منتدى العلامة التجارية في بوسان. (الصورة من ’جانغ جو-يونغ‘ وتم أخذ الإذن باستخدامها)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية السورية روناهي حيدر
تخيّل مدينةً تمتزج فيها رائحة المأكولات البحرية الطازجة من سوقٍ صاخبٍ برائحة القهوة في حيٍّ راقٍ للشركات الناشئة. حيث تُطلّ المعابد القديمة على مراكز مؤتمراتٍ عصرية، وتنتشر فنون الشوارع على جدران شركات التمويل العالمية. هذه ليست مفارقة؛ إنها بوسان. مزيجٌ فريدٌ وجذابٌ من الجذور الثقافية العميقة والطموح العالمي الجريء، ما يجعل هذه المدينة أكثر من مجرد وجهةٍ سياحية، بل مركزاً جاذباً للتجارة والثقافة والتواصل، يجذب العالم إلى شواطئها.
في هذا السياق، أجريت مقابلة عبر الإيميل مع عميدة كلية التصميم جانغ جو-يونغ' في جامعة دونغسو-بوسان، استمرت المناقشات طيلة شهر أبريل وانتهت في الثاني من مايو.
تعرّف العميدة عن نفسها وتتحدث عن رؤيتها كأستاذة:
أشغل حالياً منصب مديرة مركز آسيا للتصميم المستقبلي وعميدة كلية التصميم بجامعة دونغسو في بوسان، كوريا. كما أشغل منصب نائبة رئيس الجمعية الكورية للتنمية المستدامة.
يركز بحثي بشكل أساسي على ’التصميم في السياقات الثقافية‘، لا سيما في الأطر الثقافية الكورية والآسيوية الأوسع. بصفتي مُعلّمة، أؤمن بأن التعليم يتجاوز مجرد نقل المعرفة، بل هو رحلة عميقة يكتشف الطلاب من خلالها إمكاناتهم الفريدة ويطورون القوة اللازمة لإحداث تغيير إيجابي في العالم. مسترشدة بفلسفة جامعة دونغسو التعليمية القائمة على رعاية أفراد متوازنين يتعلمون بعقولهم، ويتعاطفون بقلوبهم، ويتصرفون بأيديهم بوعي، فإنني ملتزمة بتنشئة مصممين شباب يدمجون التفكير النقدي والتعاطف والمسؤولية الاجتماعية والكفاءة المهنية. رؤيتي هي تمكين كل طالب، كنجم فريد، من إضاءة مساره الإبداعي الخاص ليصبح مصمماً يؤثر بشكل هادف في المجتمع، محلياً وعالمياً.
ما الذي ألهمك للتركيز على ترويج مدينة بوسان كمركز عالمي للتصميم؟
تُشكّل السمات الجغرافية والثقافية والتاريخية الفريدة لمدينة بوسان أساساً مُتميزاً للابتكار القائم على التصميم. استلهمتُ هوية المدينة الثقافية المتنوعة، كما يتجلى في مهرجان بوسان السينمائي الدولي، وسعيها الدؤوب لتصبح مركزًا عالميًا للتصميم - وهو ما أُعلن عنه مؤخراً من خلال مبادرات مثل ’تواصل التصميم في بوسان‘ وترشيحها لعاصمة التصميم العالمية 2028 - وقد حفّزني ذلك بشدة على تطوير مقترحات مثل مبادرة ’إيراسموس للتصميم‘ التي قدّمناها مؤخرًا لتعزيز الريادة العالمية في التصميم في بوسان.
المؤتمر العالمي للتصميم في ربيع 2024 حول الذكاء الاصطناعي والإبداع ماوراء الإنسان. (الصورة من ’جانغ جو-يونغ‘ وتم أخذ الإذن باستخدامها)
ما هي المبادرات التي قمتم بتنفيذها للترويج لمدينة بوسان على الساحة الدولية للتصميم؟
لقد اقترحنا العديد من المبادرات الاستراتيجية، أبرزها مبادرة إيراسموس للتصميم، التي تتضمن إنشاء اتحاد كليات التصميم الآسيوية. هذا المقترح، الذي قُدّم مؤخرًا إلى مبادرة ’نظام الابتكار الإقليمي والتعليم‘ التابعة لحكومة مدينة بوسان، يُحدد خططًا لإنشاء منصة دولية لأبحاث التصميم، على غرار برنامج إيراسموس الأوروبي الناجح. بعد الموافقة عليه وتمويله، ستعزز المبادرة الحراك الأكاديمي، والبحث التعاوني، والتواصل العالمي بين مؤسسات التصميم الآسيوية الرائدة، مما يجعل بوسان مركزاً دولياً بارزاً لتعليم وابتكار التصميم.
الحدث السابع ليوم التصميم في إيطاليا. (الصورة من ’جانغ جو-يونغ‘ وتم أخذ الإذن باستخدامها)
هل يمكنك مناقشة أي تعاون مع مؤسسات التصميم الدولية التي استفادت من بوسان؟
لقد أقمنا تعاوناً قوياً مع العديد من مؤسسات التصميم الدولية، مما عزز مكانة بوسان كمركز عالمي للتصميم بشكل كبير. على سبيل المثال، تُمكّن شراكتنا مع جامعة 'شنغهاي' لعلوم الهندسة طلاب البكالوريوس والدراسات العليا من متابعة برامج دراسية مزدوجة مستقرة. بالإضافة إلى ذلك، واصلنا العمل على مشروع التصميم المتكامل الدولي، وهو ورشة عمل مشتركة للتصميم على مستوى الدراسات العليا بالتعاون مع معهد 'بكين' للتكنولوجيا وجامعة 'كوبي' للتصميم. كما حافظنا على برامج تبادل طلابي مستمرة مع مؤسسات مثل جامعة ولاية سان خوسيه، وجامعة 'كيوشو سانغيو'، وجامعة 'موساشينو' للفنون، وجامعة 'موناش'، مما عزز دور بوسان كمركز رئيسي لتعليم التصميم في المنطقة. علاوة على ذلك، ندعو بانتظام أساتذة وباحثين ومحترفي تصميم متميزين من مؤسسات وقطاعات معترف بها عالمياً لتقديم محاضرات وورش عمل خاصة للطلاب المحليين - البروفيسور 'إيكو ميغليوري' من ميلانو مثال بارز. وبالشراكة مع جامعة 'كيوشو'، نجحنا أيضاً في تنظيم جوائز دولية للتصميم، وهي مسابقة تصميم دولية تُعزز مشاركة الطلاب من جميع أنحاء العالم، وتُشجع ابتكارات التصميم المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة. ومؤخرًا، انضمت جامعتنا بفخر إلى عضوية منظمة التصميم العالمية، لتكون بذلك أول جامعة كورية تُحقق هذا التميز. وبالنظر إلى ترشيح بوسان لعاصمة التصميم العالمية لعام ٢٠٢٨، فقد سعينا جاهدين للحصول على هذه العضوية، ونجحنا في ذلك، إيماناً منا بأن بوسان تستحق أن تكون مؤسسة تصميم عالمية المستوى تُلبي تطلعاتها العالمية. سيعزز هذا الإنجاز قدراتنا على التواصل الدولي، وسيساهم بشكل كبير في بروز بوسان كمدينة تصميم عالمية رائدة.
معرض 'أنماط المعيشة' في أسبوع بوسان للتصميم. سلط المعرض الضوء على دور التصميم في الحياة اليومية. (الصورة من ’جانغ جو-يونغ‘ وتم أخذ الإذن باستخدامها)
من المحاضرات التبادلية الدولية في جامعة شنغهاي كلية الهندسة. (الصورة من 'جانغ جو-يونغ' وتم أخذ الإذن باستخدامها)
وفي الختام تقدم العميدة نصيحة ذهبية للمصممين الشباب الذين يطمحون للتأثير في مجتمعاتهم:
نصيحتي الصادقة للمصممين الشباب هي أن يفهموا ثقافتهم المحلية بعمق، ويعتزوا بها، ويحتضنوها، مستلهمين القيم التقليدية لتعزيز الابتكار الهادف. اسعوا لدمج الاستدامة بشكل شامل من خلال مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في تصاميمكم. ابحثوا بنشاط عن الفرص العالمية، وابقوا على اطلاع دائم على الاتجاهات العالمية، والتقنيات الناشئة، وأفضل الممارسات لتوسيع آفاقكم، وبناء علاقات مهنية، وتعزيز قدراتكم الإبداعية. تذكروا أن المصممين يمتلكون القدرة والمسؤولية للتأثير إيجابياً على المجتمعات، وإلهام التغيير الهادف، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة. والأهم من ذلك، ازرعوا في قلوبكم التعاطف؛ استمعوا بصدق إلى مجتمعكم، وتعاملوا مع كل تصميم بتعاطف وإخلاص، لضمان أن تُضفي إبداعاتكم قيمة دائمة وسعادة حقيقية على حياة الناس.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.