الصورة تظهر ملصق دراما قاضية محكمة الأحداث. (الصورة من صفحة نتفليكس كوريا الرسمية على الانستغرام)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية غدير محمد الرفاعي
دراما 'قاضية محكمة الأحداث' التي تم عرضها على منصة نتفليكس يوم 25 فبراير لهذا العام، تناقش الجرائم التي يرتكبها الصغار الذين لا يتجاوز أعمارهم ثمانية عشر عامًا والبحث عن الدافع وراء ذلك.
ولكن هل سيكون العقاب كافيًا لما اقترفوه، أم سيكون لقانون الأحداث رأي آخر؟
وهل الذنب واقعًا على هؤلاء الأطفال وحدهم أم للأهل وللمجتمع دورًا في ذلك؟
المسلسل بطولة 'كيم هاي سو' عدد الحلقات 10، تدور أحداث الدراما عن الجرائم التي يرتكبها الأطفال من تعدي وقتل وغيرها من الجرائم الوحشية. ففي الحلقات الأولى عرضت قضية قتل طفل وتقطيع جسده على يد مراهقة وطفل عمره 13 عامًا ولكن لأن القوانين المتعلقة بمجرمي الأحداث متساهلة جدًا لصغر عمرهم لم يكن العقاب كافيًا لما اقترفوه.
لم يغفل المسلسل أيضًا في توضيح أهمية دور الأهل والمجتمع في تربية الأبناء وتأثير ذلك عليهم.
يقول الدكتور شهاب الدين الهواري "التربية لا تتم من خلال الانتباه لسلوك الأبناء بقدر الانتباه لسلوك الآباء".
في الحلقة السادسة كان هناك قضية تخص تسريبات الامتحانات في إحدى المدارس وكان مشارك فيها طالب والسبب وراء ذلك رغبة هذا الطالب في الحصول على درجات مرتفعة، لأنه دومًا يُلام من والده لحصوله على درجات أقل من أخيه.
أثناء مشهد تناول العائلة الطعام قال الأب لابنه "كيف يمكنك أن تأكل بعد نيلك علامات متدينة، لا يزال أخوك في الصف العاشر ولكنه حصل على درجات إمتياز تامة، يا عديم الفائدة ما الذي ينقصك".
لا شك بأن هذه الكلمات تؤثر على الأبناء وتجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم، هذه النماذج من الآباء توجد في كل المجتمعات، فكثير من الأهالي تقارن بين الأبناء وبعضها أو المقارنة بشخص آخر ولا يدركوا مدى تأثير ذلك على أبنائهم بالسلب.
قضية أخرى هامة تناولها المسلسل وهي تعرُض فتاة للضرب المبرح من أبيها وكان يبرر فعلته أمام القُضاه بأنه يقوم بتربيتها. وكان رد القاضية عليه "التأديب يعني تقديم توجيهات فكرية واخلاقية واجتماعية، والضرب المبرح هذا لا يسمى تأديبًا".
الصورة تظهر مشهد من الحلقة الثالثة للفتاة التي تعرضت للضرب. (الصورة من صفحة نتفليكس كوريا الرسمية على الانستغرام)
أحد نصوص الدراما التي تصل إلينا رسالة هامة يجب الانتباه لها "الأولاد الذين يتعرضون للأذى في منازلهم يميلون إلى إيذاء أنفسهم، يرتكبون جرائم لا يرتكبونها عادةً أو يقعون بين أيدي رفاق السوء. يعلمون في قرارة أنفسهم بأنه لا يجوز أن يفعلوا ذلك. لكنهم يفعلون ذلك رغم كل شيء. يأملون أن أذيتهم لأنفسهم ستؤذي عائلتهم أيضًا بطريقة ما، يريدون لفت الانتباه، يريدون إن يعلم الآخرون أنهم يعانون كثيرًا".
عند مشاهدتك لدراما 'قاضية محكمة الأحداث' ستجدها تناقش قضايا تحدث في مجتمعك أيضًا وليس المجتمع الكوري فقط.
العام الماضي في مصر تم عرض مسلسل 'ولاد ناس' وكان أيضًا يناقش سلوك الأبناء السيء الناتج عن عدم حصولهم للحب وللرعاية الكافية من الأهل. أحد النصوص العظيمة التي قالها الممثل المصري ماجد الكدواني "أولادنا نعمة كبيرة وأغلى ما نملك في حياتنا، ولا يوجد في الحياة ما يستدعي أن نخسر أولادنا لأجله. وينبغي علينا حين نُرزق بطفل نسعى جاهدين لنزرع فيه الإنسانية ليكون نافعًا لكل عمل صالح لأهله ولوطنه".
لاقت دراما 'قاضية محكمة الأحداث' إعجاب الكثير من الكوريين بسبب مناقشتها لواحدة من أهم القضايا في مجتمعهم، وهذا سبب كتابتي لهذا المقال فهذه الدراما أراها مرجعًا جيدًا للأهالي ولأي شخص يفكر بإنجاب طفل لَعَلهم ينتبهوا على تصرفاتهم مع أبنائهم ويحسنوا إليهم، لأنهم قد يكونوا سببًا في جعل أبنائهم مجرمين، بالطبع ليس مبررا لارتكاب الأبناء الجرائم لكنه سببًا. أتمنى أيضًا أن يتم تعديل القوانين المتعلقة بمجرمي الأحداث لينالوا جزاءهم المستحق.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.