صرح البنك المركزي الكوري اليوم الثلاثاء بأن الربح التجاري لتصدير المحتويات الثقافية الكورية يستمر لمدة 9 شهور متتالية. الصورة تظهر فرقة "بي تي إس" تغني الأغنية الجديدة "ديناميت" . (الصورة من وكالة يونهاب للأنباء)
بقلم مراسل كوريا.نت الفخري المصري محمد صلاح الدين (صحفي حر)
لم يكن تربع فريق بي تي إس لموسيقى الكي بوب على قمة البيلبورد هوت 100 سوى نتاج طبيعي لموجة ثقافية بدأتها كوريا الجنوبية منذ نهايات تسعينيات القرن الماضي كآداة ضمن عدة أدوات نجحت من خلالها سيئول – رغم تعاقب الحكومات والرؤساء – في رسم صورة ذهنية إيجابية للبلاد.
قبل خمس سنوات خلصت دراسة أجراها كل من دانيال جيه شويكينديك وتيم يونغ مين ستشروتر وتيم يونغ مين شروتر لحساب جامعة سونغ كيون كوان العريقة حول الصورة الذهنية لاسم "كوريا" في الصحف الألمانية بين عامي "1948" – عام قيام جمهورية كوريا – وعام 2013.
بالتطبيق على مقالات مجلة دير شبيجل وجريدة دي تسايت الأسبوعية إلى أن كوريا تحولت من من صورة أرض الصباح الهادئ المعزولة إلى حد ما عن النمط الغربي الديمقراطي الحديث إلى دولة ذات تكنولوجيا عالية مدعومة من رواد الأعمال أصحاب فكر مستقبلي.
وفقًا لنتائج البحث الصادر عن وكالة ترويج الثقافة الكورية عبر البحار في الـ22 من شهر يناير عام 2019 عن صورة كوريا الجنوبية عالميا ، كانت الصور الممثلة لكوريا الجنوبية تتمثل في الطعام الكوري والكيبوب والثقافة الكورية. كما تم التحقيق من أن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ والقمة بين الكوريتين كان لها تأثير إيجابي على الصورة العالمية لكوريا.(الصورة من كوريانت)
ويمكن القول إن خروج كوريا مرة أخرى للعالم بحُلة ارتبط بدورة الألعاب الأولمبية سيئول 1988، لكن الموجة الكورية التي أسهمت في تقديم أرض الصباح الهادئ بفتها أرض الأحلام أو ما أسميه "الحلم الكوري" مع نهاية تسعينيات القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة.
فقدم مصطلح الهاليو لأول مرة في عام 2001 في المؤتمر الثالث لتطوير السياحة، فتحدث عنها الرئيس الراحل "كيم ديه جونغ" في خطابه عن أهمية تطوير المحتوى، ما دفع إلى إنشاء الوكالة الكورية للمحتوى الإبداعي فخصصت حكومة سول حينها 640 مليار وون لدعم صناعة الثقافة ليعقب ذلك إنتاج مسلسلات حققت نجاحا جماهيريًا عالميًا كأغاني الشتاء.
عام 2002 كان الخروج الثاني لكوريا الجنوبية عبر عالم الرياضة باستضافة كأس العالم لكرة القدم ومعه قدم للعالم شعار البلاد الجديدة "داينامك كوريا" (كوريا الديناميكية).وفي مسعى جديد لإبعاد ارتباط صورة جمهورية كوريا بالحرب الكورية -1950حتى 1953 – وما يرتبط الجارة الشمالية بدأت سول في العمل على تقديم صورتها الحقيقية كدولة ديمقراطية ديناميكية نابضة بالحياة ومبدعة ومنفتحة على العالم أسست سول في تجربة فريدة عام 2009 "المجلس الرئاسي لتسويق الدولة.
خلال هذه الفترة اعتمدت كوريا 10 نقاط أساسية لتسويق الدولة من بينها الدعاية لرياضة التايكندو والموجة الكورية.لكن من بين النقاط التي لفتت انتباهي هي برامج المتطوعين الكوريين الذين يعملون على تقديم الثقافة الكورية والطعام الكوري، والعمل في مجالات تكنولوجيا المعلومات والتعليم والبيئة.هذه التجربة ربما شاهدتها أمامي عبر برامج المتطوعين التابعين للوكالة الكورية للتعاون الدولي "كويكا" وما يقدمونه من مساعدات في مجال التعليم الفني وتعليم اللغة الكورية.
وقع وزير الثقافة والرياضة والسياحة الكوري بارك يانغ وو (إلى اليسار) ونورا الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة لدولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية أعمال التعاون "عام التبادل الثقافي بين كوريا والإمارات العربية المتحدة" في المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر في سيئول في الـ10من ديسمبر عام 2019.(الصورة من وزارة الثقافة والرياضة والسياحة الكورية)
ولدخول مرحلة جديدة، اعتمدت وزارة الثقافة في سيئول شعارًا جديدًا هو "كرياتف كوريا" (كوريا المبدعة) عام 2016 وقالت عنه الوزارة حينها إنه يهدف إلى الشعور بفخر الوطن لدى الشعب الكوري الجنوبي بحسب وكالة يونهاب.
ومع الأزمة العالمية الأخيرة التي تسبب فيها تفشي فيروس كورونا قدمت كوريا نموذجا أبهر العالم في احتواء الموجة الأولى من التفشي وتوسيع دائرة فحص من تظهر عليهم أعراض الإصابة. ليس ذلك فحسب بل صدرت سيئول أدوات تشخيص الإصابة بالفيروس لعدد من الدول والتي كان أولها الإمارات العربية المتحدة وفقًا لوكالة أنباء يونهاب.
كل ذلك ربما يعكس أن طفرة كوريا الجنوبية لم تكن في مجال الاقتصاد فقط لكن أيضًا في تغيير صورة قاتمة سببتها الحرب إلى صورة تجعل من زيارة أرض الصباح الهادئ حلمًا لكثير من الأجانب.
sarahoqelee@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.