المعلّمة تحمل مروحة كورية ورقية تقليدية، وتشرح للطلاب باللغة عن تاريخها واستخدامها في الثقافة الكورية خلال فصل الصيف. (الصورة من رنيم أبوعياش)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الأردنية رنيم ابوعياش
في العاشر من شهر تموز لهذا العام، احتضن معهد الملك سيجونغ في العاصمة الأردنية عمّان فعالية ثقافية مميزة، أعادت الحاضرين في رحلة ساحرة إلى عبق الماضي الكوري، عبر واحدة من أقدم أدوات التهوية وأكثرها أناقة: المروحة اليدوية الكورية التقليدية جاءت هذه الفعالية في ذروة الصيف، تحديدًا في 10 تموز، حين تزداد الحاجة إلى نسمة هواء منعشة وسط حرارة الشمس اللاهبة. ووقع الاختيار على معهد سيجونغ بوصفه صرحًا ثقافيًا يحتضن محبي اللغة الكورية وثقافتها ليكون المسرح لهذه التجربة الحية المليئة بالألوان والذكريات شارك في الفعالية طلاب المعهد من مختلف الأعمار والخلفيات، اجتمعوا جميعًا بدافع حبهم لثقافة كوريا وشغفهم باكتشاف ماضيها. كما قامت المعلمة الكورية المشرفة على الورشة بإثراء الحضور بمعلومات قيّمة عن المروحة اليدوية، ودورها في الحياة الكورية قديماً وحديثاً تعرّف المشاركون خلال الفعالية على تاريخ المروحة الكورية، التي لم تكن مجرد وسيلة للتهوية، بل رمزًا اجتماعيًا وثقافيًا عريقًا. كانت هذه المروحة تُستخدم قديمًا من قبل الشباب والنبلاء فقط، وتُصنع يدويًا من عشرين عودًا خشبيًا متينًا تُثبّت عليها ورقة خاصة قوية، مقاومة للماء والتمزق.
هذه المروحة لم تكن تقتصر على التهوية فحسب، بل كانت تُستخدم أيضًا في إشعال النيران بفضل الهواء القوي الذي تولّده عند تحريكها، وحتى في الشتاء لحماية الوجه من المطر ولم يكن حمل المروحة مجرد عادة يومية، بل طقسًا من طقوس الطبقة النبيلة حيث كان الشباب النبلاء يجتمعون في الساحات والحدائق، يحمل كلٌ منهم مروحته، يلوّح بها لتخفيف حرارة الصيف عن وجوههم، في جو يجمع بين الأناقة والرقي والهدوء مع مرور الزمن، تغيّرت استخدامات المروحة وانتشرت بين جميع فئات الشعب، وأصبحت رمزًا من رموز الصيف الكوري. لم تعد حكرًا على النبلاء، بل أصبحت تُباع في الشوارع والمحلات، وتُستخدم بكثرة في المهرجانات والفعاليات الصيفية، وحتى في الحياة اليومية، خاصة في أيام الحر الشديد. كما تطورت أشكالها. وتصاميمها لتناسب كل الأذواق، من الزهور الكورية إلى النقوش الحيوانية والرموز التقليدية.
المراوح الكورية لورقية لتقليدية بأشكال متنوّعة، إلى جانب علب تلوين ملوّنة، لتشجيع الطلاب على تزيينها بأنفسهم والتعبير عن إبداعهم بأسلوب ممتع وتفاعلي. (الصورة من رنيم أبوعياش)
في نهاية الفعالية، قامت المعلمة بتوزيع الأدوات على الحاضرين لصناعة مروحياتهم الخاصة، حيث اختار كل شخص التصميم الذي يعبر عنه. من بين الخيارات الجميلة: نقوش النمر، الزهور الكورية التقليدية، الفراشات، والورود. وبكل حب اخترتُ تصميمًا يمزج بين الفراشة والوردة، فبدأتُ تلوين المروحة الورقية بألوان صيفية مبهجة تعكس روح الحياة والفرح كانت لحظة مليئة بالتركيز والسعادة، فكل ضربة فرشاة كانت كأنها تنسج خيطًا من الذكريات، وكل لون كان يحمل في طياته رسالة حب للصيف، للطبيعة، وللثقافة الكورية التي لطالما سكنت قلوبنا قبل أن نتعلّم لغتها.
صورة تُظهر لحظة تلوين المراوح الورقية التقليدية بألوان صيفية منعشة كالأزرق، والأصفر، والزهري، حيث أبدع المشاركون في تصميماتهم وسط أجواء مليئة بالمرح والحيوية. (الصورة من رنيم أبوعياش)
صورة توثّق لحظة كتابتي رسالة خلف المروحة الكورية التقليدية، تنفيذًا لطلب المعلّمة الكورية التي اقترحت أن نترك عليها كلمات تذكارية تعبّر عن تجربتنا الجميلة. (الصورة من رنيم أبوعياش)
لقد أثبتت هذه الفعالية أن الثقافة ليست مجرد كتب أو دروس، بل تجربة نعيشها ونحسّها ونصنعها بأيدينا. ومن خلال مروحة ورقية بسيطة، عشنا لحظات من تاريخ كوريا الغني، ولامسنا جوهر الجمال في تفاصيله الصغيرة. وبينما كنّا نحرك مراوحنا في قاعة المعهد، لم نكن فقط .نهوّي على وجوهنا، بل نُنعش أرواحنا بحب جديد لتراث قديم
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.