بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية شيماء محمد رشدي
أقام المركز الثقافي الكوري فى مصر كعادة كل عام الحدث الأكثر تشويقا لكل محبي السينما الكورية فى الفترة من 21 وحتي يوم 24 نوفمبر وهو حدث ليالي السينما الكورية فى نسحتة التاسعة بسينما فوكس بمول سيتي سنتر ألماظة بالقاهرة، شهدت الفعالية عرض 7 أفلام كورية متنوعة بين دراما، كوميدي، فانتازيا، لتقديم تنوع وجاذبية السينما الكورية للجمهور المصري على مدار 4 أيام وقد افتتحت الفعالية بفيلم يوتوبيا الخرسانية، كان لي حظ حضور فيلم الإفتتاح وذلك لحرصي على حضور مهرجان الأفلام الكورية كل عام، كما تميزت هذه الدورة بحضور ولقاء المخرجين بعد كل عرض مما زاد حماسي للحضور، فيلم يوتوبيا الخرسانية من إنتاج سنه 2023 ومن بطولة لي بيونغ هون، بارك سيو جون، بارك بو يونغ ومن إخراج أوم تاي هوا، وتدور أحداث الفيلم فى إطار من الكوميديا السوداء والدراما ومحتواه المثير للتفكير، وتدور أحداث الفيلم فى أعقاب زلزال مدمر الذي حول مدينة سيول إلى أنقاض ولا يوجد سوى مبني سكني واحد ناجي من هذا الدمار، سكان المبني يعيدون إعمار المبني السكني وعلى طول طريق الفيلم يواجه مجتمع هذا المبني معضلات وتحديات داخلية وخارجية تتحدي إنسانيتهم، معظم أحداث الفيلم تدور حول مين سونغ (بارك سيو جون) وزوجته ميونغ هوا (بارك بو يونغ)، عندما يضرب الزلزال، ينجذب مين سونغ إلى دائرة يونغ تاك (لي بيونغ هون) الذي يتولى السيطرة على برج سكني وينفذ قواعد محافظة بشكل متزايد لإبعاد الغرباء وإطعام السكان، نكتشف فى الفيلم مدى السرعة التي ننزع بها صفة الإنسانية عن المحتاجين عندما يهددون بقاءنا ــ ويتساءل عما إذا كان من الممكن إلقاء اللوم علينا بسبب ذلك، وبعد أن ينتخب السكان زعيماً (لي بيونج هون) يضع للمكان نظاما جديدا يحمية من الفوضى، ونتكشف من لقطات الماضي عن ماضيه العنيف في مشاهد متناقضة أخلاقياً مثل سلوكه الحالي، إنه ليس من يظنه السكان، ولكنه قد يكون من يحتاجون إليه.
يبدأ فيلم يوتوبيا الخرسانية ككوميديا سوداء ولكنه يتحول تدريجيًا إلى فيلم إثارة درامي مشوق، إن فرضية الفيلم مقنعة، حيث تتعمق في موضوعات اليأس البشري والبقاء على قيد الحياة، إنه تصوير رائع لكيفية تطور مجتمع متماسك، أو ربما تدهوره، في مواجهة الكارثة وكيفية البقاء وهل الحل هو مواجهة الكارثة والتعاون بين الجميع أم محاولة إنقاذ نفسي فقط ومن ينتمي لي، وبين هذه الأفكار يأخذنا الفيلم فى رحلة داخل نفسية الأبطال وصراعهم النفسي الكبير، نجح الممثل المخضرم لي بيونج هون فى سرقة الأضواء بتصويره الجذاب والمتكامل كزعيم للمجتمع وقدرته على تحويل غضبك منه إلى تعاطف فى نفس الوقت ممزوج بشعور الغضب كما يقدم بارك سيو جون أداءً قويًا بنفس القدر وخصوصا فى مشهد النهاية فقد جعلني أبكي كثيرا خصوصا والبطلة تنهي الفيلم عند سؤالها هل كان السكان من أكلي لحوم البشر فنظرت بعمق وأجابت كان مجرد أناس عاديين تاركة لنا سؤال هل يمكن للانسان أن يفقد إنسانيته فى الكوارث سؤال عميق لازلت أفكر به ولا أجد لها إجابة.
يوتوبيا الخرسانية يناقش من وجهة نظري معني فلسفي وهو هل عندما تصبح الأمور ميؤوساً منها، إلى أي مدى قد تذهب لحماية منزلك؟
تم أختيار فيلم يوتوبيا الخرسانية ليمثل كوريا فى فئة الأفلام الروائية الدولية فى جوائز الأوسكار ال96.
وبعد نهاية الفيلم عقدت جلسة حوارية مع المخرج أوم تاي هوا حيث عبر عن سعادته لعرض فيلمة الثاني فى مصر كما ذكر أن الفيلم كان عبارة عن قصة مصورة قرر تحويلها لفيلم وأنه اختيارة فصل الشتاء لأحداث الفيلم لأنه فصل يتميز بضبابيته وبرودته القاسية أنها ستضفي لأجواء الفيلم جانبا يعبر عن مأساوية الأحداث، وذكر أنه بالرغم من أننا شاهدنا بالفعل أن الأحداث تدور في فصل الشتاء إلا أن التصوير كان فى فصل الصيف، الأمر الذي تطلب من الممثلين إرتداء ملابس ثقيلة وتمثيل مشاهد صعبة بها في هذا الجو الحار، كذلك استخدم المؤثرات البصرية لإظهار البخار الذي يخرج من فمهم من شدة البرد ليخرج العمل بمصداقية كبيرة، كما ذكر أن قصد أن يحتار المشاهد بين التعاطف والغضب من بعض الشخصيات لأن الإنسان بطبيعتة متناقض بشكل كبير، وأنه بداء الفيلم بعد كارثة الزلزال لأن الفيلم يركز على مشاعر الناس بعد الكارثة وليس سبب الكارثة، وأنه أحب أن يبقي سؤال واحد فى ذهن المتفرج هل لو كنت فى مكان أبطال الفيلم ماذا كنت سوف أفعل؟ هذه الرسالة أو التساؤول هو ما رغب فى تركة للمشاهدين، وفى النهاية الأمسية شكر الجمهور لحضور الفيلم وعبر عن سعادتة لمقابلة مخرجين مصريين فى الورشة المقدمة من المركز الثقافي الكوري.
فيلم يوتوبيا الخرسانية نجح فى أسر المشاهدين بكوميديا السوداء و جرعة دراما كبيرة ومحتوى مثير للتفكير ورغم نهايته الحزينة إلا إنه يظل تجربة سينمائية غنية بغض النظر عن نهايته.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.