تظهر الصورة تربع الصناعة الكورية علي عرش الهواتف في مصر. (الصورة من تصوير وتصميم الرسامة مريم طه)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية مريم طه جاويش
جانب كوريا الخفي الذي لا يعرفه الكثيرون
حين نتحدث عن جمهورية كوريا، فإن أول ما يخطر ببال الكثيرين هو الكيبوب، أو الدراما الكورية، أو حتى المطبخ المليء بالنكهات المتنوعة. لكن خلف تلك الصورة الفنية الرائجة، تقف كوريا بصمت كمارد صناعي متطور، يقود ثورة تكنولوجية قلبت الموازين في عالم الصناعة الإلكترونية، وعلى رأس هذا المشهد تتربع الهواتف الذكية كورية الصنع علي عرش الإمبراطورية التكنولوجية. الإمبراطورية التي تحوّلت من شركة عائلية متواضعة إلى اسم يُنقش على كل شاشة وفي كل يد، ليس فقط الهواتف الذكية المعروفة بل أيضا معظم الأجهزة المنزلية؛مما يجعل منزلك مكانا مريحا لما يحتويه من أجهزة متطورة تجعل حياتك سهلة ويسيرة. إن تجربتي الشخصية مع الصناعة الكورية بدأت من لحظة الإمساك بهاتفي الذكي، والذي يحمل شعار 'صنع في كوريا'. لطالما كانت الأجهزة الكورية محل فضول لدي، لكنني لم أتوقع أن أشعر بهذا القدر .من الانبهار، ليس فقط بسبب التصميم الأنيق والانسيابي، بل لما تحمله هذه القطعة الصغيرة من عبقرية هندسية وابتكار حقيقي.
تظهر الصورة مدى دقة وكفاءة الكاميرا في الهواتف الكورية. (الصورة من تصميم الفوتوغرافية مريم طه)
صناعة كورية بأيدي مصرية
فإن الهواتف الذكية كورية الصنع ليست مجرد أدوات للتواصل أو ترفيه، بل هي انعكاس لهوية صناعية متكاملة، تمتد جذورها من مختبرات البحث والتطوير الكورية، وتصل إلى جيب المستخدم في أقصى الأرض. من دقة الكاميرا، إلى سلاسة النظام، إلى قوة البطارية. ولأن كوريا لا تكتفي بما هو سائد، بل تسعى دائماً لكسر المألوف. ابتكرت الشاشات القابلة للطي، وساهمت في تطوير تقنيات الجيل الخامس، كل ذلك ضمن رؤية لا تتوقف عند حدود السوق، بل تتجاوزها إلى إعادة تعريف مفهوم الهاتف نفسه. لكن خلف كل هذه الإنجازات، تقف روح كورية أصيلة تؤمن أن العمل المتقن هو انعكاس لمهارة المُصَنِع قبل أن يكون وسيلة للربح من قبل المستخدم. ومن هنا أدركت أن سر الصناعة الكورية لا يكمن فقط في التطور التكنولوجي، بل في التقنية الحديثة التي تُعلي من شأن الجودة والتجديد والإتقان بالصناعة.
صنع في كوريا
لم يعد مجرد ختم على منتج، بل شهادة عالمية بالجودة، جربتها بنفسي وليس مجرد بحث علي الإنترنت فهي شعار لفكرٍ لا يعرف التراجع. فقد باتت أكثر من مجرد ماركة... إنها رمز لحلم كوري تحقق، وانتقل من شوارع سيؤول إلى كل بلاد العالم تقريبا.
لماذا تختار الصناعة الكورية ؟ أول ما لفت نظري في الهواتف الكورية كان جودة الكاميرا، تجربتي مع الهواتف الأخري كانت الصور مجرد ذكريات باهتة، لا تُنصف المتصور ولا تنقل الإحساس أبدا. أما بعد الصناعة الكورية، فقد أصبحت الكاميرا متفوقة علي تلك الهواتف بكثير من دقة التفاصيل، حدة الألوان، والقدرة المذهلة على التصوير في الإضاءة المنخفضة، كل ذلك جعلني أعيد اكتشاف التصوير كهواية، لا مجرد وظيفة هاتف. بعض الهواتف الكورية والتي أمتلك واحدا منها؛ تأتي بكاميرات بدقة تصل إلى 200 ميجابكسل، مع تقنيات عالية الجودة تُحلل المشهد وتضبط الإعدادات تلقائيًا، وكأن معك مصور محترف في كل لقطة.
تظهر هنا لقطات تصويرية بهاتف كوري الصنع كأنها لقطة من فيلم. (الصور من تصوير الفوتوغرافية مريم طه)
تظهر هنا لقطات تصويرية بهاتف كوري الصنع كأنها لقطة من فيلم. (الصور من تصوير الفوتوغرافية مريم طه)
أما البطارية، فهنا كانت اللحظة الإيجابية المبهرة. اعتدت أن أعيش على شاحن متنقل وأبحث عن أقرب مقبس كهربائي أينما ذهبت. لكن مع الصناعة الكورية، وجدت هاتفًا ينقذني من نفاذ البطارية . بطاريات بسعة تصل إلى 5000 مللي أمبير، تدعم الشحن السريع، وتدوم يومًا كاملًا من العمل المكثف، فيديوهات، تصوير، وتصفح دون قلق. والأجمل من ذلك ؟ أن البطارية لا تضعف بسهولة مع الوقت، بفضل إدارة الطاقة الذكية وتقنيات الحماية الحرارية التي تطيل عمرها. ولأن مصممي تلك الهواتف عباقرة، فإن كل ذلك يأتي في تصميم أنيق، ومتانة عالية، وشاشة من نوع (داينمك أموليد) تجعل كل عرض تجربة بصرية ممتعة. إن كوريا لا تصنع هواتف فقط، بل تصنع تجربة متكاملة. أدركت أن الفرق بين هاتف عادي والهواتف الكورية ليس مجرد فروق تقنية. إنه فرق بين الاستهلاك والتجربة، وبين الاحتياج والانبهار، من أن تملك جهازًا... أو أن يملكك الإعجاب.
وفي الختام : بصفتي مستخدم إحدى الهواتف الكورية الصنع؛ أدركت أن الصناعة الكورية ليست مجرد خطوط إنتاج، بل هيئة صناعية متطورة تبهر المستخدم بالتكنولوجيا، فهي تخدمه وتفهمه وتدهشه في آنٍ واحد. تلك التجربة بالنسبة لي لم تكن مجرد انتقال من هاتف إلى آخر، بل كانت نقلة في طريقة رؤيتي للتطور التكنولوجي المبهر. وأود أن أتوجه بخالص الشكر إلى كوريا نت، التي فتحت لنا نافذة على كوريا الحقيقية، بكل ما فيها من إبداع وتفوق. كما أشكر كل قارئ مرّ على هذه السطور، وشارك لحظات انبهاري بالصناعة الكورية، وآمل أن تكون تجربتي قد ألهمتكم لإكتشاف وجه آخر لكوريا... وجهٌ يبتكر، ويُلهم، ويصنع المستقبل.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.