يظهر تصميم الصورة على اليمين الكاتبة جانغ سي آه، وعلى اليسار غلاف رواية لعبة القدر. (تعود حقوق الصورتين إلى جانغ سي آه، دار بانتام وتم أخذ الإذن لاستخدماهما)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية إيمان الأشقر
مؤخرا، أصبح هناك اهتمام أوسع بالأدب الكوري بجميع أنواعه، ورغم أنه هناك العديد من الأعمال العظيمة الغير مكتشفة عالميا، فتزايد عدد قراءه وعدد الكتب المترجمة بشكل ملحوظ. فتحطمت الصورة النمطية التي لطالما حصرت الأدب الكوري في روايات الشفاء والتنمية البشرية، والروايات ذات الطابع التقليدي. فأصبح هناك اهتمام بأنواع عدة تحمل طابعا إنسانيا معقدا أكثر.
وفي هذا المقال، ستشاركنا الكاتبة جانغ سي آه الحديث حول روايتها الطويلة الأولى في فئة الإثارة والتشويق "لعبة القدر". وهي من أحدث الإصدارات المترجمة من الكورية في هذه الفئة، وقد صدرت النسخة الإنجليزية منها يوم 29 يوليو هذا العام.
جانغ سي آه كانت مسؤولة علاقات عامة، وهي الآن كاتبة وتدير تدير قناة لمراجعة الكتب، لها تجارب كتابة سابقة في مختلف الفئات الروائية تحت أسماء مستعارة مختلفة، ورواية لعبة القدر هي روايتها الطويلة الأولى تحت هذا الاسم.
غلاف رواية لعبة القدر. (تعود حقوق الصورة لجانغ سي آه، دار بانتام وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
تمت المقابلة عبر الإيميل في الفترة من 7 أغسطس إلى 14 أغسطس.
مرحبا، هل يمكنك تقديم روايتك "لعبة القدر" للقراء؟
لعبة القدر هي حكاية امرأة تدعى جايونغ، التي تتبادل هويتها مع هوية أم لطفل حديث الولادة قابلتها بالصدفة، لتدخل قصرا ضخما مليئا بالأسرار، هربا من حبيبها الذي كان يعنفها.
إنها بطلة عادية حوصرت في زاوية قصر غامض وعائلة تحتفظ بالعديد من الأسرار، وتواجه انقلابات متعددة في حياتها.
يمكن تقديم الرواية على أنها رواية إثارة قوطية كورية، فهي تحتوي على أجواء القوطية الكلاسيكية لكن بطابع كوري.
ما الذي ألهمك ودفعك إلى كتابة روايتك الأولى؟ وهل تخططين لأن تكوني كاتبة محترفة أم ستستمرين في العمل في مجال العلاقات العامة؟
لقد عملت في مجال العلاقات العامة لوقت طويل، وكتبت العديد من الروايات من مختلف الأنواع تحت أسماء مستعارة مختلفة، حتى أني كتبت عن الموضة لصالح أحد خبراء تصميم وتنسيق الأزياء. ولكن عشقي لروايات الغموض والإثارة ورغبتي في كتابة قصة من تلك النوعية هو ما دفعني لكتابة تلك الرواية.
أنا الآن أعيش حياتي ككاتبة، لكن خبرتي في التعامل مع الناس من مختلف الأنواع بدءا من المشاهير، أصحاب العلامات التجارية، الصفحيين، وغيرهم، ساعدتني في مسيرتي. فأنا مهتمة بالمشاركة في عملية الترويج لكتابي، وحيث أنه نشر مؤخرا في الولايات المتحدة، فأنا حريصة على التواصل الدائم مع فريق العلاقات العامة للدار. كما أكتسب العديد من المعلومات، فمجال الترويج للكتب جديد بالنسبة لي ويختلف عن عملي في مجال العلاقات العامة محليا.
بعض المواقع الإنجليزية تذكر أني أعمل في مجال التسويق، ولكن الوصف الأدق لعملي هو مسؤولة عن العلاقات العامة.
صورة للكاتبة وهي تحمل روايتها. (الصورة من جانغ سي آه وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
هل يمكنك أن تخبرينا أكثر عن تجربة كتابتك للرواية؟ كيف عملت على بناء الحبكة والشخصيات؟ وكم استغرقت مدة كتابتها؟
استغرقت مدة كتابة ومراجعة الرواية حوالي عام ونصف. بالنسبة للفكرة، دائما ما أبدأ من صورة معينة أو مشهد يطرأ على ذهني، فأبدا بإضافة التفاصيل له شيئا فشيئا وأبني حوله القصة.
كما قلت في كلمة الكاتبة في الرواية، فقد بدأت فكرة رواية لعبة القدر بمشهد خطر على بالي فجأة قبل النوم، امرأة تنظر للمرآة بوجه شاحب في القطار ثم ترش الماء على وجهها. وقتها، لم أمتلك فكرة عن هوية تلك المرأة أو عن سبب هربها وعما سيحدث لها، ولكن بدأت الفكرة تتضح في ذهني شيئا فشيئا. أضفت للشخصية أفظع جوانب الشر من وجهة نظري، فأنا أعتقد أن شر الإنسان هو الأكثر رعبا عندما يصل إلى مرحلة الجنون، ويفوق شره أي شبح أو روح. وأضفت عناصر الروايات القوطية التي أحبها كالقصر المهيب والعائلة المليئة بالأسرار، وهكذا ولدت هذه الرواية.
بعض القراء الكوريون أخبروني أن مشاهد العنف بدت واقعية وصادمة وأنهم تعاطفوا مع جاي يونغ. في الواقع، لم تكن تلك الأجزاء صعبة بالنسبة لي، فعندما كنت في أوائل العشرينيات، قضيت عاما في نيويورك، وهناك تعرفت على رجل وصدمت بميوله العنيفة فلم يكن يبدو عليه ذلك. كان يراقب من حوله، يشك فيهم، ويود السيطرة عليهم، وكان يثور فجأة ويحطم ما حوله ويؤذي نفسه، ودائما مكان يصرخ ويلقي اللوم علي ويردد: "أنت السبب الذي جعلني أغضب."
وقتها، لم أكن أعرف حتى معنى التلاعب العاطفي، لكني عشته فعليا. ولحسن حظي لم أتعرض للعنف المباشر مثل جاي يونغ، لكن طوال فترة معرفتي به كنت في قلق دائم وأشعر بأني بجانب قنبلة موقوتة. لقد تركت تلك التجربة أثر بالغ في نفسي، وجعلتني أدرك الجانب المظلم في النفس البشرية، فعندما يبتعد الإنسان عن المنطق ويصل لمرحلة الجنون، يصبح أسوأ من الشيطان. لذلك عندما كنت أخطط للشخصية الشريرة في روايتي، اعتمدت على أخطر نموذج من الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي.
هل شاركت في ترجمة الرواية؟ وهل هناك خطط لترجمتها إلى لغات أخرى؟ وهل تظنين أن النسخة المترجمة نجحت في توصيل المعنى والمشاعر الحقيقية؟
أنا لم أشارك مباشرة في الترجمة. لكن برغم ذلك، فقد راجعت النسخة المترجمة بدقة وقارنت كل كلمة بالنص الأصلين مرتين أو ثلاث مرات، وقدمت اقتراحات لتعديل بعض الكلمات او العبارات التي شعرت أنها بعيدة عن المعنى الأصلي، وقد عمقت تلك التجربة فهمي لدور الترجمة وأهميتها.
مثلا، في النسخة الكورية يسهل التمييز بين النبرة الخشنة واللطيفة للحوار من خلال استعمال درجات الاحترام والرسمية المختلفة لنهايات الأفعال، ولكن في النسخة الإنجليزية يصعب تمييز ذلك إلا مع بعض التوضيحات الإضافية. كما حرصت على التأكد من أن الاستعارات والأمثلة الكورية تمت ترجمتها بطريقة تنقل معناها الأصلي.
بخلاف ذلك، فقد استخدم المترجم بعض التعبيرات التي أضافت بعدا جديدا للمعنى وأثرت الرواية. ومن المقرر نشر الرواية بالألمانية، الإيطالية، والعربية، وأنا أتمنى لو كنت قادرة على قراءة جميع تلك اللغات.
كيف تعاملت مع تيمة الهوية في روايتك؟ فبطلة الرواية بدلت هويتها مع شخص آخر وأدى ذلك لتغيرات جذرية في شخصيتها وكأنها بدأت حياة جديدة بالكامل. في رأيك، ما الذي يجعل الإنسان متمسك بهويته، وما هي الهوية من الأساس؟ في رأيك، هل هي مجرد حيلة نفسية دفاعية ابتدعها الإنسان ليجعل لحياته معنى، أم أنها ذات أهمية حقيقية؟
أنا أرى أن الهوية مركزية وقابلة للتغيير في نفس الوقت. فالإنسان كائن معقد ودائم التغير، ويتغير مفهوم الهوية حسب كيفية تعريف الفرد لنفسه. وتعريفه ذلك يعتمد على عدة عوامل مثل: بيئة النشأ، التجارب والخبرات، الظروف المحيطة، والقيم والإرادة.
أجد نفسي دائما مشدودة لفكرة ازدواجية الإنسان، فدائما ما نشعر بالاطمئنان لكوننا طيبون وأسوياء، لكن الجميع يمر بذهنه أفكار خبيثة بين الحين والآخر.
حين يضايقنا مديرنا، عندما نتشاجر مع حبيبنا، وعندما يضايقنا السائق، جميعنا تأتي أصوات في ذهننا تصرخ وتقول سأقتله حالا. ولكن أغلب الناس قادرون على التحكم في تلك الطبقة الرقيقة التي تفصل بين العقل والجنون ويجمحون تلك الأفكار، أما من يترك نفسه لتلك الأفكار لتتحكم فيه يصبح مجرما. يمكن أن نسمي تلك الطبقة التي تحمينا من تلك الأفكار العقل، الضمير، أو الرغبة في أن نبدو صالحين. أي كان اسمها، فتلك الجوانب موجودة بنا جميعا، وأحيانا ما تراودنا تلك الأفكار فقط عندما نكون وحدنا قبل النوم مثلا، ويرفض حتى العديد من الناس الاعتراف بوجودها، مصرين على أن تلك الأفكار لا يمكن أن تراودهم أبدا.
لكني أود أن أكتب روايات تساعد القارئ على مواجهة هذا الجانب المظلم بداخله، أن يخوض تجربة غير مألوفة يخرج بها جانب غير معتاد عليه من داخله. وأعتقد أن هذا سحر روايات الغموض حيث تتيح لنا تجربة ما نحن غير قادرين عليه في الواقع.
وأضيف أمرًا آخر على المستوى الشخصي: هذه الرواية أيضًا هي حكاية عن "الرغبة".
أنا أعتقد أن كل مشاكل الإنسان تنبع من الرغبة في شيء ما، على الأقل بالنسبة لي. لكن الرغبة ليست دائمًا شيئًا سيئًا، فهي تمنحنا طاقة، قوة، وشجاعة للقتال من أجل ما نريده. ننحن نصبح أكثر إصرارا ونتحمل الصعاب من أجل ما نرغب في تحقيقه.
في الرواية، عندما كانت جاي يونغ تعيش مع حبيبها هيون ووك، عاشت تحت تلاعب نفسي وأصبحت روحها باهتة خالية من الرغبات، فقط رغبت في حب آمن، ولكن تغير كل شيء عندما أصبح لديها رغبة للحياة. بعد دخولها القصر، كانت تلك الرغبة الملعونة السبب في جميع خياراتها المتهورة. بداية من رغبتها في الأمان، ثم المال، وأخيرا تعلقها بسو هيون. تلك الرغبات أبقتها في القصر ومنعتها من الهروب، وحلت عليها كوارث خطيرة، ولكنها ظلت تقاوم رغبة في انتزاع جنتها الخاصة.
ونحن أيضا مثل جاي يونغ، أحيانا ما تدفعنا رغباتنا للدخول في مواقف خطيرة وجرح أنفسنا، لكن من خلال تلك التجارب نتعلم ونصبح أكثر قوة وحيوية. المهم هو عدم تجاوز الحدود.
هل يمكنك أن تخبرينا عن مشهدك أو فقرتك المفضلة من الرواية؟
أكثر مشهد ارتبطت به هو مشهد نهاية إحدى شخصيات الرواية ولكن لأتجنب حرق الأحداث سأتحدث عن مشهد آخر أحببته كثيرا. وهو عندما انتحلت جاي يونغ شخصية زوجة ابن الرجل الغني وعاشت في القصر، فعندما أخذت بطاقة الائتمان الخاصة بحماها لتتسوق بشراهة، كتبت ذلك المشهد بمتعة واستعملت خبرتي السابقة في مجال الترويج للعلامات التجارية، لكن ربما يشعر بعض القراء أن ذلك المشهد يميل أكثر لروايات الأدب الخفيف النسائي.
في البداية عندما كانت جاي يونغ في غرفة تبديل الملابس شعرت برغبة في الهروب من تلك الورطة والتعقيدات، لكن خلال تجربتها للملابس الفاخرة تغير رأيها تدريجيا ورأت أمام عينها الحياة التي من الممكن أن تكون ملكها لو بقت هناك، ومر أمامها شريط ذكرياتها والعنف الذي كانت تتعرض له من حبيبها والفقر. وعندما سلمها البائع حذاء من جلد التمساح لتجربه، بمجرد أن رأت ذلك الحذاء حسمت قرارها بأن تبقى في القصر.
جاي يونغ التي خرجت من غرفة القياس مختلفة عن شخصيتها القديمة فقد أصبحت أكثر جرأة وطمعا، وأيضا أكثر شجاعة. ما جذبني هو أن مصير حياتها تغير بفضل زوج من الأحذية، ورغم أن ذلك ربما يبدو طائشا أو طفوليا، ولكن كثيرا ما تتغير حياتنا بسبب أحداث عابرة وصغيرة.
أما عبارتي المفضلة داخل الرواية هي على لسان إحدى الشخصيات: "لكي ترد الشر بالشر، عليك أن تصافح عدوك. وإن غرقت في الوحل، فعليك أن تتشبث بيد عدوك لتخرج منه. هذه هي حقيقة الانتقام، وهذه هي الحياة".
كيف كان رد فعل القراء على الرواية حتى الآن؟ هل هناك تعليق محدد أثر بك؟
القراء الأجانب الذين يحبون روايات التشريق أبدوا اهتمام واضح بالرواية، وبينما كنت أعتقد أن روايتي ستذكرهم برواية ريبيكا لدافني دو مورِييه، تفاجأت بقولهم أنها مزيج من فيلم الطفيلي ورواية غرباء على القطار لباتريشيا هايسميث.
كما وجدت تعليقات من قراء يقولون أنها أول رواية كورية يتعرفون عليها وأنها أعجبتهم ولذلك يبحثون عن روايات كورية مشابهة من تلك الفئة.
كما لتت نظري إحدى المراجعات التي ركزت على الجانب النسوي للرواية فكان نصها: "لعبة القدر جوهرة نادرة، فهي رواية جذابة تمزج بين العمق والعاطفة، كما ترصد اللا مساواة. أنصح بها بشدة لمحبي الأدب العميق الذي يحث على التفكير في النساء اللواتي يتحدين الأدوار المفروضة عليهن."
كما هناك قارئة أجنبية لا أنساها متخصصة في علم النفس وتدرس القانون، تواصلت معي وأخبرتني بإعجابها بالرواية وبالكلمة التي كتبتها بعد نهاية الرواية، حيث وضحت بها الجوانب النفسية للشخصيات، فوضحت أنها أعجبت بفكرة عدم وجود بشر أشرار أو أخيار بشكل كامل، بل جميعنا يمكن أن نكون الجناة والضحايا في الوقت ذاته، ويمكن للظروف أن تدفع أي شخص لأفعال غير متوقعة، لذلك علينا أن نحرص ألا نكون السبب في أذى أو جرح شخص أخر.
فهناك مثل كوري يقول: "حتى الدودة لو دهست ستنتفض."
ما هي التحديات التي واجهتك ككاتبة صاعدة؟ وكيف تغلبت عليهم؟ أيضا، كيف تواصلت مع دار النشر وحصلت على عقد نشر روايتك الأولى؟
أظن أن أكبر صعوبة تواجه أي كاتب جديد هي الثقة بالنفس. فتكثر التساؤلات من نوعية: هل ما أكتبه ذو قيمة؟ هل هو ممتع؟ هل يستحق مواصلة كتابته. وكما ذكرت سابقا لعبة القدر ليست روايتي الأولى، لكنها أول رواية طويلة لي في فئة الغموض، ولذلك انتابتني الشكوك وحاولت أن أفكر في الرواية من وجهة نظر القارئ. فطبعا الكتابة والقراءة مختلفان، ولكن كقارئة شغوفة بالغموض شعرت أنه إذا استمتعت بما كتبته فإنها تستحق القراءة. والآن عندما أعاود قراءتها، أجد بطبيعة الحال بعض الأخطاء التي أخجل منها.
في الأصل كتبت تلك القصة للتقديم في مسابقة القصص التي تنظمها مكتبة كيوبو، لكنها لم تنل أي جائزة. ولكن كيوبو وقتها كانت تبحث عن أعمال واعدة وأفكار تصلح للتطوير لذلك اختاروا فكرتي لأحولها إلى رواية طويلة. وبعد صدور الرواية، اختيرت كعمل يصلح للاقتباس للسينما أو التلفزيون. كذلك لفتت الرواية انتباه وكالة باربارا ج. زيتور الأمريكية، التي طالما اهتمت بتقديم الأدب الكوري إلى الخارج، فتواصلوا معي هم أيضًا. وبفضل ذلك أتيحت لي الفرصة لتوقيع عقد مع دار بانتام التابعة لبنغوين راندوم هاوس، التي نشرت الرواية الشهيرة صراع العروش.
أخبرتني المحررة جيني تشان أن أكثر ما جذبهم للرواية هو المشهد الافتتاحي عندما تختفي الأم تاركة طفلها الصغير على متن القطار، فقد جعلهم هذا المشهد متشوقين لمعرفة ما سيحدث.
تظهر الصورة إعلان نشر الرواية مع دار بانتام. (الصورة من جانغ سي آه وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
هل تفضلين انتظار الإلهام أم التخطيط المحكم؟
أسلوبي هو مزيج من الطريقتين. الإلهام يأتيني بسهولة ولدي العديد من الأفكار التي أود تطويرها، ولكني لا أعتمد على الحدس والإلهام فقط. فأنا أفضل الروايات المليئة بالمفاجآت والعقد، لذلك أركز على توزيع هذه العناصر بإحكام داخل الحبكة.
كيف تعلمت كتابة الروايات؟ ومن الأشخاص الذين تثقين في آرائهم في كتاباتك؟
أنا لم أتعلم طريقة كتابة الروايات أبدا بشكل نظامي أو أكاديمي.
مع ذلك، فلطالما أحببت القراءة والكتابة ومارستهم بكثرة منذ الصغر. وحيث أني أمضيت فترة من طفولتي قبل انتشار الهواتف الذكية، فقد أتيح لي قراءة العديد من الكتب. أحببت الروايات خصيصا، وكنت عاشقة للأدب الكلاسيكي. ثم لاحقا اكتشفت متعة قراءة الروايات النوعية كروايات الإثارة والغموض، لذلك يمكنني القول أن كتاب تلك النوعية سواء المحليين أو العالميين هم من علموني. وبالطبع ما زال أمامي الكثير لأتعلمه، ولكني أفضل الكتابة من منطلق محاولة تقديمي لروايات أحب أن أقرأها كقارئة.
أؤمن بأن ما سأستمتع بقراءته سيعجب، بطبيعة الحال، القراء الذين يملكون ذائقة مشابهة لذائقتي.
صورة للكاتبة وهي تتصفح روايتها. (الصورة من جانغ سي آه وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
هل يمكنك أن تخبرينا عن كتبك ورواياتك المفضلة التي أثرت في أسلوبك؟
قبل الكتابة، أحرص على قراءة روايات ذات أجواء مشابهة لما سأكتبه، ربما يبدو ذلك سخيفا قليلا ولكني أعتبر نفسي مثل ممثل يحاول ضبط إحساسه وتحضير أجواء الشخصية قبل أداء الدور. مثلا، عند كتابة مشهد مخيف، أقرأ بعض صفحات رواية البريق لستيفن كينج لأنغمس في الأجواء.
كقارئة، أنا أفضل الروايات التي يستعمل فيها الراوي ضمير المتكلم ليروي قصته ببرود وغموض، مثل أعمال هارلان كوين، روث وير، وسي جي تيودور.
أكثر كتاب أثر بي هو عن الكتابة لستيفن كينج، ربما تبدو إجابة مبتذلة قليلا ولكنه مصدر الإلهام للعديد من كتاب الغموض والإثارة. وعلى أي حال، علمني هذا الكتاب ما هو أكثر من تكنيك الكتابة، فهو عرفني على العقلية التي يجب أن يعيش بها الكاتب. إنه كتاب يبلور متعة الكتابة. فأنا أعاني من عدم القدرة على الكتابة عندما أمر بظروف صعبة، لكن ستيفن كينج وضح أنه عند المرور بظروف صعبة من المفيد التمسك بالكتابة أكثر من أي وقت آخر، فالكتابة تساعد على غمسنا في عالم خيالي بعيدا عن هموم الواقع.
لذلك عندما أشعر بالشك حيال قدراتي ككاتبة أو بالقلق من المستقبل، أقرأ ذلك الكتاب ليهدأ بالي وأتذكر متعة الكتابة.
صورة للكاتبة وهي تتفحص الكتب في إحدى المكتبات. (الصورة من جانغ سي آه وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
بما أن لديك قناة لمراجعة الكتب، كيف تختارين الكتب التي تقدمينها للقراء؟
أشعر بالخجل لأن القناة تبدو عشوائية وغير منظمة قليلا، فأنا أديرها منذ وقت طويل كقارئة عادية. أحيانا يرشح الناشرون بعض الكتب لي لأراجعها، ولكن أغلب الكتب هي كتب قرأتها من اختياري وأردت تقديمها للقراء.
لم يكن يعجني تركيز قنوات المراجعات على الكتب الأكثر مبيعا فقط مثل كتب الاقتصاد والتنمية البشرية، كما كانوا يكتفون بتلخيص سطحي للنقاط الرئيسية لكل كتاب وكان هناك غياب للروايات من محتواهم. فبرأيي، من الصعب أن يكتشف المرء متعة القراءة الحقيقية من مجرد الاستماع للتلخيصات. مثلها مثل ملخصات الأفلام التي تكشف أهم الحوادث وتحرقها وتفقد الفيلم متعته، فمتعة القراءة تكمن في الاستمتاع بالمفاجآت التي تحتويها الصفحات، وكأنك في قطار الموت وتتلقى الصدمات غير المتوقعة.
لذلك أنشأت تلك القناة حيث أقرأ بعض الصفحات من روايات من اختياري لتشويق المتابعين ودفعهم لقراءتها كاملة. أركز على روايات التشويق، الغموض، الرومانسية، وأدب الرحلات. وكنت أتواصل مع الناشرين قبل نشر الحلقات لتجنب مشاكل حقوق النشر. أنا لا أزعم أني أمتلك مهارات قراءة ممتازة لكني أحب مشاركة تجربتي مع الآخرين الذين يمتلكون نفس ذائقتي.
بوستر قناة مراجعة الكتب الخاصة بالكاتبة. (الصورة من جانغ سي آه وتم أخذ الإذن لاستخدامها)
ما هي خططك المستقبلية؟
أنا حاليا على وشك الانتهاء من روايتي الثانية، ومن المفترض أن تنشر في كوريا العام المقبل. وهي أيضا رواية إثارة وتشويق تحمل العديد من المفاجآت، لذا أرجو أن تنتظروها.
بالإضافة إلى ذلك، سيصدر هذا الخريف كتاب مجمع يحمل قصص قصيرة من فئة الإثارة والتشويق، وقد تعاونت فيه مع العديد من الكتاب الذين أحبهم. كما سأستمر في كتابة روايات من مختلف النوعيات تحت أسماء مستعارة، إلا أنني أخطط الاستمرار في نشر روايات الغموض تحت اسم جانغ سي آه.
مرت الكاتبة جانغ سي آه بمراحل عديدة في حياتها وتجارب مختلفة قبل أن تقرر أخيرا اتباع شغفها الأكبر بأدب الإثارة والتشويق. فمسيرتها تدل على أن التجارب الحياتية، المحاولة المستمرة، وشغف القراءة هم السبل الأفضل لتعلم الكتابة. ودائما ما يحمل الأدب الكوري العديد من المفاجآت للقراء سواء من الكتاب المخضرمين أو الصاعدين.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.