مراسل فخري

2020.12.17

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian


 الملصق الإعلاني لفيلم ’الغابة الصغيرة‘ أمام قاعة الهناجر بالقاهرة (الصورة من المراسلة الشرفية رفيدة أبو الوفا)



بقلم مراسلة كوريا.نت الشرفية المصرية رفيدة أبو الوفا


منذ صغري، كانت مشاهدة الأفلام على شاشات العرض كبيرة تجربة مثيرة للاهتمام وساحرة بالنسبة لي، فحينما تكون صغيرا جميع الأشياء الكبيرة والملونة يكون لها سحرها الخاص، ولذلك كبرت ونمي لدي حب خاص تجاه السينما ومشاهدة الأعمال الدرامية وعندما تأثرت بالثقافة الكورية في عام 2009، ونالت الدراما الكورية مكانة خاصة في قلبي. كنت أشاهد أعمال السينما الكورية من وقت لآخر لكي أتابع أعمال الممثلين المفضلين لدي، ولكني لطالما رغبت أن أشاهد أحد تلك الأفلام في السينما لولعي الشديد بكل من الأفلام الكورية والسينما أيضا. ولم تتاح لي تلك الفرصة حتى العام الماضي عندما أقام المركز الثقافي الكوري بمصر مهرجان السينما الكورية في سينما الهناجر سبتمبر 2019 والذي استمر لمدة 3 أيام عارضا 3 أفلام مختلفة لمحبي السينما الكورية فى مصر.

"تذوق فصولنا الأربعة اللذيذة"


هذا ما كتب علي الملصق الإعلاني لفيلم ’الغابة الصغيرة‘ الذي يتحدث عن المصاعب التي يواجهها الشباب من أجل العيش في المدينة ويقارن بين الإيقاع السريع لحياة العاصمة سيئول والإيقاع الهادئ والمتناغم للريف الكوري. 

وخلال مشاهدتي للفيلم أعجبت كثيرا بالصور والمقاطع الخاصة بالطبيعة في مقاطعة كانغوون حيث استطاع الفيلم تصوير الطبيعة الخلابة  الخاصة بـكانغوون خلال  فصول السنة المختلفة بشكل مستمر وساحر يبرز الخصائص المختلفة لكل فصل، سواء كانت الجبال تغطيها الثلوج في فصل الشتاء أو الأزهار المتفتحة في فصل الربيع أو السهول الخضراء والمياه الزرقاء متلألئة اللون في فصل الصيف أو أوراق الشجر الملونة في فصل الخريف .

 أثناء استعدادت عرض فيلم الغابة الصغيرة في سبتمبر 2019  بسينما الهناجر بالقاهرة وذلك ضمن مهرجان الأفلام الكورية الذي أقامه المركز الثقافي الكوري بمصر. (الصورة من المراسلة الشرفية رفيدة أبو الوفا)


كما أحببت أيضا جميع الأصوات الخاصة بالفيلم، ففي القصة كانت البطلة العائدة لبلدتها الصغيرة في الريف متعبة من حياة العاصمة، تجد راحتها في الزراعة وطهو الطعام، ولذلك عرض الفيلم أصوات مختلفة خاصة بكل من الطبيعة مثل أصوات الرياح، غناء العصافير، حركة المياه في السطوح المائية وأصوات خاصة بالزراعة مثل حرث الأرض، زراعة النباتات، تجميع المحصول وغيره. وأتذكر أنه بعد الانتهاء من الفيلم كنت انتبه الى الأصوات المختلفة من حولي.

ولكن من العناصر المميزة بالنسبة لي في الفيلم كانت لربما الألوان واستخدام الطعام  لتجسيد مشاعر البطلة المختلفة حيث تواجدت مشاهد كبيرة تخص تحضير البطلة للطعام و خصوصا الأكلات الكورية الشهية والملونة. كما تم تجسيد الفصول الأربعة في الأطباق التي تم تحضيرها طوال الفيلم من خلال المكونات أو الألوان. فمثلا خلال فصل الربيع تم استخدام الورود مثل باستا الزهور، زهرة الأكاسيا المقلية، سندوتشات الكرنب وفطائر الاكونومياكي. أما عن فصل الصيف فكان متجسد في أطباق مثل حلوى الكريم بروليه، مربى الكرز الآسيوي، الطماطم، نودلز لبن الصويا بالخيار ومشروب الأرز الحلو. أما عن الخريف الكستناء المحلاة، الدكبوكي الحار، فاكهة البرسيمون المجففة، حساء دوينجانج وكعك الارز الملون. وفي فصل الشتاء حساء الكيمتشي، حساء سوجيبي الحار ومشروب ماكولي .


 كما تم أيضا استخدام الطعام لتجسيد مشاعر البطلة المختلفة، فمثلا تحضير البطلة لطاولة من الطعام لاصدقائها معلنة بذلك مشاعر الاعتزاز والحب وتقديرها لوجودهم بجوارها خلال ما تمر به، فكان ذلك  مؤثرا جدا. كما أن البطلة استخدمت في كثير من الأحيان أقوال عن الطعام  والزراعة لتعكس الخبرة التي اكتسبتها أثناء وجودها في العاصمة، مثل " البصل الذي يحمل برودة الشتاء يصبح مذاقه أحلي من بصل الربيع" أو "لا يمكن أن تصنع حلوى الكريم بروليه لأحد لا تحبه" حيث أن صناعة الكريم بروليه يحتاج إلى الكثير من الوقت والمجهود، وهو الأمر الذي لا تستطيع تقديمه إلا إلي شخص تحبه. ولذلك فإن تصوير إعداد الطعام في الفيلم كامل بالغ الحميمية قادر علي إعادة إحياء الذكريات،  قادر علي بناء روابط  بين الأفراد، هو أمر واقعي وساحر في الفيلم. ولكنه لم يكن الأمر الوحيد الساحر والخاص بالفيلم، فقصة الفيلم هادئة وجميلة، وربما أكثر الوصف دقة هو وصف الصحيفة الكورية اليومية ’كوريا هيرالد‘ أنه فيلم صغير بدون شخصية شريرة، بدون توتر حقيقي وبدون صراع حقيقي.

يمكنني القول أن قصة فيلم ’الغابة الصغيرة‘ تضع المشاهد في حالة من الهدوء النفسي والمشاعر الدافئة، ولذلك أعتبر فيلم الغابة الصغيرة مصدر سرور للعين والقلب لأنه احتفاء بالصداقة والطعام المشهي والمتع الصغيرة في الحياة اليومية.  لتلك الأسباب معا ربما يبدو فيلم الغابة الصغيرة فيلما بسيطا وقصة بدون نزاعات، ولكن الحقيقة أنه يحكي مشاكل الحياة المعاصرة وأعبائها على الجيل الجديد بشكل مثالي يخلو من التعقيد تاركا العقل في حالة من الراحة عقب الانتهاء من المشاهدة وقليلا من الجوع!

sarahoqelee@korea.kr


هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.