الصورة تظهر التراث الثقافي المزدوج لعائلة 'رحمة' - حقوق ملكية الصور: رحمة بسايح. (تم الحصول على الإذن)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية الجزائرية إيمان بوحنيكة
بسايح رحمة ،صانعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي تشارك تفاصيل حياتها اليومية في كوريا كأم جزائرية أصولها من مدينة عين تموشنت بالغرب الجزائري. تعيش في جمهورية كوريا منذ أكثر من ست سنوات، متزوجة من زوج كوري ولديهما طفلين رائعين تحت سقف منزل متعدد الثقافات ومليء بالحب، اللطافة، التعلّم و الطاقة الإيجابية.
من خلال اللقاء الذي جمعني مع رحمة عن طريق الإيميل من الخامس إلى الواحد والعشرين من شهر مايو، تحدثنا عن تجربتها كجزائرية متزوجة بزوج كوري وأم تعيش في كوريا، وتطرقنا إلى طريقة احتفالهم الخاصة بشهر العائلة حيث يُعرف شهر مايو في كوريا باسم 'شهر العائلة'، إذ يُحتفل فيه بثلاثة أيام مهمة لتكريم أفراد الأسرة والمعلمين: 'يوم الطفل' في الخامس من شهر مايو ، و'يوم الآباء' في الثامن من شهر مايو، بالإضافة ل'يوم المعلم' في الخامس عشر من نفس الشهر.
لقد عشتِ في كوريا لأكثر من خمس سنوات، كيف تجدين الحياة في هذا البلد الجميل كأم جزائرية لطفلين رائعين؟
أعتبر العيش في كوريا كأم جزائرية تجربة فريدة لا نظير لها. في البداية، واجهت بعض التحديات نظرا لاختلاف الثقافات الجزائرية والكورية، وبالطبع حاجز اللغة، لكن مع مرور الوقت وجدت توازني الخاص وتعلمت تبني الثقافتين والمزج بينها. كما أشعر بامتنان كبير لتربية أطفالي في بلد آمن، منظم، ويُولي أهمية خاصة للأسرة والحياة العائلية مثل كوريا. وفي الوقت نفسه، أحرص على تعليمهم التقاليد والعادات الجزائرية، مما يجعل منزلنا مساحة نابضة بالتنوع الثقافي والحب المشترك للأصول الثقافية والانتماء الوطني.
عائلة رحمة تحتفي بتراثها المزدوج الجزائري والكوري في كوريا - حقوق ملكية الصور: رحمة بسايح. (تم الحصول على الإذن)
كيف تقضون يومكم عادة كعائلة بثقافة مزدوجة؟
أيامنا خليط بيت النمط الكوري والدفء الجزائري. فنبدأ صباحنا عادة بالتحضير للذهاب إلى الحضانة وتجهيز الوجبات للأطفال. أتحدث مع أطفالي باللغة العامية الجزائرية 'الدارجة'، اللغتين العربية والكورية، أما زوجي يتكلم الكورية والإنجليزية، وأحيانًا نخلط اللغات الثلاث معا! وجباتنا قد تشمل الأرز والأطباق الجانبية الكورية بالإضافة للخبز والحلويات الجزائرية!
نحاول بقدر المستطاع الحفاظ على التوازن بين الثقافتين في كل شيء، من الطعام إلى أساليب التربية والأنشطة التي نحضرها في عطلة نهاية الأسبوع.
كيف نجحتم في تربية أطفالكم في بيئة متعددة اللغات؟
في منزلنا، نستخدم مزيجاً من العربية الجزائرية (الدارجة)، الكورية، والإنجليزية. أتكلم مع أطفالي غالباً باللغة الكورية والجزائرية، أمّا زوجي فيتحّدث مع الأطفال باللغة الكورية والإنجليزية، ونستخدم الإنجليزية أيضاً في التعلم أو عند الحديث جميعاً. الأمر ليس سهلاً دائماً، لكن نحاول الحفاظ على التزاماتنا من خلال تخصيص كل لغة لشخص محدّد أو لمواقف معينة. نؤمن أن التعدد اللغوي سيدفع أطفالنا للتعمّق في هويتهم المزدوجة من الجانبين.
رحمة مع زوجها الكوري وطفليهما الجميلين يقضون يوم الطفل في مدينة الألعاب 'إيفرلاند' - ملكية الصور: رحمة بسايح. (تم الحصول على الإذن)
يُعتبر شهر مايو في كوريا 'شهر الأسرة'، كيف تحتفلون عادةً بيوم الأطفال والآباء؟
نحب الاحتفال بيوم الأطفال من خلال التخطيط لنزهة عائلية ممتعة مثل زيارة مدينة الألعاب، أو التنزه، أو زيارة أجداد الأطفال لأنهم يحبون جدهم وجدّتهم كثيراً.
أما في يوم الآباء، فعادةً ما نقوم أنا ووالدهم وأفراد العائلة الآخرين بتحضير هدايا صغيرة للأطفال. إنها طريقة جميلة لنُظهر التقدير ونُعلّم الأطفال أهمية القيم العائلية.
هل تحتفلون بأي تقاليد أو أعياد جزائرية أو كورية كعائلة مزدوجة التراث؟
نعم! نحتفل بالأعياد الكورية مثل عيد 'التشوسوك' و'السولّال'، حيث نرتدي الهانبوك ونتناول الأطعمة التقليدية مع أهل زوجي. وفي نفس الوقت، نحتفل بالأعياد الجزائرية والإسلامية مثل 'عيد الفطر المبارك'، حيث أُحضّر حلويات تقليدية مثل البقلاوة ونرتدي الأزياء الجزائرية في المناسبات الخاصة. من المهم بالنسبة لي أن تظل الثقافتان الجزائرية والكورية حاضرتين ونابضتين بالحياة في منزلنا، ليرتبط أطفالي بجذورهم ويشعروا بالفخر بانتمائهم المزدوج.
عائلة رحمة تحتفل بالأعياد الجزائرية بالزي التقليدي الجزائري - حقوق ملكية الصور: رحمة بسايح. (تم الحصول على الإذن)
ماذا تعني لكِ هذه الاحتفالات والتقاليد العائلية الجزائرية والكورية؟
هذه الاحتفالات ذات معنى كبير بالنسبة لي، فهي تربطني بأصولي وتُساعد أطفالي على فهم انتمائهم. مشاركة الثقافتين تبني شعوراً قوياً بالهوية والاحترام. أريد أن يشعر أطفالي بالفخر لكونهم من أصل جزائري وكوري في الوقت نفسه.
ما أبرز القيم و المبادئ التي ترغبين في أن يكتسبها أطفالك من كل ثقافة؟
من الجانب الجزائري: الكرم، احترام الكبار، وروابط العائلة القوية. ومن الجانب الكوري: الانضباط، الاجتهاد، واحترام التعليم. أريد أن يكون أطفالي منفتحين، لطفاء، وفخورين بتراثهم المزدوج.
بصفتكِ مؤثرة صاعدة، هل لديكِ خطط مستقبلية؟ وهل تخططين لزيارة الجزائر قريباً مع عائلتك؟
نعم! أعمل على تطوير حضوري في وسائل التواصل الاجتماعي لإلهام العائلات والأمهات من خلفيات متعددة مثلي. أريد أن أُنشئ محتوى ممتع، صادق، وغني ثقافياً. وبالطبع، أخطط لزيارة الجزائر مع عائلتي قريباً—من المهم أن يرى أطفالي أصولهم الجزائرية أين ترعرعت وأن يتعرفوا على أقاربهم.
هارون وناريم، أبناء 'رحمة' يرتديان الهانبوك، الزي التقليدي الكوري، احتفالًا بتراثهما الكوري - حقوق ملكية الصور: رحمة بسايح. (تم الحصول على الإذن)
ما هي الرسالة التي ترغبين في إيصالها للمتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي كامرأة جزائرية تعيش في كوريا؟
أرغب في إظهار صورة إيجابية عن البلدين والتأكيد أنه من الممكن أن تتبنى الثقافتين لتصنع حياة رائعة مليئة بالدفء العائلي. كما أريد كسر الصور النمطية المنتشرة بتمثيل المرأة الجزائرية بطريقة إيجابية وعصرية. من خلال الفقرات الفكاهية، تجاربي اليومية، والتبادل الثقافي، آمل أن أُقرّب الناس من بعضهم البعض وأُعزز الفهم المتبادل.
هل يمكنك أن تصفي لنا واحدة من أجمل ذكرياتكِ في كوريا؟
واحدة من أجمل ذكرياتي هي المرة الأولى التي رأيت فيها أزهار الكرز المتفتحة في الربيع مع زوجي. كان التجربة أشبه بالحلم، الجميع يبتسمون ويأخذون صور تذكارية. كانت لحظة جميلة جداً استمتعنا فيها بالمنظر الرائع معاً—كانت لحظة بسيطة، لكنها مليئة بالفرح والسلام والحب.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.