تظهر الصورة العازف يوهان سونغ خلال إحدى حفلاته. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية إيمان الأشقر
يوهان سونج هو عازف جيتار مقيم في جنوب إفريقيا، وهو عازف منفرد يستعمل تقنية مختلفة ومميزة ليقدم مقطوعات موسيقية تمزج الثقافتين لتحقيق التواصل بين الثقافات المختلفة. وقد لاقت موسيقاه إعجابًا وتقديرًا من الجماهير في جنوب إفريقيا مما دفع المركز الثقافي الكوري هناك إلى دعوته لتقديم حفلة موسيقية يوم 27 يونيو 2025. لذلك تواصلت معه لنعرف المزيد عن مسيرته الفنية وعن تجربته الإنسانية.
تمت المقابلة عبر الإيميل يوم 24 يونيو.
تظهر الصورة البوستر الدعائي لحفلة العازف يوهان سونغ التابعة للمركز الثقافي الكوري في جنوب إفريقيا. (الصورة من الصفحة الرسمية للمركز الثقافي الكوري في جنوب إفريقيا)
١- ما الذي دفعك لتصبح عازف جيتار؟ وما الذي يميز أسلوب العزف بالأصابع (فينجر ستايل) تحديدا؟
أنا لم أبدأ بالعزف عندما كنت طفلا بل بدأت متأخرا عند سن التاسعة والعشرين، علمت نفسي العزف بجدية ثم بدأت مسيرتي الاحترافية عام 2018. لقد نشأت في جنوب إفريقيا وقضيت الكثير من الوقت وحيدا في طفولتي. وبعد أن أصبحت أبًا، بدأت في التدرب على العزف كل ليلة. روتيني اليومي البسيط ذلك أهلني في النهاية لأصبح عازفا محترفا.
أمأ أسلوب العزف بالأصابع على الجيتار هو تكنيك مبهر، حيث يتيح لك عزف اللحن والهارموني والإيقاع باستخدام جيتار واحد. ذلك الأسلوب كان مناسبا لي حيث لم تكن لدي الموارد الكافية لتكوين فرقة، فقد أتاح لي تقديم عروض متكاملة كفنان منفرد.
تظهر الصورة العازف يوهان سونغ خلال إحدى عروضه المنفردة. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
٢- أخبرنا أكثر عن تجربة تعاونك مع المركز الثقافي الكوري بجنوب إفريقيا
لطالما كان المركز الثقافي الكوري في جنوب إفريقيا متعاونا وداعما للفنانين الكوريين المقيمين هناك مثلي. وبفضل تواصلهم الدائم معي، أتيحت لي فرصة المشاركة في العديد من الفعاليات التابعة للمركز أو السفارة على مدار السنين.
في يوم 29 مارس 2025، شاركت في حدثا صغيرا في المركز يدعى ساعة الغداء، وقد تلقى عرضي حفاوة بالغة. بسبب ذلك تمت دعوتي لتقديم حفلة موسيقية كاملة كعازف منفرد يوم 27 يونيو، وسيضم الحفل العديد من الضيوف المحليين والشخصيات المرموقة. إن مشاركتي في هذا الحدث والعزف على هذا المسرح شرفا عظيما لي.
٣- متى بدأت بالعزف وتقديم العروض في جنوب إفريقيا؟
كان العزف هناك هو خطوة طبيعية، حيث أني قضيت معظم حياتي هناك لذلك أشعر وكأن جنوب إفريقيا موطني هي الأخرى. ما يميز أعمالي هو الطابع العاطفي الذي تحمله النابع من مفهوم الهان الذي يجد الجمال في الحزن، تعكس موسيقاي ذلك المفهوم وهو ما يجعلها جذابة للجماهير العالمية. مع مرور الوقت، أتيح لي العزف في أماكن عديدة، وكثيرا ما وصف الجماهير موسيقاي بأنها سينمائية وعاطفية.
منحتني جنوب إفريقيا الإلهام والفرصة لمشاركة موسيقاي مع جماهير منفتحة من ثقافات مختلفة.
تظهر الصورة جماهير إحدى حفلات العازف يوهان سونغ. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
٤- ما هي الدول الأجنبية الأخرى التي قدمت عروضا فيها؟ وهل واجهتك صعوبات هناك، وكيف تغلبت عليها؟
بما أني قضيت أكثر من نصف عمري في جنوب إفريقيا فأنا لا أشعر بالغربة هناك، وعلى مدار السنين أتيح لي تقديم العروض في العديد من المدن مثل كيب تاون، وديربان، وبريتوريا، وجوهانسبرغ، وروستنبرغ، وكذلك في دول مجاورة مثل إسواتيني وأجزاء أخرى من إفريقيا. كما قدمت عروضا في كوريا واليابان.
من أبرز التحديات التي تواجهني هي السفر بالمعدات، عندما أتنقل بين المدن داخل جنوب إفريقيا أستطيع وضع جميع معداتي في سيارتي، لكن عندما أسافر خارج البلاد يكون من الصعب الانتقال بجميع المعدات. لذلك تعلمت كيفية إعداد عروضي ببساطة حتى أستطيع تقديم العروض باستعمال الأساسيات فقط دون المساس بجودة الصوت.
كما أنني درست لأربع سنوات في اليابان لذلك أتقن اليابانية ومن السهل على التنقل بينها وبين كوريا. ساعدتني مهاراتي في التركيز على تحقيق تواصل عميق مع الجماهير عبر موسيقاي أينما ذهبت.
تظهر الصورة العازف يوهان سونغ خلال إحدى حفلاته في اليابان. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
٥- ما أكثر ما جذبك في الثقافة والموسيقى الجنوب إفريقية؟
الناس هناك على طبيعتهم ومنسجمين معا سواء كان في الكنائس أو الشوارع أو التجمعات العائلية. كعازف للجيتار، أكثر ما يبهرني هو الإحساس بالمرونة والفرح النابع من الموسيقى.
الإيقاعات نابضة بالحياة ومتناغمة والناس يتفاعلون مع الموسيقى بكامل أجسادهم. علمني هذا الكثير حول أهمية الإحساس عند العزف وعدم التركيز على التقنية فقط.
٦- من وجهة نظرك، كيف تساهم الموسيقى في تحقيق التواصل بين الثقافات المختلفة؟
الموسيقى تتجاوز حدود اللغة وتلمس المشاعر، يمكن للحن واحد أن يؤثر في الناس بغض النظر عن اختلافاتهم الثقافية واللغوية.
وألبومي كوريا هو مثال حي على ذلك، فهو ألبوم ذو طابع محلي للغاية ويعبر عن خصوصية الثقافة الكورية وتبدو الألحان غريبة أو غير معتادة للجماهير في البداية، لكن ما أن أندمج في العزف على المسرح يتغير كل شيء ويبدأ الجماهير في التفاعل وتمس الألحان مشاعرهم، حتى مع عدم معرفتهم بالمعاني التاريخية والثقافية وراءها.
تستطيع الجماهير الشعور بالحزن والأمل والجمال في تلك الألحان وعبر ذلك يتواصلون مع الثقافة والقصص الكامنة وراء الأغاني، وتلك هي ميزة الموسيقى أنها تخلق تفاهُمًا متبادَلًا بين الناس، دون الحاجة إلى تفسير.
٧- من وجهة نظرك، ما هي الاختلافات بين الموسيقى الغربية، الكورية، والجنوب إفريقية؟
تركز الموسيقى الغربية على التقنية والبنية الموسيقية، فهم يهتمون بالدقة والتناغم مما شكل الجانب التقني لموسيقاي. أطبق ذلك عبر الاهتمام بترتيب موسيقاي حيث تتناغم جميع الطبقات بوضوح.
والموسيقى الكورية لديها خصائص عاطفية مميزة خاصة المتعلقة بمفهوم الهان الذي يعبر عن الجمال الكامن في مشاعر الحزن والاشتياق. تلك العاطفة تؤثر على ألحاني، فعلى سبيل المثال في مقطوعتي الموسيقية كوريا اعتمدت على ألحان وعبارات موسيقية رقيقة وبطيئة، تعبر عن المشاعر بعمق دون الحاجة لكلمات.
أما موسيقى جنوب إفريقيا، فهي عفوية وحيوية، تعبر عن الفرحة وإيقاعاتها بها حركة. تعلمت دمج هذا الشعور بالطاقة والفرح في عروضي لأني أريد الناس أن يشعروا وكأن الموسيقى ترقص معهم. هذه الخصائص الثلاثة: التقنية والعاطفة والإيقاع، هم أساس أسلوبي الفني، وساعدوني على بناء هوية موسيقية خاصة وعابرة للثقافات.
تظهر الصورة العازف يوهان سونغ خلال إحدى حفلاته في جنوب إفريقيا. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
٨- كيف طورت أسلوبك الموسيقي؟ وماذا يلهمك للتأليف والتلحين؟
عند بداية تعلمي للعزف، كنت منغمسًا تمامًا في عزف الأغاني التي أجدها مثيرة وجميلة، فقد وجدت أن أفضل طريقة للتعلم من عازفي الجيتار العظماء هي تقليد مقطوعاتهم بإتقان. بعد عام أو عامين، تعلمت عزف المئات من الأغاني والمقطوعات، فأشعل ذلك رغبتي في تأليف موسيقاي الخاصة للتعبير عن نفسي.
أردت التعبير عن هويتي الكورية، فرغم وجود العديد من العازفين المهرة في العالم، إلا أنني شعرت بوجود أهمية لاستخدام موسيقاي للتعبير عن ثقافة بلدي وتاريخها، لهذا السبب كان عنوان ألبومي الأول كوريا. كما أن ألبومي الثاني كان عن موضوع شخصي للغاية، وفي ألبومي الثالث حاولت استكشاف ما أحبه والحصول على الإلهام من الحياة اليومية، فالتأليف الموسيقي بالنسبة لي هو مرآة تعكس هويتي وشخصيتي.
٩- هل هناك أغنية أو مقطوعة موسيقية ضمن أعمالك تشعر بأنها تمثلك أكثر من البقية، ولماذا؟
حتى الآن أصدرت ثلاثة ألبومات: سكايليم الجزء الأول – كوريا، سكايليم الجزء الثاني – سكايليم، سكايليم الجزء الثالث – الجوهرة.
سكايليم هو اسمي الفني ولقبي منذ سنوات عديدة وإذا بحثت عنه ستجدين أعمالي متاحة على مختلف المنصات.
لو اخترت مقطوعة موسيقية واحدة من كل ألبوم سأختار:
كوريا من أول ألبوم لأنها الأقرب لي وتعبر عن ثقافتي وجذوري عبر الموسيقى.
سكايليم من الألبوم الثاني لأني كتبتها لابني وهي مقطوعة تحمل مشاعرَ قوية وبها شجاعة، كما أنها من أكثر المقطوعات التي أعزفها في عروضي.
الملاك الأبيض من الألبوم الثالث لأنها مميزة بالنسبة لي، فقد كتبتها لزوجتي وهي تعبر عن امتناني وحبي لها، حتى أنها من الممكن أن تكون المقطوعة الأقرب لي.
كل مقطوعة تحمل جزءًا من شخصيتي ومن تجاربي وقصتي، هذه ليست مجرد مقطوعات موسيقية بل هي مشاعر وذكريات ترجمتها إلى موسيقي.
تظهر الصورة العازف يوهان سونغ خلال إحدى حفلاته. (الصورة من يوهان سونغ وتم أخذ الإذن باستخدامه)
١٠- ما هي خططك المستقبلية
أعمل حاليا على ألبومي الرابع. ألفت العديد من الأغاني الجديدة، كما لا يقتصر اهتمامي على التأليف بل أسعى إلى مشاركة موسيقاي مع الناس حول العالم.
أعمل على التوسع في العروض التي أقدمها هنا في جنوب إفريقيا، كما أخطط لتقديم عروض في كوريا واليابان.
تلك العروض تعني لي الكثير لأنها تتيح لي التواصل مع الثقافات المختلفة مع الحفاظ على هويتي الموسيقية، وإحدى الأماكن التي أتمنى زيارتها بشكل خاص هي مصر، سيكون شرفا كبيرا لي أن أزورها. الموسيقى قادرة على توحيدنا وعلى تجاوز الحدود الجغرافية، وأنا متشوق لرؤية ما ستقودني إليه رحلتي.
في هذا المقال، أثبتت مسيرة العازف يوهان سونج الفنية قدرة الموسيقى على دمج الثقافات المختلفة بسلاسة. كما عبر يوهان سونغ من خلال تجربته عن جوهر الموسيقى الكورية وسبب تميزها.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.