مراسل فخري

2023.05.09

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
الصورة تظهر لقطات للمراسلة سها أثناء شروق الشمس من البحر الشرقي (الصورة من سها سعيد)

الصورة تظهر لقطات للمراسلة سها أثناء شروق الشمس من البحر الشرقي (الصورة من سها سعيد)



بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية سها سعيد


يسألني العديد من الأصدقاء لماذا أخترت كوريا للإقامة بها؟ لماذا تهتمي بالثقافة الكورية؟ وما الذي جعلك تنجذبين اليها؟
حسناً.. تبدو الأسئلة بسيطة ولكن الاجابة عليها ليس بتلك السهولة. فأنا أحتاج إلى صفحات وكتب لأسرد لكم مواقف حدثت معي في كوريا وكانت سبباً لحبي لكوريا الجنوبية وتعلقي بها. ولكني سأحاول شرح أسبابي لكم.

لقد قمت بزيارة كوريا لأول مرة في عام 2012 حيث عملت جاهدة لمدة سنتين في عدة أماكن مختلفة، كي أستطيع أن أدخر تكاليف السفر إلى كوريا من راتبي الخاص، وحينما أدخرت المبلغ المطلوب سافرت إلى كوريا وقضيت فيها شهراً متنقلة بين 13 مدينة كورية، ومن هنا أغرمت بكوريا وبثقافتها التي تختلف من مدينة لأخرى. وها أنا الآن أقيم وأعمل في كوريا الجنوبية منذ عامين ولم يتغير حبي وشغفي بكوريا الجنوبية بل تعلقت بها أكثر وشعرت وكأنها بلدي الثاني، وإليكم أسباب عشقي لكوريا الجنوبية في السطور القليلة القادمة.

الصورة للمراسلة سها في معبد يونج جوك في مدينة بوسان (الصورة من سها سعيد)

الصورة للمراسلة سها في معبد يونج جوك في مدينة بوسان (الصورة من سها سعيد)


تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد التطور والتكنولوجيا، حيث نهضت كوريا من عصر الفقر والجوع والتشرد بلا مأوى إلى عصر ناطحات السحاب والسيارات والسفن والأجهزة الكهربائية ومنتجات التجميل وغيرها من المنتجات الكورية التي حققت نجاحاً كبيراً وأصبحت تصدر إلى جميع بلدان العالم، حيث أصبحت أسماء الشركات الكورية تلمع عالمياً في قفزة صناعية حدثت خلال 50 عاماً فقط، مما جعل العالم يشهد لها ويضرب بها المثل. كما أطلق عليها "معجزة على نهر الهان" نظراً للنمو الاقتصادي السريع للبلد بعد الحرب الكورية. حيث انبهرت أثناء اقامتي في كوريا بالتكنولوجيا في كل مكان. استمتعت بأنترنت فائق السرعة، كما أمكنني تخليص الأوراق الحكومية من خلال الأنترنت مجاناً، وكذلك حينما زرت أحد المطاعم لتناول العشاء وجدت انسان آلي هو من يقدم لي الطعام، كما توجد مقاعد ذات نظام تدفئة في محطات الأتوبيس وغيرها من الخدمات التكنولوجية التي توفر للمواطنين الراحة.

تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد تحافظ على حقوق الانسان، حيث يعيش على أراضيها البوذيون والمسيحيون والمسلمون في سماحة دينية ليس لها مثيل، كل منهم يمارس شعائر ديانته دون التعرض لأذى أو عنصرية أو تنمر. كما يعيش الأجانب على أرضها دون تفرقة عنصرية بينهم وبين الكوريين، سواء كانوا طلاب أجانب أو عمال أو متزوجين أو حتى لاجئين. حيث يوجد في كوريا أكثر من 2 مليون أجنبي يعيش ويعمل على أراضيها. وأكبر دليل هي تجربتي في الإقامة بكوريا، فأنا مسلمة ولكني أصلي فروضي يومياً في مكتب بالشركة التي أعمل بها ولا أحد يضايقني، كما درست لغة كورية بالجامعة، وتلقيت رعاية طبية شاملة من خلال التأمين الصحي، وكذلك أتمتع بالخدمات الحكومية والمواصلات العامة وغيرها، دون أي تفرقة أو عنصرية.

الصورة للمراسلة سها مع أشجار الكرز في الربيع، وفي مدينة جونجو التراثية. (الصورة من سها سعيد)

الصورة للمراسلة سها مع أشجار الكرز في الربيع، وفي مدينة جونجو التراثية. (الصورة من سها سعيد)


تسألوني لماذا كورية؟ لأنها بلد قانون وحرية وأمن وأمان. حيث يتمتع الكوريون بحرية التعبير عن الرأي على جميع المستويات، دون خوف من النظام الحاكم، بل ولهم الحق في عمل الثورات والوقفات الاحتجاجية السلمية التي يحميها رجال الشرطة بقوة القانون. فتجد الكوريون يثورون ضد شركة ما أو حكومة ما من أجل المطالبة بتحسين الوضع من خلال وقفات احتجاجية سلمية. كما تتمتع كوريا الجنوبية بقانون رادع، يحمي مواطنيها من الفساد. القانون فيها يطبق على الكل مهما كانت رتبته الوظيفية في البلد، قانون قوي يحمي الصغير قبل الكبير، يرد الحقوق إلى أصحابها ويحاسب المتورطين في القضايا المختلفة. ولذلك تجد الشعب يهاب القانون، مما جعل كوريا تتميز بقلة معدلات الجريمة. حيث يمكنني التنقل وحدي في شوارع كوريا نهاراً أو ليلاً دون خوف من أن تتم سرقتي أو أن يتم الاعتداء علي. حتى وان حدثت تلك الجرائم النادرة، فهناك كاميرات مراقبة في كل مكان ويمكن للشرطة أن تأتي بالجاني فوراً.

تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد تهتم بالرياضة والموسيقى والثقافة رغم انشغال شعبها بالعمل. حيث يتعلم الأطفال الرياضة والموسيقى منذ الصغر وهم في المدرسة الابتدائية، فلا تجد كورياً لا يلعب رياضة التايكوندو أو لا يعزف على آلة موسيقية مثل البيانو أو الكمان. الحكومة الكورية تهتم جيدا بالجانب الثقافي والفني والرياضي لدى الأطفال، فيكبر الأطفال وبداخلهم حب وشغف، لا يعلمون شيئاً عن العنف، بل تملأ صدورهم الفنون المختلفة. ويكبر الأطفال لاحقاً ليكونوا أبطالاً في الأولمبيات ويرفعوا علم كوريا الجنوبية عالياً ليرفرف في سماء الدول الأجنبية وتلتقطه عدسات كاميرات جميع البلدان. حيث حصدت كوريا الجنوبية 287 ميدالية في تاريخ الأولمبيات الصيفية، يعود معظمها إلى لعبة الرماية والتايكوندو. كما حصدت 79 ميدالية في تاريخ الأولمبيات الشتوية، يعود معظمها إلى لعبة التزلج السريع على الجليد.

تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد الموضة والفنون. حيث يتميز الشعب الكوري بحبه للأزياء، فهناك طابع كوري خاص في مجال الأزياء للنساء والرجال بما يناسب فصول السنة المختلفة، ولا نستطيع أن نغفل ذكر الهانبوك وهي الملابس الكورية التقليدية والتي لفتت أنظار العالم اليها مؤخراً. كما تعتبر كوريا بلداً تحتضن الفنون المختلفة، فمن منا لا يعرف الكيبوب وهي الموسيقى والأغاني الكورية وفرق البنات والولاد الراقصة، وكذلك من منا لم يشاهد المسلسلات الكورية والتي اكتسبت شهرة عالمية نظراً لتنوع قصصها من رومانسي وخيالي وتاريخي وكوميدي وغيرها من الأفكار الجذابة الغير تقليدية لكتاب السيناريو، مضافاً اليها مهارة الممثلين في الأداء و مهارة الإخراج العالمي. كل ذلك الخليط معاً شكل هالة كبيرة من اهتمام العالم بالثقافة والفنون الكورية مما أطلق عليها "موجة الهاليو" التي انتشرت بصورة كبيرة بين الأجانب في البلدان المختلفة.

الصورة للمراسلة سها في ممشى البحر الشرقي لكوريا (الصورة من سها سعيد)

الصورة للمراسلة سها في ممشى البحر الشرقي لكوريا (الصورة من سها سعيد)


تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد الكيمتشي والكيمباب والدوكبوكي والبولجوجي وغيرها من الأكلات الكورية اللذيذة والتي تعرفت عليها لأول مرة من خلال المسلسلات الكورية ثم أردت تجربتها حين قمت بزيارة كوريا، ومن هنا عشقت الطعام الكوري وأصبحت أتناوله بصفة يومية في كوريا، كما تناولت أيضاً طعام الشارع والحلويات الكورية. ويعتبر الكيمتشي هو أشهر المأكولات الكورية وهو عبارة عن كرنب مخلل بصلصة الفلفل الأحمر والثوم والتي اعتبرتها منظمة الصحة العالمية بأنها أكلة صحية مليئة بالعناصر الغذائية التي تحارب أمراض السرطانات والمناعة والدم المختلفة.

تسألوني لماذا كوريا؟ لأنها بلد الطبيعة والفصول الأربعة. حيث تتميز كوريا بطبيعة خلابة لأنها تحتوي على جبال وبحار وأنهار ومساحات خضراء رائعة، عند رؤيتك للأماكن الطبيعية في كوريا، تجدها مثل لوحة فنية مرسومة سبحان من أبدع جمالها. كما تتمتع كوريا بأربعة فصول للسنة، كل فصل له ملامحه وصفاته المختلفة التي تميزه، حيث تتغير ملامح كوريا تماما في فصل الصيف الحار المليء بالأمطار والشجر الأخضر عن فصل الخريف ذو الجو المنعش وأوراق الأشجار الحمراء المتساقطة، تليها درجات الحرارة المنخفضة وهبوط الثلج و جفاف الأشجار في فصل الشتاء، ثم تعود كوريا الى الحياة مرة أخرى في فصل الربيع وتتلون بأزهار الكرز الجذابة وهو الفصل المفضل لي في كوريا الجنوبية وذلك لأن الورد والأشجار ينمو فيه من جديد بعد أن ذبل ومات في فصل الشتاء، وبالتالي تكون الأجواء مبهجة والطقس دافئ مقارنة بالشتاء.

أليست كل تلك الأسباب كافية لعشقي لكوريا؟ لو يسمح لي الوقت لذكرت أسباباً أكثر وكتبت تفاصيل أكثر وأكثر، فأننا لدي حكايات ومواقف كثيرة لي في كوريا الجنوبية أود أن أسردها لكم ولكن خوفي من أن أطول عليكم في مقالي يجعلني أتوقف عند ذلك الحد. وإلى اللقاء في مقال آخر عن كوريا الجنوبية.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.