشوندانغ، ما الذي ألهمك لكتابته؟
المركز الثقافي الكوري تواصل معي. أرادوا تعريف الجمهور المحلي في لوس أنجلوس بكتب الأطفال الكورية، فاختاروا واحدا من الكتب المترجمة إلى الإنجليزية. وبما أن مهرجان الكتب سيقام في حديقة عامة، أرادوا اغتنام الفرصة للتعريف بالثقافة الكورية.
أما أوكشوندانغ فهو قصة جدي وجدتي. كانا يحبان بعضهما بشدة. لكن جدي رحل أولا، ثم أصيبت جدتي بمرض الخرف وبعد رحلة معاناة طويلة رحلت بدورها. أردت من خلال الكتاب أن أروي قصة حبهما، وفي الوقت نفسه أن أعكس مسيرة الفرح والحزن التي يمر بها الإنسان.
بوستر الإعلان عن معرض القصص المصورة الكورية ولقاء الكاتبة غو جونج سون. (الصورة من الصفحة الرسمية للمركز الثقافي الكوري بلوس أنجلوس)
غالبا ما تتناول كتبك موضوعات حزينة أو ثقيلة، لكنك تعرضينها بطريقة بسيطة ومليئة بالأمل. كيف توازنين بين اليأس والأمل، خاصة في أوكشوندانغ؟
خلال العمل على أوكشوندانغ كنت أفكر: لماذا يمرض الإنسان ويموت؟ خلال الزمن المحدود الذي نملكه، ما الذي يمكن أن يواسي مخاوفنا؟ الكلمة التي خطرت لي كانت الحب.
كنت أؤمن أن الحب هو الخلاص الوحيد. فقد عاش جدي وجدتي حياتهما في حبّ متبادل، وتغلبا بذلك على جراح الحرب. وحتى بعد أن فقدت جدتي زوجها، استطاعت أن تحيا في مواجهة ألم الفقد عبر استعادة ذكرياته. أظن أنني أختار الحديث أولا عن القلق والحزن والألم لأني أريد أن أصل في النهاية إلى الأمل.
نسخ مطبوعة من قصة حلوى أوكشوندانغ. (الصورة من غو جونج سون وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
في رأيك، كيف يمكن أن يساعدنا الأدب في التعامل مع مشاعرنا؟ وكيف تطوّرت فلسفتك ككاتبة مع مرور السنين؟
في السابق كنت أمتلك رؤية تشاؤمية للغاية، وأحيانا كنت أتمنى لو انتهى كل شيء. لكنني أدركت أن الناس يستمرون في العمل والحب والعيش يوما بيوم. أن تبذل جهدك في الوقت الممنوح لك هو جوهر الإنسانية.
ربما تغيرت فأصبحت اليوم متشائمة صبورة أو متفائلة كثيرة التذمر إن صح التعبير. بالنسبة إلي، الأدب يشبه شمسا تمنح الدفء لشخص يحمل رؤية كئيبة مثلي، وإن كنت أحيانا أذوب تحت أشعتها القوية. أجمل هدية قدّمها لي الأدب هي كلمات عزاء دافئة ودقيقة وصادقة.
في رأيك، ما الذي يجعل كتب الأطفال المصورة نوعا فنيا فريدا؟ وكيف يختلف تأليفها عن الأنواع الأدبية الأخرى؟
كتب الأطفال المصوّرة يجتمع فيها النص والصورة معا. لذلك لا يكفي أن يكون النص ممتازا أو أن تكون الرسومات مذهلة، بل لا بد أن ينسج الاثنان تناغما. أعتقد أن خصوصية هذا الفن تكمن هنا. لا يمكن القول إنه فن مفضل للكتاب البارعين فقط أو للرسامين الموهوبين فقط، إنه فن يتطلب الانسجام.
صفحات من قصة حلوى أوكشوندانغ. (تعود حقوق القصة إلى دار ليفين كويريدو للنشر)
ما هو العمل الأقرب لك ضمن أعمالك ولماذا؟
كتاب ارفع قبضتك له مكانة خاصة في قلبي. يحكي عن ملاكم يسقط مرارا لكنه ينهض في كل مرة. أنا نفسي أعاني من مرض عضال يسبب لي آلاما شديدة في جسدي. كتبت هذا الكتاب في أكثر أوقاتي ألما، لكنه أيضا كان أكثر قصصي أملا. كان بمثابة شهادة على قدرتي على النهوض من جديد.
غلاف ارفع قبضتك. (تعود حقوق الكتاب إلى دار مانمان هان تشاكبانغ)
ما هو مصدر إلهامك الرئيسي، وهل لديك روتين خاص للكتابة؟
أستلهم الكثير من الأدب والسينما، لكن مصدر الإلهام الأكبر بالنسبة إلي هو الإنسان. الناس يمنحونني الأمل والفرح كما يمنحونني الحزن واليأس. الإنسان كتابي الأكبر. نحب ونخطئ، نشعر بالذنب، نعيش في صراع بين الخير والشر. كل هذا يغذي إبداعي.
صورة لغو جونج سون خلال إحدى عروض الإلقاء. (الصورة من غو جونج سون وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
ما الذي يلهمك لاختياراتك للألوان ولوحة الرسم في كتبك؟ هل تأتي الأفكار لك بصريا أولا، أم أن النص يستدعي الصورة؟ وهل هناك فنانون أو رسامون أثروا في أسلوبك؟
أحيانا أرسم أولا ثم أكتب، وأحيانا العكس. يختلف الأمر باختلاف القصة. أكثر الفنانين تأثيرا في هما الرسام روسو وعازف البيانو غلين غولد. كلاهما عاش في عالمه الداخلي بتركيز شديد. أحب الفنانين الذين يعيشون حالة من الانغماس الكامل في فنهم.
كيف ترين تطور الأدب الكوري مؤخرا؟ وما الصعوبات التي تواجهك ككاتبة حتى اليوم؟
العالم أصبح يولي الأدب الكوري اهتماما متزايدا، وأنا نفسي أستمد إلهاما منه. أرى أنه بات أقل تزمتا وأكثر انفتاحا على موضوعات متنوعة تروى من وجهات نظر مختلفة. أما الصعوبة الأكبر فهي الانخفاض الكبير في أعداد القراء.
ما هي خططك المستقبلية؟
ليست لدي خطط كبيرة. أنا أعيش في باجو، منطقة حدودية في كوريا، حيث أُدير مكتبة صغيرة. وبسبب تدهور صحتي لا أستطيع السفر كثيرا، لذا أفضل أن أواصل حواراتي مع الكتب والزوار من داخل هذا المكان. المكتبة تحمل اسمي مكتبة غو جونج سون الذي أطلقه علي جدي. هنا أقرأ بجد وأحاول أن أواصل عملي الإبداعي.
دائما ما ينبع الأمل من أعماق المعاناة، فالحياة مزيج فريد بين الاثنين وعلينا أن نقدر حياتنا اليومية بتفاصيلها البسيطة وبأفراحها وأحزانها. والقصص المصورة هي فاصل خفيف يدفعنا للتأمل في تلك اللحظات عبر قصص دافئة وبسيطة مثل أعمال الفنانة الملهمة غو جونج سون التي حولت معاناتها إلى مصدر أمل للآخرين.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.