الصورة الجماعية تظهر أجانب يرتدون الهانبوك (الصورة من دينا الدسوقي)
بقلم مراسلة كوريا نت الفخرية المصرية آلاء عاطف عبادة
فور ذكر الأزياء الكورية، قد يفكر البعض في كلمات مفتاحية مثل: "الهانبوك (الزي الكوري التقليدي)، الجماليات البسيطة المعاصرة، الأقمشة الملونة والمطبوعات الناعمة، ملابس الشارع والأزياء غير الرسمية، القمصان والسراويل الفضفاضة، التنانير القصيرة، أزياء الزوجين المتطابقة، الاكسسوارات المستلهمة من الهاليو والكيبوب، أقمشة صديقة للبيئة .." وهذا التنوع في الانطباعات لا يرجع فقط إلى التصميمات الكورية الذكية التي تطلق الموضة التي تروق للجماهير المختلفة، بل هناك العديد من العوامل الفنية أو التي تختلف بشكل فردي من شخص لآخر، وعلى الرغم من أن بعض الاتجاهات في كوريا قد تكون مشابهة لدول أخرى، إلا أنه لا يزال هناك العديد من الاتجاهات الفريدة من كوريا وفي هذه الأيام، تبدأ العديد من اتجاهات الموضة من العاصمة سيؤل! وكما أن الملابس الأنيقة والبسيطة والملونة تناسب الجميع ونظرا للاتجاه الغالب مؤخرا في اقتناء أزياء من أقمشة صديقة للبيئة للحفاظ على الصحة البيئية، فقد زاد النظر نحو كوريا والكوريين على أنهم منسقون جيدون ويبذلون الكثير من الجهد في راحة ما يرتدونه، وحتى أن التصاميم الحديثة في الوقت الحاضر تتواصل مع الأجيال القديمة من خلال العودة إلى الجذور التقليدية الكورية وإنشاء إصدارات مختلطة أحدث أو ضمن مفهوم "حتى وإن كان مستلهما من الموضة الغربية، اجعله كوريا".
وإذا أردنا أن نضع بعض العوامل في نقاط، فما الذي يميز كوريا أو يجعل الموضة الكورية محط أنظار مؤخرا؟ من وجهة نظري الشخصية بناءاً على اهتمامي البحثي يمكننا أن نقول؛ تنوع صناعة الأزياء الكورية، والعدد الكبير من المصممين الشباب ودور الأزياء الناشئة، والقدرة على التكيف وراحة الأزياء التي يمكن ارتداؤها من قبل مختلفي الثقافات، مع وفرة فرص التدريب لصغار المصممين، بالإضافة إلى التأثر بالمشاهير ضمن تأثير الهاليو، ورواج صورة الهانبوك الذي تتمسك به كوريا كإرث ثقافي من خلالهم بأشكاله وأنواعه التقليدية أو المطورة المختلفة وألوانه الزاهية المتعددة، حيث للهانبوك اليوم ملف خاص عندما يتعلق الأمر بجمال الأزياء وله عروضه الخاصة وحضوره في بيوت الأزياء وحفلات الزفاف والمناسبات الرسمية حتى أصبحت مجرد فكرة ارتداؤه والاستمتاع به بدءا من حياكته 'هانبوك سينغ-هوال' هي 'أسلوب حياة خاص' تصنفه كوريا اليوم كتراث ثقافي غير مادي.
وبالنسبة للتكيف والموضة المريح ارتداؤها؛ فكل شتاء سيكون هناك نوع معين من السترات الكورية التي تحظى بشعبية بين الناس، وتصبح اتجاهات الموضة الصيفية في كوريا الجنوبية أكثر شعبية كل عام، وهو الموسم الأكثر إثارة للاهتمام عندما يتعلق الأمر بالموضة يمكن أن يصل الصيف في كوريا إلى أكثر من 30 درجة وعلى هذا النحو تحظى الملابس الخفيفة بشعبية لكن يمكننا أن نلاحظ أن الأزياء الكورية مُحافظة إلى حد ما مقارنة بالموضة الغربية الأكثر تكشفا، ولهذا السبب تحظى الأزياء الكورية خاصة في الصيف بشعبية أكبر بين الشباب الذين لا يرغبون في الكشف عن الكثير من بشرة الجسد، كما أنها ميسورة التكلفة ومريحة بمظهر أنيق وألوان ناعمة، وهذا فرق آخر حيث يميل الكوريون إلى استخدام طبعة واحدة أو طبعتين فقط للوحة الألوان في حدها الأدنى، بينما يمزج الغربيون الكثير من المطبوعات والألوان معًا. ولا نغفل أسبوع الموضة في سيؤل، أحد أشهر الأحداث السنوية، حيث يمكنك ملاحظة الإبداع والتنوع الذي يتراوح من أسلوب غير مألوف رائد إلى أزياء الشارع إلى ألوان الباستيل ثم النيون.
كنت أشعر بالفضول حول نظرة الأجانب الآخرين من الثقافات المختلفة تجاه الأزياء الكورية كاتجاه مختلف بعيدًا عن الموضة الغربية السائدة، ومن هنا أتى النقاش أثناء بحثي في الموضوع مع عدد من عارضي الأزياء الأجانب في كوريا الجنوبية والمؤثرين عبر الانترنت خارج كوريا المتأثرين بالثقافة الكورية، وكل منهم تأثر بأسلوبه الخاص بالثقافة الكورية في مجال الأزياء، فدعونا نلقي نظرة على ملفاتهم الشخصية وإجاباتهم المختلفة.
صورة لدينا الدسوقي في عرض مع أجانب آخرين يرتدون الهانبوك داخل قصر غيونغبوك، ثلاث صور أخرى تعرض فيهم دينا تصميمات (حجاب× هانبوك) حيث تم تصنيع العباءات ووشاح الحجاب من نفس خامات تصنيع وطبعات قماش الهانبوك الحديث. | دينا الدسوقي.
دينا الدسوقي، عارضة مصرية في كوريا وتعمل في مجال التجميل والموضة، أطلقت مؤخرا أول مجموعة أزياء خاصة بها عبر منصة أزياء كورية، تحدثت عن كونها عارضة أزياء محجبة في كوريا الجنوبية وكيف قدمت اندماج الهانبوك مع الحجاب من منظور فريد تماما، تقول: "أعيش في كوريا منذ 7 سنوات. أتيت في الأصل إلى كوريا للدراسة الجامعية ولكن لكوني من ثقافة مختلفة وقادرة على التحدث باللغة الكورية وجدت نفسي منخرطًة في الكثير من برامج التبادل الثقافي أثناء التحاقي بالجامعة التي أدت إلى العديد من المشاريع الممتعة مثل المقابلات التليفزيونية والتقاط الصور الإعلانية ومقاطع فيديو يوتيوب وما إلى ذلك. في ذلك الوقت شعرت أنه من مسؤوليتي تمثيل ثقافتي بشكل إيجابي في مجتمع لا يعرف الكثير عنا. بينما واصلت القيام بذلك من خلال وسائل التواصل، اتصلت بي وكالة عارضات وأتيحت لي الفرصة لمواصلة القيام بما أحبه بشكل احترافي." وأضافت: "أن أكون عارضة أزياء محجبة في كوريا ليس بالأمر السهل، حيث توجد قيود على ملابسي، لكن الأمر ليس مستحيلاً. حيث تبحث العديد من العلامات التجارية التي تستهدف الشرق الأوسط عن عارضات أزياء عربيات ومحجبات، لذلك هناك الكثير من الفرص المتاحة. تعلمت أيضًا تعديل أسلوبي لتكييفه مع الموضة والتوجهات الكورية، مع جعله محتما ومناسبا للحجاب فأنا شخصياً من محبي أزياء الشارع الكوري، لأنها مريحة للغاية. أما بالنسبة للملابس التقليدية الكورية التي طالما اعتقدت أنها جميلة، فلحسن الحظ أتيحت لي بعض الفرص لعرض الهانبوك، وعرضت لعلامة تجارية صنعت أوشحة للارتداء كحجاب من نفس خامات ونقشة أقمشة الهانبوك، وكان هذا اندماجًا مثيرًا للاهتمام الثقافي."
مارينا باكوشيڤا الروسية من عرض أزياء البلاط التقليدية في أندونغ 2021، ترتدي هانبوك مطبوع بحروف هانجول الأبجدية الكورية، تقول: "تتميز صناعة الأزياء الكورية بالكثير من العلامات التجارية الناشئة من شباب مبدعين لديهم وجهة نظرهم الخاصة في الموضة وأفكار جديدة. من تفضيلاتي ثقافة فساتين الزفاف، في كوريا أغلب الماركات الكورية تصمم فساتين ثقيلة كأنك أميرة، ما يناسب حفل الزفاف الكوري لأنه قصير والعروس لا تتحرك كثيرًا مثل زهرة. كذلك الزي الكوري التقليدي مدهش أهتم به كثيرًا وبعروضه على المسرح، وأمتلك بشكل شخصي قطعتان من الهانبوك التقليدي وثلاثة من الهانبوك الحديث" | مارينا باكوشيڤا
بيتر يرتدي الهانبوك الحديث ويتكون من الباجي (السروال)، والجيوجوري (الملابس العلوية الأساسية) والبايجا وجوكي (سترة خارجية) صُممت أزياء الهانبوك الكورية للذكور من أجل الراحة والمتانة والأناقة، ويرتدي الكوريين الهانبوك المعاصر في الأعياد الرسمية مع العائلة مثل سولال وتشوسوك. | بيتر جريابل.
أما بيترجريابل الدنماركي وهو ممثل أجنبي في صناعة الترفيه الكورية ووجه إعلاني وعارض أزياء في كوريا الجنوبية تحدث عن الإبداع والجدية قائلا: " في الأساس لدي ماجستير في علوم الصحة العامة وكنت أعمل مساعد باحث ومستشار صحي. ومتزوج من امرأة كورية. بصراحة، قبل الانتقال إلى كوريا لم أكن أعرف الكثير عن الموضة بشكل عام. بدأت العمل في صناعة الترفيه منذ خمس سنوات، وخاصة في الأفلام والدراما. بعد أن جربت عدة أدوار تمثيلية مختلفة، قررت أن أعطي فرصة لقبول عروض الأزياء وقد أتى هذا بثماره حيث استعانت بي العديد من العلامات التجارية للأزياء ونمط الحياة والصحة في كتالوجاتهم، وكتب البحث، ومواد العلاقات العامة وما إلى ذلك. الناس في كوريا عصريون للغاية ويريدون الظهور بمظهر أنيق كل يوم. هذا على عكس بلدي الأم الدينمارك، لذا فأنا مفتون باتجاهات الموضة هنا. هناك العديد من العلامات التجارية المتنوعة ذات الأسعار المعقولة والتي تروق للجماهير. أحب هذا المزيج من الأقمشة الملونة والنابضة بالحياة والتي تناسب أذواق الجميع. ما زلت أتعلم عن الأزياء الكورية من خلال مشاهدة الناس في الشارع ومواقع الإنترنت والعلامات التجارية التي توظفني كعارض أزياء. جانب آخر هو الزي التقليدي، الهانبوك، الذي يتأثر بالطبيعة المناخية لكوريا في الماضي، عادة ما يتم ارتداء الهانبوك التقليدي في المناسبات الرسمية إلى اليوم ويوجد الآن يوم خاص للهانبوك كل عام في 21 أكتوبر. وهناك العديد من تصاميم الهانبوك العصري الحديثة التي تغذيها الموجة الكورية والكيبوب.. فتتعاون بعض ماركات الأزياء مع ماركات لا علاقة لها بالأزياء مثل المنظمات غير الحكومية البيئيةأو ماركات المشروبات والأغذية وحتى معدات صيد الأسماك، يُظهر هذا الإبداع الفكري في الترويج علاوة على ذلك توجد بنية تحتية جيدة على العديد من المستويات بما في ذلك التعليم والمصانع وثقافة تقليد المشاهير والدعم الحكومي والتسويق. فخلقت موجة الهاليو اهتمامًا عالميًا بالدراما والموسيقى الكورية، مما يبث الأزياء الكورية في جميع أنحاء العالم."
ألكساندرا تستوحي أزيائها من تصميمات ألبومات فرقة بي تي إس، وتقول أنها تأثرت كثيرا بأسلوب عضو الفرقة ذاتها 'جونغكوك' في أزيائها اليومية، وعلى هذا النمط 'الأزياء المستلهمة من نجم الكيبوب' تقوم بتحديث مقاطع الفيديو على يوتيوب. | رالوكا ألكساندرا ميوري.
أما ألكساندرا ميوري وهي صحفية من رومانيا ومدونة لفيديوهات خصصتها للأزياء المستوحاة من الألبومات الغنائية وأعضاء فرقة كيبوب العالمية بي تي اس، قالت: "أنا صحفية وجزء من جمعية ثقافية (منظمة غير حكومية) تعمل بنشاط على الترويج للثقافة الكورية في رومانيا، ننظم أحداثًا مختلفة وأحيانًا أقوم بأداء أغانٍ من كيبوب في المسابقات المحلية حيث حققت مراكز مُرضية وبالنسبة للموضة، عندما أصبحت مهتمة بالثقافة الكورية، انجذبت على الفور إلى أسلوبهم البسيط في الشارع والأسلوب اللامع والمشرق الذي يصوره فناني البوب الكوري في مراحلهم ومفاهيمهم. من الأسهل بالنسبة لي أيضًا البحث عن أفكار أزياء مستوحاة من "الجماليات الكورية" نظرًا لأن مناخي كوريا الجنوبية ورومانيا متشابهان. في فترة الحجر الصحي بسبب كوفيد 19 بدأ تحدي الأزياء المستوحاة من ألبومات بي تي إس عبر الانترنت بين محبي الفرقة في بلدان مختلفة في جميع أنحاء العالم وكانت هذه طريقة ممتعة ومثيرة لإضفاء الحيوية على حياتنا الرتيبة، ومن هنا بدأت هذا الطابع الظريف في الفيديوهات لأنه أيضًا يختبر الإبداع باستمرار، كما أنني أقوم ببث فيديوهات الأزياء المستلهمة من نجوم الكيبوب ومحاكاة أسلوبهم بما يناسب ذوقي والذوق العام في بلدي". وأضافت: "الموضة الكورية بشكل عام متعددة الأسلوب، أشعر أنه بغض النظر عن تفضيلاتك وصفاتك الشكلية، ستجد شيئًا يعجبك. ولكن أواجه مشكلة في التسوق الإلكتروني إذ أن المقاسات غالبا غير متنوعة وتناسب حجما واحدا، أعتقد أنه يجب البدء في مراعاة العملاء الدوليين أيضًا، خاصة في السنوات الأخيرة عندما اقتحمت صناعة الأزياء الخاصة بهم الأسواق الدولية ربما بفضل الكيبوب أو الدراما الكورية. بدأت هذه الصناعة في الانتشار، لكنها لا تزال غير معروفة على نطاق واسع أو يتم تسويقها على نطاق واسع، بسبب بعض معايير الجمال غير الواقعية أحيانا."
هانبوك من تصميم وحياكة سعاد عبد الراضي تعرضه أختها جهاد عبد الراضي وجدير بالذكر أنها أولى تجارب سعاد في الحياكة، ويظهر تماشي الهانبوك وانسجامه الجميل مع الحجاب.| تصوير: سعاد عبد الراضي.
وتتحدث سعاد عبد الراضي، مدونة فيديو مصرية محبة للثقافة الكورية ومصممة أزياء هاوية عن كيف دفعتها الدراما الكورية التاريخية إلى تصميم أزياء متأثرة بالثقافة الكورية: "أحب الثقافة الكورية منذ عام 2008، أكثر ما أحببته هو الدراما الكورية التاريخية بكل تفاصيلها؛ الموضة والتواضع والطعام والأجواء العامة، لقت نظري أن الأزياء التقليدية تشبه الموضة العربية من حيث الاحتشام، فكان الهانبوك بالنسبة لي جذاب للغاية لشكله الجميل وملائمته كافة الأعمار، وعندما بحثت عنه بعمق، علمت أن كل حقبة تاريخية لها شكل محدد وتفاصيل محددة وأيضًا يختلف وفقًا للطبقات الاجتماعية. وأكثر ما يذهلني هو الألوان و التفاصيل الدقيقة. فكانت بداياتي في تعلم خياطة الأزياء كانت لتصميم الهانبوك، والسبب الرئيسي لاهتمامي بتصميم الأزياء هو رغبتي في تصميم الهانبوك الخاص بي حسب ذوقي ليناسبني تمامًا بدلاً من شراء واحدا، الهانبوك بالنسبة لي غامض ومهيب، لذلك أحببت استكشافه غن طريق صنعه بيدي. اشتريت القماش وبدأت في استكشاف خطوات تصميمه وكان أفضل تجربة في حياتي. إنه مختلف تمامًا عن أي مظهر آخر فليس مثل الفستان أو العباءة أو التنورة، ليس مثل أي قطعة ملابس أخرى أبدا وتصميمه فريد من نوعه. فهو ليس مغلقًا ولكنه مفتوح يُلف ثم يربط بطريقة فريدة. بالإضافة إلى تفاصيل إكسسواراته وألوانها، ولكل قطعة من الاكسسوارات معناها ومكانها وجمالها، فلا يوجد شيء عشوائي وهو ما يميز الموضة الكورية التقليدية نفسها. أنا حقاً أحب الجمع بين التصميمات الحديثة والتقليدية كما هو الحال مع الهانبوك الحديث، كقطعتين كتنورة وبلوزة، مع الحفاظ على الطريقة التقليدية للربط والاهتمام بالنسيج والألوان. لذلك أرى أن الهانبوك من أكثر الأزياء التي تناسب ثقافتي كمسلمة عربية هي الأزياء الكورية أو الأزياء مستوحاة من الهانبوك ومناسبة للحجاب، فالتواجد بها في الشارع ليس مجرد عرض هو حقا مناسب لي ولثقافتي، مما يجعلني أحب أن أستلهم من تصاميم الهانبوك التي تناسب الشارع العربي كملابس يومية" سعاد عبد الراضي، تُعرف باسم 'كيم سعاد' لها تدوينات في تصميم الأزياء والتطريز والطهي والتزيين والتصوير وتدوين اليوميات في شكل فيديو عير يوتيوب والعديد من أعمالها يتأثر بشكل خاص بالثقافة الكورية والأسيوية عامة، كما تشاركها أختها 'جهاد عبد الراضي' في عرض الأزياء التي تصممها.
dusrud21@korea.kr
هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.