الصورة تظهر جزءا من العروض المقدمة في الجناح الكوري في معرض إكسبو أوساكا. (الصورة لقطة شاشة من حساب الجناح الكوري بالمعرض على الإنستغرام)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الأردنية أسيل السيلاوي
على جزيرة 'يوميشيما' الصناعية في قلب أوساكا، وبين أكثر من 150 جناحًا عالميًا، يتألق جناح جمهورية كوريا لا كهيكل هندسي فحسب، بل كقصة تُروى بلغة العاطفة والتكنولوجيا. في معرض إكسبو 2025 أوساكا، لا تكتفي كوريا بتقديم ابتكاراتها، بل تبني تجربة تُحاكي الإنسان أولًا... تحت شعار بسيط وعميق: 'مع القلوب'.
من النظرة الأولى، يبدو الجناح الكوري وكأنه مجسم من الضوء الحيّ؛ تصميمٌ هندسيٌ مستقبلي تنبعث منه طاقة ترحيبية لا تُرى بالعين، بل تُحَس. تنقلك التجربة داخل الجناح عبر ثلاث قاعات رئيسية، حيث يتحول صوتك – صوت الزائر – عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مقطوعة موسيقية فريدة، لتصبح جزءًا من المعرض لا متفرجًا عليه فقط. هنا، يشعر الزائر أنه ليس مجرد رقم، بل نغمة في سيمفونية إنسانية أوسع.
عندما أتأمل كيف أن كوريا ما زالت تضع الانسان في قلب كل مشروع و كل رؤية، لتدمج التوازن بين الحداثة و الروح، أدرك مدى تميزها فعلاً!
الصور المجمعة تظهر زوار الجناح الكوري على اليمين وجزءا من العروض على اليسار. (الصور من صفحة الجناح الكوري بمعرض إكسبو أوساكا على الإنستغرام)
ورغم أنني لم أزر جناح كوريا فعليًا بعد، إلا أن الصور والتصاميم التفاعلية التي رأيتها كانت كافية لأن تجعلني أعيش التجربة بقلبي. ربما لأن هذا الجناح لم يُصمَّم ليُشاهَد فقط، بل ليُحتَضَن. لم يكن مساحة هندسية، بل مساحة شعورية، تشبه تمامًا علاقتي الشخصية مع كوريا؛ علاقة بُنيَت على الكلمات والتجارب، لا على المسافات أو التذاكر.
يحتفي الجناح بالماضي أيضًا، حيث يُدمَج نسيج 'هانسان موسي' التقليدي في بعض تفاصيل التصميم الداخلي، في تلاقٍ رشيق بين التقاليد والابتكار، كأن الماضي يربّت على كتف الحاضر، وأحيانا قد لا يكون اللقاء الجسدي شرطاً لتتمكن من الارتباط بالمكان، بالثقافة، بالبلد، فترتبط بقيمه ولغته وإنسانيته بلا حدود، إنتماء لا تحدده حدود جغرافية، بل تبنيه المشاعر والمعرفة والتجارب التي تعيشها عن بعد، وكان هذا الجناح الكوري، مراة صادقة لذلك الحب.
الصور تظهر عروض الجناح الكوري بالمعرض وتم تجميعها بواسطة أسيل السيلاوي. (الصور من حساب الجناح الكوري على الإنستغرام)
تحت شعار المعرض العالمي 'تصميم مجتمع المستقبل لحياتنا'، لا تقدم كوريا نموذجًا تكنولوجيًا فقط، بل رؤية إنسانية لمجتمع عالمي يسوده التفاهم والتواصل. كانت كوريا قد حلمت باستضافة إكسبو 2030 في بوسان، لكن رغم أن التنظيم ذهب إلى الرياض، فإن حلمها لم ينطفئ. بل عبّرت عنه في جناحها بجمالٍ هادئ، كأنها تقول: 'قد لا نكون المضيفين، لكننا هنا... معكم، بقلوبنا وأفكارنا'.
ولم يغب عن الجناح تأثير الهاليو (الموجة الكورية)، فالشاشات الضخمة والموسيقى التفاعلية وعناصر الثقافة الشعبية كانت حاضرة بقوة، لكن الأجمل أن هذه العناصر لم تكن هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتعزيز رسالة أعمق: أن التكنولوجيا لا تكتمل دون روح، وأن الثقافة الحقيقية تُبنى على قيم إنسانية لا تنسى.
الصور تظهر عروضا اخرى للجناح الكوري بين فن الماضي وحداثة المستقبل مع الزائرين للجناح. (الصور من حساب الجناح الكوري لمعرض إكسبو على الإنستغرام)
كفتاة أردنية بدأت رحلتها مع اللغة الكورية، وجدت في الجناح الكوري صدىً حقيقيًا لما عشناه نحن – طلاب اللغة، المتطوعون مع المؤسسات الكورية – من شغف وصبر ومشاعر صادقة. كان الجناح وكأنه يروي قصتنا، نحن الذين لم نولد في كوريا، لكننا اخترنا أن نحبها بصدق.
في نهاية جولتي البصرية، ورغم أنني لم أزر المعرض جسديًا بعد، خرجت بإيمان أقوى أن كوريا لا تسعى فقط لأن تكون دولة متقدمة، بل 'قلبًا نابضًا' في مستقبل عالمي مشترك، يضع الإنسان في المركز… دومًا.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.