مراسل فخري

2025.10.17

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
صوفيا من المغرب (يسار) وموضي من الكويت (يمين) تشاركان شغفهما بالأدب الكوري مع القراء العرب. (الصور من صوفيا وموضي تم أخذ الإذن باستخدامها)

صوفيا من المغرب (يسار) وموضي من الكويت (يمين) تشاركان شغفهما بالأدب الكوري مع القراء العرب. (الصور من صوفيا وموضي تم أخذ الإذن باستخدامها)



بقلم مراسلتي كوريا نت الفخريتين المصريتين إسراء الزيني وسلوى الزيني

في السنوات الأخيرة لم يعد الأدب الكوري محصورًا بين أرفف المكتبات المحلية في كوريا داخل بل تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية ليصل إلى مختلف أنحاء العالم ومنها العالم العربي. ومع ازدهار الموجة الكورية (الهاليو) وانتشار الدراما والأغاني الكورية بدأ اهتمام جديد يتشكل لدى القراء العرب ليس فقط بمتابعة الدراما ونجوم الكي بوب بل بالغوص في عمق الثقافة الكورية عبر الأدب المكتوب.

الأدب الكوري يتميز بقدرته على التعبير عن قضايا إنسانية شديدة القرب من القارئ العربي مثل البحث عن الذات ومواجهة الوحدة وصراعات الهوية والعلاقة بين الفرد والمجتمع. ورغم اختلاف الخلفيات الثقافية إلا أن هذه القضايا المشتركة تجعل القارئ العربي يشعر بالقرب من النصوص الكورية وكأنها تعكس شيئًا من حياته الخاصة.

ومع ازدياد الترجمات العربية للأعمال الكورية، صار من السهل على القارئ العربي أن يتعرف على أسماء مثل ’هان كانغ‘ و’سون وون بيونج‘ و’تشو نام جو‘ الذين نقلوا للعالم صورة صادقة ومعبرة عن المجتمع الكوري بتناقضاته وتحوّلاته. هذه الأعمال لا تكتفي بسرد حكايات محلية بل تقدّم رؤية إنسانية شاملة ولهذا تجد صدى كبيرًا لدى القراء في مصر والمغرب والخليج وسائر الدول العربية.

ولم يعد هذا الاهتمام مقتصرًا على النخبة الأدبية أو المهتمين بالدراسات الشرقية بل أصبح ظاهرة يشارك فيها شباب وشابات على وسائل التواصل الاجتماعي يعبرون عن شغفهم بالكتب الكورية ويشجعون الآخرين على قراءتها. وهنا يبرز دور المؤثرين الذين استطاعوا أن يحولوا شغفهم بالقراءة إلى محتوى جذاب يصل إلى مئات الآلاف من المتابعين.

منصتا صوفيا وموضي على إنستغرام أصبحتا نافذة يتعرف من خلالها القراء العرب على الأدب الكوري. (الصورة من سلوى الزيني)

منصتا صوفيا وموضي على إنستغرام أصبحتا نافذة يتعرف من خلالها القراء العرب على الأدب الكوري. (الصورة من سلوى الزيني)


في هذا السياق اخترنا أن نسلط الضوء على تجربتين بارزتين من العالم العربي هما صوفيا من المغرب، التي يتابعها أكثر من 218 ألف متابع، وموضي من الكويت، التي يتابعها أكثر من 27 ألف متابع. كلتاهما لم تكتفيا بقراءة الأدب الكوري بل حولتاه إلى تجربة تفاعلية مع جمهور واسع يشاركهما الشغف والاكتشاف.

صوفيا، بصفتها قارئة نهمة ومؤثرة على السوشيال ميديا، استطاعت أن تُبرز كيف يلمس الأدب الكوري وجدان القارئ العربي، وكيف يمكن أن تكون الروايات الكورية مصدر إلهام وتفكير جديد. أما موضي، فتميزت بنظرتها العميقة وتحليلاتها التي تكشف جوانب مختلفة من النصوص، مقدمةً محتوى يساعد متابعيها على التعمق أكثر في هذا الأدب.

من خلال هذا الحوار معهما، سنكتشف معًا كيف بدأت رحلتهما مع الأدب الكوري؟ ما الذي جذب كل واحدة منهما إلى هذا العالم الأدبي المختلف؟ وكيف ترى كل منهما دور الترجمة، التقاطعات مع الثقافة العربية، والرسائل التي يوجهها الأدب الكوري إلى القراء في منطقتنا؟

إن تجربة صوفيا وموضي تكشف أن الأدب الكوري لم يعد مجرد نصوص تُقرأ على الورق بل أصبح وسيلة للتواصل الثقافي بين كوريا والعالم العربي. كما أنها تؤكد أن القارئ العربي، أينما كان قادر على إيجاد نفسه في صفحات كتب كورية تروي قصصًا عن الحب والفقد والأمل والبحث عن الذات والتحديات اليومية.

وقد أُجريت المقابلات عبر البريد الإلكتروني وموقع انستغرام بين 25 يوليو و23 أغسطس 2025.

مجموعة من الأعمال الكورية المترجمة إلى العربية والتي تفتح نافذة للقارئ العربي على عالم الأدب الكوري. (الصورة من سلوى الزيني)

مجموعة من الأعمال الكورية المترجمة إلى العربية والتي تفتح نافذة للقارئ العربي على عالم الأدب الكوري. (الصورة من سلوى الزيني)


هل تتذكرين أول مرة سمعتِ أو قرأتِ عن الأدب الكوري؟ وهل كان ذلك من خلال كتاب، مسلسل، أو ترشيح من شخص ما؟

صوفيا: تعرفتُ على الأدب الكوري مع لوز، ومنذ تلك اللحظة شعرت أنني أفتح نافذة على عالم بعيد، لكنه يلامسني وكأنه يتحدث عني.

موضي: اول مرة قرأت كتاب من الأدب الكوري كان ترشيح من مجتمع القراء بالانستغرام العربي او ترشيح من البوكتيوب العربي على ما اتذكر.

ما أول رواية كورية قرأتِها؟ وما أكثر ما بقي عالقاً في ذاكرتكِ منها؟

صوفيا: لوز كانت البداية. أكثر ما بقي في ذاكرتي هو صمت البطل، صمته كان يشبه جدارًا شفافًا… جعلني أفكر في معنى الاختلاف والوحدة.

موضي: رواية أرجوك اعتن بامي، أكثر ما شدني فيها كمية المشاعر المتدفقة، وفكرة الاعتياد على وجود شخص في حياتنا الى حد اننا لا نشعر بفقدانه حتى بعد غيابه لأيام.

إذا قارنا بين الأدب الكوري والأدب العربي أو الغربي، فما أبرز ما يميّزه بالنسبة لكِ؟

صوفيا: الأدب الكوري بطيء الخطوات لكنه عميق الأثر. يلتقط لحظة عابرة ويحوّلها إلى مرآة نرى فيها أنفسنا، وهذا ما يميّزه عن غيره.

موضي: أظن أن ما يميز الأدب الكوري هو تعرية المشاعر، خصوصاً تلك التي تجمع بين الأبناء والوالدين، إضافة إلى الطرح غير الاعتيادي لبعض المواضيع التي تعكس الكثير من الإسقاطات.

هل لاحظتِ وجود قيم أو أفكار مشتركة بين المجتمع الكوري والعربي في الروايات التي قرأتِها؟

صوفيا: نعم، خاصة قيمة الأم. حين قرأت أرجوك اعتني بأمي شعرت أنني أبكي مع الأم الكورية كما أبكي مع قصص أمهاتنا العربيات. الأم هنا وهناك وجه واحد للحب والتضحية.

موضي: نعم، مثل احترام الوالدين وتقدير مكانتهم، وأيضاً احترام الكبار في السن، وحتى تلقيب الغرباء من كبار السن بألقاب احترام، كما نفعل نحن بقول (عمو) أو (خالتو).

هل هناك كاتب أو كاتبة كورية تشعرين أنها الأقرب إلى قلبكِ؟ ولماذا تحديداً؟

صوفيا: سون وون-بيونج، لأن لوز لم تكن مجرد رواية، بل كانت تجربة شعورية صادقة. جعلتني أحتضن فكرة أن الاختلاف جمال، لا عبء.

موضي: كيونج سوك شين، لامستني كتاباتها كثيراً.

مولودة عام 1982. (الصورة من سلوى الزيني)

مولودة عام 1982. (الصورة من سلوى الزيني)


هل ساعدتكِ الروايات الكورية على فهم الثقافة الكورية بصورة أعمق؟ أعطينا مثالاً شعرتِ فيه بالتقارب أو الاختلاف بين الثقافتين.

صوفيا: نعم. مولودة عام 1982 جعلتني أرى تحديات المرأة الكورية، وفاجأني كم هي قريبة من قصص نسائنا. شعرت أنني البطلة أحيانًا، وأن الحكاية ليست بعيدة عني.

موضي: في المجتمعات الكورية، تفضيل الذكر على الأنثى جاء على ما أظن نتيجة سياسة الطفل الواحد أو تحديد عدد الأطفال، حيث تُتاح فرص وظيفية أكبر للرجال. بينما في مجتمعاتنا العربية يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى العادات والتقاليد.

أما في ما يخص سوق العمل، فأظن أن هناك في بلادنا العربية نوعًا من المساواة أو شبه مساواة بين الجنسين، لكن الوضع في كوريا مختلف تمامًا، خصوصًا بالنسبة للزوجة العاملة. وقد تعلّمت ذلك بوضوح من خلال رواية مولودة عام 1982.

مولودة عام 1982. (الصورة من موضي تم أخذ الإذن باستخدامها)

مولودة عام 1982. (الصورة من موضي تم أخذ الإذن باستخدامها)


كيف تجدين أسلوب الكتابة الكورية مقارنةً بالروايات من ثقافات أخرى؟

صوفيا: أسلوبهم بسيط لكنه يدخل إلى القلب بهدوء، كأنه همس. لا يصرخ ليقنعك، بل يتركك تكتشف نفسك بين السطور.

موضي: أجد أن أسلوب الروايات الكورية متميز ومليء بالمشاعر والأفكار، لكن ليست كل الروايات تحمل نفس الأسلوب. فبعض الكتب تتسم بالغموض أو الغرابة، إلا أن هذه الغرابة غالبًا ما تحمل تحليلات معينة، كما في رواية النباتية.

بعض الروايات الكورية تسير بإيقاع بطيء وتزخر بالتفاصيل الصغيرة… هل ترين أن هذا يخدم المعنى أم قد يُشعر القارئ العربي بالملل؟

صوفيا: بالنسبة لي يخدم المعنى. هذا البطء يجعلني أتوقف عند كل تفصيل، وأحيانًا أشعر أنني أعيش المشهد لا أقرأه فقط.

موضي: أعتقد أن الأمر يعتمد على الشخص نفسه بالنسبة لي لا أمانع هذا النوع من الكتب، حتى لو كان خاليًا من الأحداث، لأنني أستمتع بالأفكار والمشاعر التي تعكسها شخصية الرواية الرئيسية. لذلك أرى أن قبول هذا الأسلوب يختلف من قارئ لآخر.

ما رأيكِ في طريقة الأدب الكوري في معالجة القضايا الحساسة مثل الوحدة والاكتئاب؟

صوفيا: يعالجها بصدق مؤلم وهادئ. وأنا أقرأها، لم أشعر أنني أراقب قصة شخص آخر، بل كأنني أمرّ بالتجربة بنفسي.

موضي: أرى أن وظيفة الأدب ليست علاج القضايا الحساسة مثل الوحدة أو الاكتئاب، بل طرحها وتسليط الضوء عليها بأسلوب يعكس مشاعر الشخصيات وتجاربهم. الأدب يعطي القارئ فرصة للتفكير والتأمل، لكنه ليس بديلاً عن العلاج النفسي أو الحلول العملية.

إذا رغبت قارئة عربية في بدء رحلتها مع الأدب الكوري، فما الكتاب الذي تنصحينها به؟

صوفيا: أنصحها بـ لوز. سيعرّفها على روح الأدب الكوري، ثم يمكنها أن تنتقل إلى مولودة عام 1982 وأرجوك اعتني بأمي. كل واحد منها يحمل جزءًا من القلب الكوري.

موضي: لوز لسون وون بيونج.

لوز لسون وون بيونج. (الصورة من موضي تم أخذ الإذن باستخدامها)

لوز لسون وون بيونج. (الصورة من موضي تم أخذ الإذن باستخدامها)


هل ترغبين في زيارة كوريا للتعرف على الأماكن التي قرأتِ عنها في الروايات؟ وأي مكان تحديداً؟

صوفيا: نعم جدًا. أود أن أزور سيول وأتجول في أحيائها القديمة. أشعر أنني سأتعرف على الشوارع التي سارت فيها شخصيات الروايات وأعيش تفاصيلها.

موضي: صراحةً، مع حبي للدراما والأدب الكوري، إلا أن رغبتي بالسفر إلى كوريا ليست كبيرة حاليًا. قد أزورها يومًا ما، لكنها ليست في صدارة قائمتي.

إذا أتيحت لكِ فرصة لقاء كاتب كوري، من سيكون؟ وما السؤال الذي ستوجهينه إليه؟

صوفيا: أود لقاء سون وون-بيونج. سؤالي له سيكون: "كيف استطعت أن تكتب رواية مثل لوز ببساطة كبيرة وصدق عميق حتى لامست قلوب قراء بعيدين جدًا عن كوريا؟

موضي: الكاتبة التي أود مقابلتها هي كيونج سوك شين. وأعتقد أن مجرد الحديث معها والاستماع لتجربتها وأفكارها حول الكتابة سيكون تجربة قيّمة بالنسبة لي، حتى لو لم يكن لدي سؤال محدد لأطرحه.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.