مراسل فخري

2024.04.18

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian
بعض الصور من أشهر معالم مدينة كيونغجو عاصمة مملكة شيلا الكورية: مقابر درانغوون الملكية، مرصد تشومسونغداي، بحيرة وولجي، جرس إيميلي بمتحف كيونجو الوطني وتاج شيلا الذهبي. (الصور من آلاء عاطف)

بعض الصور من أشهر معالم مدينة كيونغجو عاصمة مملكة شيلا الكورية: مقابر درانغوون الملكية، مرصد تشومسونغداي، بحيرة وولجي، جرس إيميلي بمتحف كيونجو الوطني وتاج شيلا الذهبي. (الصور من آلاء عاطف)



بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية آلاء عاطف عبادة

في عالم يتسارع فيه الزمن والناس والأحداث، تقف مدينة 'كيونغجو' الساحلية الكورية والتي يعني اسمها 'منطقة التبريكات' كملجأ هادئ من السكينة والشاعرية في ضمة التقاليد والتراث الذهبي لهذه المدينة الخالدة التي تزدان بتأثيرات الفن البوذي المدمجة
في مبانيها وقصورها ومعابدها. وتعرف مدينة كيونغجو الكورية بكونها حارثة إرث مملكة شيلا والعاصمة القديمة لهذه الحقبة التي تأسست عام ٥٧ قبل الميلاد واستمرت لألف عام من الحضارة، ولا تزال تحتفظ بالكثير من الآثار الثقافية ذات القيمة التاريخية لهذه الحقبة الذهبية، فهي حقًا 'متحف بلا أسوار'، وتشمل ألقابها 'جيومسيونغ' أي مدينة الذهب.

كان لي شرف المشاركة في رحلة إلى كيونغجو؛ لاستكشاف تراثها الذهبي والخريف الوردي هنالك ضمن فوج الدعوة الثقافية المقدمة من كوسيس لنشطاء الثقافة الكورية أفضل المراسلين الفخرين والمؤثرين وفائزي مسابقة توك توك كوريا لعام ٢٠٢٣. انطلقنا بالحافلة من سيئول إلى كيونغجو على الساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة الكورية عصر يوم السادس من نوفمبر واستغرقنا ٤ ساعات من المناظر الطبيعية الخريفية البديعة على طول الطريق، وفور الوصول استضافنا المنظمون في فندق هيلتون الفاخر المحاط بالريف الخلاب حول بحيرة 'بومون' ومدينة ملاهي كيونغجو العالمية، حيث بدأت رحلتنا التي استمرت لأربعة أيام من الدهشة والسكينة في استكشاف أصالة التاريخ الكوري والتراث الذهبي لكيونغجو.

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية ٢٠٢٣ من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من مجمع مقبرة درانغوون الملكي. (الصورة من كوسيس)

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية ٢٠٢٣ من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من مجمع مقبرة درانغوون الملكي. (الصورة من كوسيس)


بحيرة بومون، ومجمع بومون السياحي

فور وصولنا إلى كيونغجو ورغم تعب السفر استمتعنا بساعات قصيرة من السير والنسيم في ممرات المشي حول بحيرة 'بومون' الصناعية مع خلفية من الموسيقى الحالمة التي تبثها مكبرات الصوت حول البحيرة، كانت تجربة ممتعة تركت بداخلي إحساس السلام والهدوء وسط أضواء الليل السحرية.
تعلمت أن البحيرة أقيمت على موقع قلعة قديمة في جبل ميونغهوالسان وفقا لخطة تطوير منتجع بومون السياحي، حيث تحوطها المرافق الترفيهية والفنادق وأشجار الكرز التي تزهر في الربيع وتملأ المشهد ما جعلني أتوق إلى العودة مرة أخرى وزيارة المدينة في الربيع.

مجمع مقبرة دارونغوون الملكي

لدي العديد من الذكريات الرائعة في هذا المكان الأخضر الذي يحفه السلام والسكينة، قمنا بزيارة الحديقة في دايرونغوون التي تحتوي على ٢٣ تلة خضراء -وسط الأوراق الصفراء الخريفية المتطايرة- اتضح أنها مقابر لملوك ونبلاء مملكة شيلا، أي أنه يوجد حولنا هنا ٢٣ مقبرة كبيرة تم التنقيب عن ١٣ منها والمفاجأة أنه يمكن الدخول إلى إحداهم مقبرة 'تشيون ماتشونغ' - قبر الملك ميتشو المفتوح للجمهور ومشاهدة ما ييحتويه من آثار تم التنقيب عنها في عام ١٩٧٣، كذلك شاهدنا مجموعة من المقابر التوأم التي تنتمي إلى زوجين يفترض أنهما متزوجان واستمعنا إلى قصة خلفها.


يُشبه الزوار هذا المكان بمنطقة الأهرامات المصرية رغم طبعا التباين في الحجم واللون والطبيعة إلا أن الفكرة واحدة، فعند دخولنا إلى مقبرة تشيون ماتشونغ مثلما يدخل السياح إلى هرم خوفو، وجدنا المقبرة تتكون من تابوت خشبي مطلي بالورنيش، تتميز بأنها مقبرة نموذجية للطبقة العليا من مملكة سيلا. يبلغ ارتفاع التلة ١٢.٧ مترًا وقطرها ٥٠ مترًا، وتتكون من طبقة من الصخور المجمعة من الجداول، وأخبرتنا المرشدة أنه تم اكتشاف إجمالي ١١،٥٢٦ قطعة أثرية داخل المقبرة، مما يدل على أسلوب الحياة الفخم للملك، بما في ذلك تشونمادو، وهو عمل فني يعتبر ذو قيمة عالية لأنه أول عمل فني كوري يتم التنقيب عنه في مقبرة قديمة. وأكملت المرشدة أنه نقلت معظم هذه الآثار إلى متحف كيونغجو. كانت زيارة مبهرة مثل عالم آخر لعشاق التاريخ الكوري.

يحتوي مجمع مقبرة دارونغوون الملكي على 23 مقبرة للملوك والنبلاء، ومقبرة 'تشيون ماتشونغ' مفتوحة للجمهور وتضم عددا ضخم من كنوز حقبة شيلا. (الصور من آلاء عاطف)

يحتوي مجمع مقبرة دارونغوون الملكي على 23 مقبرة للملوك والنبلاء، ومقبرة 'تشيون ماتشونغ' مفتوحة للجمهور وتضم عددا ضخم من كنوز حقبة شيلا. (الصور من آلاء عاطف)


مرصد تشومسونغداي

على بعد خطوات من مجمع مقابر دارونغوون الملكي، يقبع مرصد تشومسونغداي أو ما يعنيه اسمه 'برج مراقبة النجوم'. من الممتع للغاية معرفة الحقائق حول هذا المرصد الأسطواني المدرج في قائمة اليونسكو ويرجع تاريخه إلى القرن السابع، ويعد أقدم مرصد فلكي في آسيا ككل. بُني المرصد في شكل اسطواني بارتفاع ٩ أمتار من الحجارة المتكدسة وأخبرتنا المرشدة أنه يتكون من ٣٦٥ حجرا ترمز لعدد أيام السنة، بينما تم تكديس الصخور في ٢٧ طبقة ترمز إلى الحاكم السابع والعشرين الملكة 'سيونديوك' الذي شيد في عهدها، كذلك أيام الشهر القمر بإضافة طبقتين من الصخور على قمته، استخدم البرج لمراقبة الأفلاك والتنبؤ بالطقس والأجواء وتحديد الاتجاهات.

حول البرج مساحة مبهرة من الجمال الطبيعي والمنتزهات، ولعل أبرزها حديقة العشب الوردي وحديقة العشب الفضي على مقربة منها، استمتعنا بالتقاط العديد من الصور حتى اقتراب الغروب ولم نكن نريد المغادرة.

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية 2023 من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من أمام مرصد مراقبة النجوم 'تشومسونغداي'. (الصورة من كوسيس)

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية 2023 من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من أمام مرصد مراقبة النجوم 'تشومسونغداي'. (الصورة من كوسيس)


شارع هوانغ نيدان

بعد زيارة المرصد، توقفنا في استراحة للمشي بحرية في طريق بالقرب منه يتناغم فيه الجمال التقليدي والحديث، وهو شارع 'هوانغ نيدان' الثقافي الذي يتميز بجماليات الـ'نيوترو' نظرًا للمباني القديمة والمهترئة التي تعود إلى فترة الستينيات والسبعينيات كذلك يضم العديد من المطاعم والمقاهي واستوديوهات الصور والمحلات الموجودة في مباني الهانوك التقليدية، مما يجعله شهيرًا بين الأجيال الشابة في كوريا والسياح الأجانب. عندما تتجول بحرية في مكان مثل ذلك تزوره لأول مرة لتضيع في جمالياته، استمتعنا بالتسوق وتذوق الطعام وأكثر شيء استمتعت بتناوله هو 'جونديغي' وهي حلوى جيلاتينية مقلية وحارة استمتع بها الكوريون عندما كانوا أطفالاً خارج مدارسهم.

شارع هوانغ نيدان، في منطقة 'هوانغنام دونغ' يأتي اسمه من مزيج بين 'هوانغنام-دونغ' وشارع 'كيونجنيدان' في إيتاوان بالعاصمة سيؤول حيث يتم تشبيهه به وكأنه 'شارع كيونجنيدان في هوانغنام-دونغ'.

بعض الصور من جولتنا الحرة من السير والتسوق في شارع هوانغ نيدان الذي يتميز بجماليات نيوترو (قديم وحديث معا) وحلوى جوندينغي الكورية شهيرة في المنطقة. (الصور من آلاء عاطف)

بعض الصور من جولتنا الحرة من السير والتسوق في شارع هوانغ نيدان الذي يتميز بجماليات نيوترو (قديم وحديث معا) وحلوى جوندينغي الكورية شهيرة في المنطقة. (الصور من آلاء عاطف)


قصر دونغ جونغ وبحيرة وولجي

حثنا المنظمون أن نسرع الخطى للحاق بمشهد الغروب في قصر 'دونغ جونغ' وبحيرة 'وولجي'، وجدير بالذكر هنا أنه إذا كانت كيونغجو مجملا هي المدينة الحالمة الشاعرية بالنسبة لي، فهذا المكان هو الأكثر شاعرية من بين كل ما زرنا من أماكن، خاصة مشهد غروب الشمس الذي لا يجب تفويته هناك عندما تنعكس الأضواء متراقصة على صفحة الماء الهادئة، وتتحرك الأسماك الملونة أسفلها بخفة.

عرفا القصر والبحيرة معا قديما في عصر كوريو وجوسون باسم 'آنابجي' حتى تم العثور على قطعة أثرية فخارية تحمل قصيدة باسم 'وولجي' وتعني 'بركة تعكس القمر' وعندها عُرف اسم البركة الحالمة التي تحتضن القمر كل الليلة. وكان القصر ثانويًا يستخدمه ولي العهد في مملكة شيلا، وخدم كموقع للولائم خلال الأحداث الوطنية الهامة واستضافة الزوار المهمين. وتتميز البركه أنه تم حفرها في عهد الملك 'مونمو' بوجود ثلاث جزر صغيرة، ومنظر طبيعي من ١٢ تلة صغيرة في الشمال الشرقي.

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية 2023 من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من أمام قصر دونغجونغ و بحيرة وولجي. (الصورة من كوسيس)

صورة لمجموعة جولة كوسيس الثقافية 2023 من أفضل المراسلين الفخريين وكي-أنفلونسرز وفائزي توك توك كوريا من أمام قصر دونغجونغ و بحيرة وولجي. (الصورة من كوسيس)


متحف كيونغجو الوطني

في اليوم التالي توجهنا مباشرة في التاسعة صباحا إلى متحف كيونغجو الوطني، حيث يتجلى تراث كوريا العريق بكل ألوانه ورونقه، ويعتبر أفضل متحف عن التاريخ في كوريا. من المعالم المهمّة التي تستقبلك جرس 'إيميلي' أو جرس الملك سيونغديوك العظيم المقدس– أكبر جرس في كوريا إحدى أضخم وأجمل الأجراس الذي صُنعت في آسيا، مصمم بأسلوب علمي فائق ويُقال أنّ رنين هذا الجرس يصل إلى بعد ٣ كم عندما يُقرع بشكلٍ هادئ ويتردد صداه لدقائق، يعد أنبوب الصوت الموجود أعلى الجرس والذي يساعد على انعكاس الصوت ميزة فريدة لا يمكن العثور عليها إلا في الأجراس الكورية، تجسد أساليب التصميم والنقش الرائعة المستخدمة في هذا الجرس براعة الحرفيين الكوريين في فترة مملكة شيلا، ولازال يحتفظ برونق وفخامة رغم مرور أكثر من ١٣٠٠ عام. يعرض متحف كيونغجو الوطنيّ أهميّة الإرث التاريخيّ الذي تحمله المنطقة، ويتألف من المعارض التي تضمّ الحليّ، والأسلحة، والمستلزمات الإحتفاليّة التي تعود تاريخها إلى قبل الميلاد، وهناك مبنًى مخصصا لاكتشافات بركة 'أنابجي' والأعمال البوذيّة. ولعله أكثر متحفا رأيت فيه أطفالا كزوار، حيث يقدم مجموعة من البرامج للأطفال.. يعبق المكان بأصالة التاريخ وثراء الثقافة، وتعزف الأضواء الخافتة على جماليات القطع الفنية، مما يضفي عليها سحرًا لا يُضاهى، ويشد الزائر إلى عالم من الجمال والإبداع.

بجوار المتحف توجد حديقة ممتدة من زهور عباد الشمس في مشهد آسر ولوحة مبهجة، التقطنا الكثير من الصور وصنعنا الذكريات التي لا يمكن نسيانها.

بعض الصور من الساحة الخارجية وداخل متحف كيونغجو الوطني، يظهر جرس 'إيميلي' أضخم جرس في كوريا. (الصور من آلاء عاطف)

بعض الصور من الساحة الخارجية وداخل متحف كيونغجو الوطني، يظهر جرس 'إيميلي' أضخم جرس في كوريا. (الصور من آلاء عاطف)


معبد بولجوكسا وكهف سيوكغرام

بعد زيارة المتحف الوطني لكيونغجو، توجهنا مباشرة لواحدة من التجارب الفريدة التي يمكن معايشتها، تجربة الإقامة ليومين في معبد بولغوكسا البوذي، يقدم معبد بولغوكسا برنامج واحد وحيد للإقامة في المعبد، وهو برنامج 'عبق الآلاف من السنين' يركز على جولة في المعبد وصنع خرز الصلاة والطقوس والتأمل -تعد المشاركة في الطقوس اختيارية تبعا لديانة الفرد ومعتقداته المقدسة- فضلا عن الأهمية الدينية للمعبد، فأهمية المعبد سياحيًا تنبع من جمال المعبد نفسه والطبيعة المحيطة واللمسة الفنية الإبداعية للحجارة الأثري في كل ركن، يتألف من سلسلة من المباني الخشبية على شرفات حجرية مرتفعة، وثلاث مناطق (قاعة بوذا، قاعة التنوير الكبيرة، قاعة النعيم العلوي) تم تصميم هذه المناطق والشرفات الحجرية لتمثيل أرض البوذا، وتؤكد الشرفات الحجرية والجسور على الحرفية الرائعة للبناء في عهد شيلا. ارتدينا زي المعبد وتعلمنا آداب الإقامة وحياة الرهبان من النوم مبكرا للاستيقاظ ف الرابعة فجرا والنوم على الأرض الدافئة في مجموعات.

كذلك زرنا مغارة سيوكغرام على سفح الجبل على بعد كيلومترات من المعبد، التي تحتوي على تمثال ضخم لبوذا يتأمل بحر الشرق في وضعية لمس الأرض وسط تلاميذه، كلها تماثيل منحوتة بدقة وواقعية مبهرة، تحفة فنية تمثل روعة الفنون البوذية.

بعض الصور من تجربة الإقامة في معبد بولغوكسا البوذي في كيونغجو، وتعلم آداب الإقامة في المعبد. (الصور من آلاء عاطف، كوسيس)

بعض الصور من تجربة الإقامة في معبد بولغوكسا البوذي في كيونغجو، وتعلم آداب الإقامة في المعبد. (الصور من آلاء عاطف، كوسيس)


كل خطوة تخطوها في كيونغجو هي خطوة من السلام والسكينة والأصالة والتاريخ، وكأن الهواء والغبار حولك يهمس بقصص العظمة وبهاء الماضي العريق، فالمدينة ذاتها ثروة من التجارب الثقافية، وكأنك غرقت بداخل متحف حي بلا أسوار يحدث وجدان الزائر بسحر وبراعة العمارة الكورية التقليدية وسط الخضرة النضرة وجداول الماء الهادئة، إنها المدينة التي تجمع بين التاريخ والحاضر ببراعة، وتلتف حول قلب المرء بسحرها الذهبي.

رسمت كيونغجو داخلي ذكريات لا تنسى، وأشيد بحكومة كوريا وشعب كيونغجو لقيامهم بعمل هائل في الحفاظ على ثقافتها والمواقع التراثية التي تعد شهادات طويلة الأمد على تاريخ كوريا الغني، وجانب مختلف من كوريا بعيدًا عن روتين المدن الصاخب. آمل أن يتمكن المزيد من الناس من اكتشاف جمال كيونغجو كما فعلت.



dusrud21@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.